أخبار عاجلةمقالات

اتخاذ كافة التدابير الممكنة لضمان حماية وسلامة الأشخاص ذوي الإعاقة لكارثة زلزال تركيا وسوريا وفقا لاتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة … بقلم الدكتور هلا السعيد

إيسايكو: اتخاذ كافة التدابير الممكنة لضمان حماية وسلامة الأشخاص ذوي الإعاقة لكارثة زلزال تركيا وسوريا وفقا لاتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة … بقلم الدكتور هلا السعيد

في 6 نوفمبر الجاري ضرب زلزال جنوب تركيا وشمال سوريا وهو يعتبر من اكبر الكوارث الطبيعية (وتعتبر بكارثة القرن الزلزالة) الذي كان له اثار مدمرة على الأرواح والبنية التحتية لبعض المناطق في الدولتين، وبدأ الجميع بالعالم يتابع اخبار هذه الكارثة الكبيرة المدمرة ويترقبون عدد الضحايا وعدد الناجين والخسائر الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، وقبل يومين قرأنا حجم الخسائر البشرية التي خلفها هذا الزلزال المدمر الذي تجاوز عدد قتلاه في تركيا وسوريا   41 الفا.                  

وما تزال عمليات البحث والإنقاذ مستمرة في عدد من المناطق.

وقد شاهدنا جميع وسائل التواصل سواء الاعلام التقليدي (المرئي والمقروء والمسموع)، والاعلام الحديث بأنواعه المختلفة، جميعها اهتمت بنقل الاخبار على مدار الساعة، فركزوا على جميع فئات المجتمع من الاطفال والنساء الرجال المسنين وايضا شاهدنا اهتمام الاعلام بالحيوانات، ولكن للأسف هناك فئة اهملت ولم يتم ذكرها الا وهي فئة الاشخاص ذوي الاعاقة، فلم نرى بالخطاب الاعلامي التطرق لهذه الفئة، وهذا جعلني أفكر أكثر بهذه الفئة وأتساءل ……لماذا الخطاب الاعلامي يتجاهلهم؟ لما لم نسمع اخبار عن هذه الفئة؟ ماذا حدث بهم؟  وهل هم مازالوا تحت الانقاض؟ ما اعداد الضحايا من ذوي الاعاقة؟  هل تم انقاذهم؟  هل هذه المناطق لا يوجد بها اشخاص من ذوي الاعاقة؟ هل يوجد تفرقه بين الفئات؟ ام حدث معهم مثل ما حدث ايام ازمة كورونا عندما اعلنت بعض الدول ان فئة المسنين وذوي الاعاقة اخر الفئات يتم انقاذها وبرروا ذلك بأنهم فئة مستهلكة وليس منتجة، وانهم يحتاجون انقاذ فئات التي تساعد في اقتصاد الدولة.

تساؤلات عديدة جعلتني ابحث عن وضع الاشخاص ذوي الاعاقة في الازمات والحوادث

حقوق الانسان:

وقبل الخوض بالموضوع سوف ألقى نظرة سريعة عن حقوق الإنسان وهذه الحقوق العالميّة متأصلة في جميع البشر، مهما كانت جنسيتهم، أو نوعهم الاجتماعي، أو أصلهم الوطني أو العرقي أو لونهم، أو دينهم، أو لغتهم، أو أي وضع آخر. وهي متنوّعة وتشمل الحقّ في الحياة، الحق في الغذاء والتعليم والعمل والصحة والحرية.

وتنص المادة الأولى للإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه (يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق). وقد وهبوا العقلوالوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء”. وفي هذا الإعلان العالمي سبقت كلمة “الكرامة” كلمة “الحقوق” وذلك لأن الكرامة هي أساس كافة حقوق الإنسان.

البلدان المتقدمة والمتحضرة سنَت قوانينها العادلة التي تحدد حقوق الناس وصلاحيات المسؤولين، ولا تسمح لأي طرف كان بانتهاك حقوق الآخرين أو تجاوز الحدود المعمول بها، وتحترم كافة طبقات الشعب وتمنحهم الحرية والأمن والأمان ضمن حدود القانون، حيث يعيش الجميع في أجواء آمنة دون خوف او قلق في ظل القوانين التي تحمي حقوقهم وتصون كرامتهم. وعندما نشاهد ما يمر به العالم من مشكلات وكوارث مختلفة (طبيعية –وبائية  فيروسية حروب – أزمات مجاعات – فقر…. وغيرها) وهذه المشكلات  والكوارث كان لها اثار سلبية على الجوانب (البشرية – الصحية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والنفسية ) وتشمل التأثيرات على جميع فئات المجتمع بما فيهم فئة ذوي الاعاقة الذين هم جزء من المجتمعوهم يمثلون اكثر من مليار شخص بالعالم بما يشكل 15% من سكان

العالم يعاني من أحد اشكال الاعاقة.

ومن المعروف ان ذوي الاعاقة ……أكثر عرضة للتهميش والاقصاء بالأوقات العادية فكيف الحال مع انتشار الازمات فيلاحظ ازدياد الوضع سوء، فهم أكثر عرضة للأثار السلبية الناجمة عن الصراعات والكوارث والاوبئة. 

هنا ظهرت الحاجة الى التأكيد على تطبيق مواد اتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة التي سنتها الامم المتحدة عام 2006 وتم نفاذ العمل بها 2008 والتي صدق عليها أكثر من 169 دولة.

الامن والسلامة للأشخاص ذوي الإعاقة في زلزال تركيا وسوريا

في حين يحتاج كثير من الناس المتضررين من الأزمات إلى المساعدة فأن أكثر من يتعرض للخطر هم ذوو الإعاقة وهم بأشد الحاجة لمد يد العون لهم. بسبب مشكلة صعوبة الوصول وصعوبة التعبير، وعدم تقديم المعلومات بطرق سهلة الفهم، والقصور بالتهيئة المسبقة لموضوع الكوارث الطبيعية والازمات، والقصور بتجهيز المجتمع لطريقة تعاملهم مع هذه الفئة اثناء الازمات، وقصور بتجهيز البيئة لمثل هذه الامور من قبل، وايضا لم يتم تهيئة فرق الانقاذ والمتطوعين لكيفية التعامل مع ذوي الإعاقة ، والاهم لم يجهز الاشخاص ذوي الإعاقة انفسهم لمثل هذه الازمات

مساندة الاشخاص ذوي الاعاقة في كارثة الزلزال:

إن الأشخاص الذين يعانون من إعاقة يواجهون مخاطر إضافية، مثل الإهمال وعدم المساواة في الحصول على الغذاء والرعاية الصحية والتعليمية والاجتماعية وغيرها من المساعدات، ويذاد الامر سوء بوقت الازمات والكوارث الطبيعية مثل الزلزال وما ينجم عنه من اثار مدمرة.

ويوجد أولويات مختلفة أمام الحكومات ووكالات الإغاثة أثناء النزاعات والكوارث الطبيعية وقد لاحظنا ان ذوي الإعاقة لم يكونون من ضمنمخططاتهم الدولية.

لذلك على هذه الجهات….. العمل على ضمان تحقيق حقوق ذوي الإعاقة ودمجها في جهود الاغاثة، وهو أحد جوانب تعزيز وتأييد ( ميثاقإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل الإنسانيوالذي يتضمن المبادئ التوجيهية للاستجابة الإنسانية الشاملة. يجب ان تترجم الالتزامات على الورق وتطبيقها على أرض الواقع، لضمان حصول ذوي الإعاقة على المساعدات التي يحتاجونها، وأن يتمتعوا بهذا الحق على قدم المساواة.

تضمن هذه الالتزامات عدم التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة وأن يكونوا جزءا من التخطيط لاستجابة شاملة أثناء الأزمات. وهذا ما سنته الامم المتحدة باتفاقيه الاشخاص ذوي الإعاقة وحيث تشمل موادها على حقوق ذوي الإعاقة بحمايتهم والحق في الحياة باتخاذ جميع التدابير الضرورية لضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة فعليا بهذا الحق على قدم المساواة مع الآخرين.

وتتعهد الدول الأطراف وفقا لمسؤولياتها الواردة في القانون الدولي، وكذلك القانون الدولي لحقوقالاشخاص ذوي الاعاقة ، باتخاذ كافة التدابير الممكنة لضمان حماية وسلامة الأشخاص ذوي الإعاقة (حالات الخطر والطوارئ الإنسانية) بما في ذلك حالات النـزاع المسلح والطوارئ الإنسانية والكوارث الطبيعية.

والاعتـراف بالأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة في الحماية وعدم التميز على أساس الإعاقة. والاهم إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى البيئة المادية المحيطة ووسائل النقل والمعلومات والاتصالات.

دور تقنية المعلومات:

التحدي الكبير الذي يواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم عموماً وفي المنطقة العربية على وجه التحديد الافتقار للتطبيق العملي والخطط في إدارة مخاطر الكوارث لذوي الإعاقة من حيث توفير أجهزة انذار أو توفير المعلومات لهم أو إجراء تدريبات عملية لكيفية التصرف والاستجابة بناء على التحذيرات من الكوارث قبل وقوعها. هنا يأتي دور تقنية المعلومات للتحذير قبل وبعد حدوث الكوارث الطبيعية عن طريق الرسائل النصية والصوتية على الهواتف المحمولة حيث تعتبر هذه الخطوات فاعلة في حال وقوع الطوارئ والأزمات والكوارث. توفر وسائل التواصل الاجتماعي لايصال الرسائل التوعوية لذوي الاعاقة، وبث ارشادات تهدف إلى الحد من مخاطر الكوارث.

يجب على الحكومات:

اولا: اهمية التأكيد على عدم ترك أحدا بلا مساعدة في الأزمات

ثانيا: المسؤولية المجتمعية تقع على الجميع بالمساهمة بتقديم المساعدة من خلال الحماية وتقديم المساعدات والخدمات اللازمة

ثالثا: ضرورة التعاون الإقليمي والدولي في مواجهة الكوارث بوضع الخطط اللازمة لمواجهة الكوارث وتقديم المعونة للجميع فئات المجتمع بما فيهم فئة الاشخاص ذوي الاعاقة في وقت حدوثها

نصائح لمواجهة الكوارث:

هناك نصائح لثلاث مراحل لمواجهة الكوارث وهي:

 المرحلة الاولى: ما قبل الكارثة (التهيئة)

المرحلة الثانية: : اثناء الكارثة (المواجهة)

المرحلة الثالثة: ما بعد الكارثة (العودة للحياة الطبيعية)

المرحلة الأولى: ما قبل الكارثة (التهيئة):

أولا: نصائح خاصة بالدولة:

اتخاذ مجموعة من الاحتياطات والإجراءات للحد ما أمكن من مسببات الكارثة أو التقليل من مخاطرها
وضع قوانين التي تحدد مواصفات البناء لمختلف المشاريع واختيار الأراضي ووضع

عقوبات شديدة لمن لا يلتزم بها.

الاهتمام بعمل دراسات تشمل نوعية الكوارث أو الأخطار التي من المتوقع حدوثها بالمنطقة.
تشكيل فرق إنقاذ متدربة ومتفهمة لجميع الفئات بمن فيهم فئة ذوي الاعاقة، والتدريب على التدابير الصحية، وعلى عمليات الاجلاء والايواء.
تدريب المتطوعين التعرف على انواع الاعاقات وطريقة التعامل مع كل اعاقة.
تدريب المجتمع لطريقة التعامل مع ذوي الاعاقة بإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث
التأكيد على تطبيق مواد اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لضمان حماية وسلامة ذوي الإعاقة خاصة في حالات الكوارث.
الاهتمام بتدريب وتطوير الموارد البشرية من أجل بناء كوادر مؤهلة ولديها الخبرة والمعرفة في إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث
الاهتمام بتقديم المحاضرات التوعوية تهدف اسر ذوي الاعاقة لتوعية الاسر بمخاطر الكوارث والازمات وكيفية مواجهتها وحماية ابنائها من ذوي الاعاقة.

ثانيا: نصائح خاص بالأشخاص ذوي الإعاقة:

توعية ذوي الاعاقة بالمخاطر والازمات التي ممكن ان يتعرضوا لها وطريقة حماية أنفسهم وقت وقوع الخطر.
تدريبهم على سهولة الوصول للمعلومات وسهولة الوصول للاماكن
استخدام تطبيقات الهواتف الذكية وتقنية المعلومات لإرشاد وتحذير الأشخاص ذوي الإعاقة قبل وبعد حدوث الكوارث الطبيعية عن طريق الرسائل النصية والصوتية على الهواتف الذكية.

ثالثا: نصائح خاصة بالأعلام والاعلان:

التركيز على الخطاب الاعلامي بأن يكون موجه للأشخاص ذوي الاعاقة من اجل تثقيف المجتمع بأهمية تأهيل ذوي الاعاقة للازمات والحوادث والبرامج الخاصة بالأمن والسلامة وكيفية الوقاية من الزلزال.
التأكيد على توعية المجتمع بمواد اتفاقية الاشخاص ذوي الاعاقة
الاهتمام بإصدار (اصدارات ومنشورات) تهدف إلى رفع وعي أفراد المجتمع (بمخاطر الزلزال – لمواجهه والتقليل من المخاطر –توضح خطة الإخلاء في الحالات الطوارئ لجميع فئات المجتمع بمن فيهم

الاشخاص ذوي الإعاقةاصدار دليل الأمن والسلامة خاص بالأشخاص ذوي الإعاقة)

اصدار أفلام توعوية وكتيب دليلك في الحالات الطارئة.

المرحلة الثانية: اثناء الكارثة (المواجهة):

وتتطلب هذه المرحلة……

التحرك السريع لفرق الانقاذ والمتطوعين بعملية الانقاذ معتمدين على المعلومات الدقيقة والمتكاملة المتوفرة سابقا عن كارثة الزلزالوتعتمد على التعذية الرجعية
العمل على سهولة الوصول للمعلومات التي تفيد ذوي الاعاقة واسرهم
طريقة مساعدة ذوي الاعاقة لنفسه ومساعدة الاخرين للنجاة من الكارثة
القدرة على تحديد الأولويات والاهتمام بالمشكلات الرئيسة أولاً، ثم المشاكل الثانوية.
التخطيط المسبق …. تظهر فاعلية التخطيط المسبق لمواجهة الكوارث في القدرة على الحد من المخاطر وتقليل الخسائر على الاشخاص ذوي الاعاقة، وتعتمد أي خطة لمواجهة الكوارث على خمسة دعامات أساسية: (الدعامة المادية، والدعامة البشرية، والدعامة التنظيمية، والدعامة الإدارية، والدعامة النفسية
دور الإعلام واضحاً في هذه المرحلة بإظهار الحقيقة والتركيز على جميع فئات المجتمع بمن فيهم ذوي الاعاقة
تضافر جميع أجهزة الدولة للمساهمة للسيطرة والتخفيف من حدة الكارثة
العمل السريع لفرق الإنقاذ المتدربة والمتفهمة لوجود اشخاص من ذوي الاعاقة والتدابير الصحية وعمليات إجلاء وإيواء المنكوبين.

المرحلة الثالثة: بعد الكارثة (العودة للحياة الطبيعية)

تعد مرحلة ما بعد الكارثة من أهم مراحل إدارة الكارثة، فهنا تتجلي قدرة المسؤولين على تسيير الكارثة، ومدى احتوائها والسيطرة على آثارها.

والهدف من هذه المرحلة …..

سرعة إعادة التوازن الطبيعي والحياة العادية إلى منطقة الكارثة في أسرع وقت ممكن.
الاهتمام بالجانب النفسي للناجين من هذه الكارثة ويكون من خلال خطة شاملة يشارك بها الاطباء النفسيين والمتخصصين والمعالج النفسي والناجين لتغير الصورة السلبية للزلزال المحفورة بأذهان الناجين والتقليل من الاثار النفسية.
ان تشمل الخطة الشاملة جميع فئات المجتمع بمن فيهم فئة الأشخاص ذوي الإعاقة وان تشارك فيها كل مؤسسات الدولة الحكومة والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني والجهات المختصة لرعاية ذوي الإعاقة والاسر، وهو ما يقتضي وضع خطة قصيرة الأمد تعين على تأمين الحد الأدنى الممكن من اعادة الحياة فيالمنطقة إلى وضعها الطبيعي، بالإضافة إلى وضع خطة طويلة المدى تضمن إعادة التوازن إلى المنطقة على النحو الذي كانت عليه من قبل وقوع الكارثة.
تذكير العالم بأهمية البحوث العلمية وتطبيقها على الأرض من خلال تعزيز البنية التحتية وتطبيق أفضل المعاير في انشاء الأبنية والمرافق ومشاركة الخبرات العملية في مجال مجابهة الكوارث  

ما يشعرون به الاطفال بعد الكارثة(الزلزال)  :

بعض الأطفال يعتقد أن الزلزال عقاب لنظرائه بسبب سوء سلوكهم مع والديهم ، وأكثر ما يشغل ذهن الصغار في هذه الظروف الخوف من الافتراق عن الوالدين

 حديث الزلزال يملأ الإعلام.. وبعض الأسر تتجنب الحديث عنه مما يزيد مخاوف الطفل 
 فينمو كثير من الأطفال في معظم أنحاء العالم – مع الأسف – في جو من العنف والإرهاب سواء النزاعات المسلحة، أو حتى الكوارث الطبيعية كالزلازل وغيرها مثلما شهدنا في سوريا وتركيا  .  ولا شك أن الكثير من الأسئلة الملحة تدور في أذهانهم عن أسباب النزاعات وطبيعة الكوارث وموقف الإنسان منها. ويمكن لهذه الأسئلة والأفكار أن تؤثر كثيراً على نمو الأطفال وفهمهم لأنفسهم وغيرهم والعالم من حولهم. ولا غرابة أن يسأل الأطفال في وقت الزلازل وغيرها أسئلة معقدة وصعبة. ويتعقد الموقف أكثر في هذا الوقت إذ تعج وسائل الإعلام صباح مساء بأخبار الإصابات والضحايا، مع نقل الصور الفورية، والأصح أن أقول إن وسائل الإعلام هذه تنقلنا وأولادنا إلى موقع الحدث أو الزلزال والموت. ومما يقلق الآباء والأمهات والمعلمين والمربين كيفية حماية صغارهم من التأثيرات الضارة لهذه الأحداث، فنجد الآباء يسألون عن الطريقة المثلى للتعامل مع الأطفال والصغار في هذه الظروف الصعبة، وعن المعلومات التي يفيد اطلاعهم عليها.
وأن ردود أفعال الصغار تختلف لأخبار الكوارث، والصور المرافقة لها، بسبب عوامل كثيرة مثل عمر الطفل وشخصيته والتجارب التي مر بها في حياته، وعلاقته بمن حوله كالوالدين وغيرهما. وأكثر ما يزعج الأطفال الصغار قبل المرحلة المدرسية هي المناظر المرعبة والمؤلمة، وكذلك أصوات الصراخ والانفجرات وصوت تهدم البنايات وبكاء الناس  ، وحتى سيارات الإسعاف والشرطة
وليس مستغرباً أن يخلط أطفال هذه السن بين الحقيقة وبين خيالاتهم، وبين تقديرهم لحجم الأخطار والأذى الذي قد يلحق بهم أو بغيرهم. ومن السهل أن تسيطر مشاعر الخوف والقلق على هؤلاء الأطفال، فيصعب عليهم إدراك حقيقة الأمر، أو إبعاد الأفكار المخيفة عن أذهانهم. وبينما يمكن لأطفال المرحلة الدراسية التفريق بين الحقيقة والخيال، إلا أنه يصعب عليهم في بعض الأوقات الفصل بينهما، فقد يخلط الطفل بين مشهد من فيلم مخيف وبين منظر من مناظر نشرات الأخبار، مما يدفعه إلى المبالغة في حقيقة الأخبار. وقد لا ينتبه الطفل إلى أن بعض المشاهد الإخبارية يعاد عرضها مرات ومرات حيث يظنّ أنها تتكرر من جديد. وبسبب وضوح الصور المنقولة حاليا بالوسائل العصرية المتطورة فقد يشعر الطفل أن الحدث قريب منه كثيراً وربما في الشارع الذي يسكنه أو البلدة القريبة منه.أما أطفال المرحلة الإعدادية وشباب الثانوية فنجدهم أكثر اهتماماً بالنقاشات الأخلاقية والدينية والسياسية أو الإنسانية المتعلقة بحالات الكوارث وطبيعة الاستجابة والإغاثة المتوفرة للضحايا والناجين
ويمكن لشخصية الطفل وطبيعته المزاجية أن تؤثر كذلك في تفاعله مع الحدث، فبعض الأطفال أكثر عرضة للخوف والقلق بسبب طبيعتهم النفسية، وبالتالي يحرك عندهم الخبر الخطِر مشاعر الخوف والاضطراب.ولا ننسى تفاوت الأطفال في طبيعة علاقتهم بطبيعة الكارثة أو الزلزال، فقد يكون لبعضهم أقارب أو أناس من نفس الجنسية أو الهوية أو الديانة ممن يقطنون مباشر في مكان الحدث أو الكارثة، ولا شك أن هؤلاء الأطفال أكثر عرضة للتأثر بالأحداث الدائرة. وقد يميل الأطفال الكبار إلى ربط أخبار الكارثة بأمورهم وظروفهم الشخصية وكأنها تتعلق بهم مباشرة.
وأن من أكثر ما يشغل ذهن الأطفال الصغار الخوف من الافتراق عن الوالدين، وطبيعة الجروح والإصابات ، ومفهوم الخير والشر، وربما الابتلاء والخوف من العقاب. وقد يسأل الطفل الصغير فيما إذا كان سلوكه حسنا أو سيئا، معتقداً أن الحدث أو الزلزال إنما قد وقعت على الأطفال الذين يشاهدهم في الأخبار بسبب أن سلوكهم مع والديهم لم يكن حسناً، لذلك فالزلزال عقاب لهم!وبسبب اهتمام الأولاد الكبار بقضايا الأخلاق والدين والمبادئ فقد يعمدون إلى التأمل والتفكير في القضايا الفلسفية والأخلاقية العامة، وطبيعة الرحمة الإلهية والعقاب والابتلاء. ومن الأولاد من يأخذ الموقف المعاكس فيصبح غير مبال بما يرى أو يسمع من أخبار الكارثة والإصابات والضحايا. وقد يكون ذلك بسبب كثرة المعلومات والصور والأخبار التي تعرض على هؤلاء الأطفال مما يصيبهم بشيء من حسّ الخدر وضعف الحساسية لكثرة الأخبار ومقاطع الفيديو المصورة، وخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبسبب ألعاب الأطفال الإلكترونية وغيرها فقد لا يشعر الطفل أنه أمام مناظر حقيقية، وضحايا، ودماء، وقتلى.
قد لا يكون من السهل معرفة ما يدور في ذهن الطفل عندما يكون تحت تأثير صدمة أخبار شديدة مزعجة، وقد يتردد الطفل في الحديث عن مخاوفه، خاصة أنه قد لا يكون قد انتبه إلى مدى تأثير الأخبار عليه.
ويمكن للأطفال أن يشعروا بمخاوف متعددة وبشكل يخالف توقعات الأهل. فقد يخاف الطفل من ركوب الحافلة بعد أن رأى في الأخبار حافلة تقع تحت سقف متهاون، أو يخاف من الذهاب إلى المدرسة بعد أن شاهد مدرسة تعرضت للدمار بسبب الهزة الأرضية. ويمكن للآباء أن يتنبهوا إلى المؤشرات التي توحي بكيفية تعامل الطفل مع الأحداث وأخبار الكارثة، وليس بالضرورة أن يكون لعب الأطفال لألعاب العنف مؤشراً إلى مشكلة نفسية عندهم، فهذا أمر طبيعي عند الصغار، وخاصة الصبيان، وقد يزداد هذا النوع من اللعب وقت الأزمات، فيحاول الأطفال محاكاة ما يشاهدونه، أو التفكير بالانتقام، معتقدين بأنهم يساهمون في حل بعض النزاعات التي يرونها أمامهم.
وكيف الحال مع الاطفال ممكن كانو تحت الانقاض لايام بدون ماء او غذاء الضلام والبرد يحيط بهم وبجانبه امه او ابيه او اخوته جثة هامدة لا تتحرك كيف يكون شعوره وماذا يدور بعقله ؟كيف سيكون مستقبل هذا الطفل؟

الدعم النفسي والمعنوي لأطفال زلزال تركيا وسوريا

على الرغم من خطورة الأضرار الجسدية التي تحل بالأشخاص الناجين من ذوي الاعاقة ، إلا أنه لا يمكن إهمال الجانب النفسي أبداً، إذ يترتب على وقوع أي كارثة إنسانية آثار نفسية وعاطفية تُصيب افراد المجتمع بمن فيهم ذوي الاعاقة ممن تعرض لتجربة قاسية تحت الانقاض الخوف والقلق من اصوات الانفجارات والصراخ وانهيار البنايات ، الظلام والبرد الذي عاشوه أيام تحت الأنقاض من غير غذاء او ماء، وايضا فقدهم لاحد الوالدين ولربما الاثنين والاخوة مما كانت سبب في ظهور اضطرابات نفسية من الاكتئاب والحزن والخوف والوسواس القهري ، وضعف التركيز والانتباه، إلى جانب التغيّرات التي تظهر على بعض الأشخاص من الناحية السلوكية كتغيير في الشهية وطبيعة النوم

وهنا يظهر اهمية طلب مساعدة المعالج النفسي لمباشرة العمل معهم سواء بجلسات فردية او جماعية لتخفيف عن الاثار النفسية السلبية التي تركها الزلزال، وللتخلص من المشاكل التي ترافقهم إثر التجربة القاسية التي مروا فيها وصولاً إلى جعلهم أفراد يتمتعون بالصحة النفسية من جديد..

يجب ان نتذكر امر هام……..بان من اثار الكوارث الطبيعية ممكن تكون سبب بحدوث الاعاقة حيث ممكن ان يفقد احدى حواسه البصرية او السمعية بسبب الاصوات العالية والمناظر المخيفة ، وممكن ان يفقد احد اطرافه ويصاب بإعاقة حركية وممكن ان تأثر الردم على رؤوسهم الى اعاقة عقلية.

كيف نتحدث مع اطفالنا عن الزلزال وماذا حدث؟

وبشأن كيفية التحدث مع الأطفال عن الكارثة، يوجد بعض المعتقادات المغلوطة لبعض الناس بأن  الحديث عن الكارثة كالزلزال مع الأطفال من شأنه أن يزيد لديهم المخاوف والقلق، والعكس هو الصحيح، وإن كان الأمر يتوقف ولحد كبير على طريقة الحديث والحوار معهم. والأخطر من الحديث المباشر والصريح أن يحتفظ الطفل بمخاوفه الخاصة التي لا يتحدث عنها مع غيره. فحديث الكارثة أو الزلزال يملأ وسائل الإعلام، إلا أن أسرة الطفل تتجنب الحديث عنها مما يزيد مخاوف الطفل، معتقدا أن أهله يخفون عنه أمرا شديد الخطورة
كما هو الحال مع المواضيع الأخرى في الحياة، يجب الانتباه للمراحل العمرية ولمرحلة نمو الطفل وفهمه واستيعابه. وبالرغم من أن الأطفال الصغار وحتى الذين في الرابعة أو الخامسة من العمر يمكن أن يدركوا طبيعة الكوارث كالزلازل، إلا أنه ليس كلهم بالضرورة يعرفون كيفية الحديث عما يشغلهم ويقلقهم. ولذلك قد يحتاج الأهل أحياناً أن يبدؤوا هم في الحوار مع أولادهم.ويمكن أن يبدأ الوالدان بسؤال الطفل عما يمكن أن يكون قد سمعه من أخبار، أو عن رأيه فيما يجري من أحداث. وعلى الأهل أن يمسكوا أنفسهم عن محاولات إلقاء المحاضرات على الأطفال حتى يتعرفوا أولاً على الأمور المهمة التي تشغل بالهم، فقد تكون تماما غير ما توقعه الأهل.ويمكن الاستفادة من بعض الظروف الطبيعية ومنها مثلاً عندما يشاهد الجميع نشرة الأخبار، أو عندما تحدث بعض الأمور كظهور النقاشات على شاشة التلفاز، أو عند حملات جمع التبرعات لصالح ضحايا الكارثة، فيمكن للأهل هنا أن يحاولوا الحديث والاستماع للطفل، والتعرف على أفكاره ومخاوفه بشكل بسيط وطبيعي، وفي هدوء ودون انفعال يقلق الطفل.
وليس من الطبيعي أن يكون النقاش في هذه المواضيع المشحونة بالعواطف في جلسة واحدة، ولكن لا بد من زيارة الموضوع كلما دعت الحاجة. وقد تستجد بين الحين والآخر قضايا وتفاصيل جديدة تستدعي الحديث مجدداً، كزيادة عدد الضحايا التي انتشلت من تحت المباني المهدمة.ويمكن للأهل محاولة التوسع في فتح مواضيع أخرى وثيقة الصلة بما يجري كمواضيع تكوين الكرة الأرضية، واحتكاك الطبقات المختلفة التي تسبب الزلازل والبراكين. وقد يتطلب الأمر في بعض الحالات التعرض لمعلومات جغرافية عن منطقة معينة لها صلة بالزلزال، أو بعض المعلومات التاريخية، أو ثقافة وتقاليد مجموعات من الناس أو الشعوب أو الدول، وطبيعة العمران في بعض البلاد المعروفة بأنها أرض زلازل. ولا بأس من محاولة ربط طبيعة الكوارث بتعاون الدول في حملات الإغاثة ومدّ يد المساعدة بين الشعوب، وخاصة في البلد الذي يعيش فيه الطفل، أو طبيعة الكوارث الطبيعية المختلفة في بعض بلاد العالم.وعلى الأهل احترام رغبة الطفل إن لم يُرد الحديث في الموضوع في بعض الأوقات عندما لا يكون مرتاحاً للأمر.

وممكن من النقاش عن حملات الاغاثة ان ادرب الطفل على تحمل المسؤولية ومساعدة الاخرين واخذهم لصناديق الاغاثة واجعلهم من يضع المال فيها مع الشرح له واء هذه الاموال

وما اريد قوله ان نتائج الصرمة يعود لعدد من النقاط:

1. عمر الطفل
2. مدى تحمله للمسؤولية
3. ثقته بنفسه
4. هل تعيش باسرة تتمتع بالصحة النفسية
5. هل يعاني من اي من الاضطرابات النفسية قبل الكارثة

نصائح بسيطة ومهمة عند الحديث مع أطفالك

استمع واستمع، واستمع من جديد لما يقوله طفلك، أو يحاول أن يقوله.
– لا تقلل من قيمة اي كلمة يقولها طفلك
أظهر احترامك لطفلك حتى ولو لم توافقه على ما يقول: «أنا أحترم رأيك هذا».
انظر في عيني طفلك أثناء الحوار، قدر الإمكان.
تصيد الظروف المناسبة لشرح بعض الأفكار الأساسية.
قل الحقيقة، ولو على درجات أو مراحل، ولكن لا تقل ما هو غير حقيقي.
يتعلم الأطفال كثيرا من مراقبة الآخرين، فكن قدوة لهم.
اقض مع أطفالك وقتاً مشتركاً حراً من دون قيود وتعليمات.
أظهر أنك مهتم حقيقة بطفلك وبآرائه.
حاول ألا تنتقد طفلك، فليس هذا هو وقت التعليم وتصحيح الأخطاء.
أعط طفلك كل انتباهك وتركيزك.
تذكر أنك تتحاور مع طفلك ليس فقط بالكلمات وإنما أيضا بتعابير الوجه وحركات الجسم.
ذكّر طفلك بأن له مكانة خاصة عندك.
حث طفلك على الحديث عن مشاعره: «يبدو أنك منزعج، حدثني عما يشغلك».
شارك طفلك أفكارك ومشاعرك ومعتقداتك: (انا أشعر.. أنا أرى)  .

دروس يستفاد منها:

وبذلك ما حدث بتركيا وسوريا سوف يكون درسا يؤثر على صناع القرار في مناطق أخرى من العالم عند حدوث كوارث متشابهة

وبذلك وصلنا لنهاية الورقة بعنوان (اتخاذ كافة التدابير الممكنة لضمان حماية وسلامة الأشخاص ذوي الإعاقة لكارثة زلزال تركيا وسوريا وفقا لاتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة )

….. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الدكتورة هلا السعيد

مستشار وخبير بشؤون الاشخاص ذوي الاعاقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى