كيف يكون العتاب محبة؟ … بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين

إيسايكو: كيف يكون العتاب محبة؟ … بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين
عشت كثيرا حتى إقتنعت أن الاستمرار في العتاب مع من لا يفهم عتابك .. هو تعب واستنزاف للطاقة والمشاعر .. وأنك عندما تتجاهل من لا يفقه كثيرا في النقاش ( تجاهل اشخاص وأحداث ومواقف وذكريات ) فكأنك تقدم صدقة تزكّي بها نفسك وروحك .. وأن المواقف خريف العلاقات يتساقط منها المزيفون كأوراق الشجر .. فلا تهتموا كثيراً إلا بمن يقدّر قيمة اهتمامكم ولا تعاتبوا احداً إلا إذا كان العتاب سيصلح العلاقة ويستعيد الحب والتفاهم .. ولا تركضوا خلف أحد لتذكروه بوجودكم .
واعلموا جيداً أن من يحب لا ينسى ولا يُهمل ولا يتغير
يقول أحد علماء النفس والاجتماع ليشرح العتاب بطريقة عملية تطبقية :
في العتاب ، أنا كنت انتظر لحظة نغلق فيها الخلاف بجملة بسيطة جدا : “علاقتنا أهم من أي خلاف بيننا”.. كنت انتظر أن نرمي العناد على جانب بعيد ، ونتذكر كم نحن نحب بعضنا البعض. لكن وللأسف ، ما حصل كان عكس ذلك تماما ، أنا بدأت أعاتبك بقلبي ، باللين، والمودة ، والابتسامة وفي نيتي أننا قد نُعيد الاجواء الحلوة التي بينا. ولكنك بدأت تعاتبني بعقلك، وبالمنطق، والفلسفة والافتراضات والحسابات .. لأنك تريد أن تثبت أنني انا الغلط ، وأنك بريء تماماً
وكأنك داخل معركة ، وليس عتاب بين احباب.. كأنك تنتظر مني استسلام ومجرد اعتراف بالخطأ وليس تفاهم.
أنا كنت ارى إن الزعل سينتهي لو تكلمنا من القلب،
وإنت كنت ترى أن العتاب لابد أن ينتهي بانتصار واحد منا.. وكأننا في حرب
أنت تظن انني أريد أن أبرّر موقف او كلمة .. بينما أنا كنت اريد ان أصلح الأجواء وافتح طريق التواصل.
واثبت لك بمحبة أن ما بيننا يستحق أكتر من كلام ..
ما بيننا يستحق أن نختار بعضنا، وليس ان نختار اثبات من يغلط في حق من.
للأسف.. هناك ناس عندما تعاتبك ، تفقدك وتخسرك وتصدمك بدلا من أن تقرّبك لأنهم يعيشون أجواء المعركة والانتصار للنفس واثبات صحة الذات دوماً وكسب المواقف وليس كسب القلوب
لقد عشت كثيراً حتى اقتنعت أن الاستمرار في العتب وتكراره .. تعب ويؤدي الى الضجر وإفساد الحياة وأحيانا إلى التمرّد..
فالتغافل والتجاهل صدقة جارية لمن لا يفقه كثيرا بالنقاش …. والمواقف فعلاً خريف العلاقات يتساقط منها المزيفون كأوراق الشجر … فلا تهتموا كثيراً ولا تعاتبوا احدا لا يستوعب العتاب .. ولا تركضوا خلف أحد لتذكروه بوجودكم …
واعلموا جيداً أن من يحب لا ينسى ولا يتغير
وإذا شاهدتم زوجين يحبان بعضهما ويعيشان بتفاهم فلا تقولوا كم هما محظوظان .. فالعلاقات الزوجية لا تنجح بناء على شيء اسمه الحظ فقط.. !!
أنتم لا تعرفوا كمية التنازلات التي قدماها لبعضهم البعض..
و لا تعرفوا العيوب التي تغاضيا عنها من بعضهما وأجبروا أنفسهما أن يتعايشا معها ويصلحاها.
ولا تعرفوا كم غلطة وزلة غفراها وسامحا بعضهما فيها.. بعد عتاب ونقاش
ولا تتخيلوا كمية المشاكل التي تحملاها وتمسّكا ببعضهما بعدها من أجل أن يكملا حياتهما سويا..
ولا تعلموا الوقت الذي قضياه ليفهم أحدهما الآخر..
الحب لم يكن يوماً (حظ )،
الحب عطاء متبادل وقناعة وأحلام مشتركة ومواقف جميلة وعتاب ذكي بمودة ورحمة وصبر من الطرفين
وهكذا تستمر الحياة
الدكتور أحمد لطفي شاهين