في يوم الجالية العربية في البرازيل: ثلاثون مليون عربي في أمريكا اللاتينية .. ما حكايتهم؟
[ad_1]
تحتفي البرازيل في 25 مارس/آذار من كل عام بيوم الجالية العربية وإنجازاتها في مختلف المجالات، وهو يوم حُدد رسمي منذ 2008، ويشير أساسا إلى شارع 25 مارس في مدينة ساوباولو.
ذلك الشارع الذي استقر فيه المهاجرون العرب الأوائل وأقاموا فيه متاجرهم في أواخر القرن التاسع عشر حيث صارت كلمة “تركي” أو “عربي” مرادفة لـ “تاجر”.
ولم يقتصر نشاط البرازيليين من أصل عربي على التجارة والصناعة، بل امتد إلى مختلف المجالات فمنهم رئيس سابق هو ميشال تامر ورجل أعمال بارز هو كارلوس غصن وجراح قلب مشهور هو أديب جاتين وممثل ذائع الصيت هو جوليانو لحام وغيرهم.
وتشير وثائق متحف الهجرة في ساو باولو إلى أن أول وجود مسجل للعرب في البرازيل يعود إلى 1874، عندما وصل إلى ميناء ريو دي جانيرو إخوة فلسطينون ينتمون لعائلة تدعى زكريا.
ومنذ أواخر القرن التاسع عشر تدفقت موجات المغتربين القادمين من سوريا ولبنان، وقدم بعدهم في القرن العشرين آخرون من مصر والعراق وتونس ليتخطى عددهم في البرازيل عشرة ملايين حاليا.
هربا من التجنيد والمجاعة
وصل آلاف المهاجرين الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين إلى أمريكا اللاتينية على دفعات متتالية منذ نهايات القرن التاسع عشر الميلادي، هربا من الاضطهاد الديني وتردي الوضع الاقتصادي في الامبراطورية العثمانية.
فقد فر العديد من المهاجرين من اليهود والمسيحيين إلى أمريكا اللاتينية كي يتجنبوا قانون التجنيد الإجباري الذي فرضه العثمانيون في أوائل القرن العشرين.
ويشير كتاب”العرب في أمريكا اللاتينية تاريخ هجرة” إلى أن أمريكا الوسطى كانت آخر محطة في رحلة طويلة خاضها العشرات، بينما استقر آخرون في ذلك البرزخ الفاصل بين الأمريكتين عن طريق الصدفة.
ويذكر الكتاب أن هناك أدلة في السلفادور تؤكد أن بعض المسافرين الذين كانوا على متن إحدى السفن المتوجهة إلى تشيلي قد نزلوا في السلفادور لتأمل المناظر الطبيعية بها وعندما عادوا إلى الميناء لمواصلة رحلتهم كانت السفينة قد أبحرت بدونهم، مشيرا إلى أن غالبية الفلسطينيين الذين وصلوا المنطقة قد دخلوها من خلال السلفادور.
وخلال الحرب العالمية الأولى هاجر مزيد من المدنيين من الإمبراطورية العثمانية فرارا من المجاعة الناجمة عن حصار الحلفاء لسواحل سوريا، فضلا عن مصادرة السلطات العثمانية للغذاء في الداخل لأغراض عسكرية.
ودفعت الفوضى أثناء الحربين العالميتين بكثيرينللالتحاق بالشبكات الأسرية التي تكونت في هجرات سابقةفي أمريكا اللاتينية.
لكن هناك من يرى أن علاقة العرب بهذه القارة تعود إلى 1492 مع وصول كريستوف كولومبوس إليها قادما من إسبانيا.
وتشير التقديرات إلى أن عدد العرب هناك يتراوح حاليا بين 14 مليونا و30 مليون نسمة.
أسماء عربية لمعت في مختلف المجالات
في العام الماضي، اعترف الحزب القومي في هندوراس بهزيمة مرشحه، عمدة العاصمة تيغوسيغالبا، فلسطيني الأصل نصري عصفورة في انتخابات الرئاسة في ذلك البلد.
وكانت هزيمة عصفورة أمام مرشحة المعارضة اليسارية زيومارا كاسترو والتي جاءت بنائب لها من أصل لبناني هو سلفادور نصر الله.
وفي فبراير /شباط 2019، اكتسح نجيب أبو كيلة، وهو رئيس بلدية سابق من أصل فلسطيني، انتخابات الرئاسة في السلفادور بعد حملة انتخابية رفعت شعار مكافحة الفساد لينهي بذلك نظام الحزبين اللذين تبادلا الحكم لثلاثة عقود في تلك الدولة المنكوبة بالعنف في أمريكا الوسطى.
وفي أغسطس/آب من عام 2018 أدى ماريو عبده بينيتز عضو مجلس الشيوخ السابق في باراغواي، وهو من أصل لبناني، اليمين الدستورية رئيسا جديدا لبلاده.
وإلى جانب بينيتز وأبو كيلة شهد تاريخ أمريكا اللاتينية رؤساء آخرين من أصل عربي وهم : ميشال تامر الرئيس السابق للبرازيل وهو من أصل لبناني، وكارلوس فلوريس فقوسه رئيس هندوراس 1998- 2002 وهو فلسطيني الأصل، وأنطونيو سقا، الفلسطيني الأصل في السلفادور في الفترة ما بين 2004 و2009 ، وجوليو سيزار طربيه، اللبناني الأصل، في كولومبيا 1978-1982، وشغل كرسي الحكم في الإكوادور وحدها ثلاثة رؤساء من أصول لبنانية هم خوليو ثيودور سالم كرئيس مؤقت في عام 1944 وعبدالله بوكرم 1996-1997 وجميل معوض في الفترة 1998-2000، وشغل كارلوس منعم، السوري الأصل، رئاسة الأرجنتين لعشر سنوات كاملة في الفترة ما بين 1989 و1999.
ذلك بالإضافة لنائب رئيس فنزويلا السابق طارق العيسمي الذي يتولى حاليا منصب وزير النفط في بلاده.
وفي مجال التجارة والأعمال هناك المكسيكي من أصل لبناني، كارلوس سليم حلو، الذي يعد من أغنى أغنياء العالم، والبرازيلي من أصل لبناني، كارلوس غصن، الذي وصل لمنصب الرئيس التنفيذي لرينو ونيسان والذي جعلته مجلة فورتشن رجل العام سنة 2003، ولكن واجه اتهامات في عام 2018 بإساءة استخدام أموال شركة نيسان وما أعقب ذلك من عملية هروبه الجريئة من اليابان إلى لبنان.
وفي عالم الموسيقى هناك المغنية الكولومبية من أصل لبناني شاكيرا، وفي التمثيل النجمة المكسيكية، سلمى حايك، اللبنانية الأصل.
وفي الرياضة يلعب نادي ديبورتيفو باليستينو، الذي أسسه المهاجرون الفلسطينيون في عشرينيات القرن الماضي، في دوري الدرجة الأولى بتشيلي ويرتدي لاعبوه ألوان الأحمر والأخضر والأسود، وهي ألوان العلم الفلسطيني.
مسألة الاندماج
يقول الكاتب الكولومبي، لويز فايد، إن الجالية العربية في أمريكا اللاتينية حققت اندماجا كاملا مقارنة بأي مكان آخر في العالم، فالعرب في كولومبيا يشعرون بأنهم كولومبيون وليسوا عربا عكس المهاجرين العرب في أوروبا.
فعلى سبيل المثال، قليل أولئك الذين يعرفون أن روبرت فرح لاعب التنس الفائز ببطولتي ويمبلدون وأمريكا المفتوحة من أصل لبناني لأنه يقدم نفسه دائما على أنه كولومبي.
وبعد البرازيل، تأتي الأرجنتين كثاني أكبر دولة حاضنة للعرب المهاجرين بواقع 1.2 مليون شخص من إجمالي عدد سكانها البالغين 38 مليون نسمة، ورغم أن نفوذهم الاقتصادي ضعيف، إلا أن نفوذهم السياسي متسع للدرجة التي جعلت كارلوس منعم السوري الأصل رئيسا للجمهورية لعشر سنوات متصلة.
أما فنزويلا فتأتي في المرتبة الثالثة بين أكثر الدول اللاتينية احتواء للعرب المهاجرين بواقع مليون نسمة.
ومن بين أكثر الدول اللاتينية احتواء للعرب وخاصة الفلسطينيين تشيلي بواقع 600 ألف مهاجر من أصل عربي، منهم قرابة نصف مليون فلسطيني. وعليه فإن الوجود الفلسطيني في تشيلي يعد التجمع الفلسطيني الأكبر في العالم خارج الأراضي الفلسطينية.
ما الذي يفسر الوجود الفلسطيني الكبير في تشيلي؟
كانت الهجرة من فلسطين وسوريا ولبنان قد بدأت إلى تشيلي خلال سيطرة الدولة العثمانية، إذ اعتقد كثيرون بتوفر فرص أفضل في “العالم الجديد”.
ومن هذا المنطلق شقوا طريقهم إلى أوروبا ومنها إلى بيونس آيرس ولكن بدلا من البقاء في هذه المدينة الغنية الأوروبية الطابع فضل العديد من الفلسطينيين عبور جبال الإنديز إلى تشيلي.
ويقول جاسم عبد ربه، حفيد مهاجر فلسطيني وصل في الثلاثينات،إنه بين عامي 1885 و1940 تراوح عدد العرب في تشيلي بين 8 آلاف و10 آلاف نصفهم فلسطينيون.
ويقول البروفيسور إيغينيو شاهوان، من مركز الدراسات العربية في جامعة تشيلي: ” كانت الظروف في تشيلي في ذلك الوقت أفضل لهؤلاء المهاجرين القادمين من فلسطين.”
كانت تشيلي في ذلك الوقت مثل غيرها من دول أمريكا اللاتينية تتطلع إلى المهاجرين لتعزيز اقتصادها، ومع أن النخبة في ذلك البلد كانت تفضل الأوروبيين الذين تمنحهم الحقوق والأراضي إلا أن الفلسطينيين راهنوا على تشيلي.
ولم يحصل القادمون من الشرق الأوسط على أية فوائد فاختاروا التجارة وصناعة النسيج وهو الخيار الذي أدى إلى ازدهار الجالية لاحقا.
وبعد ذلك بدأ المهاجرون يعملون في صناعة القطن والحرير ليحل إنتاجهم محل الواردات الأوروبية.
وأمام المنافسة الصينية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي تحولت أعمال الجالية الفلسطينية إلى القطاع المالي والعقاري والغذائي والزراعي ووسائل الإعلام.
فهناك عائلة سعيد الفلسطينية الأصل صاحبة مؤسسة باركي أريكو التي أسست مراكز تجارية في بيرو وتشيلي وكولومبيا، كما أن هناك بنك الاعتماد والاستثمار الذي أسسه خوان يعرور لولاس.
وقال شاهوان: “إن هناك عددا كبيرا من المسيحيين الفلسطينيين في تشيلي والذين ترجع أصولهم إلى مدن بيت جالا وبيلين وبيت ساحور وبيت صفافا، وعدد هؤلاء في تشيلي يفوق عدد المسيحيين في فلسطين ذاتها.”
في عام 1917 بنى الفلسطينيون كنيسة سان جورج في ضاحية ريكوليتا، وبذلك باتت الجالية تلتقي تجاريا وثقافيا في مكان واحد اشتهر بـ “باتروناتو”.
ويقول دانيال جاد، وهو حفيد مهاجر من بيت جالا، إن وسط تشيلي يماثل إلى حد كبير المدن التي تركها أولئك المهاجرون الفلسطينيون فقد أرادوا العيش في بيوت تشبه تلك التي تركوها على بعد 13 ألف كيلومتر.
[ad_2]
Source link