كأس الأمم الأفريقية: ماذا يعني أن تكون أفريقياً؟
[ad_1]
الصحفي الجزائري-الكندي ماهر مزاحي يكتب عما تعنيه الهوية الأفريقية، في وقت تستعد فيه القارة إلى حدثها الكروي الأكبر.
قبل بضعة أسابيع، عثرت عن طريق الصدفة على كلمات مأثورة لواحد من دعاة الوحدة الأفريقية، هو الزعيم الراحل كوامي نكروما الذي قاد بلاده غانا إلى الاستقلال في عام 1957:
“أفريقيا قارة واحدة، شعب واحد، وأمة واحدة”.
“مفهوم أن الدولة الواحدة يجب أن يكون لها لغة مشتركة وأرض مشتركة وثقافة مشتركة أثبت فشله مع مرور الوقت، كما أنه لا يتوافق مع أي تعريف علمي أو حقيقة موضوعية”.
هذه الفقرة أثارت اهتمامي، إذ أنني لطالما عرفت صراعا داخليا مع مفهوم تماهينا نحن الأفارقة مع ثقافات وجنسيات وهويات خارج حدود قارتنا.
ينطبق ذلك بشكل خاص على المناطق الساحلية من القارة، حيث اختلط الأفارقة بشكل كبير بثقافات وبلدان أخرى.
المنطقة المغاربية، على سبيل المثال، لها طابع متوسطي واضح، في حين أن سكان الشرق الأفريقي يرجعون عاداتهم وتقاليدهم إلى العصور القديمة التي اختلطوا فيها مع تجار من بلدان الخليج العربية وشبه القارة الهندية.
التاريخ المدون لجمهورية الرأس الأخضر ( Cape Vede) يبدأ مع التوسع البرتغالي والاستعباد القسري في القرن الخامس عشر.
هوية عربية أم أفريقية؟
أعتقد أن السبب الرئيسي لحديث نكروما عن استحالة وجود لغة وأراض وثقافة مشتركة في أفريقيا هو حجم القارة.
لم أتفهم ذلك تماما إلا بعد زيارتي للصحراء الكبرى.
كل من يزور تلك الرقعة الرملية الشاسعة سيقول لك إن الزيارة غيرت حياته إلى الأبد.
اتساعها سيترك لديك خليطا من مشاعر العزلة والتواضع والسكينة.
كما أنه يقيم حاجزا حقيقيا للغاية بين شمال أفريقيا وباقي أنحاء القارة.
قرأت ذات مرة أن الجزائر العاصمة أقرب إلى هيلسينكي منها إلى لاغوس، وأقرب إلى دبي منها إلى نيروبي، وأقرب إلى نيويورك منها إلى هراري.
فضلا عن المسافة، أدت الروابط الاستعمارية والهجرات الجماعية إلى وضع مجموعات فرعية من الأفارقة في مواجهة مع إشكالية الهوية المتزايدة في العصر الحديث.
رغم أنني أتضايق، لكنني لا أتعجب كثيرا عندما يسألني أشخاص أفارقة: “لماذا لا يعتبر سكان شمال أفريقيا أنفسهم أفارقة؟”
أتوقع أن أواجه هذا السؤال عندما أتوجه إلى الكاميرون لمشاهدة مبارايات كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، والتي تسعى بلدان شمال أفريقيا إلى التنافس فيها، والجزائر هي حاملة اللقب في الوقت الحالي.
ليس خافيا على أحد أن هناك أقلية من بين مواطني شمال أفريقيا تعمد أحياناً إلى التباهي بأن تراثها يتفوق على التراث الأفريقي، أيا كان معنى ذلك.
لست متعاطفا بأي شكل من الأشكال مع مثل تلك الآراء، التي يجب أن ينظر إليها بما تستحقه من ازدراء.
في المقابل، أحيانا ما يُجَرد مواطنو شمال أفريقيا من هويتهم من قبل بعض الأشخاص في القارة الذين يشعرون أن مواطني الشمال ليسوا أفارقة بالقدر الكافي، أو من قبل البعض في البلدان العربية الذين يعتقدون أنهم أفارقة أكثر من اللازم.
على سبيل المثال، خلال بطولة كأس العرب لكرة القدم فيفا 2021 التي أقيمت مؤخرا، تساءل بعض زملائي من الصحفيين الأفارقة عن سبب مشاركة الجزائر في بطولة عربية.
تبنّي كافة العناصر التي تنطوي عليها هوية الشمال الأفريقي، يجعل البعض في القارة يشعرون بأن ذلك يؤدي إلى استبعاد بعض عناصر الهوية الأفريقية.
من ناحية أخرى، تضعف صلات العالم العربي بالمنطقة المغاربية بسبب صعوبة لهجتها العربية وخشونة عاداتها ومعمارها ذي الطابع الأوروبي.
بدلا من استبعاد كل تلك الهويات، أفّضل مقاربة أكثر شمولية.
من البحر المتوسط، أستمتع بتناول المأكولات البحرية اللذيذة والزيتون الغض، كما أستمتع بأشعة الشمس الساطعة.
من العالم العربي، تعلم أجدادي ديانتي، فضلا عن اللهجة العربية التي يتحدث بها والداي.
ومن أفريقيا ورثت تعلقي المكاني بالقارة، وأكثر من ذلك.
الأهم، رغم أن ذلك قد يبدو غامضا ومبتذلا، هو أنني أعتقد أن كون المرء أفريقيا هو بالأساس قرار يتخذ عن عمد أكثر من أي شيء آخر.
“أفريقيا ولدت بداخلي”
من الأقوال المأثورة الأخرى لنكروما، والتي تم الاستشهاد بها في عدد لا نهائي من المرات، هذه العبارة التي ربما تكون أفضل ما يعبر عما أعنيه:
“أنا لست أفريقيّاً لأنني ولدت في أفريقيا، بل لأن أفريقيا ولدت بداخلي”.
إذا، أن يكون المرء أفريقياً هو أمر بسيط ومعقد في الوقت ذاته.
إنه يعني أن نريد الخير لبعضنا بعضا، ونريد ما هو أفضل لقارتنا.
في مختلف أنحاء أفريقيا، عندما أكون محاطا بأبناء قارتي، فإن العامل المشترك الأقوى الذي يتخلل وجودنا هو أننا جميعا نشترك في كوننا أفارقة.
ويتجلى ذلك في أوضح صوره خلال كأس الأمم الأفريقية، عندما يستمتع المشجعون والصحفيون وأعضاء فرق كرة القدم بذلك الشعور بالبهجة والإثارة الناتج عن كونهم أفارقة، وعن دعم كل منهم لفريق بلاده.
فلننظر على سبيل المثال إلى عاشق كرة القدم الزيمبابوي ألفين زاكاتا الذي قرر أن يسافر برا من جنوب أفريقيا إلى مصر لمشاهدة كأس الأمم الأفريقية عام 2019.
وقد احتفى الجميع خلال البطولة برسالته التى دعت إلى “أفريقيا بلا حدود”.
في المقصورات الصحفية، يتبادل الصحفيون من 54 دولة أفريقية أرقام الهواتف، ويتقاسمون الطعام، ويتحدثون عن ذكرياتهم خلال البطولات السابقة.
بعد انتهاء مباراة نهائي بطولة عام 2019، نشر لاعب خط الوسط الجزائري عدلان قديورة صورة له وهو يجلس في شرفة سطح منزله، وحوله قمصان لمنافسيه من السنغال والمغرب وساحل العاج ونيجيريا، وأرفق بالصورة التعليق التالي:
“ها أنا احتفل مع إخوتي الأفارقة. الشكر لكل الأفارقة على هذه الاحتفالية الرائعة من الجنوب إلى الشمال، ومن الشرق إلى الغرب”.
[ad_2]
Source link