داريا دوغين: من هي وماذا يعني مقتلها بالنسبة لروسيا؟
[ad_1]
حَوَّل مقتل داريا دوغين، ابنة الفيلسوف القومي الروسي ألكسندر دوغين، البالغة من العمر 29 عاما الأنظار من ساحة المعركة في أوكرانيا إلى ضواحي موسكو، حيث فُجرت السيارة التي كانت تقلها، مما أدى إلى مقتلها على الفور.
وقد قال جهاز الأمن الفديرالي الروسي (FSB) إن أوكرانيا كانت وراء الاغتيال وإن أحد المشتبه بهم – يُزعم أنها مواطنة أوكرانية – تتبعت درايا ووالدها إلى مهرجان في ضواحي موسكو لتنفيذ الهجوم، لكنها هربت لاحقا إلى إستونيا المجاورة، قبل أن تتمكن الشرطة الروسية من القبض عليها.
لكن المسؤولين الأوكرانيين سخروا من هذه النظرية ونفوا أي صلة لهم بالهجوم، كما وصف المستشار الرئاسي ميخايلو بودولياك رواية جهاز الأمن الروسي بأنها “دعاية روسية من عالم خيالي”.
وتقول كييف إن الخلافات السياسية الداخلية في روسيا هي سبب مقتل داريا.
وقد أدان الرئيس فلاديمير بوتين “الجريمة الدنيئة والوحشية” ومنح داريا دوغين وسام الشجاعة بعد وفاتها، وأشاد والدها ألكسندر دوغين البالغ من العمر 60 عاما بها في حفل تأبين في موسكو، يوم الثلاثاء، قائلاً: “لقد ماتت من أجل روسيا.. على خط المواجهة”.
من هي داريا دوغين؟
لم تكن داريا دوغين اسما شهيرا في روسيا، لكن على الرغم من ذلك ومنذ الحرب على أوكرانيا، كان لها ولوالدها بطبيعة الحال، حضور كبير في وسائل الإعلام، إذ تبنت خطابا دعائيا مناهضا لأوكرانيا ومعاديا للغرب.
يطلق البعض على والدها الفيلسوف ألكسندر دوغين، لقب “عقل بوتين” ولطالما عبّر عن فلسفة قومية متطرفة معادية للغرب جعلت منه شخصية مهمة في موسكو، على الرغم من عدم توليه أي منصب رسمي.
ودوغين هو مؤسس ما يسمى بالحركة الأوراسية، وتحظى أفكاره ووجهات نظره بشعبية كبيرة بين النخب السياسية الروسية.
يتمثل محور نظرية دوغين الجيوسياسية في أن مهمة روسيا هي تحدي الهيمنة الأمريكية على العالم، بمساعدة إيران، وكذلك الأحزاب المناهضة لفكرة الاتحاد الأوروبي.
يعتقد الكثيرون في روسيا أن ألكسندر دوغين كان الهدف الحقيقي للهجوم الذي قضت فيه ابنته نحبها، إذ كان من المفترض أن يسافر في نفس السيارة لكنه غير رأيه في اللحظة الأخيرة.
في الوقت نفسه، كانت داريا نفسها صوتا حيا لأفكار والدها، وكانت ضيفا دائماً على العديد من القنوات التلفزيونية الروسية وعلى موقع يوتيوب. كما كتبت في عدد من المنشورات المؤيدة للحكومة وكانت نشطة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وعلى غرار أيديولوجية والدها، تحدثت عن استعادة “الموقع والمكانة العظيمين” لروسيا عبر أوراسيا، بدءا من الاتحاد السلافي الشرقي الذي يضم روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا.
ولدت داريا دوغين عام 1992، والتحقت بقسم الفلسفة في جامعة موسكو الحكومية المرموقة.
ونقلت وسائل الإعلام الروسية عن معلميها وأساتذتها قولهم إنها اكتسبت سمعة طيبة كطالبة موهوبة وذكية.
في عامي 2012 و 2013 درست لفترة وجيزة في جامعة بوردو 3 في فرنسا، حيث ركزت على الفيلسوف الإغريقي القديم أفلاطون، الذي أصبحت أعماله موضوع أطروحتها النهائية وأيضا محور بحثها بعد التخرج.
تحدث موقع ميدوزا Meduza الروسي المستقل إلى العديد من أصدقاء داريا الذين عرفوها في منتصف عام 2010.
يصفونها بأنها شابة لطيفة ومنفتحة تشاركوا معها الاهتمام بالموسيقى الإلكترونية. حتى أن البعض غنوا معها في نفس الفرقة التي كانت تعزف فيها على آلة الفلوت (الناي).
قال أحد أصدقاء داريا لموقع ميدوزا الروسي المستقل: “لقد كانت شخصية مثيرة للاهتمام وحديثها ممتع، كانت ذكية، كما أنها كانت تمتلك براءة تشبه براءة الأطفال”.
“شعرت أن بمقدورنا الحديث عن أي شيء إلا عن أفكار والدها.. ليس لأنها تجنبت الحديث عنها ولكن لأنها كانت شخصية غنية لديها الكثير من المعرفة بالكتب والأفلام، وكانت تمتلك ذوقا رفيعا”.
في ذلك الوقت، أصبح والد داريا، المعروف بالفعل بإيديولوجيته القومية والمناهضة لأوكرانيا، أكثر شهرة.
في عام 2014 انتشر مقطع فيديو يظهر دوغين يقول باللغة الروسية: “أعتقد أنه ينبغي قتل[الأوكرانيين]، لا يمكن أن يكون هناك أي حديث آخر”.
أثارت التعليقات غضب العديد من الروس إذ تم التوقيع على عريضة لإبعاده من منصبه كرئيس لقسم علم الاجتماع والعلاقات الدولية في جامعة موسكو الحكومية من قبل أكثر من 10 آلاف شخص – مما أدى إلى إقالته.
في عام 2015 عوقب من قبل كل من الولايات المتحدة وكندا لدوره المزعوم في ضم شبه جزيرة القرم.
بعد ذلك بوقت قصير، كما يقول أصدقاؤها، اتجهت داريا إلى الديانة الأرثوذكسية الروسية، الأمر الذي فاجأ بعض أصدقائها الغربيين وأدى لفتور علاقتهم بها.
وقد نقل موقع ميدوزا عن أحد أصدقائها قوله: “لقد أصبحت تدريجياً ملتزمة بأفكار والدها حول أوراسيا الكبرى وتوقفنا عن التواصل معها”.
تأييد الغزو الروسي لأوكرانيا
بحلول أواخر عام 2010، بدأت داريا في الظهور على قنوات تلفزيونية روسية مختلفة، فضلاً عن الكتابة لمواقع إلكترونية موالية للحكومة، وغالبا ما كانت تعلق على السياسة الأوروبية وتعرب عن دعمها للقوى السياسية التي وصفتها بـ “اليمين الجديد” وتوقعت انتصارهم على الليبراليين.
في عام 2018 في عمود لموقع روسيا اليوم (RT)، كتبت داريا عن أفول نجم إيمانويل ماكرون كرئيس لفرنسا، وأعربت عن دعمها القوي للسياسية اليمينية المتطرفة مارين لوبان.
في وقت الانتخابات الرئاسية الفرنسية في عامي 2017 و 2022، أعربت عن آمالها في فوز لوبان.
في كل هذه الوسائل الإعلامية، استخدمت داريا الاسم المستعار “بلاتونوفا”، الذي يقال إنه مرتبط بولعها بالفيلسوف الإغريقي أفلاطون.
في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعد أن بدأت روسيا في حشد قواتها على الحدود مع أوكرانيا، وصفت داريا أوكرانيا بأنها “حدود طبيعية” بين روسيا والغرب.
وبعد بدء الغزو الروسي، أيدت دوغين الغزو جهارا، وكتبت أنه بمثابة “تحقيق لفكرة الإمبراطورية”.
في يوليو/ تموز، وُضعت على قائمة عقوبات المملكة المتحدة باعتبارها “مساهمة كبيرة وذات شأن في التضليل الإعلامي فيما يتعلق بالحرب على أوكرانيا”.
وفي منتصف يونيو/ حزيران زارت مصانع الصلب في آزوفستال، بعد فترة وجيزة من احتلال القوات الروسية لمدينة ماريوبول التي كانت محاصرة لفترة طويلة.
قبل اغتيالها، كانت تتعاون مع دار نشر روسية يمينية متطرفة هي ذا بلاك هندريد “The Black Hundred” في إصدار قادم لكتاب ذا بوك أوف زيد “The Book of Z”، الذي وصفه الناشرون بأنه “مجموعة من الشهادات والقصص من قبل المشاركين وشهود العيان في الحرب على أوكرانيا”.
أصبح الحرف “Z” رمزا للغزو الروسي لأوكرانيا، إذ حملت المركبات العسكرية وأفراد القوات الروسية هذا الحرف طوال الأشهر الستة الماضية.
[ad_2]
Source link