غزو روسيا لأوكرانيا: الروس يشعرون بألم العقوبات الدولية على بلادهم
[ad_1]
يقول أندري: “لو أمكن لي مغادرة روسيا اليوم لفعلت، ولكن لا أستطيع أن أترك وظيفتي”. لم يعد بمقدوره سداد أقساط الرهن العقاري بسبب ارتفاع نسبة الفائدة.
وملايين الروس مثله بدأوا يشعرون بتأثير العقوبات الغربية على بلادهم، رداً على غزوها لجارتها أوكرانيا.
يقول المصمم الصناعي، البالغ من العمر 31 عاماً: “أسعى إلى إيجاد زبائن في الخارج بأسرع وقت ممكن، ومغادرة روسيا بالأموال التي جمعتها لسداد القسط الأول”.
“أخشى على نفسي هنا، فقد تعرض البعض للاعتقال، لأنهم عبروا عن آراء تخالف “توجهات الحزب”، أشعر بالخزي، فلم أصوت لهؤلاء الذين في السلطة”.
لم نذكر في التقرير الأسماء الحقيقية لمن تحدثنا إليهم، لأسباب أمنية.
توصف العقوبات المفروضة على روسيا الآن بأنها حرب اقتصادية. تهدف إلى عزل الدولة وإحداث انكماش اقتصادي هناك. ويأمل القادة الغربيون إن تدفع هذه الإجراءات غير المسبوقة الكرملين إلى إعادة النظر في طريقة تفكيره.
ويتوقع أن يفقد الروس العاديون، تحت وطأة هذه العقوبات، كل مدخراتهم، فضلاً عن الاضطرابات التي يعيشونها في حياتهم اليومية.
وتشمل العقوبات على بعض المصارف الروسية، فصلها عن منظومات البطاقات الائتمانية، فيزا وماستر، وبالتالي من خدمتي الدفع أبل وغوغل.
ويقول داريا، البالغ من العمر 31 عاماً، وهو مدير مشروع في موسكو، إن هذا الأمر جعله غير قادر على استعمال قطار الأنفاق.
“تعودت على الدفع بالهاتف، ولكن الخدمة لم تعد متاحة الآن. وهناك آخرون يواجهون المشكلة نفسها. ما حدث هو أن تشغيل البوابات في قطار الأنفاق يشغلها مصرف في تي بي، الذي تعرض للعقوبات، فلم يعد يقبل الدفع عن طريق غوغل وأبل”.
“اضطرني الأمر إلى شراء تذكرة قطار الأنفاق. كما لم أتمكن من الدفع في محل تجاري، اليوم أيضاً، للسبب نفسه”.
وقد ضاعفت روسيا الاثنين نسبة الفائدة لتصل إلى 20 في المئة بهدف مواجهة العقوبات، بعدما هوى سعر صرف الروبل إلى أدنى مستوياته. وبقيت أسواق الأسهم مغلقة خوفاً من حملة بيع بالجملة.
ويقول الكرملين إن الموارد التي يملكها كافية للوقوف في وجه العقوبات، ولكن هذا الأمر محل شك.
ودعا البنك المركزي في نهاية الأسبوع إلى الهدوء، وسط مخاوف من نفاد السيولة النقدية، عندما يسارع عدد كبير من الناس إلى سحب أموالهم.
يقول أنتون (ليس اسمه الحقيقي)، البالغ من العمر 20 عاماً، وهو في الطابور أمام آلة سحب الأوراق النقدية في موسكو : “لا يوجد دولار، ولا روبل، ولا أي شيء. الواقع أن الروبل موجود، ولكنني لا أريده”.
ارتفع سعر العملة الأجنبية بالنسبة للروس بنسبة 50 في المئة مقارنة بما كان عليه الأسبوع الماضي، هذا إذا عثر عليها أصلاً.
كان الدولار الواحد يباع في بداية 2022 بسعر 75 روبل، واليورو قيمته 80 روبل، ولكن الحرب أشعلت الأسعار العملات. فأصبح الدولار الاثنين بسعر 113 روبل، أما اليورو فبلغت قيمته 127 روبل.
ويتعامل الروس منذ مدة طويلة بحساسية مع سعر الروبل مقارنة بالدولار.
فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي في التسعينيات كان الدولار العملة الوحيدة التي حافظ بها الروس على مدخراتهم، وكانوا يخبئونها في بيوتهم.
وعندما أعلن بوريس يلتسين عجز حكومته عن سداد الديون في 1998 شعر أولئك الذين خبأوا الأموال في بيوتهم بأن الزمن أنصفهم.
ولكن البنك المركزي تمكن خلال العشرية التالية من استعادة ثقة الروس في الروبل. فبدأت الودائع بالعملة الروسية تتوسع، وتوسعت معها المبالغ المالية التي يستثمرها الروس في أسهم الشركات الروسية.
ومع ذلك فقد تعود الروس على الهرع إلى سحب دولاراتهم كلما تملكتهم الريبة فيما يجري حولهم.
وهذه المرة ليست مختلفة.
فبمجرد اندلاع الحرب سارع الروس إلى سحب أموالهم. لأنهم حفظوا الدرس من الأزمات السابقة.
ويقول إليا (ليس اسمه الحقيقي) وهو في بداية الثلاثينات من العمر، إنه “أكمل للتو سداد ديون الرهن العقاري عليه في موسكو، ولكنه غير قادر على الانتقال إلى منطقة أخرى”.
“عندما بدأت العمليات في دونباس، سارعت إلى سحب مدخراتي بالدولار من مصرف سبيربنك، وأحتفظ بها الآن تحت الوسادة”.
“ولا تزال بقية مدخراتي في المصارف بعضها بالدولار، والبعض الآخر بالروبل. وإذا ساءت الأمور أكثر فإنني سأسحب المبالغ كلها. أخشى من السرقة، ولكن هذه الظروف مفروضة علينا”.
وظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور الطوابير الطويلة أمام آلات سحب الأوراق النقدية في مختلف مناطق البلاد في الأيام الأخيرة، وسط ومخاوف من أن تتوقف بطاقات السحب عن العمل، أو أن يفرض حد على المبالغ المسحوبة.
وبدأت أوراق الدولار واليورو في النفاد بعد الساعات الأولى من الغزو. وتقلصت المبالغ المتوفرة من العمليتين، كما وضع حد على المبالغ التي يمكن سحبها بالروبل.
يقول إيفغيني (ليس اسمه الحقيقي)، 45 عاماً، وهو يقف في الطابور إنه يريد سحب مبلغ مالي لاستكمال سداد ديون الرهن العقاري التي عليه.
“جميع من أعرفهم قلقون. كلهم متوترون. لا شك أن الحياة ستسوء أكثر مما هي عليه الآن. الحرب بشعة. أعتقد أن جميع الدول تكيل بمكيالين. واليوم “الدول الكبرى” تتبارى فيما بينها لقياس قوتها، وتحدد أيها ألطف من الأخرى، والجميع يعانون”.
ويقول مارات، البالغ من العمر 35 عاماً: “هذا أول يوم قررت فيه سحب أموالي. لم أواجه أي صعوبة. سحبت مبلغاً بالروبل تحسبا لأي طارئ”.
“لست خبيراً في توقع ما سيحدث، ولكنني أشعر أن الأمور تسير نحو الأسوأ. الأيام وحدها ستكشف لنا الحقيقة”.
غزو روسيا لأوكرانيا: تغطية مفصلة
وجاء في تقرير للخدمة الروسية في بي بي سي أن مشكلة السيولة النقدية ليست مقتصرة على موسكو. فالناس يسارعون إلى سحب الدولار واليورو في مناطق أخرى منها بيرم وكوستروما وبيلغورود، وغيرها من المدن.
وأنشأ خبير في المعلوماتية، مجهول الهوية، برنامجا آلياً، على موقع تلغرام، يستفسر عن توفر الدولار أو اليورو في آلات سحب الأوراق النقدية التابعة لمصرف تينكوف الخاص الشهير، وإذا تبين توفرها يرشد المشتركين إلى موقعها.
ويحاول الكثيرون طلب سحب الأوراق النقدية باستعمال تطبيق مالي توفره المنظومة المصرفية الروسية المتطورة.
وعندما أعلنت العقوبات على البنك المركزي الروسي الأحد كان بمقدور الناس استعمال التطبيق لطلب سحب الدولار في حدود 140 روبل، واليورو في حدود 150.
ولكن سبيربنك، أكبر المصارف المدعومة من الحكومة، أفاد الخدمة الروسية في بي بي سي أن طلب سحب الأموال عن طريق التطبيق لم يعد ممكناً، وعلى الزبون أن يذهب إلى مقر المصرف ويملأ استمارة لسحب أمواله.
وتنفي المصارف أنها تواجه ندرة في السيولة النقدية، ولكن المحللين يجمعون على ترجيح أن تكون ندرة الأوراق النقدية في آلات السحب محاولة لمنع نفاد الأوراق النقدية في المصارف.
وقال الكرملين إن روسيا كانت تتوقع هذه العقوبات، وإنها مستعدة لمواجهتها، ولكنه لم يفصح عما إذا كان قطاع الأعمال سيتلقى مساعدة إضافية مثلما حصل خلال الجائحة.
ولكن الروس العاديين، الذين يتلقون أخبارهم من القنوات المدعومة من الدولة، سيشعرون بالتغيير في حياتهم اليومية سريعاً.
فقد تحدث سكان موسكو عن طوابير أمام المتاجر لشراء مواد يعتقدون أنها ستصير نادرة بسبب ارتفاع الأسعار، أو بسبب فرض قيود على تداولها.
وقد تضطر الشركات الروسية إلى تقليص عدد ساعات العمل، أو توقيف الإنتاج نتيجة للعقوبات. ويتوقع أن تنخفض قيمة مدخرات الروس، وقد يفقد الكثير منهم وظائفهم لأن الاقتصاد سيعاني من فصله عن الأسواق المالية في الغرب.
وتعيد هذه الظروف إلى أذهان الروس ما حدث في 2014 عندما أقدم الرئيس، فلاديمير بوتين، على ضم شبه جزيرة القرم، فاضطر الناس للوقوف في الطوابير لساعات من أجل سحب أموالهم.
واضطرت المؤسسات المالية إلى شراء ألواح جديدة من خمسة أرقام لعرض أسعار الصرف، لأن الألواح القديمة لم تكن تفي بالغرض.
فقد كان سعر الدولار وقتها من 30 إلى 35 روبل، وهي أسعار لا يمكن تصورها اليوم.
[ad_2]
Source link