خفض الدعم التمويني في مصر: ماذا وراء إعلان السيسي ومتى يدخل حيز التنفيذ؟
[ad_1]
- عبد البصير حسن
- بي بي سي عربي – القاهرة
أثار إعلان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عزم السلطات التوقف عن إصدار بطاقات دعم تمويني جديدة وقصر عدد المستفيدين من البطاقات الحالية إلى فردين لكل بطاقة، جدلا كبيرا في ضوء ارتفاع معدل الفقر في البلد البالغ عدد سكانه 105 مليون نسمة، يعتمد عشرات الملايين منهم على الدعم الحكومي للسلع الأساسية للوفاء بمتطلباتهم الحياتية.
وطبقا لإحصاءات رسمية، يبلغ عدد بطاقات الدعم الحكومي الغذائي، التي يحصل المواطنون بموجبها على السلع والخبز بأسعار مخفضة، 23 مليون بطاقة يستفيد منها نحو 72 مليون شخص. وتبلغ قيمة فاتورة هذا الدعم في الموازنة الحالية 87 مليار جنيه مصري (ما يعادل نحو 5.5 مليار دولار) مقسمة بواقع 50 مليار جنيه لدعم الخبز و37 مليار جنيه لدعم السلع التموينية.
وتعتبر الحكومة المصرية أن هذه المخصصات تمثل ضغطا كبيرا على الموازنة العامة للدولة التي تعاني بالفعل من عجز كبير منذ سنوات في ظل نمو سكاني متسارع، ما دفع البلاد للجوء إلى المؤسسات المالية الدولية المانحة طلبا للعون المالي لسد الفجوة في الإيرادات والمصروفات.
استبعاد المتزوجين الجدد
وبعد عامين تقريبا من قرار الحكومة استبعاد عدد كبير من المصريين من قائمة المستحقين للدعم السلعي، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن حكومته ستستبعد المزيد من شرائح المجتمع المصري ومنهم المتزوجون الجدد.
وأضاف السيسي، خلال افتتاحه مشروعات تنموية بصعيد مصر الأربعاء، أنه “لا يمكن أن أعطي بطاقة تموين مرة أخرى لشخص يتجوز (يتزوج) لأنه لابد وأن يكون قادرا على الإنفاق طالما سعى للزواج”.
وأشار الرئيس المصري إلى أن الدولة غير قادرة على صرف المزيد من الدعم، معتبرا أن الإنفاق على الدعم سبّب تأخر الدولة عشرات السنوات في ملف التنمية.
وكانت الحكومة المصرية تبنت برنامجا للإصلاح الاقتصادي منذ عام 2015 تلقت خلاله دعما ماليا يقدر بـ 12مليار دولار من صندوق النقد الدولي قبل جائحة كورونا، ثم حصلت على دفعات جديدة تزيد على 5 مليارات دولار تزامنا مع الجائحة لتلافي أضرارها على الاقتصاد المصري.
تحفظات على المساس بمحدودي الدخل
طبقا لإحصاءات رسمية حديثة، بلغ معدل الفقر في مصر 29.7 في المئة من جملة السكان في العام المالي 2019-2020.
لذا يعتبر جودة عبدالخالق، وزير التضامن الاجتماعي السابق وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع المعارض، في حديث لبي بي سي أنه كان يتعين على الدولة المصرية البحث عن مصادر أخرى لتعويض وإصلاح الخلل في عجز الموازنة دون الضغط على الفقراء ومحدودي الدخل استجابة لشروط الجهات المانحة.
ويضيف عبد الخالق: “هذا خيار سياسي قد يكون أساسه محاولة إرضاء صندوق النقد الدولي ومنظمات التمويل الأخرى لكن في رأيي هذا يتعارض بشدة مع الدستور لأنه يجافي مبدأ العدالة الاجتماعية المنصوص عليه في الدستور”.
وأردف قائلا: “الدعم ضرورة طالما أن هناك فقر. لابد من حل مشكلة الفقر أولا وبعدها يمكن الاستغناء عن الدعم، لكن الإصرار على خفض مخصصات الدعم بهذا الحجم غير المسبوق سيترتب عليه زيادة معدل الفقر ومعدل سوء التغذية ما سيترك أثره على طبيعة التركيبة السكانية.”
مبادرات حكومية
وتشير الدولة المصرية إلى تبنيها مجموعة من المبادرات لدعم الفئات الفقيرة والمهمشة في السنوات الأخيرة.
من بين هذه المشروعات، مشروع قومي لتطوير الريف تحت عنوان “حياة كريمة” يمتد خلال الفترة من 2020 – 2023 ويهدف إلى تحسين المعيشة ومستوى خدمات البنية الأساسية وجودة الحياة في قرابة 5000 قرية مصرية بجملة 58 مليون مستفيد، وبتكلفة إجمالية بلغت 700 مليار جنيه.
كذلك أطلقت الدولة منذ عام 2015 برنامجا للدعم النقدي تحت اسم “تكافل وكرامة ” يستفيد منه 3 ملايين و370 ألف أسرة، وبرنامج “فرصة” لتوفير عشرات آلاف فرص العمل في ثماني محافظات في صعيد مصر بميزانية تزيد على 250 مليون جنيه.
لكن ذلك لم يمنع بيسان كساب، الصحفية المتخصصة بالشأن الاقتصادي، من التحذير من مغبة حرمان مزيد من الشرائح داخل المجتمع من الدعم الغذائي الكامل.
إذ تقول: “عند نقطة ما سيكون هناك أجيال كاملة ليس لديها أي دعم غذائي بغض النظر عن الاستحقاق سواء كانوا فقراء أم لا، لأن الزواج هو البوابة الوحيدة للحصول على بطاقة الدعم.”
وأضافت إنه وكما توقع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء (هيئة الإحصاء الرسمية في مصر) قد يتسبب ذلك في زيادة نسبة الفقر من” 29.7 في المئة الى 32.6 في المئة”.
الدعم طبقا لقدرات الدولة المصرية
ولم يصرح الرئيس السيسي بموعد محدد لتنفيذ الخطط التي أعلن عنها فيما يتعلق باستثناء مزيد من الشرائح من الدعم السلعي. لذا يقول مسؤولون حكوميون إن ما تحدث الرئيس عنه هو رؤية استراتيجية عامة تنتظر الخطط التنفيذية.
وقال رئيس الوزراء مصطفي مدبولي في اجتماع أسبوعي هو الأول للحكومة المصرية رسميا في مقرها بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة أن مراجعة قوائم مستحقي الدعم أمر لا مفر منه .
وأضاف مدبولي في رد على استفسارات صحفية، “يقينا هناك أعداد غير قليلة تحصل على هذا الدعم وهي غير مستحقة له، وبالتالي هدفنا هو أن نعيد هيكلة هذه المنظومة بحيث نحدد من هي الفئات المستحقة التي لابد على الدولة أن توجه لها الدعم وتكون الأرقام معروفة وبنسب محددة وبأرقام معقولة طبقا لقدرات الدولة المصرية”.
وأكد مدبولي أن “أي رقم أستطيع توفيره من هذه المنظومة لن أدخره جانبا وإنما سينفق على مشروعات جديدة وخلق فرص عمل”.
نقاشات مستفيضة قبل التنفيذ
وتعتزم مصر إلغاء الدعم على خدمة الكهرباء بحلول عام 2025 بعد تمديد أجل تلك الخطة لثلاث سنوات أخرى، حيث كان من المفترض الانتهاء منها في العام المالي 2021-2022.
كما كانت الحكومة قد رفعت أسعار الوقود بمشتقاته المختلفة بنسب كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية.
لكن يبدو أن الجهات الحكومية المعنية بتنفيذ ماتحدث عنه السيسي حول الدعم السلعي لا تملك حتى الآن تصورا واضحا لآلية تنفيذ تصريحات الرئيس المصري.
إذ قال مستشار وزير التموين والتجارة الداخلية لنظم المعلومات عمرو مدكور لبي بي سي إن حديث الرئيس السيسي بخصوص استثاء مزيد من الشرائح من الدعم السلعي هو ” كلام على المستوى الاستراتيجي، ونحن في انتظار تفسير أو وضع اللائحة التنفيذية التي تفسر توجيهات الرئيس”، مشيرا إلى أن هذه الاستراتيجية العامة ” لن تضر أحدا بشكل كبير لأن آلية إصدار البطاقات متوقفة بالفعل منذ ثلاثة أشهر لإعادة حصر غير المستحقين بعد كشف عمليات تلاعب”.
وكان الرئيس السيسي قد أعلن في أغسطس/آب الماضي أن الدولة ستتجه إلى رفع قيمة رغيف الخبز المدعم الذي يباع حاليا بأقل من عشرة في المئة من كلفته، لكن الإجراء لايزال يخضع للدراسة بحسب المسؤولين الذين أضافوا لبي بي سي أن قرارات كهذه تتعلق بالخبز والدعم التمويني تتطلب حتما “نقاشات مستفيضة؛ كون السلع والخدمات المعنية سلع استراتيجية تمس نسبة كبيرة من المجتمع”.
[ad_2]
Source link