الإخوان المسلمون: قضية “العائدين من الكويت” تثير نقاشا مصريا حول ملاحقة قيادات الجماعة في الخارج
[ad_1]
أصدرت محكمة مصرية، اليوم الخميس، حكما بحبس 14 متهما بأحكام تتراوح ما بين السجن المؤبد والسجن المشدد خمس سنوات لإدانتهم بالانضمام إلى جماعة “إرهابية” وقيادتها خارج البلاد، في القضية المعروفة إعلاميا بـ”العائدين من الكويت”.
وتعد هذه هي أحدث حلقات محاكمات المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها الحكومة المصرية منظمة إرهابية، وتقوم بملاحقة منتسبيها داخل وخارج البلاد.
وقضت الدائرة “الثانية إرهاب” بمحكمة جنايات أمن الدولة طوارئ – محكمة خاصة – حُكمها بحبس متهمين إثنين بالسجن المؤبد لقيادتهم جماعة الإخوان المسلمين في الكويت، كما قضت بالسجن المشدد لمدة 15 عاما على متهم واحد، وعاقبت 11 متهما آخرين بالسجنِ المُشدد خمس سنوات، لانتمائهم للجماعة المحظورة في البلاد منذ 2013.
وأحالت نيابة أمن الدولة العليا طوارئ المتهمين ال 14 إلى المحاكمة الجنائية بعد تسليمهم من دولة الكويت بموجب مذكرة من الحكومة المصرية، بتهم ترجع إلى ما بين عامي 2015 و2019 تتعلق بـ”الانضمام إلى جماعة إرهابية تهدف إلى قلب نظام الحكم والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وتلقي تدريبات عسكرية للاعتداء على أفراد القوات المسلحة والشرطة”.
وحكم اليوم هو حكم أول درجة تقاضي ويجوز الطعن عليه بالنقض، وإذا قبل الطعن تحال القضية إلى دائرة أخرى غير تلك التي أصدرت الحكم الأول.
ويجدد الإنتربول المصري بالتعاون مع قطاع التعاون الدولي بوزارة العدل إصدار ما يُعرَفُ بالنشرات الحمراء لملاحقة قيادات وعناصر جماعة الإخوان المسلمين الموجودين في الخارج، والذين تقول الحكومة المصرية إنهم متورطون في قضايا تحريضية وأعمال إرهابية استهدفت قوات الشرطة والمواطنين، لمحاكمتهم على جرائمهم المزعومة وفقاً لقانون الكيانات الإرهابية الصادر عام 2015، وهي الاتهامات التي تنفيها الجماعة
وتثير هذه القضية تساؤلات حول أحقية الحكومة المصرية في ملاحقة بعض عناصر المعارضة السياسية خارج أراضيها في إطار ما تسميه بالحرب على الإرهاب وحماية الأمن القومي للبلاد.
مطاردة أعضاء الجماعة
يقول محمد سودان، أمين العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للإخوان المسلمين والذي أحلته الحكومة المصرية، في حديثه لبي بي سي نيوز: “الحكومة المصرية دأبت بعد انقلاب 2013 على مطاردة كل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين تمكنوا من الخروج من مصر إلى العديد من الدول مثل قطر وتركيا وبعض الدول الأوروبية وكندا والولايات المتحدة الأمريكية وماليزيا، وتضغط على هذه الدول لإعادة أعضاء الجماعة إلى مصر أو إدراجهم ضمن المنظمات الإرهابية”.
ويوضح سودان المقيم في العاصمة البريطانية لندن أن أغلب هذه المحاولات باءت بالفشل، عدا حالات بسيطة جدا تم وضع أصحابها على قوائم الإنتربول، وفي بعض الحالات تمت إعادة هؤلاء إلى مصر بطريق الخطأ، وهي حالات محدودة جدا على حد قوله، مشيراً إلى أن قطر وحتى من قبل الحصار الذي فُرِضَ عليها من جانب بعض دول الخليج ومصر طلبت بشكل هادئ من بعض أفراد الجماعة مغادرتها بشكل طوعي، ومنهم من غادر إلى تركيا، ومنهم من غادر إلى بعض الدول الأوروبية، على حد قوله.
أما بالنسبة لتركيا، كما يقول سودان: “لم تطالب الحكومة التركية أبدا وحسب معرفتي وحتى الآن، بمغادرة أي من أعضاء الجماعة، بل على العكس هناك من حصل على الجنسية التركية ويحمل جواز سفر تركي، لكن الحكومة التركية وبعد ما سُمي بالتقارب المصري التركي طالبت بعض الإعلاميين المعارضين الذين كانوا يبثون برامجهم من تركيا بوقف برامجهم التي كانت تعتبر منصة لمحاربة حكومة وأفراد الانقلاب في مصر”.
ووفقا لبيانات وزارة العدل المصرية، فإن عدد المدرجين على قوائم الإرهاب في مصر، خلال الفترة من 4 يوليو 2016 حتى 8 فبراير 2021 بلغ ما يقرب من 6639 شخصاً، بينهم شخصيات هاربة تنتمي لجماعة الإخوان، والتنظيمات التابعة لها مثل “طلائع حسم ولواء الثورة” ، إلى جانب كل من الجماعة الإسلامية، وتنظيم ولاية سيناء، المرتبط بتنظيم الدولة الإسلامية، فضلا عن جماعة أنصار بيت المقدس التكفيرية.
ويتم إدراج الأفراد والتنظيمات والكيانات على قوائم الإرهاب بموجب أحكام قضائية نهائية باتة لا يجوز الطعن عليها، وتستمر فترة الإدراج لمدة 5 سنوات، يجري مراجعتها قضائيا فيما بعد.
إجراءات قانونية
يقول أحمد بان، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية بمركز النيل للدراسات السياسية والاستراتيجية، لبي بي سي نيوز إنه يحق للحكومة المصرية ملاحقة قيادات وأعضاء جماعة الإخوان أو أي أشخاص آخرين يثبت تورطهم في أعمال عنف أو قضايا تتعلق بالمساس بأمن الدولة، وذلك وفق إجراءات وشروط قانونية صحيحة تتوافق مع القانون والعرف والاتفاقيات الدولية.
ويضيف بان أن هذه الملاحقات يجب أن تستند إلى إجراءات قانونية سليمة يتم خلالها توفير محاكمات جنائية عادلة، غير أنه ينتقد توسيع مفهوم “الحرب على الإرهاب” ليشمل مطاردة المعارضين السياسيين باعتبار أن هذا الأمر لا يتفق ومعايير الدولة التي يحكمها الدستور والقانون، على حد قوله.
معركة صفرية
ويؤكد نبيل عبد الفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن ملاحقة الحكومة المصرية لقادة جماعة الإخوان ومنتسبيها هو أمرٌ اساسيٌ في المواجهة مع الجماعة التي تصنفها الحكومة الحالية كجماعة إرهابية، وذلك لدورهم في “تشوية صورة النظام المصري في الخارج، وربما الخشية المشروعة من إمكانية ضلوع بعض العناصر الإخوانية في التخطيط أو تمويل أنشطة إرهابية في البلاد”.
ويشير عبد الفتاح إلى صدور أحكام قضائية على بعض قادة الجماعة من أجيال مختلفة، وهم لا يزالون هاربين في بلدان تمثل لهم “ملاذات آمنة”.
وفي محاولة لتأصيل جذور المشكلة بين النظام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين، يقول عبد الفتاح إن علاقة جماعة الإخوان في مصر بالنظام السياسي بعد يوليو/تموز 1952، لم تكن يوما صفرية أبدا، إذ تقوم على نفي الآخر وعدم الاعتراف به أو التعامل معه، “بل إن بعض هذه الأنظمة السياسية استخدمت الجماعة لتحقيق بعض الأهداف المرحلية ثم ما لبثت أن انقلبت عليها”، كما حدث في عهد الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر في بدايات فترة حكمه، أو محاولة الرئيس السادات استخدام جماعات الإسلام السياسي لضرب الحركات الماركسية واليسارية.
ويقول عبد الفتاح إن تجربة “الدمج الجزئي للجماعة” وبدايتها في عصر السادات ثم تحققها في عصر مبارك، عبر تحالفات الجماعة مع أحزاب الوفد والأحرار وحزب العمل الاشتراكي، أدت إلى حصول الجماعة على 88 مقعدا نيابيا داخل البرلمان 2005، غير أن هذه التجربة لم تحقق نجاحها من منظور النخبة السياسية الحاكمة على حد قوله.
“عداء أبدي”
أما الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أحمد بان فيقول إن العلاقة بين الدولة المصرية وجماعة الإخوان هي علاقة “عداء أبدى” منذ نشأة الجماعة في ثلاثينيات القرن الماضي، مشيرا إلى أن التناقض بينهما هو تناقض رئيسي، إذ “يرغب كل طرف في التهام الآخر”. وبمعنى آخر، هي علاقة غير قادرة على الاحتواء والاستيعاب ضمن معادلة الدولة الوطنية.
ويشير بان إلى أن النظام السياسي المصري لا يرى أن من حق أي جماعة سياسية المشاركة في الحكم سواء الإخوان أو غيرهم، ولهذا فقد دأب النظام تاريخيا على “تجفيف المياه في بحيرة السياسة أولا بأول” منذ يوليو/تموز 1952، وحتى اليوم ، مضيفا: “العلاقة ستبقى صفرية في السياسة المصرية حتى تتغير بنية الممارسة السياسية في ظل دولة مدنية حقيقية وديمقراطية مكتملة وصحيحة”.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد قال خلال احتفالية إطلاق الاستراتيجية الوطنية الممتدة لحقوق الإنسان في سبتمبر/أيلول الماضي، إن المجتمع المصري تم صبغه بفكر معين خلال الـ100 عام الماضية، متابعا أنه مستعد لقبول فكر الآخر، لكن دون محاولة فرضه على المجتمع، واعتبر كثيرون التصريحات إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين في مصر.
ويقبع مرشد الجماعة محمد بديع وأغلب قياداتها داخل السجون المصرية شديدة الحراسة بعد إدانتهم بموجب أحكام قضائية في اتهامات تتعلق بارتكاب أنشطة إرهابية والتحريض على العنف ضد مؤسسات الدولة وقوات الأمن.
وتصنف الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين بأنها “إرهابية”، وحظرت جميع أنشطتها، وتحفظت على أصولها، وأصول عدد من منتسبيها، كما تحملها الحكومة مسؤولية العديد من الهجمات المسلحة التي سقط فيها ضحايا من الشرطة والجيش ومدنيين في مصر.
[ad_2]
Source link