روسيا وأوكرانيا: ما الذي يجب أن يقوله الآباء لأطفالهم عن الحرب؟
[ad_1]
- فيبيكا فينيما
- بي بي سي نيوز
في أوكرانيا، تحاول الكثير من الأسر التكيف مع أوضاع الحرب المخيفة هناك. ولكن كيف يمكن أن تخبر أطفالك بأن البلاد في حرب؟
قبل عشرة أيام، كان من المفترض أن يطرح كاتب الخيال العلمي الأوكراني أنطون أينا كتابه الجديد – لكن ذلك لم يحدث بسبب بدء الغزو الروسي. يقول أنطون إن ذلك لم يعد مهما في الوقت الحالي. وهو الآن يحتمي من القصف في كييف مع زوجته وابنهما البالغ من العمر ثلاثة أعوام.
تعيش الأسرة في مبنى سكني يبلغ ارتفاعه 24 طابقا، وبه مرآب للسيارات تحت الأرض افترش الناس أرضه الأسمنتية وسط برد الشتاء القارس. يشعر أنطون بالقلق مما قد يحدث إذا انهار المبنى، لذا يشعر هو وأسرته بالمزيد من الأمان في بئر خرساني مربع يوجد بين المصاعد. اتخذوا من ذلك البئر ملاذا لهم خلال الغارات الجوية المتواصلة. ويقوم أنطون وزوجته بجلب الدمى والحاسوب اللوحي (التابليت) لابنهما، ويحرصان على أن يجلس في الزاوية لأنها المكان الأكثر أمنا.
يقول أنطون إن ابنه يشعر بالقلق، ويطرح عليهما الكثير من الأسئلة. “بالأمس، ذهبت زوجتي إلى أسفل المبنى، وعندما عادت، سألها: ماما، هل أطلقوا عليك النار؟ فردت عليه: لا يا صغيري، فتابع: هل سيطلقون النار علي؟ لا أريدهم أن يطلقوا النار”.
يقول أنطون إن بعض الآباء قاموا بحياكة شارات كتبوا عليها نوع فصيلة دم الأبناء في ملابس الصغار، وبدأوا يحّفظونهم عنوان البيت والأسماء الكاملة للأب والأم تحسبا لاحتمال أن ينفصلوا عنهم. وبينما يختبؤون في الملاجئ أو يحاولون ركوب القطارات للتوجه إلى أماكن آمنة، الكثير من الآباء يتحدثون أيضا إلى بعضهم بعضا عن كيفية تأثير الحرب على أبنائهم، وأفضل الطرق لحمايتهم من الصدمات.
ويضيف أنطون قائلا: “بعض الآباء يقولون لأطفالهم إن ما يحدث مجرد لعبة. أما نحن فنحاول أن نقول الحقيقة لابننا، ولكن بطريقة مخففة تتناسب مع عقل طفل في الثالثة من العمر”.
“نقول له إن جنودا أشرارا يهجاموننا، والجنود الطيبون، هؤلاء الذين يحملون العلم الأوكراني، هم من يقومون بحمايتنا، وإنه لا ينبغي أن يشعر بالقلق طالما بقينا في هذا الملجأ”.
الصور التي رسمها ابن أنطون ليس بها أي دلالات على إصابته بالصدمة، ولكن بعض أصدقاء أنطون ممن لديهم أطفال أكبر سنا يتبين بوضوح من رسوماتهم أن الموقف كان له تأثير عليهم.
يتواصل آباء الأطفال الذين يذهبون إلى نفس حضانة ابن أنطون وطاقم عمل تلك الحضانة مع بعضهم بعضا عبر تطبيق التواصل الاجتماعي “تليغرام”، حيث يتبادلون النصائح بشأن الكيفية التي يتحدثون بها لأبنائهم عما يجري في البلاد. شمل ذلك مقطعا تعليميا حول كيفية إخبار الأطفال بأنه لا بأس من أن يتلفظ البالغون بألفاظ السباب الآن، بينما لم يكن ذلك ملائما عندما كانت الأوضاع الحياتية طبيعية، “ذلك لأن الكثير من الأشخاص يتفوهون بالشتائم والسباب في الوقت الحالي”، على حد قول أنطون.
كما أن الآباء صاروا يتساهلون في أشياء صغيرة أخرى. يقول أنطون إنه بسبب الموقف الحالي، “أصبح [ابنه] يشاهد أفلام الكارتون أكثر من المعتاد، ويأكل حلوى أكثر من المعتاد. نحن بحاجة إلى إلهائه كي لا ينتبه إلي ما يجري حولنا”.
“أخصائيو علم النفس ينصحوننا بأن نكون أكثر لطفا ورقة مع الأطفال في هذه الأوقات، وأن نظهر لهم الحب أكثر من المعتاد”.
لكن عندما يتعلق الأمر بالسلامة، يجب أن يكونوا صارمين للغاية. وسرعان ما تعلم ابنه ذو الثلاث سنوات أنه عندما تكون هناك صفارة إنذار، يجب أن تركض الأسرة وتختبأ. يقول أنطون: “بمجرد أن نسمع صفارة الإنذار، أو يصلنا إشعار على الهاتف، نصرخ قائلين: إلى المخبأ! يتوقف في الحال عما يفعل، ويركض، فهو يفهم أن الموقف غير عادي. نشعر أحيانا بالدهشة لأن الأطفال يدركون جيدا ضرورة أن يتصرفوا بالشكل اللائق”.
ومع تكثيف روسيا للقصف، واقتراب الحشود العسكرية الروسية، قرر الكثير من الآباء الأوكرانيين الفرار من منازلهم، آخذين معهم أطفالهم.
هَنا عالمة تعيش في كييف، وقد تركت المدينة وسافرت إلى بولندا مع ابنيها البالغين من العمر ثمانية أعوام وستة أعوام. كانت الأسرة قد جلست في منزلها لأيام، تستمع إلى أصوات الانفجارات وارتجاج النوافذ، واضطرت الأم إلى أن تخبرهما حقيقة ما يحدث. وجدت صعوبة بالغة في الموازنة بين الحقيقة، وبين ما يمكن أن يستوعبه عقل طفل صغير.
تقول هَنا: “كان ذلك تحديا بالنسبة لي كأم، لأنني كانت مجبرة على الاختيار بين كيفية شرح الحقيقة، وفي الوقت نفسه عدم إخافتهم كثيرا، لذا كنت أقول لهم فقط إننا نتعرض للهجوم، وإننا آمنون في الوقت الراهن، ولكن عليهم أن يكونوا على استعداد عندما نشعر بأننا يجب أن نرحل”.
واضطرت هي الأخرى إلى تغيير أسلوبها في التربية – فلم يعد هناك مجال للمناقشة. تتابع هنا: “في العادة أطلب منهم أن يفعلوا شيئا ما، لكن الوقت الحالي هو وقت إعطاء الأوامر”.
بعد بضعة أيام من القصف، شعرت هَنا بأنها لم تعد ترغب في أن يستمع أطفالها لأصوات القنابل، وقررت مغادرة أوكرانيا. تقول إنه كان “قرارا في غاية الصعوبة”.
كما تعين على طفليها اتخاذ قرار صعب أيضا، وهو اختيار الدمية الواحدة التي كان مسموحا لهما بحملها. تقول هَنا إنه كان قرارا مهما جدا لطفليها، ربما بنفس أهمية قرار مغادرة البلاد: “أعتقد أننا مررنا بنفس الموقف العاطفي الذي ينتج عند اتخاذ قرارات صعبة”.
استغرقت رحلتهم إلى بر الأمان في بولندا 52 ساعة. اصطحبهم زوج هَنا السابق في الجزء الأول من الرحلة، ولكنه اضطر إلى العودة للقتال. تقول هنَا إن السفر في منطقة حرب مع طفلين صغيرين كان أمرا مرهقا، وإنها تتفهم الآن لماذا آثر العديد من أصدقائها البقاء بالقرب من موطنهم.
هَنا و أسرتها الآن في أمان، ولكن ابنيها يطرحان عليها الكثير من الأسئلة، عن الأجداد، وأيضا و بشكل خاص عن أبيهما الذي اضطر إلى البقاء في أوكرانيا. تصف هَنا تلك الأسئلة بأنها “أسئلة ينفطر لها القلب، لأنهما يسألاني كل يوم ما إذا كان لا يزال على قيد الحياة، أو ما إذا كان فقد ذراعيه أو رجليه. إنهما يخيشان أن يتعرض لإصابة بالغة”.
تقول هَنا لطفليها إنهما ينبغي أن يحاولا العيش في الحاضر: “الحاضر هو كل ما لدينا. وفي هذه اللحظة، نحن في أمان”.
كافة الآباء الآن يحاولون تقدير حجم ما يعطونه لأبنائهم من معلومات عن الوضع الراهن. أوكسانا فرت من مدينة لفيف في غرب أوكرانيا، وهي الآن في بولندا أيضا. طفلتها البالغة من العمر ثلاث سنوات تعاني من داء التوحد، ولا تطيق الأصوات المرتفعة، ولذا كانت صفارات الإنذار التي تسبق الغارات الجوية تخيفها بشكل كبير. وكانت تعرف عندما تكون والدتها هي الأخرى متوترة، ولذا أخبرتها أوكسانا بحقيقة ما يحدث.
تقول أوكسانا: “شرحت لها كيف أن هناك حربا دائرة، وأننا بحاجة إلى الوصول إلى بر السلامة، وأن الكثير من الناس قتلوا بسبب هذا كله. أعتقد أنه من المهم عندما يكون الأطفال كبارا بما يكفي لإخبارهم بالحقيقة ألا يشعروا بأنهم يتعرضون للتضليل، لأن بإمكانهم أن يستشعروا بتوتر الأجواء”.
أما إيرينا فلديها ابن لم يتجاوز العامين، وقد قررت ألا تخبره بأكثر مما يلزم. بعد قضاء ثلاث ليال في أحد المخابئ، قررت مغادرة إربين، وهي مدينة صغيرة بالقرب من كييف، وتوجهت إلى غرب أوكرانيا.
أخبرت إيرينا طفلها بأنهما ذاهبان لزيارة بعض الأصدقاء، لأنه أصغر من أن يفهم الخطر الذي يواجهه. تقول إيرينا: “لم أخبره بأننا في حرب. لست متأكدة من أنني يجب أن أفعل ذلك وهو في هذه السن الصغيرة، لأنني أظن أن ذلك سيجعل الوضع أكثر سوءا”.
أما بالنسبة لأنطون وأسرته، فإن القوات الروسية تواصل تقدمها صوب كييف، ما يعني أنهم ربما يضطرون إلى الخروج منها قريبا. وهو لا يعرف بالضبط إلى أين سيذهب. يقول أنطون: “لا أحد يعرف أي الأماكن أكثر أمنا، لذا فالمسألة أشبه بالمراهنة”.
أخبرونا تجاربكم
هل أنتم من المقيمين في روسيا؟ ترغب بي بي سي في معرفة تجاربكم في ضوء العقوبات المفروضة على موسكو. كيف تأثرت حياتكم اليومية؟
إذا كنتم ترغبون بمشاركة قصصكم معنا، استخدموا النموذج أدناه لإطلاعنا عليها بإيجاز. وقد نتواصل معكم لنشرها على موقعنا.
[ad_2]
Source link