التغيرات العصرية وتأثيرها على الأسرة … بقلم الدكتورة هلا السعيد

إيسايكو: التغيرات العصرية وتأثيرها على الأسرة … بقلم الدكتورة هلا السعيد
مع تطور المجتمعات وتحولات العصر الحديث، شهدت الأسرة العديد من التغيرات في هيكلها ووظائفها بسبب تأثيرات العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية. بعض هذه التغيرات كانت إيجابية، بينما كانت هناك أيضًا تحديات تؤثر على تماسك الأسرة. فيما يلي أبرز التغيرات العصرية وتأثيراتها على الأسرة:
1. التغيرات الاقتصادية:
• العمل النسائي ومشاركة المرأة في سوق العمل:
• التأثير الإيجابي: دخول المرأة إلى سوق العمل بشكل أكبر ساعد على تحسين الوضع الاقتصادي للأسر، خاصة في ظل الحاجة لزيادة دخل الأسرة لمواكبة تكاليف الحياة المتزايدة.
• التأثير السلبي: في بعض الأحيان، قد يؤدي ذلك إلى تزايد ضغوط الحياة العائلية، حيث يصبح من الصعب على المرأة أن توازن بين العمل والمنزل. قد يؤدي ذلك إلى تقليل الوقت المتاح للأم لرعاية الأطفال، مما يسبب تأثيرًا على العلاقة الأسرية.
• التحولات في أنماط العمل:
• التأثير الإيجابي: مع تزايد الأنماط المختلفة للعمل مثل العمل عن بُعد أو العمل الجزئي، قد يحصل أفراد الأسرة على مزيد من الوقت للتفاعل داخل الأسرة.
• التأثير السلبي: مع تزايد الضغط النفسي في العمل، قد يصبح أفراد الأسرة أكثر انعزالًا عن بعضهم البعض، مما يؤثر على الروابط العاطفية داخل الأسرة.
2. التغيرات الاجتماعية والثقافية:
• تغير الأدوار الأسرية:
• التأثير الإيجابي: مع تغير الأدوار بين الأب والأم في تربية الأطفال، بدأت الأسر المعاصرة بتقاسم المسؤوليات، ما يعزز التعاون بين الزوجين.
• التأثير السلبي: في بعض الحالات، قد يؤدي اختلال الأدوار التقليدية في الأسرة (مثل توقعات الوالدين بشأن أدوارهم) إلى توترات أو خلافات في العلاقات الأسرية.
• تزايد القيم الفردية:
• التأثير الإيجابي: مع انتشار قيم الاستقلالية والحرية الشخصية، بدأ الأفراد يعطون اهتمامًا أكبر لتطوير هويتهم الشخصية، مما يؤدي إلى نمو الفرد داخل الأسرة.
• التأثير السلبي: في بعض الأحيان، قد تؤدي القيم الفردية إلى تراجع الاهتمام بالأسرة ككل، مما يسبب تباعد الأفراد عن بعضهم البعض، وظهور حالة من اللامبالاة بالعلاقات الأسرية.
3. التأثيرات التكنولوجية:
• الانشغال بالتكنولوجيا:
• التأثير الإيجابي: مع تقدم التكنولوجيا، أصبح التواصل بين أفراد الأسرة أسهل وأسرع، خاصة عندما يكون بعض الأفراد بعيدين عن بعضهم بسبب العمل أو الدراسة.
• التأثير السلبي: على الرغم من سهولة التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا، قد يؤدي الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية إلى تباعد أفراد الأسرة عن بعضهم البعض. يصبح التواصل الشخصي أقل، مما يؤثر على الروابط العاطفية. الأطفال أيضًا قد يصبحون مدمنين على الأجهزة، مما يعطل تفاعلهم مع أفراد الأسرة.
• الانفتاح على العالم الخارجي:
• التأثير الإيجابي: تتيح وسائل الإعلام والتكنولوجيا للأفراد فرصة التعرف على ثقافات وأفكار جديدة، مما يعزز الفهم والتقبل.
• التأثير السلبي: قد يؤدي تعرض الأطفال والمراهقين للمحتوى الخارجي (مثل الأفلام والبرامج) إلى تأثيرات سلبية على سلوكياتهم، كما يمكن أن يتسبب هذا الانفتاح في حدوث تعارضات بين القيم التي يتلقاها الفرد في منزله وما يتعرض له من مصادر أخرى.
4. التغيرات في البنية الأسرية:
• الزيادة في الأسر غير التقليدية:
• التأثير الإيجابي: تنوع الأسرة أصبح أكثر قبولًا في العديد من المجتمعات (مثل الأسر الأحادية، الأسر المختلطة، أو الأسر التي يقودها شخص من نفس الجنس)، مما يتيح للأفراد خيارات أكثر في بناء حياتهم الأسرية.
• التأثير السلبي: يمكن أن تؤدي هذه التغيرات إلى تحديات اجتماعية، مثل اختلافات في القيم الثقافية أو التفرقة الاجتماعية ضد الأسر غير التقليدية في بعض المجتمعات.
• الطلاق والانفصال:
• التأثير الإيجابي: مع قبول المجتمعات لحقوق الأفراد في اتخاذ قراراتهم الخاصة، أصبح الطلاق أقل وصمة اجتماعية في بعض الثقافات، مما يساعد الأفراد على المضي قدمًا في حياتهم.
• التأثير السلبي: مع زيادة حالات الطلاق والانفصال، يمكن أن تتأثر الأطفال نفسيًا واجتماعيًا، مما يؤثر على تكوينهم الاجتماعي وصحتهم النفسية.
5. التعليم والتنشئة الاجتماعية:
• التغيير في أساليب التربية والتعليم:
• التأثير الإيجابي: مع تطور أساليب التربية والتعليم، أصبحت الأسر توفر بيئة تعليمية أفضل لأطفالها، وزيادة الوعي بشأن أهمية التعليم المبكر. الأسر الآن تهتم بمشاركة أطفالها في الأنشطة التعليمية والاجتماعية.
• التأثير السلبي: في بعض الأحيان، قد يؤثر تزايد الضغط الأكاديمي والتوقعات العالية على الأطفال على علاقتهم مع أسرهم. قد يشعر الأطفال بالضغط بسبب توقعات الأسرة، مما يؤثر على صحتهم النفسية والعاطفية.
6. التأثيرات الصحية:
• التغيرات في أسلوب الحياة والتغذية:
• التأثير الإيجابي: أصبحت الأسر أكثر وعيًا بالصحة والتغذية، مما يعزز أنماط الحياة الصحية.
• التأثير السلبي: في بعض الأحيان، قد تؤدي الحياة السريعة إلى تزايد تناول الوجبات السريعة أو قلة النشاط البدني، مما يؤدي إلى مشاكل صحية.
الخلاصة:
التغيرات العصرية أدت إلى تحولات كبيرة في حياة الأسرة. هذه التغيرات لم تكن محورية في الاتجاهات الاجتماعية والتكنولوجية فحسب، بل طالت أيضًا الأدوار الأسرية، القيم، والأنماط الحياتية. بينما قد توفر بعض هذه التحولات فرصًا للنمو والتطور، إلا أنها أيضًا جلبت تحديات كبيرة، خصوصًا فيما يتعلق بالحفاظ على التماسك الأسري في ظل الانفتاح على العالم الخارجي.
الدكتورة هلا السعيد