ريان وفواز: ما الذي يجمع الطفلين المغربي والسوري؟ وهل نتأثر بالمعاناة الفردية أكثر؟
[ad_1]
أعادت قصة الطفل المغربي “ريان”، الذي ظل عالقا لأيام في جُّب عميق، تسليط الضوء على واقع العديد من الأطفال في العالم العربي. ومن بين عشرات القصص، برزت مجددا قصة الطفل السوري المختطف محمد فواز قطيفان. فماذا نعرف عن قضيته؟
فواز القطيفان هو طفل يبلغ من العُمر 8 أعوام وقد اختطفته مجموعة مجهولة في بلدة “أبطع”، الواقعة بمنطقة حوران التابعة لمحافظة درعا السورية.
وبحسب ما نقله المرصد السوري لحقوق الإنسان عن شهود عيان، فإن حادثة الاختطاف تعود إلى نوفمبر / تشرين الثاني الماضي.
واعترض ملثمان يستقلان دراجة نارية فواز وشقيقه عندما كانا في طريقهما نحو المدرسة ثم اقتاداه إلى جهة غير معلومة.
ووفقا للمرصد السوري، فقد طالب الخاطفون بفدية مقابل إطلاق سراحه. وحُدد المبلغ المطلوب بـ 500 مليون ليرة سورية، أي ما يُعادل 140 ألف دولار أميركي.
وعلى مدى ثلاثة أشهر، تعمد الخاطفون تصوير الطفل وتعذيبه لابتزاز أسرته.
ففي مساء الخميس الماضي، انتشر مقطع مصور للطفل فواز وهو يناشد خاطفيه ويتوسل بأن يتوقفوا عن تعذيبه، قائلا: “مشان الله لا تضربوني”.
وظهر فواز في الفيديو المتداول، شبه عار وهو يحاول حماية جسده الهزيل من لسعات السوط الجلدي الذي استخدمه خاطفوه لضربه.
مآسي الأطفال تجمع العالم العربي
عبر وسم “أنقذوا الطفل فواز القطيفان”، طالبت آلاف التدوينات المتعاطفة مع الطفل السوري بتدشين حملة لجمع المبلغ المطلوب لإنقاذه من قبضة خاطفيه.
كما لاقت قصة فواز تفاعلا واسعا أيضا من عدد من الفنانين الذين نددوا بخطفه وتعنيفه.
لاحقا، تفاجأ مدونون بفيديو للفنان السوري عبد الحكيم قطيفان يشكر فيه المتعاطفين مع قضية الطفل فواز.
وأكد الفنان السوري أن الأسرة توشك على إنهاء معاناة فواز مضيفا أن “العائلة “قادرة على تأمين المبلغ المطلوب على أمل الإفراج عنه”.
وحذر الفنان من جمع تبرعات غير موثوقة المصدر وتابع قائلا: “هذه المحنة أثبتت أن السوريين أصحاب عطاء ونخوة، لكننا كعائلة لم نطلب من أي جمعية أو غيرها جمع مبلغ باسمها، وعندما نعجز سنخبركم بأننا محتاجون”.
وفي تدوينة نشرت صباح الاثنين، ذكر الباحث والمؤرخ السوري، منصور عبد الله محمد، أن الجهة الخاطفة طلبت من الأسرة تسليم المبلغ في لبنان.
من جهة أخرى، طالب مدونون سوريون بسن قوانين صارمة لمنع مثل هذه الجرائم التي باتت تكرر بشكل واسع في الآونة الأخيرة.
وتساءل نشطاء عن سبب تأخر السلطات السورية في إيقاف “جرائم خطف الأطفال في درعا” واعتبروا أن ما يحدث هو “نتاج سنوات من الترهيب والإفلات من العقاب”.
بدوره أكد قائد شرطة درعا في تصريح لصحيفة الوطن، أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة منذ اللحظات الأولى من تاريخ الإبلاغ بحادثة الخطف مضيفا بأنه على تواصل دائما مع عمه.
وظاهرة الخطف في محافظة درعا ليست وليدة اليوم، إلا أنها شهدت ارتفاعا ملحوظا ومنظما منذ عام 2017 وفق مؤسسة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
وكان تجمع ” أحرار حوران” قد رصد 40 ألف حالة خطف في درعا عام 2021.
مغردون “لماذا نتفاعل مع المآسي الفردية أكثر؟”
وبعد متابعة نشاط وسم ” #انقذوا_فواز_قطيفان “، تبين لنا أن الحملة المطالبة بإنقاذه شهدت تفاعلا محدودا منذ انتشار خبر اختطافه قبل نحو أربعة أشهر.
لكن حجم التفاعل حولها شهد قفزة ملحوظة بعد وفاة الطفل المغربي ريان.
ويقول نشطاء إن وفاة ريان وقصته المأساوية التي تفوق الاحتمال، ساهمت بشكل كبير في التعريف بقضايا أطفال آخرين في المنطقة.
لكن هذا الزخم الإعلامي والإلكتروني الذي انطلق مع قصة ريان وامتد لاحقا لمتابعة تفاصيل اختطاف فواز، لم يمنع البعض من التعبير عن غبطته وعقد مقارنات بين المآسي الجماعية والفردية.
حتى أن شريحة واسعة من المعلقين بدأت تفاضل بينهما وتنتقد وسائل الإعلام لعدم إيلاءها الأهمية ذاتها لقصص الموت الجماعي خلال الحروب والصراعات في اليمن والعراق وسوريا، على حد قولهم.
وهنا برز السؤال التالي بقوة: لماذا نتأثر بموت ومعاناة شخص واحد أكثر من تأثرنا بالمآسي الجماعية؟
والإجابة بحسب علم النفس تكمن في حدود قدرات العقل البشري على التعاطف مع الآخرين أو ما يعرف بظاهرة “التخدير النفسي”.
ويقول المختص في علم النفس في جامعة أوريغون، بول سلوفيتش، إن العقل البشري لا يحسن التفكير والتعاطف مع ملايين الأفراد أو المآسي الجماعية، ومع تزايد العدد، سيقل اهتمامنا بقيمة حياة الأشخاص وإحساسنا بهم”.
ويشرح “معظمنا لا يستطيع التعامل مع الأرقام الكبيرة بشكل جيد للغاية. وإذا كنا نتحدث عن الأرواح، فإن حياة واحدة مهمة للغاية وسنفعل أي شيء لحماية تلك الحياة وإنقاذها ومساعدة ذلك الشخص”.
ويشير بول في دراسة مفصلة نشرها موقع بي بي سي إلى أن التركيز على مأساة واحدة أو قصة فردية تقع ضمن سياق أكبر، عادة ما يكون له تأثير أعمق على نفسية المجتمعات.
ويضرب عدة أمثلة على ذلك، فيستدل بصورة الطفل إيلان الكردي الذي غرق في البحر الأبيض المتوسط عام 2015، عندما حاولت عائلته الوصول إلى أوروبا هربًا من الحرب الأهلية السورية.
وقد أيقظت تلك الصورة المؤلمة شعور المجتمع الدولي. ودفعت الناس إلى الاهتمام أكثر بتفاصيل الأزمة السورية والالتفات لمأساة المهاجرين بطريقة لم تجذبهم بها التقارير اليومية عن سقوط آلاف القتلى.
ومع ذلك يرى المتفاعلون مع قصة ريان وفواز “أن التضامن الإنساني ينبغي أن لا يتجزأ”. ويأمل هؤلاء في أن يسهم الزخم الإعلامي الأخير في تحسين واقع الطفل في العالم العربي.
[ad_2]
Source link