العمالة المصرية في الكويت: كيف ساهمت أخبار كاذبة ومقاطع مضللة في تأجيج حملة إلكترونية لوقف تأشيرات دخولها؟
[ad_1]
اجتاح جدل كبير مواقع التواصل الاجتماعي بعدما أطلق مغردون كويتيون حملة إلكترونية تطالب بوقف إصدار تأشيرات الدخول للوافدين المصريين، وتصدر وسم #وقف_فيز_المصريين قائمة المواضيع الأكثر انتشارا عبر تويتر في البلاد.
وتأتي الحملة الجديدة بعد أيام من إعلان بلدية الكويت خطة جديدة لـ”تكويت الوظائف”، أعقبه بيان من وزارة القوى العاملة المصرية، حول أبعاد التأثير المحتمل للخطة على العاملين المصريين في الكويت.
لكن أخبارا كاذبة ومقاطع مضللة ساهمت في تأجيج تلك الحملة، فما تفاصيل القصة، وكيف تفاعل معها المغردون؟
خطة “التكويت”
البداية كانت إعلانا صدر قبل أسبوع من وزيرة البلدية ووزيرة الدولة لشؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الدكتورة رنا الفارس، عن خطة “تكويت وتمكين الكوادر الوطنية في بلدية الكويت”.
ووضعت الوزيرة جدولا زمنيا لتنفيذ الخطة، في الفترة بين الأول من سبتمبر / أيلول القادم والأول من يوليو/ تموز 2023، يضم ثلاث مراحل، وتشمل كل منها إنهاء خدمات 33% من غير الكويتيين العاملين بالبلدية.
لكن قرار رنا لفارس استثنى الفئات الخمس التالية:
- الموظف غير الكويتي لأم كويتية.
- الموظفون من أبناء دول مجلس التعاون الخليجي.
- الموظفون غير محددي الجنسية المقيمون بصفة دائمة بدولة الكويت بشرط تسجيلهم لدى الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية.
- موظفي الخدمات (سائق وخدمات مناولة).
- 50% من موظفي إدارة الجنائز العاملين في المقابر.
وفور انتشار الخبر وتفاصيل الخطة، سارع كثير من مستخدمي مواقع التواصل الكويتيين للإعراب عن ترحيبهم وتأييدهم لها، إذ رأوا فيها خطوة في الاتجاه الصحيح، في ظل الأوضاع الاقتصادية ومعدلات البطالة التي تشهدها بلادهم.
بينما أعرب كثير من الوافدين والمقيمين، الذين يعملون في الكويت منذ سنوات وبينهم آلاف المصريين، عن خشيتهم من تداعيات محتملة للخطة على حياتهم.
وبرز بين الجانبين فريق ثالث لم يتحر الدقة في نقل الخبر من مصادر موثوقة، وهو ما أسفر عن انتشار واسع لشائعات ولمعلومات مغلوطة، صاحبها أحيانا تلاسن وإساءات.
وفي غضون يوم، تفاقم الشحن المعنوي لينعكس بالسلب على محادثات المغردين، وسط تغطية مكثفة من وسائل إعلام محلية، افتقر بعضها للدقة.
وقد دفع ذلك وزارة القوى العاملة المصرية لإصدار بيان توضيحي، في محاولة لتهدئة روع المواطنين المصريين.
بيان وزارة القوى العاملة المصرية
بعد أيام من الإعلان عن خطة التكويت، أصدرت وزارة القوى العاملة في مصر بيانا “نفت فيه ما يتردد بشأن الاستغناء عن العمالة المصرية في الكويت”.
وأكد حسن شحاتة، وزير القوى العاملة المصري في البيان “حرص الوزارة على المتابعة المستمرة لأوضاع المصريين العاملين بالخارج، وأنه يتابع ما يتردد من شائعات وأرقام مغلوطة حول العمالة المصرية في الكويت”.
وأشار شحاتة إلى أنه “تلقى تقريرا من رئيس مكتب تمثيل العمال بدولة الكويت، أحمد إبراهيم، يوضح صدور قرارات مماثلة سابقة عن وزارة الدولة للشؤون البلدية بالكويت في عامي 2017 و2020، بشأن تكويت العديد من الوظائف في بعض الجهات الحكومية”.
ونبه الوزير المصري إلى “أن ما يتردد عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن ترحيل عدد كبير من العمالة المصرية لا يمت للواقع بصلة، وأن هذا القرار سيؤثر على الوافدين للعمل بوزارة الدولة للشؤون البلدية وما يتبعها من إدارات فقط لا غير”.
وأضاف شحاتة أن “البيانات الرسمية الواردة في التقرير تفيد أن عدد العاملين المصريين بالقطاع الحكومي بدولة الكويت لا يتخطى 31 ألفا، وأن العاملين منهم بوزارة الدولة لشئون البلدية وإداراتها لا يتعدى الألف، ولن يتأثر جميعهم بالسلب، وإنما سيتأثر فقط من يعمل منهم في الوظائف الإدارية التي سيتم “تكويتها” وفقا للقرار”.
وأشار الوزير إلى أن “التعاون مستمر بين وزارة القوى العاملة والجهات المعنية في دولة الكويت الشقيقة فيما يخص حقوق العمالة المصرية هناك، وأن الوزارة سوف تتدخل لحماية أي عامل مصري في حال فقدانه لوظيفته للحصول على كافة مستحقاته بالطرق القانونية”، وأوضح أن “الكثير من المصريين العاملين ممن سبق إنهاء خدماتهم بقرارات التكويت السابقة تم إعادة تعيينهم على عقود الاستعانة بجهات كويتية أخرى”.
وختم بيان وزارة القوى العاملة بمناشدة “جميع وسائل الإعلام عدم الانسياق وراء الشائعات وتحري الدقة في نقل المعلومات”، وبالتشديد على أن “ما نشر في بعض المواقع حول حجم العمالة المصرية في الكويت غير صحيح، وأن عدد العمالة المصرية بالكويت حوالي 456 ألفاً و515 عاملاً لن يتأثروا بهذا القرار”.
#وقف_فيز_المصريين
وقد جاءت ردود الفعل حول بيان وزير القوى العاملة المصري متباينة، فبينما رحب بها كثير من وسائل الإعلام والمواطنين المصريين، سارع بعض الكويتيين إلى انتقادها ووصفها بأنها “تدخل في شؤون بلادهم وتهديد واستفزاز لشعبها”.
كما تزامن ذلك مع إطلاق حملة إلكترونية عبر وسم #وقف_فيز_المصريين ، تطالب بمنع دخول مزيد من المصريين للعمل في الكويت، في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة البطالة بين الكويتيين.
ويرى مؤيدون للحملة أنها تعبر عن حق مكفول تسوغه مخاوف داخلية من “تغيير في التركيبة السكانية في الكويت بعد أن فاق عدد الوافدين المواطنين”، على حد وصفهم.
أخبار كاذبة ومقاطع مضللة
وقد رصدت مدونة بي بي سي ترند محاولات حثيثة من مغردين لكسب التأييد ولزيادة التفاعل مع الحملة، لكن بعضها تضمن نشر اقتباسات مجتزأة من بيان وزير القوى العاملة المصري، مع نسبتها بالخطأ تارة لسفير مصر السابق في الكويت طارق القوني، ولخلفه السفير الحالي أسامة شلتوت تارة أخرى.
كما رصدت مدونة بي بي سي ترند مزجا مضللا لتلك الاقتباسات مع مقطع فيديو، نسب بالخطأ أيضا لسفير مصر السابق في الكويت.
أما ناشرو المقطع، فقد قدموه على أنه تصريح رسمي من دبلوماسي ومسؤول مصري. كما أن التعليق الذي صاحب نشرهم له مستمد بتصرف مخل من بيان وزير القوى العاملة المصري، إذ أغفل جزءا مهما من تصريحاته فبدا كأنه يتحدى قرار التكويت الصادر مؤخرا.
وبينما نص بيان الوزير على “أن التعاون مستمر بين وزارة القوى العاملة والجهات المعنية في دولة الكويت الشقيقة فيما يخص حقوق العمالة المصرية هناك”، يقول نص التغريدة التي نشرت المقطع، على لسان سفير مصر (السابق) لدى الكويت طارق القوني: “نرتب مع القوى العاملة الكويتية لتدوير المصريين العاملين في بلدية الكويت لتوظيفهم في وزارات أخرى”.
كما وجدت مدونة بي بي سي ترند أن المقطع المصاحب للتغريدة (ومدته دقيقتان) قد اختزل من حديث أطول (مدته 11 دقيقة) للدكتور رضا عبد السلام، محافظ الشرقية الأسبق وأستاذ ووكيل كلية الحقوق بجامعة المنصورة، والذي يعمل أيضا مستشاراً اقتصادياً لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (لتقديم المعونة الفنية لوزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية).
نشر التسجيل الأصلي في الـ19 من أغسطس آب الجاري، قبل أربعة أيام من صدور بيان وزارة القوى العاملة في مصر، بينما نشر المقطع المجتزأ في يوم صدور بيان الوزارة.
وقد جاءت آراء رضا عبد السلام في التسجيل الأصلي، الذي حمل عنوان: “قرار كويتي يُهدد بعودة نحو 760 ألف مصري! هل الكلام ده صحيح؟! وما المطلوب ومِمَن وسريعا؟! رجاء استمع”، معبرة عن وجهة نظره الشخصية المستندة إلى خبرته، في وقت لم تكن قد توفرت فيه إجابات كافية من مصادر رسمية مصرية، لكنه شدد أيضا في التسجيل على “أهمية الحفاظ على متانة الأواصر بين الشعبين، المصري والكويتي”.
وبمقارنة المقطع المجتزأ بالتسجيل الأصلي، يتضح التناقض بين السياق الذي حرص الدكتور رضا عبد السلام على اتباعه في شرح أبعاد المشكلة، وأسلوب الاختزال الذي مارسه ناشرو المقطع.
دعوات لوأد نار الفتنة
وفي المقابل، دافع كويتيون عن الوافدين المصريين وقالوا إنهم “أهلنا وأشقاؤنا في السراء والضراء”.
كما دعا بعض المغردين إلى تهدئة الأجواء، وتساءلوا عن “أسباب إشعال فتنة بين الشعبين المصري والكويتي”.
محلل سياسي: “التكويت” لا ينتقص من قيمة المصريين
من جهته، دافع المحلل السياسي، عبد الواحد خلفان، في حديث لمدونة بي بي سي ترند عن خطة التكويت التي أعلنتها وزيرة الدولة لشؤون البلدية رنا الفارس.
–هناك انتقادات لهذه الخطة بشكل عام، فالبعض يرى أنها ليست أول خطة تكويت، وأن من غير الممكن تطبيقها على أرض الواقع؟
“هذا الكلام غير صحيح، لأن خطة التكويت أو عملية الإحلال هذه ليست جديدة، بل تحدث في جميع دول العالم، وهي من المشاريع الوطنية الهامة في السعودية والإمارات والكويت وفي باقي دول مجلس التعاون الخليجي”.
وأضاف خلفان أنه “نظرا لوجود أزمة بطالة متصاعدة في الكويت، فهناك آلاف الخريجين من جميع التخصصات، وعدد كبير من خريجي كليات القمة، لا يجدون وظائف كل عام، وهناك آلاف الطلبة الكويتيين في مصر، وهؤلاء سيعودون إلى الكويت ولن يجدو وظائف، وكذلك غيرهم ممن يدرسون في الولايات المتحدة وفي المملكة المتحدة لن يجدو وظائف، وبالتالي هم بحاجة إلى تلك الوظائف”.
وأشار خلفان إلى أن “الوزيرة لم تتناول بالذكر العمالة المصرية الصديقة في الكويت، كما لم تتطرق إلى أية جنسية أو جالية أخرى، بل جاء الإعلان عاما. فعلى سبيل المثال، لدينا عمالة هندية يفوق عددها العمالة المصرية”.
-لماذا إذا تضج مواقع التواصل الاجتماعي بمطالبات لطرد المصريين من الكويت؟
“ربما يثار هذا اللغط عبر مواقع التواصل بسبب شعور المصريين بعد الٌإعلان عن الخطة بمخاوف من فقدان وظائفهم، كما أن خطة الإحلال لم تعلن عن مدة زمنية، فهي خطة إحلال تدريجي على مدى سنوات. يعني العملية تسير ببطء، خاصة مع بعض التخصصات التي لا توجد بها عمالة كويتية”.
–هل هناك خطة واضحة لعملية إحلال هذه الوظائف؟
“حتى الآن ليست هناك خطة واضحة لعملية الإحلال، ولكن هناك خطة في ديوان الخدمة المدنية، المسؤول عن العمالة الوطنية الكويتية، للإحلال التدريجي للعمالة الوافدة في بعض التخصصات، التي تتوفر فيها عمالة كويتية كبيرة. وهي خطط تتنوع بين قصيرة المدى وطويلة المدى، ونتحدث هنا عن سنوات لإمكانية تنفيذ هذا الإحلال”.
“لا نستعجل إطلاق الأحكام بعد تصريح واحد للوزيرة، وتقليل العمالة حق مشروع لمستقبل الكويت، في ظل البطالة ووجود كوادر يمكن إحلالها بدلا من العمالة الوافدة. ولكني أعتب على بعض أجهزة الإعلام المصرية التي تعجلت في إطلاق الأحكام وقد تثير قلقا بين الأشقاء في البلدين”.
– لكن هناك عشرات المغردين الكويتيين ممن يطالبون بطرد المصريين من الكويت؟
“الكويت لديها مساحة كبيرة من حرية الرأي وهامش كبير من الديمقراطية، وهناك طبعا مبالغات في الطلب لتقليل العمالة من جميع الجنسيات، ومن ضمنها الجنسية المصرية، لكن هذا يجب ألا يثير قلق الجانب المصري، فقد حدث في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، في بعض التخصصات والوظائف. لدينا مشكلة في التركيبة السكانية في الكويت، لأنها دولة صغيرة قد لا تتحمل العمالة الوافدة في ظل الظروف الاقتصادية”.
– ولكن لماذا تركزت أغلب المطالبات عبر مواقع التواصل على المصريين؟
“لا تبنى الأحكام على تغريدات حتى لو صدرت عن مواطنين، فهذه ساحة مفتوحة. كما حدثت تجاوزات عدة في الكويت، مثل الشهادات المزورة من مصر، فأثارت حساسية كبيرة. ولكن تلك التغريدات لا تمثل الرأي الحكومي، بل هي آراء شخصية تعبر فقط عن أصحابها”.
“العلاقات بين الدول لا تبنى على تغريدات مواقع التواصل الاجتماعي ولا الحملات الإعلامية. وهناك تغريدات تأتي من مصر تكون فيها مبالغة كبيرة أيضاً، علماً بأن الكويت أكبر حاضنة خليجية للعمالة المصرية، وهناك الصندوق الكويتي الذي يدير العديد من المشاريع المصرية، وهناك علاقات طيبة واستراتيجية بين البلدين”.
وختم خلفان بالقول: “يتعين أن ننتبه إلى أن هناك من يريد تخريب العلاقات الجميلة بين البلدين، ولا داعي للاندفاع وراء التغريدات أو الفيديوهات المحرضة، التي قد تثير مشاكل بين البلدين. وكنت أتمنى أن تنفي السفارة المصرية صحة الفيديو الذي قيل إنه للسفير المصري في الكويت، والذي أثار هذا الجدال بعد انتشاره، بدلا من انتشار فيديو قد يثير القلق والمشاكل بين الشعبين”.
[ad_2]
Source link