لندن: ما الذي يميز المطاعم العربية بين آلاف المطاعم؟
[ad_1]
- سيرينا غوكه
- بي بي سي نيوز
يمتلأ شارع “إدجور روود” في وسط لندن بعشرات اللافتات المكتوبة بالعربية لمطاعم ومقاه حملت معها الأطباق والمشروبات القادمة من المنطقة العربية إلى عاصمة الضباب. لكن المطبخ العربي لم يعد قاصرا على منطقة في لندن دون غيرها، بل وامتد أيضا ليثبت وجوده في معظم مناطق بريطانيا.
على مدى عقود استثمر المهاجرون العرب أموالهم في مجال المطاعم والمقاهي، حتى بات الاستثمار في هذا المجال حلما وهدفا يحمله كثير من المغتربين العرب منذ لحظة وصولهم إلى بريطانيا وفي بعض الأحيان قبل الوصول أيضا، فلماذا يركز العرب استثمارهم في هذا المجال تحديدا؟
تجارب عربية
ترتسم ابتسامة فخر ورضا على وجه أيمن عاصي بينما يقف خارج مطعمه؛ متأملا ومستذكرا الجهود التي بذلها لإنجاز حلمه بامتلاك مطعم في لندن، وهو أمر تحقق بعد أكثر من 15 سنة من وصوله بافتتاح مطعم “بيت الزيتون” للمأكولات اللبنانية.
يقول أيمن: “كانت فكرة المطعم واردة من لما جيت على لندن عام 1999 واشتغلت بمطعم لفترة من الزمن وحطيت براسي أنو بدي افتح مطعمي يوما ما”.
رغم السعادة الغامرة التي تملأ قلب أيمن عند الحديث عن مطعمه إلا أنه لا ينسى مشقة الوصول وصعوبة الطريق التي كادت أن تقضي على آماله وأحلامه؛ بعد أن باءت محاولته الأولى بالفشل.
“حاولت أول مرة افتح مطعم بعام 2006 ولكني فشلت لعدة أسباب؛ وأهمها أنو ما كان عندي خبرة كافية وافتكرت الأمور رح تكون سهلة وبسيطة… فتخليت عن المشروع ودخلت مجالا آخر، ولكن حلمي ظل مرافقني طوال الوقت”، يضيف أيمن.
يقع مطعم أيمن في شمال غربي مدينة لندن ويبعد نحو 30 دقيقة عن وسط العاصمة، وعند سؤاله عما إذا كان الموقع يحد من عدد الزوار أو شهرة المكان، أجاب بأن العكس هو الصحيح، “يمكن لو كان مطعم بيت الزيتون بوسط لندن ما كان نجح، لأن الناس تمل من الازدحام الشديد في سنترال لندن وتبحث عن مكان بعيد عن زحمة السير ومواقف السيارات التي تشكل أزمة كبيرة لكثير من الناس فيجدون مطعمنا مكانا مثاليا”.
بعيدا عن الرغبة في الابتعاد عن ضجيج العاصمة وزحامها، يفضل كثير من القادمين من بعض الدول العربية المتعثرة اقتصاديا وسياسيا، الاستثمار بعيدا عن مركز لندن لعوامل تتعلق أيضا بارتفاع تكلفة الاستثمار طرديا كلما اقترب من وسط المدينة.
يقول أيمن إن افتتاح مطعم في مركز لندن سيزيد من التكلفة على المالك، وبالتالي سترتفع الأسعار أيضا على الزبائن والزوار “فالمأكولات والأطباق اللبنانية والشرقية العربية عموما غالية الثمن مش رخيصة”.
تعد لندن مركزا سياحيا واقتصاديا عالميا، فهي أحد أكبر مدن القارة الأوروبية من حيث المساحة وعدد السكان، لم تحمل لندن من ماضيها الإمبراطوري أكثر من تنوعها السكاني ومطاعمها؛ التي بلغ عددها أكثر من 15,000 مطعم عام 2019 بحسب مكتب الإحصاء الوطني، تتراوح بين المأكولات الشرقية العربية والتركية والأطعمة الآسيوية الصينية والتايلاندية والغربية وغيرها.
وجبات الفول
ورغم الحيوية التي يشهدها قطاع المطاعم في بريطانيا عموما ومدينة لندن خصوصا، فإن هذا القطاع كان ضمن الأكثر تضررا بجائحة كورونا التي أغلق بسببها العديد من المطاعم والمقاهي إلى الأبد. ولكن، يرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن مجال الضيافة والمطاعم يندرج تحت القطاعات الأسرع تعافيا، وهذا ما يؤكد عليه مالك مطعم الفول والفلافل المصري أبو سارة.
افتتح أبو سارة مطعمه الصغير المتخصص في بيع الفول على الطريقة المصرية، بالسوق الشعبية في حي شبردز بوش قبل 16 عاما. طور أبو سارة تخصصه ليتركز في المأكولات الشعبية البسيطة التي تجتذب الزوار والسائحين العرب على مدار اليوم. يقول “وقف شغلنا خلال أزمة كورونا، لكن الحمد لله رجعنا أقوى من الأول والناس اشتاقت لأكلاتنا”.
لا تتجاوز مساحة مطعم أبو سارة بضعة أمتار، وتجتذب الطاولتان الصغيرتان بجانب محله في الشارع، العديد من المارة للجلوس تحت المظلة الحمراء والتمتع بطعم الفلافل الساخنة.
“حب شغلك، شغلك يحبك” هذه هي نصيحة أبو سارة لضمان الاستمرار والنجاح في الاستثمار بمجال المطاعم أو غيره. ورغم السنوات الطويلة التي مرت على أبو سارة، لا يزال يذهب إلى مطعمه “بنفس الحماس كل يوم”.
لا يخفي أبو سارة رغبته وحلمه بتوسيع مطعمه ومجال اختصاصه كما فعل كثير من المستثمرين العرب في مجال المطاعم، إلا أن “حجم المطعم الصغير ما ساعدنيش… بس كل شيء له وقته، والله كريم”.
يقول أحد الزبائن٫ وهو رجل خمسيني كويتي الأصل لبي بي سي إنه تعود على مأكولات أبو سارة، فكلما أتى لزيارة لندن بغرض الاستشفاء “لازم ناكل من عنده فلافل”، بينما يشير آخر من السودان إلى أن طريقة تحضير الفول على الطريقة السودانية هي ما يجذبه إلى المطعم.
بقبعة صوفية سوداء تغطي أذنيه من البرد القارس، ومريول أبيض اللون حول رقبته، يلبي أبو سارة رفقة اثنين من العمال، طلبات الزبائن بكل اهتمام، مضيفا “إحنا عندنا أربع أكلات بس.. مركزين في أربعة… ممكن غيرنا يعمل كذا حاجة بس لما تركزي في اللي بتعمليه وبتحبيه …هو ده”.
وقد ذاعت شهرة أبو سارة ومطعمه في الآونة الأخيرة “في يوم من الأيام لقيت زحمة أوي وطابور من الناس… قالولي أنت أخدت تقييم ضمن أحسن 10 سندويتشات في بريطانيا.. وأنا مش متابع ميديا خالص، أقصى طموحي إني أتفرج عالفيسبوك”.
لماذا المطاعم؟
منذ بداية وصول المهاجرين العرب إلى بريطانيا، توجهت الجاليات العربية إلى الاستثمار في مجال المطاعم والمقاهي، فخلال جولة لبي بي سي عربي مع الخبير الاقتصادي الدكتور ناصر قلاوون، في لندن، أشار إلى أن “الاستثمار في هذا المجال هو استثمار ناجح، لأنه يعطي مدخولا سريعا مقارنة بمجال العقارات الذي يتطلب وقتا وجهدا وتعبا”.
تتميز الأطباق الشرقية العربية بمذاق يستقطب زبائن من مختلف الجنسيات كما يرى قلاوون الذي يقول إن “أصدقاءه من جنسيات غير عربية يدعونه دائما إلى العشاء في مطاعم عربية عريقة في لندن”.
وقد ارتبط ظهور المطاعم العربية هنا بحدث إقليمي آخر على حد قوله، مع “الحرب الأهلية اللبنانية ازدادت الهجرة إلى بريطانيا ولندن تحديدا، وهنا بدأت سلسلة مطاعم توسعت فيما بعد بالوفرة النفطية وقدوم هجرات عربية أخرى على مدى السنين تبعا للظروف والأسباب المختلفة”.
يرى الدكتور ناصر أن اقتصار الاستثمار أمام العرب على مجال المطاعم في كثير من الأحيان، لا يحد من إمكانية نجاحهم وتفوقهم، بل على العكس، “يمكن أن يجني المستثمرون أموالا وأرباحا كبيرة من هذا المجال رغم المنافسة الشديدة اليوم”.
فعلى الرغم من وجود هامش عريض للربح في هذا المجال، إلا أن د. قلاوون يقدم بعض المعطيات التي قد تساهم برأيه في نجاح مطعم دون الآخر، “فاليوم المطعم الناجح هو الذي يوجد في مناطق تكثر فيها الجاليات العربية التي تعد العامل الأول في ضمان الأرباح، كما أن الدروس المستفادة من أزمة كورونا تشير إلى أن من ينجح اليوم هو إما من يمتلك كشكا صغيرا يستطيع فتحه والتنقل به حسب الحاجة، أو من يمتلك سلسلة مطاعم توفر بعضها خدمات التوصيل في حال أجبرت المطاعم الكبيرة على الإغلاق مستقبلا”.
[ad_2]
Source link