روسيا وأوكرانيا: تاريخ متشابك وقرون من الصراعات والحروب
[ad_1]
في 21 فبراير/ شباط الماضي وجه الزعيم الروسي فلاديمير بوتين خطابه المشهور للروس والذي تحدث فيه عن اعتراف روسيا بالجمهوريتين الانفصاليتين الموالتين لروسيا في شرق أوكرانيا وهما لوهانسك ودونيتسك. بل ذهب أبعد من ذلك عندما قال إن فكرة الدولة الأوكرانية بحد ذاتها مجرد وهم.
وأوضح بوتين أن أوكرانيا صنيعة زعيم الثورة البلشفية فلاديمير لينين حيث منحها عن طريق الخطأ إحساساً بالدولة من خلال السماح لها بالاستقلال الذاتي داخل الدولة السوفيتية المنشأة حديثاً حسب زعم بوتين.
قال بوتين: “لقد تم إنشاء أوكرانيا الحديثة بشكل كامل من قبل روسيا وعلى وجه التحديد من قبل البلاشفة الروس”. “بدأت هذه العملية عمليا بعد ثورة 1917 وعلاوة على ذلك، قام لينين ورفاقه بذلك على حساب روسيا من خلال تقسيم أراضيها التاريخية وتمزيق قطع منها”.
رغم أن الزعيم الروسي أعلن مراراً أن انهيار الاتحاد السوفييتي السابق كان أكبر كارثة من الناحية الجيوسياسية خلال القرن العشرين، لكن يبدو أنه يحاول أن يصحح الخطأ التاريخي الذي وقع فيه مؤسس الاتحاد السوفيتي لينين، حسب رأيه، عندما تم تأسيس الجمهورية الأوكرانية بعد انتهاء الحرب الأهلية التي تلت ثورة 1917.
الجذور المشتركة
إن الجذور المشتركة بين أوكرانيا وروسيا تعود إلى الدولة السلافية الأولى، كييفان روس، الإمبراطورية التي أسسها الفايكنغ في القرن التاسع الميلادي.
الواقع التاريخي لأوكرانيا معقد فهو تاريخ يمتد لألف عام من تغيير الأديان والحدود والشعوب.
تأسست العاصمة كييف قبل موسكو بمئات السنين، ويدعي كل من الروس والأوكرانيين أنها منبع ثقافاتهم وديانتهم ولغتهم الحديثة.
كانت كييف في موقع مثالي على طرق التجارة التي تطورت في القرنين التاسع والعاشر، وازدهرت بفضل ذلك لكنها ما لبثت أن فقدت مكانتها الاقتصادية مع تحول التجارة إلى مكان آخر.
إن تاريخ وثقافة روسيا وأوكرانيا متداخلان فعلاً فهما تشتركان في نفس الديانة المسيحية الأرثوذكسية، وهناك تشابه كبير بين لغتي البلدين، إضافة إلى تشابه العادات وحتى الأطعمة.
كانت كييفان روس أول دولة سلافية شرقية كبيرة تأسست في القرن التاسع الميلادي. وهناك انقسام بين أوساط المؤرخين حول مؤسس هذه الدولة. الرواية الرسمية تقول إن القائد شبه الأسطوري أوليغ، حاكم نوفوغراد، هو الذي ضم كييف إلى مملكته بسبب أهمية موقع المدينة الواقعة على ضفة نهر دنيبر، وجعلها عاصمة لدولة كييفان روس.
في القرن العاشر ظهرت الأسرة الحاكمة روريك، وبدأت المرحلة الذهبية في عمر هذه الدولة مع تولي الأمير فلاديمير العظيم العرش (الأمير فلوديمير بالأوكرانية)، وفي عام 988 تحول إلى الديانة المسيحية الأرثوذكسية، وبدأ بفرض هذه الديانة على سكان دولته مؤسساً قاعدة لتوسع الديانة المسيحية شرقاً. وبحلول القرن الحادي عشر الميلادي بلغت دولة كييفان روس أوج ازدهارها في عهد الأمير ياروسلاف الحكيم ( 1019-1054)، وباتت مدينة كييف مركزاً سياسياً وثقافياً هاماً رئيسياً في أوروبا الشرقية.
انهارت دولة كييفان روس مع الزحف المنغولي على المنطقة عام 1237، حيث دمر المغول العديد من المدن في طريقهم للتوسع غرباً، وأسسوا دولة مغول الشمال التي تعرف أيضاً باسم دولة القبيلة الذهبية.
بين عامي 1349 و1430 احتلت بولندا، ولا حقا الدولة المشتركة بين مملكة بولندا والدوقية العظيمة لليتوانيا، معظم المساحات الغربية والشمالية الحالية لأوكرانيا.
وفي عام 1441 تمرد خانات القرم على دولة مغول الشمال، واحتلوا معظم المساحات الجنوبية لأوكرانيا الحالية.
أسست بولندا عام 1596 الكنيسة اليونانية الكاثوليكية بالاتفاق مع الإمبراطورية البيزنطية، لتسيطر هذه الكنيسة على معظم المساحات الغربية من أوكرانيا، بينما ظلت الكنيسة الأرثوذكسية مسيطرة على معظم باقي أرجاء أوكرانيا.
أواسط القرن السابع عشر انتفض القوزاق ضد الحكم البولندي، وأسسوا دولة لهم في غرب أوكرانيا الحالية، وحملت اسم دولة “هتمانات”. ويعتبر الأوكرانيون هذه الدولة بمثابة اللبنة الأولى لدولة أوكرانيا الحديثة.
دخلت اتفاقية “بيرياسلافل” بين روسيا ودولة القوزاق حيز التنفيذ عام 1654 وأصبحت دولة القوزاق تحت الوصاية الروسية.
الحرب الروسية – التركية
أبرمت روسيا وبولندا معاهدة “السلام الدائم” عام 1686، وقد أنهت المعاهدة 37 سنة من المعارك مع الإمبراطورية العثمانية التي نجحت في السيطرة على مساحات شاسعة من أوكرانيا. بموجب المعاهدة تم تقسيم دولة القوزاق، وسيطرت روسيا القيصرية على مساحات كبيرة من الأراضي الأوكرانية ومن بينها مدينة كييف التي كانت تحت سيطرة بولندا، مقابل انضمام روسيا إلى التحالف الأوروبي المناهض للدولة العثمانية والذي كان يضم بولندا وليتوانيا والإمبراطورية الرومانية وإمارة البندقية.
وبموجب الاتفاق شنت روسيا حملة عسكرية على الخانات التتر في شبه جزيرة القرم، واندلعت الحرب الروسية – التركية بين عام 1686 و1700 وانتهت بتوقيع معاهدة القسطنطينية بين روسيا والسلطنة العثمانية، حيث تنازلت الأخيرة عن مساحات كبيرة من الأراضي الأوكرانية التي كانت تسيطر عليها، مثل سواحل بحر آزوف، لصالح روسيا مقابل تعهد روسيا بمنع القوزاق من شن هجمات على الدولة العثمانية، ومنع الأخيرة لتتر القرم من شن هجمات على روسيا القيصرية.
بين عام 1708 و1709 قاد إيفان مازيبا آخر انتفاضة قوزاقية ضد السيطرة الروسية في شرق أوكرانيا، التي كانت جزء من دولة القوزاق خلال معارك “حرب الشمال العظيمة” بين الإمبراطورية الروسية من جهة، وبولندا والسويد من جهة أخرى.
عام 1764 ألغت روسيا دولة القوزاق في شرق أوكرانيا التي كانت تحت وصايتها، وأسست إقليم “روسيا الصغرى” كخطوة مرحلية قبل ضم المنطقة بشكل كامل عام 1781 لتبدأ مرحلة السيطرة الروسية على أوكرانيا.
بين عامي 1772 و1795 أصحبت معظم مناطق غرب أوكرانيا تحت حكم الإمبراطورية الروسية بعد تقسم بولندا، وفي عام 1783 استولت روسيا على المناطق الجنوبية من أوكرانيا، بعد سيطرتها على شبه جزيرة القرم وضمها لروسيا.
في القرن التاسع عشر شهدت أوكرانيا صحوة ثقافية وطنية حيث ازدهر الأدب والثقافة والبحث التاريخي، وتحولت منطقة غاليسيا الواقعة جنوب غرب أوكرانيا والتي باتت تحت إدارة مملكة هابسبورغ، إلى مركز للنشاط السياسي والفكري للأوكرانيين، خاصة بعد حظر روسيا اللغة الأوكرانية على أراضيها.
انهت الثورة البلشفية عام 1917 الحكم القيصري في روسيا، وتم الإعلان عن مجلس وطني في أوكرانيا بعد انهيار الإمبراطورية الروسية، وبعدها بعام أعلنت أوكرانيا استقلالها لكن ما لبثت أن اندلعت حرب أهلية دامية.
وفي عام 1921 استولى الجيش الأحمر على ثلثي الأراضي الأوكرانية وجرى الإعلان عن إقامة جمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية، بينما الثلث الأخير من الأراضي الأوكرانية والواقع غربي البلاد، أصبح تحت السيطرة البولندية.
[ad_2]
Source link