أخبار عاجلةمقالات

أخلاق الألفية الجديدة … بقلم د.أحمد لطفي شاهين

إيسايكو: أخلاق الألفية الجديدة … بقلم د.أحمد لطفي شاهين

منذ عقدين وأكثر ونحن نعيش ثورة إلكترونية متسارعة جدا بشكل خطير .. واصبحت الخطورة اكبر عندما دخلت الهواتف الذكية المحمولة في بيوتنا .. حيث تم إسقاط سلطة العقل الإنساني وتحطيم الذاكرة الطبيعية للمخ البشري .. فالغالبية العظمى من البشر يعتمد على الهاتف الذكي في حفظ الأرقام والعمليات الحسابية وتحديد المواقع و.. الخ من مميزات هي في ظاهر الأمر مريحة ورائعة لكنها تؤذي المخ البشري وتشتت العقل وتضرب الذاكرة في مقتل وتصيب الإنسان بالادمان على الهاتف لدرجة ان الإنسان اصبح متعلقاً بهاتفه و لا يستغني عنه ابداً.. وهناك استبانة اجتماعية عن مدى القدرة عن الاستغناء عن اوراقهم الثبوتية ام الهاتف؟ كانت نتيجتها أن غالبية البشر اختاروا الاستغناء عن أوراقهم الثبوتية وتمسكوا بالهاتف لأنه يحتوي على أغلى ما يمتلكون من أسرار ومعلومات وأنه يمكن استخراج بدل فاقد عن الأوراق الثبوتية بينما لا يمكن استعادة محتوى الهاتف المحمول وهذا يؤكد ان غالبية البشر استطاع أن يلغي جانب كبير من عقله وان يستبدله بالهاتف المحمول لذلك يشعر بالضياع اذا ضاع هاتفه او تعطل ..
فمرحباً بكم في القرن الواحد والعشرين، واخلاق وسلوكيات هذا القرن المرتبطة كليا بالهاتف المحمول …
حيث اصبح فقدان الهاتف أكثر أهمية من فقدان الكرامة أحياناً..
واصبحت المشاعر والعواطف الكترونية ومؤقتة وسريعة ومتقلبة ومتطورة تماما مثل البرامج والتطبيقات حيث الحرام مجّانياً وسهلا ومباحاً ومتاحاً للجميع بينما الحلال مُكلّف جدّاً خصوصاً عندما تريد تصحيح العلاقة في الواقع ، لذلك يستسهل الغالبية الحرام المجاني والمتعة المؤقتة ثم نستغرب عندما يحصل فيضان او زلزال او تسونامي؟
فلا تستغربوا من أي كارثة انتقامية من الله بسبب فساد الأخلاق في البر والبحر..
مرحباً بكم في القرن الواحد والعشرين حيث وصول طلبات المطاعم Delivery أسرع من وصول الإسعاف والأمن والاطفائيات ،
مرحبا بكم في الألفية الجديدة حيث الحرص على الفوز بلقب (ترند) مقابل الدياثة وعدم الغيرة على العرض والمتاجرة بشرف الأمهات والاخوات حيث يحصل (اليوتيوبر او التيكتوكر) على المال مقابل ازدياد عدد المشاهدات واللايكات دون أدنى وازع اخلاقي داخلي .. تباً لكم ولدياثتكم ورخصكم ..
هل ماتت ضمائركم؟
هل اصبح التعري او نوع الملابس هو من يحدّد قيمة البشر ؟،

ان من المؤسف أن أصحاب الاخلاق اصبحوا موضة قديمة،(رجعيين ، متخلفين ، معقدين ، الخ)
واصبحت المادية والمصلحة والمال هي معايير الحريّة والعدالة والمساواة..
وواصبح معيار التفاضل في المجتمع هو مقدار الثروة التي يملكها الإنسان (بغض النظر عن اثره التخريبي في المجتمع ) وليس قيمته الاخلاقية ولا ارثه الحضاري او الادبي او الديني.. الخ
مرحباً بكم في هذا الزمن المقلوب ، حيث أصبح الكذب فهلوة، والخيانة ذكاء، والفقر عيب، والعُري حريّة، والتحشّم تخلّف، والجمال الشكلي هو عامل الجذب الأوّل حتى لو كانت الجميلة شاب متحوّل جنسياً
واصبح كسر الخاطر يُسمى صراحة، وأما جبر الخواطر فأصبح طيبة وهبل، كما أصبح الحب عبث في المشاعر وتسلية وتضييع وقت واصبح بعض الشباب يحب عدة بنات في ذات الوقت لأنه شاب ويعتقد انه لا يعيبه شيء ويعبث بمشاعر البنت ويحطمها بمنتهى الانحطاط والنذالة .. كما أصبحت بعض البنات تحب عدة شباب في ذات الوقت إلى أن يخطبها أحدهم وبعد ذلك تعمل بلوك للبقية بمنتهى القسوة والنذالة أيضا..

اهلا بكم في الألفية الجديدة حيث تفككت العلاقات الاجتماعية بسبب مواقع (التفاصل الاجتماعي) وليس التواصل لأنها ساهمت في فصل العلاقات الاجتماعية الطبيعية بين الناس واصبحت التهاني والمباركات والمجاملات وواجب العزاء تتم عبر الانترنت باستخدام فيس حزين مثلا واذا كان الشخص كريم يكتب تعليق ويقول لك بكل سخافة انا قمت بالتعزية عبر النت وعملت له فيس حزين وكتبت له تعليق ولماذا يزعل مني لاني لم اذهب بنفسي للعزاء؟؟؟!!!
معه حق صراحة الراجل لم يقصّر.

اهلا بكم في الألفية الجديدة حيث يتفنن الإعلام الموجّه في
ترويج المفاهيم القذرة مثل المثلية الجنسية والاباحية والحرية الجنسية من خلال عرض شعارات وأعلام ورموز لها في تطبيقات الهواتف خصوصا في برامج الاطفال الخاضعة للرقابة الأبوية حتى يتقبلها العقل الباطن وينشأ الطفل وقد تعود على رؤيتها وبالتالي سيتقبلها تلقائيا عندما يكبر ويرى الدعوات لتلك الأمور القذرة ويصبح من جنودها والمؤمنين بها .. و لكن لا تستغربوا لأنه تم برمجة العقل اللاواعي عليها منذ الطفولة في غفلة من الأهل وفي انشغال الجميع في هواتفهم كأنهم أصحاب شركات استثمارية بينما كلها تفاهات وتشات وتعليقات ولايكات…. الخ من فصيلة آت .
لقد أصبحت العائلات مفككة رغم تواجد كل أفراد الأسرة في البيت في ذات الوقت لكن كل واحد في عالمه الخاص ولا يجتمعون حتى على مائدة طعام .. بينما يجتمعون إجبارياً اذا فصل الراوتر او انقطع تيار الكهرباء وهذه مهزلة اجتماعية وفساد تربوي ما بعده فساد بسبب الإدمان على الهواتف واللابتوب
اهلا بكم في الألفية الجديدة حيث اصبح شحن الهاتف او بطارية الراوتر من الواجبات الملقاة على عاتق الأم وقد تغضب بنتها او ابنها منها ويرتفع الصوت بقلة ادب على الأم لأنها لم تنتبه لهذا الأمر .. !!

اننا نعيش في قمّة الزيف وفي أسوأ عصر من عصور البشرية في ظل سوء استخدامنا للتطور التكنولوجي الرهيب
انا لست سوداوياً ولا متشائماً لكنه تنبيه وتذكير .. لي ولكم لعلنا نتغير ونصلح انفسنا وننتبه الى خطورة واقعنا.
ختاماً..
يقول اللَّه عز وجل “إِنَّا نحن نُحيْي الْمَوْتى وَنكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وآَثَارهُمْ”
تدبر كلمة {وآثَارهُمْ} تجد أن للأعمال أثر بعد موت صاحبها حسنة كانت أم سيئة.
لذلك.. راجع حساباتك، منشوراتك صورك، رسائلك، نصائحك، رنة ومحتوى هاتفك، وتذكّر انك قد تموت في أي لحظة، فراجع كل شيء..
ثم تأمل كلام العلماء: “طوبي لمن ترك خلفه حسنة جارية وصدقة جارية.. طوبى لمن مات وماتت معه ذنوبه، .. والويل لمن يموت وتبقى ذنوبه مائة سنة ومائتي سنة، يعذب بها في قبره ويُسأل عنها إلى يوم القيامة . .. الويل لمن يترك خلفه سيئة جارية حيث يحمل ذنبها وذنب كل من يعمل بها، فانتبهوا واصلحوا أنفسكم واصلحوا أولادكم وانشروا الخير في هواتفكم وخصصوا وقت محدد لاستخدام الهواتف ولا تنفصلوا عن الواقع ولا تقصّروا في واجباتكم الاجتماعية الواقعية.
اكتفي بهذا الغيض من الفيض الذي لا يمكن لملمة اطرافه في مقال ولا حتى في كتاب .. ودمتم بخير

د.أحمد لطفي شاهين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى