هل الأجيال الشابة أقل قدرة على التحمل من الأجيال السابقة حقا؟
[ad_1]
- كاتي بيشوب
- بي بي سي
غالبا ما كان يُنظر إلى الأجيال الأصغر سنا على مدى قرون على أنها كسولة أو مهووسة بنفسها، لكن هل ما زال هذا التصور كما هو ولم يتغير؟
توصف الأجيال الشابة بأنها مثل “رقائق الثلج”، وتُتهم بأنها تعطي أولوية لشراء الأفوكادو على المنازل، ويُنظر إليها دائما على أنها أضعف من سابقتها أو أقل جدية في العمل أو أقل مرونة من نظيراتها الأكبر سنا.
لا تعد هذه ظاهرة جديدة، فدائما ما نسمع الناس يشتكون من “شباب هذه الأيام” منذ عقود. لكن هل هناك حقا أي حقيقة في فكرة أن جيل الألفية والجيل زد أضعف من جيل الطفرة السكانية أو الجيل إكس؟
تشير الأدلة إلى أن الأجيال الجديدة تتسم بشكل كبير بالسمات التي قد يعتبرها نظراؤهم الأكبر سنا علامة على الضعف. ومع ذلك، يعتقد خبراء أيضا أن مواليد جيل الطفرة السكانية (المولودون تقريبًا بين عامي 1946 و1964) والجيل إكس (المولودون بين عامي 1965 و1980) قد يحكمون على الأجيال التي تخلفهم بقسوة شديدة ويبنون نظرتهم إليها وفقا لمعايير لم تعد هي السائدة منذ فترة طويلة.
قد يكون سياق الأجيال هو المفتاح الرئيسي لتضييق الانقسامات بين العقود – ومع ذلك، فإن النظر إلى الشباب باحتقار هو غريزة متأصلة وفطرية لدرجة أنه قد يكون من المستحيل التراجع عنها.
الأسطورة في مقابل الواقع
يشتكى الناس من الأجيال الشابة منذ آلاف السنين، فالنظر بازدراء إلى الجيل الذي يأتي بعدك يمكن أن يكون ببساطة طبيعة بشرية.
يقول بيتر أوكونور، أستاذ الإدارة في معهد كوينزلاند للتكنولوجيا بأستراليا: “ميل البالغين إلى الاستخفاف بشخصية الشباب يحدث منذ قرون”.
ويشير إلى أن الصورة النمطية لا تزال مستمرة، إذ أظهرت أبحاث أن آلاف الأمريكيين يعتقدون أن “شباب هذه الأيام” يفتقرون إلى الصفات الإيجابية التي يربطها المشاركون بالأجيال الأكبر سنا.
لكن هذا لم يكن بالضرورة لأن شباب اليوم يفتقرون بالفعل إلى هذه الصفات – أشار الباحثون إلى أن هذا يرجع إلى أن كبار السن يقارنون دون وعي بين شخصيتهم اليوم وبين شباب اليوم، وهو ما يعطي انطباعا بأن شباب اليوم يتراجعون إلى حد ما، بغض النظر عن العقد الذي نعيش فيه.
وفي أوائل فبراير/شباط، أثارت خبيرة العقارات البريطانية، كيرستي ألسوب، حالة من الغضب بعد أن قالت إن الشباب هم المسؤولون عن عدم القدرة على شراء منزل. وأشارت ألسوب، التي اشترت منزلها الأول بمساعدة أسرتها في التسعينيات من القرن الماضي، إلى أن شباب اليوم ينفقون الكثير من الأموال على “الكماليات”، مثل عضويات الاشتراك في خدمة نيتفليكس وصالات الألعاب الرياضية، بدلا من الادخار.
كانت كلمات ألسوب هي الأحدث ضمن سلسلة من الملاحظات حول كيف أن شباب اليوم ليسوا مستعدين لتقديم نفس التضحيات التي قدمتها الأجيال الأكبر سنا، أو أنهم ليسوا بنفس القوة التي كان عليها آباؤهم أو أجدادهم من قبل.
وفي عام 2017، أشار قطب العقارات الأسترالي تيم غورنر بالمثل إلى أن الشباب أنفقوا الكثير من المال على الخبز المحمص مع الأفوكادو بدلا من شراء المنازل (على الرغم من أن أسعار المنازل في أجزاء كثيرة من أستراليا تضاعفت خلال السنوات العشر الماضية، بينما ارتفعت الأجور بنسبة 30 في المئة فقط).
وفي عام 2016، أضيف مصطلح “جيل رقائق الثلج” إلى قاموس كولينز الإنجليزي لوصف البالغين المولودين خلال الفترة بين عامي 1980 و1994 والذين كانوا “أقل مرونة وأكثر عرضة للإهانة من الأجيال السابقة”.
وقد ظهرت بالفعل مقالات فكرية حول رفض الجيل زد العمل من التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء، أو التساؤل عن سبب حاجتهم للبقاء في المكتب بدوام كامل.
معيار عفا عليه الزمن
قد لا تزال الأجيال الأكبر سنا تعتقد أنها كانت أقوى من شباب اليوم، لكن هل يمكن قياس ذلك؟
يعتقد بعض الخبراء ذلك، فقد أظهرت إحدى الدراسات التي أجريت عام 2010 والتي فحصت طلاب جيل الألفية الذين تخرجوا في الجامعات خلال الفترة بين عامي 2004 و2008 أن لديهم سمات مرتبطة بالمثابرة والمرونة في مواجهة الشدائد أكثر من الأشخاص الذين تخرجوا قبل عام 1987.
وأظهرت أبحاث أخرى أن هناك زيادة في العصابية والحاجة إلى التقدير في الأجيال الشابة، في حين أشارت دراسة أخرى أجريت عام 2012 إلى أن الشباب أصبحوا أكثر تمحورا حول الذات مما كان عليه الأمر في الماضي.
لكن بالنسبة للعديد من الخبراء، لا تشير هذه القياسات إلى أن الأجيال الشابة أضعف من الأجيال الأكبر سنا. وبدلا من ذلك، فهي مجرد طرق للحكم على جيل شكله مجتمع حديث يركز على التكنولوجيا وفقا لمعايير العقود الماضية.
يقول كارل نصار، أخصائي الصحة العقلية في مؤسسة “لايف ستانس هيلث”، والذي يعمل بانتظام مع المراهقين والأسر التي تعاني من الانقسامات بين الأجيال: “الأجيال السابقة عُلمت القمع بدلا من التعبير، لكن بالنسبة للأجيال الجديدة، فإن الأمر عكس ذلك تماما”.
ويضيف: “لقد تسبب ذلك في حدوث صدع في الإدراك، إذ ترى الأجيال الأكبر سنا هذا التعبير على أنه علامة ضعف، لأنها تعلمت أن التأثر هو نقطة ضعف وليس قوة”.
ويعتقد نصار أن التصور بأن الأجيال الشابة أضعف مبني إلى حد كبير على القصص والحكايات، ويستند إلى عدم التوافق بين الطريقة التي تعبر بها الأجيال المختلفة عن مشاكلها، وهو ما قد يؤدي إلى تحريف البيانات حول مدى مثابرة ومرونة هذه الأجيال في مواجهة الشدائد.
وتتفق مع هذه الفكرة جينيفر روبسون، كبيرة المحررين في شركة “غالوب” الأمريكية للتحليلات واستطلاعات الرأي، والتي تقول: “يعاني الجيل إكس وجيل الطفرة السكانية من مشاكل أيضا، لكن التعبير عنها يبدو غير احترافي. لذا، فإن ما يبدو أنه ضعف أو (رقائق الثلج) عند الشباب قد يكون في الواقع مجرد المعيار الاجتماعي للشفافية”.
إن الفكرة التي يُستشهد بها كثيرا بأن المنتمين لجيل الألفية والجيل زد يتصرفون بطرق أنانية تمنعهم من الصعود إلى سلم الممتلكات هي مثال واحد على مدى صعوبة الحكم على جيل بمعيار قديم عمره عقود.
قد يتذكر ملاك المنازل، الذين كانوا في مرحلة البلوغ المبكرة في فترة ازدهار اقتصادي واسع النطاق، كيف كانوا يدخرون لشراء منزلهم الأول. لكنهم الآن وهم يستمتعون بفوائد ملكية المنازل بدأوا يعتقدون أن الشباب غير القادرين على فعل الشيء نفسه أضعف منهم. لكن هذا يتجاهل مشكلة الارتفاع الصاروخي في أسعار المساكن، وركود الأجور، وتصاعد العمل غير الآمن، وكل ذلك يمنع الناس من الحصول على قروض عقارية.
وبالمثل، قد تشير الأجيال الأكبر سنا إلى حقيقة أن الجيل زد هو الجيل الأكثر اكتئابا وقلقا كدليل على افتقار هذا الجيل للمثابرة والقدرة على مواجهة الصعوبات، متناسين أن هذا الجيل وصل إلى مرحلة البلوغ خلال وباء عالمي، وفترة من الشعور غير المسبوق بالوحدة وانعدام الأمن الاقتصادي على نطاق واسع. في الحقيقة، لا يمكن المقارنة بين التحديات التي تواجهها الأجيال المختلفة.
يقول جاك دورسي، رئيس مركز الخواص الحركية للأجيال، وهو عبارة عن شركة متخصصة في الأبحاث المتعلقة بالأجيال المختلفة ومقرها أوستن بولاية تكساس: “الحقيقة هي أن الجيل زد يواجه مجموعة متنوعة من التحديات التي لم تواجهها الأجيال الأخرى في نفس مرحلة الحياة، وأبرزها وباء كورونا، والضغط الدائم لوسائل التواصل الاجتماعي الموجودة بشكل مباشر على هواتفهم الذكية”.
ويضيف: “عندما نضع في الاعتبار تحديات الصحة العقلية المتمثلة في التباعد الاجتماعي والعزلة أثناء الوباء، وتحديات التعلم عن بعد وجميع العناصر التكوينية لمرحلة الشباب، يكون من السهل معرفة سبب شعور هذا الجيل بأنه يواجه وقتا مليئا بالتحديات”.
تتشكل أفعال ومعتقدات كل جيل من خلال مشاكله وتحدياته الخاصة. ربما نشأ المنتمون لجيل الطفرة السكانية والجيل إكس دون الحاجة إلى الهواتف الذكية، لكن لم يكن يتعين عليهم أيضا مواجهة تعقيدات انتشار الإنترنت، وهو ما أدى على الأرجح إلى الحاجة إلى التقدير والسمات المتمحورة حول الذات التي كشفت عنها بعض الدراسات.
وبالمثل، ربما لم يكن لدى المنتمين للأجيال الأكبر سنا نفس إمكانية الوصول إلى التعليم مثل الأجيال الشابة، لكن فرصتهم كانت أكبر أيضا للحصول على وظيفة متوسطة دون الحصول على شهادة جامعية، ولم يكونوا مثقلين بمستويات عالية من الديون الطلابية.
وعلى الجانب الآخر، قد يعتقد المنتمون للجيل زد أن جيل آبائهم أو أجدادهم لم يناضل بما فيه الكفاية ضد القضايا الاجتماعية، مثل تغير المناخ وعدم المساواة المالية، وهو الأمر الذي جعل الكثيرين من هذا الجيل يحطون من قدر نظرائهم الأكبر سنا.
في النهاية، يجب أن تفهم الأجيال المختلفة أن كل جيل هو نتاج وقته والتحديات والصعوبات التي يواجهها، حتى يمكننا التعايش معا بشكل أفضل.
[ad_2]
Source link