الامتنان … بقلم الأستاذة مريم العتيبي
إيسايكو: الامتنان … بقلم الأستاذة مريم العتيبي
الامتنان كما يعرفه علم النفس هو تكنيك علاجي مستخدم في علم النفس الايجابي، عبارة عن حالة شكر ناتجة من سلوكيات تطوعية يقوم بها الاخرون تجاه الفرد، حيث يولد لدى الفرد شعور بالرضا عن نفسه، مكسبه الاطمئنان بما يملكه مما يبعد عنه شعور عدم الرضى والهم، هذه الطريقة تسمى الامتنان، وهي في الحقيقة تغيير اتجاه التفكير للإيجابيات وازاحة السلبيات المولدة للشعور المكتئب والحزن والضغوط النفسية الناتجة عن تلك المشاعر.
ذكرت المذيعة الامريكية اوبرا وينفري في اجزاء من كتابها “ما اعرفه عن وجه اليقين” عن الامتنان والشعور الذي يولده، مما حدا بالكثيرين لاتخاذ عباراتها فيه اقتباسات، فمنها:
⁃ “اعرف على وجه اليقين أنك إذا خصصت وقتا تشعر فيه ولو بقدر بسيط من الامتنان كل يوم فتندهش من النتائج”
⁃ “لكني جعلت من الامتنان اولوية يومية لدي، كنت أفكر في اليوم وابحث عن اشياء اشعر بالامتنان لها ودائما ما كنت اجدها”
لكن في علم النفس تعرف هذه الطريقة برصد الايجابيات في يوم الشخص، سواء في نفسه او من حوله، المهم ان يتحول نظر الشخص ايجابيا بتلك الطريقة للتركيز على ما لديه من نعم بدلا من التركيز عما ينقصه.
كيف اقوم بالامتنان؟
تمر عملية الامتنان بثلاث مراحل هي:
1-رصد وملاحظة الايجابيات فيما لدى الشخص
2-القيام بتقديم الامتنان، اي الشكر لوجود تلك الاشياء في حياته
3-الاحساس بالشعور الذي يتركه هذا الرصد والملاحظة والشكر عند الشخص
فلا تخلو عملية الامتنان كاملة من عملية اخرى توجد بداخلها هي التأمل، فالتأمل يقود للامتنان، كتأمل شخص ما لضوء الشمس وانعكاسات شعاعه منطلقا على اثر هذا الرصد شعور داخلي نابع من القلب يقدم عرفان لله لنعمة الضوء ونعمة الدفء ونعمة البصر، في هذا الصياغ ذكرت الدراسات العلمية ان عملية الامتنان تحسن صحة الانسان النفسية، والعقلية، والجسدية، كذلك اعتبرتها اسلوب حياة صحي، ونمط تفكير ايجابي يمارسه الفرد ليصل للسلام النفسي، حيث وجدت تلك الدراسات ان الاشخاص الذين يمارسون عادة الامتنان في محيطهم الاجتماعي ينعمون بعلاقات ايجابية وقوية ومتينه، خصوصا اذا ختم معروف قدم لهم بقولهم(شكراً لك، ممنون لك على هذا المعروف).
يستطيع الفرد اكتساب عادة الامتنان واتقانها، بالتدرب والممارسة، فهي مثل اي عادة لا تستغرق اكثر من واحد وعشرون يوما لتعتاد على تقديم الامتنان في تعاملاتك مع الاخرين، فهل نشيع ثقافة الامتنان بيننا خاصة اننا مجتمع مسلم وديننا الاسلامي حث على ذلك في قولة تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ)، وقوله: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)، فهذا منهج الانبياء والصالحين ففي الحديث النعمان بن بشير عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يشكر من القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، والتحدث بنعمة الله شكر).
في الختام اسمحوا لي ان أقدم عرفاني وامتناني
⁃ شكرا لمن آمن بإمكانياتي وقدراتي
⁃ شكرا لمن اطمئن لي وفتح قلبه واسراره
⁃ شكرا لمن وثق بحلولي وتوجيهاتي
⁃ شكرا لجريدة الارشاد النفسي التي قدمتني لقرائها
⁃ شكرا لك ايها القارئ
تحرير الاخصائية الاجتماعية
مريم معيض العتيبي