الأوكراني أولكسندر أوسيك.. من حلبة الملاكمة إلى الدفاع عن بلده ضد الغزو الروسي
[ad_1]
- كال ساجاد ومارك غاتفورت
- بي بي سي – جدّة
بعد مواجهة ثأرية مرتقبة ضد الملاكم أنتوني جوشوا في السعودية، سيتحول الأوكراني أولكسندر أوسيك من الدفاع عن الألقاب إلى الدفاع عن بلده في مواجهة الغزو الروسي.
“سيعود إلى الدفاع عن الوطن، لا تردّد في ذلك”، بحسب ما قال ألكسندر كراسيوك، المسؤول عن الترويج في أوسيك، في تصريح لبي بي سي سبورت.
ومن المقرر أن يواجه أوسيك الملاكم البريطاني جوشوا في مدينة الملك عبدالله الرياضية بالسعودية في وقت لاحق اليوم.
وقال أوسيك البالغ من العمر 35 عاماً: “علينا أن نمضي قدماً، أن نكون أقوياء وأن نستمرّ في التقدم. هذه المواجهة مهمّة للغاية. شعب أوكرانيا بحاجة ليشعر بالفخر. ليكون سعيداً”.
بي بي سي تلقي نظرة على مسيرة أوسيك الذي لم يهزم خلال 12 شهراً، مرورا بالأحداث المروعة في بلده.
تحقيق الحلم
في 25 سبتمبر/أيلول، تفوق أوسيك على البريطاني جوشوا في مواجهة أقيمت في لندن، ليضمن ألقاب رابطة الملاكمة العالمية ومنظمة الملاكمة العالمية واتحاد الملاكمة العالمي للوزن الثقيل.
وحينها انهمرت الدموع على خدّي الرجل القوي، فقد حقق حلماً سعى إليه مدى حياته. وأمّن مقعداً على مسرح الشهرة العالمي في المستقبل.
الخطو التالية على جدول أعماله كانت التمتع بالمجد. فكما قال الملاكم الأمريكي الشهير روكي مارسيانو ذات مرّة: ما أفضل من السير في أي شارع أو مدينة، وأنت تعلم أنك بطل العالم للوزن للثقيل؟
أحاط المعجبون والصحفيون بأوسيك حين عاد إلى وطنه. لكن كلّ ما أراده هو حياة طبيعية.
قال للمراسلين عند وصوله إلى المطار: “أريد فقط أن أحيا. أريد اصطحاب أولادي إلى المدرسة، أريد أن أزرع الأشجار، أن أسقي شجر التفاح، وقضاء المزيد من الوقت مع زوجتي”.
لم يطلب الكثير، لكن عودة أوسيك إلى الحياة الطبيعية استمرت خمسة أشهر فقط. ففي 24 فبراير/شباط، شنّت روسيا هجوماً شاملاً على أوكرانيا.
أوسيك يهرع عائدا من لندن
كان أوسيك يجرى محادثات مع فريق جوشوا في لندن بشأن نزال جديد محتمل بين الاثنين، حين وردت الأنباء عن بدء الهجوم الروسي.
قال سيرغي لابين، مدير فريق عمل أوسيك: “كنا في رحلة عمل إلى لندن، وكنا سنعود إلى البلاد على رحلة اليوم التالي صباحاً”.
وتابع قائلاً: “لكنّ فجأة، وقبل ساعات قليلة على المغادرة إلى المطار، نحو الساعة الثالثة صباحاً، اتصلت بي زوجتي باكية وقالت إن العديد من الانفجارات تسمع في الأرجاء، وعلى الأرجح أن الحرب قد بدأت”.
وأضاف: “كانت ليلة طويلة. أوسيك كان على هاتفه ووصلت الأنباء عن بدء القصف. فبالطبع ألغيت الرحلة الجوية التي كان يفترض السفر عليها وهكذا بدأت رحلته”.
وقال كلاسيوك: “كانت عائلته في كييف لأن ابنته كانت تحتفل بعيد ميلادها في ذلك اليوم. والعديد من الضيوف كانوا في منزله في كييف”.
عندها أصبحت محادثات بشأن مواجهة جديدة بلا أهمية. المهمّة الوحيدة التي كانت أمام أوسيك، هي استعادة زوجته إيكاترينا وأولاده الثلاثة كيريلو وميخايلو وإليزافيتا.
واستمرت رحلة أوسيك ثلاثة أشهر، مع عدم وجود رحلات جوية مباشرة إلى أوكرانيا.
وقال كراسيوك إن الملاكم الأوكراني “ركب طائرة إلى بولندا، وذهب في السيارة إلى حدود أوكرانيا”.
دفاع عن أوكرانيا
مثل حال أغلب الرجال في أوكرانيا، انخرط أوسيك في المجهود الحربي. وكان قد شاهد الدمار بعينيه.
وصرّح أوسيك لموقع “بروفيبوكسينغ” قائلاً: “أطلق الجنود الروس النار على منزلنا، حطموا البوابة، وأخذوا معهم بعض من جيراننا”.
وظهر أوسيك في صور يحمل بندقية ( AK-47)، في بداية شهر مارس/آذار، إلى جانب صديقه الملاكم السابق فاسيلي لوماشنكو، لكنه نفى مطلقاً استخدام السلاح.
وشرح مدير فريق الملاكم قائلاً: “بدأ في التنقل حول المنطقة التي كان يقطنها مع شركائه وزملائه، إذ انخرط في مجموعة أهلية للدفاع عنها”.
وأضاف أن مهمّة أوسيك “كانت التنقل بحثاً عن أشخاص غرباء. ونصب حواجز لمراقبة من يدخل ومن يخرج. وللتأكد من عدم عبور أشخاص غرباء أو يشكلون خطراً”، وإبلاغ الخدمات المختصة عند حدوث أمر ما.
وبعد شهر على الغزو، كانت مواجهة جوشوا مجددا التي كان يحتمل إقامتها في أيار/مايو، آخر ما يخطر في ذهن البطل الأوكراني.
وقال أوسيك لشبكة “سي أن أن”، إنه لا يعرف متى سيعود إلى الحلبة، وأضاف: “بلادي وشرفي أهمّ عندي من حزام بطولة”.
وقال كراسيوك إن أوسيك لم يكن يريد ترك بلاده وعائلته.
وتابع قائلاً: “طلب من زوجته المغادرة، أن تعبر الحدود إلى بولندا أو إلى أي بلد أوروبي. فأخبرته أنها لن تذهب من دونه. فكان متوتراً”.
وأضاف كراسيوك: “لم نكن نعرف ماذا سيحدث، وإن كانت المباراة ستجري على الإطلاق”. وقال: “تحدثت إلى (مروّج أعماله) إدي هيرن، وقال إن أنتوني جوشوا يتفهم تماماً ما يجري”.
التعافي الجسدي والنفسي
كانت الأولوية لدى أوسيك هي حماية وطنه، لكنها كانت إرادة الشعب الأوكراني التي أقنعته بالتفكير في العودة إلى الحلبة.
قال كراسيوك إن بطل الملاكمة العالمي كان “يسافر في أنحاء البلاد، يزور المستشفيات والجرحى ويتحدث للمعجبين، وجميع من التقاهم سمع منهم كلمات دعم ومباركة لإعادة خوض المباراة”.
“أن يعود ليكون مقاتلاً محترفاً، أن يعود إلى عمله. الناس أرادوا أن يرتفع العلم الأوكراني وأن يُسمع النشيد الأوكراني في جميع أنحاء الكوكب”.
ونال أوسيك الضوء الأخضر من الرئيس الأوكراني ومن رئيس الوزراء ووزير الرياضة. كما دعمه بطل العالم السابق في الوزن الثقيل، فيتالي كليتشو.
وسافر أوسيك وفريقه إلى بولندا في نهاية شهر مارس/آذار للبدء بالتمارين.
لكن مع استمرار صوت صفارات الإنذار في آذانهم، تأخّر تأقلم أوسيك مع الملاكمة من جديد بعض الوقت، وطلب مساعدة من طبيب نفسي رياضي.
وأشار كراسيوك إلى أنه بعد عبور الحدود في نهاية مارس/آذار وعدم سماع أصوات صفارات الإنذار وعدم الشعور الخطر كما في أوكرانيا، ساهم ذلك في تخفيف الضغط.
وقال: “استغرق بعض الوقت ليتعافى. احتجنا ربما جميعاً إلى شهر أو أكثر قبل أن نعود إلى طبيعتنا”.
ورغمه نيله ألقاب البطولات الثلاث، لا يزال أوسك ملاكماً مبتدئاً في الوزن الثقيل، وهو خاض ثلاث مباريات فقط في هذه الفئة، بعد تخطيه فئة الوزن المتوسط.
وقال لابين إن التأزّم الذي رافق الأحداث في أوكرانيا ترك أثره على جسد أوسيك.
وأشار إلى أن الملاكم الأوكراني فقد بعض الكيلوغرامات من وزنه “حافظ على لياقته، لكنه كان نشطاً جداً”.
وأضاف: “كل شيء يجري على ما يرام معه الآن – عاد وزنه إلى الطبيعي، ويشعر بتحسن كبير حسدياً وذهنياً”.
كان من المفترض أن تعقد المواجهة في 23 يوليو/تموز في السعودية، الخيار الذي أثار جدلاً بسبب سجلّ المملكة في مجال حقوق الإنسان وبسبب أنشطتها العسكرية في اليمن.
ومع الانتهاء من بعض التفاصيل، تأكدت إقامة المباراة بين جوشوا وأوسيك في 20 آب/أغسطس، في ظلّ ورود تقارير غير مؤكدة عن تقاضي كل منهما مبلغ 100 ألف يورو.
حين التقى الملاكمان وجه لوجه في مؤتمر صحفي عقد في السعودية في 21 يونيو/حزيران، لم يقل أوسيك الكثير ولم يعلّق على الجدل الدائر حول إقامة المباراة في المملكة، قال فقط إنه يقاتل من أجل أوكرانيا.
وقال أوسيك: “لسنا في أفضل الظروف حالياً في الوطن”. “لم ألق بعض الخطب الصاخبة والبرّاقة، كل ما فعلته هو العمل الجاد في معسكري التدريبي وفي صالة التمارين الرياضية. هذا ما سأفعله إلى أن يحين موعد المواجهة”.
وأطلق أوسيك صندوق خيري لمساعدة المتضررين من الحرب. وحاول في آب/أغسطس شراء حقوق البث التلفزيوني الأوكراني للمباراة من المنظمين في المملكة العربية السعودية، لكنها قدّمت إليه كمنحة.
وسينقل المباراة عبر قناة مجانية وعلى قناته على يوتيوب ليشاهدها أبناء وطنه.
ويقول لابين: “في ظل الأوقات الصعبة التي تمرّ بها بلادنا، هو داعم كبير لأولئك الأشخاص الذي احتاجوا إليه وطلبوا منه المساعدة”.
ويقول كراسيوك: “لم يكن دافعه لخوض هذه المباراة، تعطشه للنجاح أو رغبته في أن يصبح الأعظم – لقد قرر خوضها من أجل بلاده و شعبه، لأن أوكرانيا بحاجة إلى النصر”.
تركيز واحتراف
ليس هناك شكّ في قدرات أوسيك كملاكم، فهو محترف.
ولكن من غير المعلوم إن كانت أحداث هذا العام ستساعده أم ستعيق تركيزه على المواجهة المسائية.
“لدى الأوكرانيين ذهنية قوية – هم شعب قوي”، وفق ما يرى كراسيوك.
ويضيف قائلاً: “لا يخافون التحديات. لا يخافون بعض الأشياء الخطرة لأنهم كبروا مع أمور كهذه”.
ويتابع: “تشعر بالخطر. هناك بعض الخوف، لكن الرجل القوي لا يخاف، بل يمكنه التعامل معه (الخوف). أوسيك هو ذلك الرجل”.
وقال: “لا أستطيع أن أقول إن هناك عددًا كبيرًا جدًا من المقاتلين في العالم يمكنهم المشاركة في تجربة مماثلة وخوض الحرب، والوصول إلى الحلبة للدفاع عن ألقاب الوزن الثقيل، لكن أوسيك سيفعل ذلك.”
[ad_2]
Source link