تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة.. جريمة ضد الطفولة والإنسانية تستوجب حشد الجهود الدولية لوقفها وضمان حقوقهم
إيسايكو: تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة.. جريمة ضد الطفولة والإنسانية تستوجب حشد الجهود الدولية لوقفها وضمان حقوقهم
من دلال شرار (تقرير.إخباري)
الكويت (كونا): بالتزامن مع انفراجة نسبية للقيود التي فرضت في مختلف دول العالم اثر جائحة كورونا وعودة ملايين الأطفال إلى مقاعد الدراسة بعد انقطاع طويل لا يزال في المقابل أطفال آخرون يعيشون حياة غير آمنة تحت وطأة الصراعات في مناطق عدة من ضمنها المنطقة العربية.
وتأتي الذكرى السنوية ال32 لتوقيع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي تصادف غدا السبت لتجدد تذكير العالم بضرورة حشد الجهود لحماية حياة الأطفال أينما وجدوا من كل أشكال الاستغلال وتعزيز رفاهيتهم وفق بنود تلك الاتفاقية التي أقرت في 20 نوفمبر 1989.
لكن بات من الصعوبة بمكان تحقيق عملية تعليم الأطفال في تلك المناطق حيث القتال المستعر أو قربها في مناطق النزوح أواللجوء على امتداد الوطن العربي وتعرضهم للاستغلال بكل أشكاله وأبرزها تجنيدهم وزجهم في النزاعات والصراعات المسلحة.
في هذا الإطار أعرب سفير دولة الكويت لدى الأمم المتحدة منصور العتيبي لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) عن القلق العميق إزاء ما يعانيه الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة وتعرضهم لخطر التجنيد خصوصا من الجماعات المسلحة.
وأكد العتيبي أن دولة الكويت خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن لعامي 2018 و2019 كانت تطالب في جلسات المجلس بإنهاء الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأطفال في النزاعات بما في ذلك تجنيدهم.
وقال إن شعار الاحتفالية بهذه المناسبة لهذا العام يحمل عنوان “مستقبل أفضل لكل طفل” وهو ما ينبغي العمل من أجله على مختلف الصعد محليا وإقليميا ودوليا مجددا تأكيد حرص الكويت على العمل من أجل تعزيز حقوق الطفل.
وأفاد بأن دستور دولة الكويت ينص في مادته التاسعة على أن “الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن يحفظ القانون كيانها ويقوي أواصرها ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة”.
وأوضح أنه “انطلاقا من تلك المبادئ الدستورية والالتزامات الدولية الواردة في المعاهدات والاتفاقيات التي انضمت إليها ومن أبرزها الاتفاقية الخاصة بحقوق الطفل وبروتوكوليها الاختياريين الملحقين شرعت دولة الكويت عددا من التشريعات الوطنية تعنى بالأسرة عموما والطفل خصوصا خلال السنوات الماضية”.
وأكد دعم الكويت للجهود التي تبذلها الأمم المتحدة للحفاظ على كرامة الأطفال وحماية حقوقهم لافتا إلى الشراكة الكويتية “القوية مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)” إذ تدعم الكويت منذ سنوات الأنشطة والخدمات التي تقدمها المنظمة للأطفال في منطقة الشرق الأوسط والعالم لاسيما الخدمات الصحية والتعليمية والمساعدات الإنسانية والغذائية.
وأضاف العتيبي أن الأطفال هم من أكثر الفئات التي تضررت خلال جائحة كورونا المستجد إذ عانوا جراء انقطاع التعليم واضطراب الحياة بسبب القيود التي اضطرت الحكومات لفرضها لاحتواء تفشي هذه الجائحة مبينا أنه في وقت يبدأ العالم بالتعافي من تلك الجائحة وآثارها على الجميع الاستفادة من دروسها من أجل إعادة البناء بشكل أفضل والعمل على خلق مجتمعات أكثر استدامة لضمان مستقبل أفضل لأطفالنا.
من جانبها أكدت مديرة مفوضية شؤون اللاجئين في الكويت نسرين ربيعان ل(كونا) أن تجنيد الأطفال يلحق ضررا نفسيا وجسديا بالضحايا الأطفال وأن النصيب الأكبر من المجندين الأطفال هم من النازحين داخليا نتيجة نزاع مسلح يجعلهم يتكيفون سلبا نتيجة العوز والأوضاع المعيشية الصعبة.
وأوضحت ربيعان أن لهذه الظاهرة تبعات شديدة الخطورة على الأطفال فمن الصعوبة تقليل آثارها حتى بعد انتهاء النزاعات إذ تتعدى فقدانهم لطفولتهم وحياتهم الطبيعية ولها تأثير بعيد المدى فهي تحدث اضطرابات للطفل يتوجب علاجا نفسيا مشيرة إلى تأثيره على تحصيلهم العلمي ويخلق أجيالا لا تعرف لغة الحوار والتسامح إنما القتال والعنف.
وذكرت أن المفوضية بالشراكة مع منظمة (يونسيف) تعمل على برنامج للحد من ظاهرة تجنيد الأطفال وبالأخص الأطفال اللاجئين أو النازحين داخليا وإقامة الحملات التوعوية في المجتمعات لتبيان أثرها على الطفل والمجتمع.
إلى ذلك يحظر القانون الدولي الإنساني والمعاهدات والأعراف استغلال الأطفال دون سن الخامسة عشرة كجنود واعتباره جريمة حرب وفقا للمحكمة الجنائية الدولية كما أن قانون حقوق الإنسان يحظر تجنيد الأطفال دون الثامنة عشرة واستخدامهم في القوات المسلحة إلا إن عام 2020 شهد أعلى أشكال الانتهاكات للطفولة بتجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاعات.
ويأخذ تجنيد الأطفال واستغلالهم في النزاعات المسلحة صورا متعددة منها استخدامهم دروعا بشرية أو في ساحات القتال أو في العمليات الانتحارية أو من خلال صناعة وتجهيز العبوات الناسفة والقنابل أو عن طريق تقديمهم خدمات مساندة للتنظيمات المسلحة مثل العمل كجواسيس أو تعذيب المساجين وذلك من خلال الترغيب أو الترهيب أو الخطف او استغلال العوامل الاقتصادية أو الاجتماعية لأسر الأطفال يتم استدراجهم.
وبناء على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حول (تأثير النزاعات على تجنيد الأطفال) فإن هناك 8521 طفلا قد تعرضوا للتجنيد من بين 23946 أخرين تعرضوا لأشكال مختلفة من الاستغلال في خضم النزاعات.
في موازاة ذلك كشف تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي للاتجار بالأشخاص لعام 2021 عن وجود 14 دولة يواجه فيها الأطفال خطر التجنيد في النزاعات حول العالم من بينها ست دول عربية هي سوريا واليمن والعراق وليبيا والسودان والصومال.
ففي سوريا ونظرا للقتال المستمر منذ عام 2011 أصبح هناك 6ر2 مليون طفل نازح داخليا من إجمالي عدد النازحين البالغ عددهم 6ر6 ملايين وقبل دحر ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عام 2019 كان هناك على الأقل ثلاثة معسكرات لتجنيد الأطفال في القتال.
وفي عام 2021 كشفت الأمم المتحدة عن تجنيد 813 طفلا في سوريا من مختلف التنظيمات العسكرية واستخدام 99 في المئة منهم في القتال المباشر.
أما في اليمن فهناك 3ر11 مليون طفل يمني يعانون وطأة آثار القتال الذي تفجر عام 2015 بسبب عدوان الميليشيات الحوثية وانقلابها على السلطة الشرعية في اليمن.
وبحسب تقارير لمنظمات حقوقية وإنسانية دولية فقد قامت الميليشيات الحوثية بتجنيد ما لا يقل عن 12 ألف طفل يمني حتى منتصف هذا العام بينهم من قتل او اصيب او فقد وكذلك الحال لدى تنظيمات مسلحة متشددة اخرى.
وتعزو الأمم المتحدة انخراط الأطفال في النزاع إلى استمرار الأزمة الإنسانية الحادة في اليمن وعدم الالتحاق في التعليم اذ يوجد حاليا نحو مليوني طفل حرموا من التعليم بسبب الفقر والنزاع وإلحاق الضرر بالمدارس التي سجلت في عام 2020 فقط 36 اعتداء.
وفي العراق أعلنت منظمة (هيومن رايتس ووتش) أن ما يسمى تنظيم (داعش) قام بعد بسط سيطرته على ثلث مساحة البلاد في صيف عام 2014 بتجنيد الأطفال في القتال وبالرغم من دحر التنظيم في عام 2017 فإن خطر التجنيد مازال موجودا في تنظيمات مسلحة أخرى.
أما في ليبيا التي تشهد نزاعا طويلا منذ عام 2011 يواجه الأطفال خطر التجنيد والانتهاكات من قبل التنظيمات المسلحة المتشددة كما أن الانفلات الأمني وانهيار الخدمات العامة والاقتصاد أدى ذلك إلى حاجة 241 ألف طفل إلى مساعدات إنسانية وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) ويواجهون خطر التجنيد والانتهاكات من التنظيمات المسلحة لاسيما تنظيم (داعش) الذي استغل الأطفال في صناعة القنابل وفي هجمات انتحارية.
وفي السودان التي يوجد فيها أكثر من 2ر5 مليون نازح ومليون لاجئ جندت تنظيمات مسلحة عدة الأطفال وتحققت الأمم المتحدة من تجنيد 13 طفلا واختطاف 31 لتجنيدهم أو استغلالاهم بأشكال مختلفة في عام 2020 فقط.
في حين أن الصومال سجلت عددا كبيرا من الأطفال المجندين لمصلحة جماعات متشددة عديدة في عام 2020 وبلغت أعدادهم وفق تقرير الأمم المتحدة 1716 طفلا فيما هوجمت 58 مدرسة مما عطل التعليم وجعل الأطفال عرضة للاستغلال والتجنيد.
واستمرارا للدور الكويتي في دعم المنظمات الدولية المعنية بحماية الطفل صنفت الكويت في المرتبة السابعة من الدول العشرة المانحة في عام 2018 من منظمة اليونسيف بمبلغ 6ر61 مليون دولار فيما تخطى إجمالي التبرعات التي قدمتها الكويت للمنظمة منذ عام 2013 مبلغ 200 مليون دولار أمريكي.
وكانت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة فرجينيا غامبا أشادت في تصريح سابق ل(كونا) بدور دولة الكويت ومساهماتها في هذا المجال واعتبرتها “قوة نشطة وإيجابية”.