شكراً عدوِّي … بقلم الدكتور أحمد الحسيني
إيسايكو: شكراً عدوِّي … بقلم الدكتور أحمد الحسيني
نعم شكراً أيها العدو غير النزيه، شكراً أيها العدو الفاقد لكل مبادئ الخصومة، شكراً أيها العدو المتلون، شكراً أيها العدو الفاجر بخصمك، شكراً أيها العدو غير المستوي مع الفطرة السليمة والأخلاق الكريمة.
فالسمات التي تتسم بها أيها الخصم هي التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم من علامات المنافق، حيث قال «وإذا خاصم فجر» وفي الحديث الآخر المتفق عليه شأبغض الرجال إلى الله الألد الخصم»، ومعنى ذلك بشكل عام، أن بعض الناس حينما يخاصمك، أو يختلف معك بالرأي، أو التوجه، يتخذ كافة السبل المشروعة وغير المشروعة لمحاربتك ودحرك وهزيمتك، حتى لا يبقى في قاموسه خطوط حمراء أو عيوب أو حرام، لا تعمل لديه مصطلحات المروءة، ولا أحكام الشريعة، ولا يردّه عن تصرفاته باعث من دين، ولا يردعه وازع من عقل، فيسلك كل سبيل ولو كان فاجراً.
وعلى الرغم من الخصال السيئة التي ذكرتها عن عدوي إلا أن البعض قد يتساءل لماذا أشكر هذا العدو الذي اتخذ كافة وسائل الحقد والحسد والفجور واتخاد السلطة بغير موقعها؟
الجواب بسيط جدا ومن واقع تجربة شخصية، فالعدو المتسلط الذي يستخدم جميع الوسائل لمحاربتك ومحاولة القضاء عليك سواء كانت بصلاحياته أو استخدام نفوذه هو بصير العينين ولكنه أعمى البصيرة فهو بطريقة أو بأخرى يعمل على تغير مسار طريقك إلى مسار آخر قد يكون هذا المسار إيجابيا به العديد من الأهداف التي ترتقي بك مستقبلا.
فبعد تجربتي مع عدو فجر بالخصومة اكتشفت أن سلوك هذا العدو أحيانا قد تكون نعمه من الله سبحانه وتعالى وضعها في طريقي لأكون قريباً من الله والذي بفضله أدركت أن العدو الفاجر بالخصومة يحتاج الى شخصية إيجابية تستطيع التعامل مع الظروف التي خلقها هذا الخصم حتى أتمكن من مجاراة ما يحدث دون أضرار صحية ولا نفسية، لذا وجدت نفسي بعد كل ما حصل أن شخصيتي زادت هدوء، وأن نظرتي للحياة اتسعت حتى بدأت أرى أن ما يحصل من حولي ليس إلا ابتلاء من الله سبحانه وتعالى يريد بي خيرا، فالعدو المتسلط وجه كافة قواه نحوي حتى اتخذت مسارا آخرا جعلني أحقق أهدافا لم أكن أراها ولم تكن بالحسبان، فما حققته خلال فترة الحرب الباردة مع هذا العدو المتسلط لم أحلم به يوم من الأيام.
نقطة آخر السطر
وفي الختام أنا لا أشكر عدوا اتصف بالنفاق والفجور بالخصومة بل أشكر الله سبحانه وتعالى الذي رزقني البصيرة التي من خلالها أيقنت أن كل مؤمن مبتلى والابتلاء نعمة من الله يريد بها خيراً للمؤمن سواء كانت في الدنيا أو الآخرة، فبفضل الله ثم سلوك خصم غير نزيه تمكنت من تغيير مسار تفكيري وإيجاد سبل نمّت شخصيتي لتكون إيجابية أكثر مما كانت عليه ما دفعني لتحقيق العديد من الأهداف التي جعلتني في مراكز أعلى مما يتوقع عدوي اليوم، لذا لك الحمد والشكر يا الله على كل ما أعطيتني من نعم.
وأخيراً رسالتي لذلك العدو أنت كالنار تأكل نفسك بنفس حتى تصبح رمادا وتذهب في مهب الريح ونحن باقون كالجبال الشامخة نعانق السماء بالإنجازات وتحقيق الأهداف لأننا مع الله ولا نفجر بالخصومة وندع الأمر لله في الأول والآخر والعاقبة للمتقين.