أخبار عاجلةمقالات

معنى ذبح القرابين في المسجد الأقصى … بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين

إيسايكو: معنى ذبح القرابين في المسجد الأقصى … بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين

قبل عدة شهور سافرت الى جمهورية مصر العربية وبالصدفة اشتريت كتاب بعنوان ( تأثر اليهودية بالأديان الوثنية) للدكتور فتحي محمد الزغبي وهو استاذ عقيدة وفلسفة في الجامعات المصرية وله مؤلفات كثيرة رائعة ولكن هذا الكتاب الذي قرأته يستعرض تاريخ هجرات اليهود ومراحل كتابة التوراة والتلمود ويثبت بالدليل كيف دخلت الافكار الوثنية في الديانة اليهودية من خلال الاحداث التي مرت باليهود في العراق ومصر وأوروبا وتركيا والقدس وهو كتاب ممتاز جدا انصح كل فلسطيني وعربي ومسلم بقراءته .. وما يحدث في الارض الفلسطينية المحتلة منذ بداية احتلالها سنة 1948م وإلى اليوم يثبت تغلغل الأفكار الوثنية في الديانة اليهودية حيث تواصل جماعات “ الهيكل المزعوم “ تحشيد أنصارها من المستوطنين اليمينيين المتطرفين، في محاولة لتنفيذ مخططاتها لإدخال وتقديم القرابين للرب في الهيكل (وهذا الامر يؤكد تغلغل العقيدة الوثنية في الديانة اليهودية المحرفة لأن تقديم القرابين يكون للأصنام فقط) ومن هذه القرابين (قربان الخطيئة)، وهي ذبيحة موصوفة ومأمورة في التوراة (سفر لاويين 1:4-35) ويمكن أن يكون القربان طحين جيد أو حيوان مناسب .. ويقدم الإصحاح 4 من سفر اللاويين في العهد القديم من شرائع الكتاب المقدس تعليمات موسى من الله فيما يتعلق بتقديم قربان التطهير ويكررها الإصحاح 15 من سفر العدد .. وتبدأ طقوس ذبيحة التطهير باعتراف مُقدم الذبيحة بذنبه غير المقصود وهو يضع يديه على رأس الحيوان ويدفع ثقله بالكامل على رأس الحيوان المراد ذبحه وبعد تعذيبه يُذبح الحيوان بواسطة شوشيه (جزار طقوس)، اما الدم الذي ينزف من القربان ف.يجمعه الكاهن بعناية في إناء فخاري ويُرش على الزاويتين الخارجيتين للمذبح، بينما يتم حرق الدهن والأحشاء والرأس على سطح المذبح وهذا الأمر يجب ان يتكرر في يوم الغفران – يوم الكفارة او يوم كيبور – ويجب أن يتم رش بعض الدم أمام الحجاب الذي يغطي مدخل قدس الأقداس عندما يرش الدم أمام كرسي الرحمة ؛ وأن يتم ذلك سبع مرات ثم يتم سكب ما تبقى من الدم على قاعدة المذبح، ويتم تحطيم الوعاء الترابي الفخاري الذي كان يحتوي على الدم داخل باحات المسجد الاقصى .. (حسب عقيدتهم المحرفة) ويستهلك الكاهن وعائلته اللحم المتبقي فيما بعد، إلا اذا كان الكاهن نفسه مقدماً للقربان فانه يتم حرق اللحم في مكان طقسي نظيف خارج حرم الهيكل. ويمكن تقاسم عائدات ذبائح الخطيئة داخل المجتمع الكوهاني بالتساوي بين الكهنة وذلك حسب النص في لاويين 10:7 «وَكُلُّ تَقْدِمَةٍ مَلْتُوتَةٍ بِزَيْتٍ أَوْ نَاشِفَةٍ تَكُونُ لِجَمِيعِ بَنِي هَارُونَ، كُلِّ إِنْسَانٍ كَأَخِيهِ.».
أما إذا كانت الأضحية طائراً، (غالبا دجاج ابيض) فتكون الطقوس مختلفة تماماً. حيث يتم ذبح الطائر بواسطة الإبهام الذي يتم دفعه في رقبته، ويتم عصر رأس الطائر حتى الموت. ثم يُحرق طائر ثانٍ على المذبح كذبيحة كاملة، قربان في النار وكل هذا يكون في (يوم كيپبور) والذي يسمّى أيضاً بيوم الغفران في اليوم العاشر من الشهر الأول في التقويم اليهودي، أي في أواخر أيلول على الأغلب حيث يُفرض على كل يهودي في العالم الصوم لمدة يوم كامل كفارة على ما قام به من الذنوب والآثام .. وهناك ايضا “قرابين الفصح” العبري داخل المسجد الأقصى المبارك، والتي اثيرت ضجة كبيرة عنها خلال شهر رمضان هذا العام الموافق نيسان 2023 ووضعت (الجماعات اليهودية المتطرفة الهيكلية) مكافآت مالية كبيرة لكل مستوطن ينجح بذبحها داخل المسجد الاقصى. .. ويرمز عيد الفصح في الديانة اليهودية إلى الفترة التي خرج بها بنو إسرائيل من مصر، وتقول روايتهم إنهم صنعوا خلال خروجهم، وعلى مدار 8 أيام، فطيرا بدون خميرة بأمر من الله وبمثابة شكر له على إنقاذهم من مصر .. وفي خطوة عدوانية غير مسبوقة، دعت منظمات الهيكل ، أنصارها إلى إحضار قرابينهم الحيوانية والتجمع عند أبواب الأقصى، عشية ما يسمى “عيد الفصح” الذي يبدأ في السادس من أبريل/ نيسان كل عام، وحددت ساعة التجمع العاشرة والنصف ليلاً.. كما تصر الجماعات اليمينية المتطرفة على إحياء طقوس “القربان”، كونها تشكل إحياءً لـ ”الهيكل” المزعوم، ويُعتبر إجراء الطقوس، وعلى رأسها ذبح القربان داخل الأقصى، إقامة للمعبد او الهيكل الثالث من الناحية العملية لأن هذه الجماعات المتطرفة ترى أنها أقامته من الناحية الروحية عبر محاولات الاقتحامات المستمرة وإقامة الصلوات التلمودية داخل باحات المسجد الاقصى بحماية القوات الامنية الصهيونية، وبالتالي فإن الخطوة القادمة هي إقامة الشعائر اليهودية الكبرى بتنفيذ عمليات الذبح وتعذيب الحيوانات داخل حدود الحرم القدسي الشريف بشكل فعلي وعلني.
وكل ما تقدم من نجاسات وقذارات وتدنيس يدل على عقيدة وثنية محرّفة وفاسدة وكاذبة ولا يمكن ان يكون لها علاقة بسيدنا موسى ولا انبياء الله .. فالاحتلال الصهيوني يحاول تدنيس (وتنجيس) القدس بالدماء والخزعبلات التوراتية والتلمودية ونحن نتكلم عن مكان اسلامي مقدس فيه مسجدين وساحات صلاة و من المفروض ان يبقى طاهرا حتى تصح العبادة فيه للمسلمين وهو قبلة المسلمين الاولى ولا اعلم لماذا لا يهتم العالم الاسلامي لما يحدث في القدس ولماذا يتم التغطية على الفظائع التي تحدث في القدس يوميا بأخبار عن كورونا واوكرانيا وغيرها من احداث مهمة بدون شك لكن ليست اهم من القدس أبدا .. إن ”منظمات وجماعات الهيكل” ومنذ عام النكبة تضع نصب أعينها قضية تقديم “القرابين” داخل المسجد الأقصى، وتعمل على الإحياء العملي لتلك الطقوس، وتجري تدريبات عملية لتحقيق ذلك .. وتصنع مجسمات للهيكل وتنشر صور الهيكل في الإعلام الصهيوني والاوروبي وعبر سفاراتها المنتشرة في العالم وتضع هذا الهيكل مكان الحرم القدسي الشريف كاملا بما يحتويه من مسجدي قبة الصخرة والمسجد الاقصى .. ووفقاً للتعاليم التوراتية (المحرّفة)، فإن القربان يجب أن يُذبح عشية عيد الفصح، او يوم الغفران وأن ينثر دمه عند قبة السلسلة التي يزعم المتطرفون أنها بُنيت داخل ساحات الأقصى لإخفاء آثار المذبح التوراتي ويُعتبر ذبح القربان داخل الحرم القدسي الشريف نقطة روحية لا غنى عنها في سبيل إقامة المعبد والهيكل عمليا في الأقصى قبل إقامته فعليا من خلال بنائه، وهنا منبع الخطورة الشديدة .
و القربان هو الطقس اليهودي المركزي الأهم، الذي اندثر باندثار الهيكل، بحسب الزعم التوراتي، وحين اندثر الهيكل، اندثرت معه تقديم القرابين، وخسرت اليهودية هذا الشكل من العبادة القربانية للرب ويُعتبر إحياء طقس القربان إحياءً معنوياً للهيكل ، ويتم التعامل مع المسجد الأقصى، باعتباره هيكلاً حتى وإن كانت أبنيته ومعالمه ما تزال إسلامية ولذلك يحفرون الانفاق تحته لزلزلة اركانه حتى ينهار وكأنه سقط بفعل الزمن . ..
وخلال السنوات الماضية، قدمَت “جماعات الهيكل” طلبات كثيرة عبر محاكم الاحتلال لإحياء “طقوس القربان” في المسجد الأقصى، إلا أنها تتلقى رفضاً قانونياً شكلياً إعلامياً ، خشية من انفجار الأوضاع خصوصا ان المقاومة الفلسطينية سجلت سابقة تاريخية وهاجمت الاحتلال بالصواريخ المحلية الصنع قبل سنوات لهذا السبب وغيره من وضع بوابات لمنع دخول المسلمين.. لكن الخطير اليوم ان قوات الاحتلال المدججة بالسلاح والخيول تقوم بحراسة وحماية المتطرفين اليمينيين .. والأخطر ان الجماعات اليمينية الصهيونية تنظر إلى وجود “احزاب الصهيونية الدينية” في حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، باعتبارها فرصة تاريخية لفرض أحلامها تجاه الأقصى، لتدنيسه ثم هدمه كلياً ، مستغلة نفوذها الحكومي غير المسبوق، عبر وجود 16 وزيراً في حكومة الاحتلال من اليمينيين المتطرفين الحاقدين على كل ما هو عربي ومسلم وفلسطيني ..وبدأوا حملة مسعورة للدعوة إلى تقديم القربان داخل المسجد الاقصى وبات معظم حاخامات وناشطي الجماعات المتطرفة مقتنعين أن الوقت حان لتقديم القربان في المسجد الأقصى والإحياء العملي لطقوس القربان داخل الحرم القدسي الشريف بعد المسيرة الطويلة من المحاولات السابقة في عدة أماكن حول الأقصى .. وللعام التاسع على التوالي، نفذت “جماعات الهيكل” عملية محاكاة لـ “قربان الفصح” قرب الأقصى، تمهيداً لفرضه داخل المسجد الاقصى وقبة الصخرة في أقرب فرصة مواتية كما نظمت الجماعات المتطرفة محاكاة لـ” قربان الفصح” التوراتي في ساحة مركز “ديفيدسون” جنوب غربي المسجد الأقصى، بمشاركة مجموعة من نشطائها الذين تؤهلهم للتحول إلى طبقة “الكهنة” للهيكل المزعوم وهذا نوع من التدريب يشبه المناورات العسكرية.
ان هذا المقال يصف ما يحدث على ارض الواقع, ومهما كتبت فالواقع اخطر, والاحداث اليومية لا تطاق, وصمود الشعب الفلسطيني في القدس هو صمود اسطوري لا يمكن ان تتخيلوه الا اذا عشتم معهم .. كل يوم شهداء وشهيدات ومصابين ومعتقلين .. هنا التجسيد الحقيقي للمثل الشهير (الكف يواجه المخرز) والكف الفلسطيني يصفق لوحده ويواجه لوحده منذ عام النكبة الى اليوم والى يوم القيامة .. الى الوقت الذي سيقول في الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله خلفي يهودي تعال فاقتله .. هل تعلمون لماذا سينطق الحجر والشجر ؟؟؟ سينطق من شدة ما رأى من ظلم وافتراء وقسوة تجاه المصلين المستضعفين الآمنين في المسجد الاقصى وساحاته وتجاه النساء المصليات الآمنات في مسجد قبة الصخرة وساحاته.

اكتفي بهذا القدر من الكلام والشرح وارجو ان تصل الرسالة الى العقول والقلوب وأن تكون هناك تحركات يومية محلية وعربية ودولية لحماية الشعب الفلسطيني في القدس وفي كل مكان لأننا لا نملك إلا كرامتنا ولم نتخلى عن كرامتنا أبدا ولن نتخلى عنها و لم ولن يستطع الاحتلال افساد أبناء وبنات شعبنا ولا اسقاطهم في براثن الخيانة لأننا توارثنا وجع النكبة والتشرد والترحيل وحلم العودة والنصر والتحرير ولا يخلو بيت فلسطيني من شهداء ومعتقلين ومفقودين وأن الجينات الفلسطينية أقوى مما تتخيلوا ونحن باقون ما بقي الزيتون والزعتر نحن شعلة المقاومة .. وهذا قدرنا على هذه الأرض التي بارك الله فيها وبارك حولها
ونحن نؤمن أنه على هذه الأرض ما يستحق الحياة .. ونؤمن أننا نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا.

الدكتور أحمد لطفي شاهين

دولة فلسطين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى