روسيا وأوكرانيا: لماذا ترفض أمي ترك أوكرانيا والمجيء إلى الولايات المتحدة؟
[ad_1]
تريد يوليا بوبوفا من والديها ركوب طائرة من أوكرانيا، لينضما إلى عائلتها الصغيرة وينعما بالأمان في الولايات المتحدة. لكن على ما يبدو لوالديها وجهة نظر أخرى، فهما يريان أن واقع احتشاد نحو 100 ألف جندي روسي على الحدود الشرقية لأوكرانيا، حقيقة لن تتغير.تقول يوليا: “لم أر والدتي منذ عامين.. خلال هذا الوقت، أنجبت ابنة، وطور فيروس كورونا سلالتين مختلفتين جديدتين، وأطلقت روسيا تهديدا عسكريا جديدا دفع الدبلوماسيين الأمريكيين إلى حزم أمتعتهم والمغادرة”.وتمضي يوليا في القول: “أريد أن تحزم والدتي حقائبها أيضا وتنضم إلى عائلتي في كولورادو. إنها تقيم في كييف، عاصمة أوكرانيا، حيث تواجه البلاد تهديدا وشيكا بالغزو. أنا مواطنة أمريكية تريد لعائلتها أن تكون آمنة وبعيدة عن الألعاب الجيوسياسية للقلة المتنفذة في العالم”.لكن والدتي، التي تحمل تأشيرة زيارة إلى الولايات المتحدة، ترفض مغادرة أوكرانيا.التهديد الروسي ليس جديدا على أوكرانيا، وطوال الوقت الذي كان فلاديمير بوتين خلاله رئيسا لروسيا، أي خلال 18 عاما، وهو بالطبع ما زال رئيسا حتى الآن، شهدت أوكرانيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق الأخرى خلافات حول القيادة والحدود.ولكن مع حشد 100 ألف جندي روسي عند البوابة الشرقية لأوكرانيا، فإن الابتزاز الإمبراطوري يبدو الآن أكثر واقعية ووضوحا بالنسبة للكثيرين.
والدتي البالغة من العمر 65 عاما، ليست في صحة جيدة بما فيه الكفاية لتركب الطائرة بمفردها وتغادر. أما والدي البالغ من العمر 75 عاما، فليس لديه تأشيرة دخول للولايات المتحدة حتى الآن. هذا هو السبب في أنهما لا يستطيعان المغادرة، لكن ذلك ليس السبب الحقيقي وراء رغبتهما في البقاء.تأتي أمي بأعذار مختلفة: لن تطير بمفردها، ولن تترك والدي وحده، وستتعارض تقنياتها في تربية الأطفال مع تقنياتي، ثم ماذا عن القطة مورشيك؟ يبدو أن قرار المجيء يرعبها أكثر مما يرعبها الرئيس بوتين، إنها لا تعتقد أن التهديد حقيقي.أتخلى عن التفكير المنطقي وأسأل والدتي عن أبي.تقول أمي: “والدك ينتظر الحرب دائما”، وهذا الكلام دقيق لأبعد حد.والدي مهتم بشكل كبير بما يحدث بين أوكرانيا والكرملين، يقول إن الغزو الشامل سيكون جنونيا ومستبعدا إلى حد كبير. وعلى أي حال، إذا حدث ذلك “ستزود الحكومة الأوكرانية الجميع بالسلاح وسيتحول المشهد في الشوارع إلى حمام دم مرعب”، على حد تعبيره.وما يعنيه في الواقع هو أن الأوكرانيين لن يتخلوا عن استقلالهم بسهولة.أما أمي فاهتماماتها تنصب على أشياء مختلفة، مثل سعر زيت الطهي، الذي أصبح اليوم أغلى بثلاث مرات مما كان عليه العام الماضي، وما إذا كان ينبغي عليهما سحب مدخراتهما.أخبرتها أنه ينبغي عليهما ذلك، مع العلم أن ذلك سيضر بالاقتصاد إذا بدأ المواطنون بسحب مدخراتهم من البنوك، ولكن إذا توفر بين أيديهما مال المدخرات، يمكنهما شراء تذاكر الطائرة إذا احتاجا إليها.
ترقب حذر على الجبهة الشرقية لأوكرانيالكنني أتعامل مع عدم شعور أبي وأمي بخطورة الموقف والحاجة الملحة للتعامل معه، بشيء من التجاهل، وتجاسرت على الدخول إلى الموقع الإلكتروني للسفارة الأمريكية في أوكرانيا للتقدم بطلب للحصول على تأشيرة زيارة لوالدي، علما أن وقت الانتظار المعتاد وهو ثلاثة أشهر، قد أصبح الآن يقارب السنة.وتناهى لعلمي أيضا أن السفارة الأمريكية عقدت مزادا في الأسبوع الأول من شهر يناير/ كانون الثاني لبيع الأثاث وأجهزة الكمبيوتر وأي شيء آخر يمكن أن يثقل كاهلها. وبعد ذلك بأسبوعين سحبت الولايات المتحدة جميع موظفيها من السفارة. “لماذا جعلوها تبدو وكأنها أفغانستان ثانية؟” كان أول ما تبادر إلى ذهني.
في نفس التوقيت تقريبا، اتصلت بي صديقة قديمة من كييف لتسألني عما إذا كنت أعرف أي شيء عن تأشيرات العمل في الولايات المتحدة.وصديقتي هذه مثلي، في أواخر الثلاثينات من عمرها، ومتزوجة من رجل يعمل في مجال التكنولوجيا، وكلاهما “يعانيان من الصدمة” بسبب ما يحدث.أخبرتني أن العديد من زملائهما أرسلوا عائلاتهم خارج أوكرانيا في ديسمبر/ كانون الأول عندما بدأت روسيا بحشد قواتها، وعندما بدا أن آفاق المفاوضات مع موسكو تسير على ما يرام، عادت تلك العائلات إلى بلادها في أوائل يناير/ كانون الثاني.لكن يبدو أن الكثيرين قد غادروا الآن مرة أخرى.وتضيف صديقتي أن الأوكرانيين الأكثر ثراء “يبحثون في عجالة عن عقارات في الخارج لشرائها أو استئجارها لمدة طويلة”. وصديقتي في الواقع قد فقدت الثقة في أمن أوكرانيا واستقرارها منذ سنوات عديدة، لكن زوجها كان ملتزما إلى حد بعيد بعمله في مجال التكنولوجيا. غير أن رياح التغيير الحالية ربما تدفعهما إلى الهجرة في نهاية المطاف، تقول: “نريد أن ننعم أخيرا بنوم هادئ في الليل”.
أوكرانيا بلد يتراجع فيه عدد السكان تدريجيا، وهو يبلغ اليوم 44 مليون نسمة، وقد هاجر كثيرون خلال العقدين الماضيين، علما أن الملايين يسافرون ذهابا وإيابا كل عام إلى بولندا والبرتغال ودول أوروبية أخرى للحصول على وظائف مؤقتة في البناء والزراعة والأعمال المنزلية. لا شيء يوقفهم، ولا حتى انتشار فيروس كورونا.لكن التهديد من روسيا قد يعني نزوحا أكثر ديمومة.البعض سيبقى لمحاربة روسيا بالطبع، لكن البعض الآخر لا يعتقد أن لديه الكثير ليخسره، ووالدتي هي واحدة من أولئك، تتنهد قائلة: “بوتين أو زيلينسكي، بعد الآن لن تفرق من منهما سيكون المسؤول”. في الواقع، وبعد عقد من الثورات والتضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي، لا يمكنني أن ألومها على التفكير بهذه الطريقة.ثم هناك من يقول إن كل شيء تحت السيطرة، وقد أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في يناير/ كانون الثاني أنه “لا يوجد سبب للذعر”، وفي الحقيقة بدا واثقا مما يقوله، لكن رسالته تلاشت بسرعة حالما اعتلى الرئيس الأمريكي جو بايدن المنصة وقال إن الروس على الأرجح سيهاجمون أوكرانيا”.
[ad_2]
Source link