الجفاف في أوروبا: خطر محدق بصناعة زيت الزيتون في إسبانيا بسبب أسوأ موجة تشهدها البلاد
[ad_1]
- مارك لوين
- بي بي سي نيوز – الأندلس
يشق فرانسيسكو إلفيرا طريقه عبر بستان الزيتون المتيبسة أشجاره بفعل الحرارة، ويتوقف لتفقد الثمار الضامرة على تلك الأشجار شبه العارية.
يقول في يأس: “انظر إلى حال تلك الأشجار.. يجب أن تكون أغصانها في مثل هذا الوقت مثقلة بالثمار، مع اقتراب موسم الحصاد. لكنها للأسف شبه عارية، والمفارقة أن هذا هو المحصول الذي يجب أن ينتج الزيت لتزويد رفوف المتاجر الكبرى العام المقبل”.
جعلت السهول الخصبة المليئة بأشجار الزيتون، التي تمتد عبر جنوب إسبانيا من هذا البلد أكبر منتج لزيت الزيتون في العالم، حيث يمثل حوالي نصف الإمداد العالمي.
ولكن بسبب أسوأ موجة جفاف سُجلت في التاريخ، أصبح ما يسمى بـ “الذهب الأخضر” في إسبانيا أكثر ندرة. وقد انخفض محصول هذا العام بنحو الثلث بالفعل – ولا توجد حتى الآن علامة على هطول أمطار قريب.
في مصنع إنتروليو Interóleo في خايين Jaén، المقاطعة التي تنتج نصف زيت الزيتون الإسباني، تعبئ المضخات “الذهب الأخضر” في عبوات زجاجية وبلاستيكية، تمر بعدها على طول حزام النقل لتوضع عليها علامة تشير إلى أنها “منتج إسباني”.
لكن المصنع الذي يُصدر إنتاجه إلى دول عديدة من بينها المملكة المتحدة، يشهد انخفاضا حادا في الإنتاج وارتفاعا كبيرا في الأسعار، مما قد يسهم في تفاقم أزمة الغذاء العالمية.
يقول خوان غاديو، رئيس العمال في مصنع إنتروليو، والذي يعتقد أن هذا القطاع الحيوي لإسبانيا بات في خطر الآن: “يدفع المتسوقون بالفعل ثمنا أعلى بمقدار الثلث عما كانوا يدفعونه في العام الماضي، لكن الجفاف سيفاقم المشكلة وسيرتفع مقدار ما يدفعونه بشكل أكبر”.
ويتابع غاديو: “مع الانكماش الاقتصادي، قد نضطر إلى تسريح بعض العمال.. هناك شعور طاغ بالإحباط وعدم اليقين.. عام آخر مماثل لهذا العام سيكون من دون أدنى شك كارثة شاملة”.
وكما هو الحال مع الزيتون، المشكلة مماثلة عبر القطاع الزراعي كله، إذ وجدت الأبحاث الحديثة أن أجزاء من شبه الجزيرة الأيبيرية هي الأكثر جفافاً منذ 1200 عام.
وقد بدأ المزارعون الإسبان بزراعة المزيد من نباتات عباد الشمس منذ بداية العام الحالي، في محاولة لتعويض فقدان زيت عباد الشمس القادم من أوكرانيا – أكبر منتج في العالم، إذ أدت الحرب إلى انخفاض حاد في الإنتاج.
لكن الزهرة التي تقدس الشمس تحتاج أيضا إلى نعمة المطر، التي تعد شحيحة للغاية في هذه الأيام، مما يعني وجود مساحات من المحاصيل الذابلة التي لا تنتج البذور ولا الزيت.
بينما تقتلع زهور عباد الشمس الميتة من حقولها الجافة، تفكر إيزابيل فيلغاس فيما إذا كانت ستحاول زراعة نباتات عباد الشمس مرة أخرى.
وتقول: “إذا لم تمطر بحلول نهاية العام، فلا جدوى من زراعة المزيد.. إن ذلك سيكون بمثابة رمي المال على الأرض بدون أمل في حصاد أي شيء، ولا توجد أي توقعات بهطول أمطار في الوقت الحالي”.
وقد خلص تقرير حديث صادر عن المرصد العالمي للجفاف إلى أن أوروبا تعاني من أسوأ جفاف شهدته منذ 500 عام.
ويكافح العديد من البلدان في جميع أنحاء القارة الأوروبية حرائق الغابات وموجات الحر، وقد تضررت إسبانيا بشكل خاص، إذ احترق أكثر من 270 ألف هكتار هنا هذا العام، وفقا لنظام معلومات حرائق الغابات الأوروبي.
كما أدت الحرارة الشديدة وقلة هطول الأمطار إلى انخفاض كبير في مستويات احتياطيات المياه الطبيعية في إسبانيا، ومنسوب المياه في خزان فينويلا Vinuela بالقرب من مدينة ملغا يزيد قليلا عن 10 في المئة من سعته الكلية.
في أماكن أخرى باتت قرى الواجهة البحرية التي تعود للقرون الوسطى، والمدفونة منذ فترة طويلة تحت الأنهار، مكشوفة بعد تبخر المياه.
تعمل الحكومة الإسبانية حاليا على توسيع محطات تحلية المياه وبناء محطات جديدة، بالإضافة إلى تسخير المحيط لتخفيف نقص المياه.
وفي كامبو دي دالياس، بجوار مدينة ألميريا الساحلية، تم اصطحابنا إلى المنشأة العملاقة حيث يتم سحب مياه البحر لإخضاعها لعملية التحلية.
يتم استخلاص الملح من نصف كمية الماء لإنتاج مياه نقية، بينما يمتص النصف الآخر الملح الإضافي ثم يضخ مرة أخرى إلى المحيط، حيث لا يسبب أي ضرر بيئي.
ينتج المصنع 90 ألف متر مكعب من المياه النقية كل يوم، لكن صدرت أوامر بالزيادة إلى حوالي 130 ألف متر مكعب في غضون أربع سنوات.
في جميع أنحاء المنشأة، تمتلئ الحقول بالصفائح البلاستيكية، والتي تعمل كبيوت زجاجية للفاكهة والخضروات التي تنمو تحتها.
ويتم استخدام نصف المياه المنتجة في محطة التحلية لسقي المحاصيل هنا، ومن الجدير بالذكر أن إسبانيا تنتج فواكه وخضروات أكثر من أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي.
لكن هذا بالتحديد، كما يقول بعض العلماء، هو جزء من المشكلة، إذ إنه في عصر النقص الحاد في المياه، لم يعد بإمكان هذا البلد أن يكون “حديقة أوروبا”، كما كان يطلق عليه عادة.
تقول جوليا مارتينيز، من مؤسسة ثقافة المياه الجديدة: “لقد ازدادت المساحة الإجمالية للأراضي المروية في إسبانيا على مدى العقود الماضية، سواء بشكل قانوني أو غير قانوني”.
وهي تعتقد أن النموذج الحالي للبلد في إدارة المياه غير مستدام.
وتمضي قائلة: “تستهلك الأراضي المروية 85 في المئة من إجمالي الموارد المائية. أما النسبة المتبقية وهي 15 في المئة فقط، فلا يمكنها تلبية جميع الاحتياجات المائية الأخرى، التي يعد بعضها على رأس قائمة الأولويات”.
وتتابع: “ما لم نغير من طبيعة التوازن، لا يمكننا تحسين حالة أنهارنا أو التكيف مع تغير المناخ “.
تربة متشققة، وأنهار جافة، ومحاصيل ذابلة: هذا ما أصبحت عليه الأراضي الإسبانية الغنية، والتي تحولت إلى أراض فقيرة بسبب حالة طوارئ مناخية من صنع الإنسان. وباتت التكلفة على كوكبنا وحتى على معيشتنا أكثر وضوحا من أي وقت مضى.
وعبر سهول الأندلس الجميلة ولكن الجافة، لا توجد حتى الآن أي توقعات بهطول الأمطار.
[ad_2]
Source link