سامسونغ: لماذا أصدرت كوريا الجنوبية عفواً عن “أمير” الشركة؟
[ad_1]
- فرانسيس ماو
- بي بي سي نيوز
حصل لي جاي يونغ، وريث شركة سامسونغ، المدان بتهمة الرشوة والاختلاس في عام 2017 على عفو رئاسي خاص.
يُعد لي، أحد أكبر المجرمين من أصحاب الياقات البيضاء في كوريا الجنوبية، وقد سُجن مرتين لرشوته رئيس كوريا.
بررت حكومة كوريا الجنوبية هذه الخطوة، قائلة إن هناك حاجة إلى الرئيس الفعلي لأكبر شركة في البلاد لقيادة التعافي الاقتصادي بعد وباء كورونا.
يمثل هذا انعطافة أخرى في الصراع حول كيفية إدارة البلاد في أعقاب الاحتجاجات الجماهيرية التي شهدتها العاصمة سول قبل ست سنوات والتي أطاحت برئيسة البلاد من منصبها.
دفع “ولي عهد سامسونغ” كما وصفه المتظاهرون 8 ملايين دولار على شكل رشاوى للرئيسة بارك وشريكها لتأمين الدعم لعملية اندماج كان يعارضها المساهمون من شأنها أن تعزز سيطرته على إمبراطورية عائلته .
عندما فُضح الأمر، خرج ملايين الكوريين الجنوبيين في احتجاجات على أضواء الشموع في نهاية كل أسبوع في شتاء 2016/2017 ، مطالبين بإسقاط حكومة بارك وضد صلات الساسة بعالم الأعمال.
أقال البرلمان الكوري بارك وسُجنت في عام 2017 لمدة 25 عاماً.
وسُجن لي، المعروف أيضاً باسم جاي واي لي في الغرب، بعد عام لارتكابه جرائم من بينها اختلاس أموال الشركة لشراء حصان بقيمة 800 ألف دولار لابنة صديق الرئيسة.
تولى الرئيس مون جاي إن، منصبه متعهداً بمكافحة الفساد ، لكنه فشل في تحقيق أي تقدم. وفي أيامه الأخيرة كرئيس، أصدر عفواً عن سلفه، الرئيسة بارك.
وبعد ثمانية أشهر من تولي رئيس جديد منصبه، صدر عفو عن رئيس سامسونغ أيضاً.
بالنسبة لأولئك الذين يحاربون الفساد، كانت هذه ضربة موجعة. وقال سانغين بارك، أستاذ الاقتصاد والسياسة الصناعية في جامعة سول الوطنية: “إنها نكسة، وهذا يعني أن كوريا تتراجع إلى الفترة التي سبقت المظاهرات على ضوء الشموع”.
تأثير أخطبوطي
أثبتت قضية لي، استمرار صحة المقولة الشائعة بأن قادة الأعمال لا يمكن المساس بهم وأنهم فوق القانون.
في كوريا، تهيمن الشركات العملاقة على الاقتصاد، حيث تمثل أكبر عشر شركات حوالي 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. تُعرف الشركات العشر باسم”تشاي بولز” وهي إمبراطوريات تسيطر عليها أسر متنقذة من بينها LG و Hyundai و Lotte و SK، لكن سامسونغ هي الأكبر والأقوى بينها.
وبصفتها أكبر صانع للهواتف الذكية في العالم، فهي علامة تجارية عالمية للإلكترونيات، أما في بلدها فتفعل أكثر من ذلك بكثير، فهي تملك مستشفيات وفنادق وشركات تأمين واللوحات الإعلانية وموانئ بناء السفن وحتى المنتزهات الترفيهية.
يقول البروفيسور يون كيونغ لي، عالم الاجتماع السياسي بجامعة تورنتو، إن سامسونغ وشركات “تشاي بولز” أخرى منتشرة في كل مكان وتعرف باسم شركات “الأخطبوط”.
وتشق تلك الشركات طريقها إلى أعلى الدوائر السياسية في كوريا.
داخل وخارج السجن
كان الأستاذ لي من بين المشاركين في احتجاجات عام 2016 ، ويقول إن معظم الغضب كان موجهاً إلى تصرفات الرئيسة بارك الشخصية. لكنه اوضح أن النشطاء من العمال وآخرين سعوا لإبراز التأثير الهائل لـ تشاي بولز على الحكومة.
دعمت الحكومة تشاي بولز بشكل كبير بعد الحرب الكورية. لقد حصلوا على كهرباء أرخص وحوافز ضريبية، وكانت سياسة “شراء المنتجات الكورية” قيد التطبيق، حتى جرت المساعدة في قمع الحركات النقابية.
لكن الاحتكارات الناتجة عن هذه الاوضاع سحقت أيضاً المنافسة، وخنقت الحركات العمالية وأدت ممارسات هذه الشركات إلى عقود شابتها قضايا الرشوة والفساد.
وقال البروفيسور لي إنه في كثير من الحالات، كانت الأحكام مخففة أو كانت أحكاماً مع وقف التنفيذ على المديرين التنفيذيين. في بعض الحالات، قال القضاة إن الاقتصاد قد يتضرر إذا تم إبعاد زعيم الشركة عن العمل.
أدين والدُ لي الذي يدعى لي كون هي، بالرشوة والاحتيال في التسعينيات عندما كان رئيساً لشركة سامسونغ لكنه لم يقضِ ولا يوماً واحداً في السجن، لذلك في عام 2017 ، عندما نُقل ابنه إلى زنزانة بالسجن لمدة خمس سنوات، كان النشطاء يأملون في أن تمثل القضية نقطة تحول في البلاد.
داخل السجن وخارجه
لكن فرحة مناهضي الفساد لم تدم طويلا. استمرت معركة لي القضائية سنوات ومرت القضية بتقلبات ومنعطفات تستحق أن تتحول إلى أكثر المسلسلات الكورية درامية، حيث أفرجت عنه محكمة الاستئناف ، ثم أمرت محكمة أعلى بإعادة محاكمته وأدين مرة أخرى وسجن مجدداً.
لكن بعد بضعة أشهر فقط من فترة سجنه الثانية، أطلقت حكومة مون سراحه مقابل عفو مشروط ، قائلة إن ذلك يخدم المصلحة الوطنية.
منذ ذلك الحين، بات الواجهة العامة لشركة سامسونغ وفي مايو/أيار، التقى بالرئيس الأمريكي جو بايدن اثناء قيامه بزيارة تجارية إلى كوريا الجنوبية.
لا يزال لي يواجه تهمة تزوير قيمة الشركة والاحتيال المحاسبي واتخاذ قرارات في إدارة سامسونغ تخالف الحكم الصادر بحقه. العفو عنه يعني أنه سيكون قادراً على استئناف مسؤولياته التنفيذية كاملة.
إن مسار هذه القضية لا يختلف عن مسار المحاكمات التي جرت لزعماء شركات تشاي بولز المُدانين والذين خرجوا منها في نهاية المطاف بسجلات نظيفة.
قال البروفيسور لي: “عندما يتعلق الأمر بالسلطة الرسمية، هناك مكتب الرئيس والجمعية الوطنية، هما الجهتان اللتان تضعان القوانين”.
“ولكن عندما يتعلق الأمر بالنفوذ السياسي أو الثقافي أو حتى كيف يفكر الناس في أهمية تشاي بولز في المجتمع الكوري، فإن الأمر يرجع في الواقع إلى تحالف من النخب السياسية والتجارية المحافظة التي لها مصالح مشتركة فيما بينها”.
ردود فعل منقسمة
يستند عفو الحكومة عن لي، إلى الحجة القائلة بأن لقادة تشاي بولز دور محوري في اقتصاد البلاد.
لكن العديد من الاقتصاديين يقولون أن هذا غير مدعوم بأدلة دامغة.
وقال البروفيسور بارك: “العفو عن رؤساء تشاي بولز ، لم يساهم في النمو الاقتصادي أو في إحداث تحول تاريخي”.
يقول المحللون إن سامسونغ حققت أداءً جيداً عندما كان لي داخل السجن وخارجه بنفس القدر.
يقول دعاة الإصلاح، إن كوريا الجنوبية التي تشهد بطئاً في التطور والنمو منذ سنوات تحتاج أيضاً إلى إنهاء اعتمادها على تشاي بولز.
تقول روه جونغ هوا، وهي محامية من مجموعة الدفاع عن التضامن من أجل الإصلاح الاقتصادي.: “أظهرت العديد من الدراسات أنه من الصعب ضمان انتشار المنفعة الاقتصادية بين صفوف الشعب”، لقد حان الوقت للابتعاد عن الفكرة القديمة القائلة بأن أي أفعال غير قانونية تقوم بها تشاي بولز ” يمكن التسامح معها إذا كانت تقوم بعملها بشكل جيد”.
لكن الاستياء السائد في بعض الاوساط بشأن العفو عن لي، لا يشعر به غالبية الكوريين. وقد اظهر استطلاع جرى مؤخراً تأييد 70 في المئة منهم للعفو.
كيف نفسر هذا الدعم؟
يقول الخبراء إن الرغبة في معالجة الفساد والتصدي لنفوذ تشاي بولز لا تزال قائمة. لكنها مختلطة بالخوف والمخاوف من ركود يلوح في الأفق والخوف من ضياع البقية الباقية من السمعة الحسنة التي تتمتع بها سامسونغ باعتبارها رمز كوريا على المسرح العالمي.
يقول البروفيسور لي: “هناك اعتقاد راسخ مفاده أنه إذا كانت سامسونغ تعمل جيداً، فإن كوريا تعمل بشكل جيد. وقد عاش الكوريون في ظل هذه الأسطورة لعقود عديدة، ومن الصعب حقاً على المواطنين العاديين التخلص منها”.
“في الوقت الحالي، وسط الانكماش الاقتصادي، يريد الناس رؤية بعض المؤشرات الملموسة على أننا نسير الى الأمام وإطلاق سراح لي هو علامة على ذلك”.
[ad_2]
Source link