النفط: كيف تستغل الشركات أزمة الطاقة العالمية؟
[ad_1]
- سهى زين الدين
- بي بي سي نيوز عربي
تثير الأرباح القياسية لشركات النفط والمسهمين فيها، موجة غضب الناشطين حول العالم، في وقت تخرج فيه فواتير العملاء عن نطاق السيطرة.
واتهم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، شركات النفط والغاز بتحقيق أرباح “مفرطة” جراء أزمة الطاقة التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا، واصفا الأمر بأنه “غير أخلاقي”، فيما تتهم الإدارة الأميركية شركات هذا القطاع بالإثراء على حساب المواطنين، بدون أن تتخذ أي خطوات لمحاولة إيجاد حل يريح المستهلكين.
فمع ارتفاع أسعار النفط والغاز، سجلت شركات “بريتيش بتروليوم” و”إكسون موبيل” و”شيفرون” و”شل” أرباحا هائلة في الربع الثاني.
كذلك أسواق دول مجلس التعاون الخليجي تبدو إيجابية مدعومة بالأرباح القوية والزيادة المستمرة في أسعار النفط.
أرباح تأتي مع الارتفاع الحاد في أسعار النفط إلى أكثر من مئة دولار للبرميل إثر بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير الماضي.
كما تسببت العقوبات الغربية على روسيا في ارتفاع أسعار جميع أنواع الطاقة، مما أدى إلى ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته منذ عدة عقود ورفع أسعار الفائدة لدى البنوك المركزية.
الأرباح بالأرقام
بي بي حققت أرباحا صافية بلغت 8.45 مليار دولار بين أبريل/ نيسان ويونيو/حزيران، وهو رقم أكبر بثلاثة أضعاف من المبلغ الذي حققته في الفترة ذاتها من العام الماضي، كما أنها أعلى نسبة أرباح لها منذ 14 عاماً.
شل بدورها حققت أرباحا صافية طائلة بلغت 18 مليار دولار، فيما سجلت توتال إينرجيز أرباحاً صافية بقيمة 5,7 مليارات دولار، وكذلك إيني الإيطالية جنت 3,8 مليارات دولار.
اميركياً، حققت إكسون موبيل وشيفرون الأمريكيتان أرباحا بلغت 17,9 و11,6 مليار دولار على التوالي خلال الربع الثاني من العام الحالي.
يقول آندرو كريتشلو رئيس قسم أخبار أوروبا والشرق الأوسط لدى إس وبي في بريطانيا لبي بي سي : “إذا نظرنا إلى أسعار النفط في العام الأخير، نفهم أداء بي بي وسائر الشركات النفطية العالمية . فقد رأينا زيادة في الأسعار بنحو خمسين بالمائة، سعر التداول لا يزال عند حدود المائة جنيه إسترليني للبرميل. لقد تراجع قليلا بسبب الوضع الاقتصادي. لكن شركات النفط العالمية تتبع التعرفة الدولية والارتفاع في الأسعار يمنحها دفعا.”
أما الكميات التي تم تكريرها في مصافي إكسون موبيل في الولايات المتحدة، فقد سجلت زيادة طفيفة، في حين تراجعت كميات النفط التي تم تحويلها في مصافي شيفرون بنسبة 8% بسبب أعمال صيانة.
بصورة عامة، زادت إيرادات إكسون موبيل بنسبة 71% لتصل إلى نحو 115,7 مليار دولار، فيما زادت إيرادات شيفرون بنسبة 8% إلى 69 مليار دولار.
واستفادت الشركتان من الارتفاع الحاد في أسعار المنتجات المكرّرة والذي عزز أرباحهما بشكل كبير، كما استفادتا من زيادة إنتاج النفط الخام ومن ضبط نفقاتهما.
شركات النفط التي تكبدت خسائر كبيرة عند بدء انتشار وباء كوفيد-19، ستستخدم أرباحها لزيادة إنفاقها الاستثماري هذه السنة.
وتفضل الشركات الكبرى تقليص ديونها لمواجهة أي تبعات اقتصادية في المستقبل. وتسعى منذ عدة سنوات للتكيف مع الدعوات المتزايدة من المجتمع المدني وعدد من المساهمين من أجل إعادة توجيه النشاطات إلى طاقات أقل إنتاجا للكربون لمكافحة التغيّر المناخي.
أين تذهب الأرباح؟
خليجياً، تنبأ صندوق النقد الدولي بآفاق اقتصادية أكثر إشراقًا لدول مجلس التعاون الخليجي مع ارتفاع أسعار النفط، والتراجع التدريجي عن سياسة خفض الإنتاج، مع توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بنسبة 4.2٪ في عام 2022.
بيّنت دراسة أجراها صندوق النقد الدولي زيادة بنسبة 7 في المائة في سعر النفط الخام، ما يؤدي بدوره إلى زيادة تكاليف النقل والإنتاج في التصنيع، وبالتالي إلى انخفاض الصادرات.
وشهدت المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة نموا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2022 إلى 4.8٪ و 4.3٪ و 4.0٪ و 3.0٪ على التوالي.
تقول الدكتورة كارول نخلة، وهي اقتصادية طاقة ورئيسة تنفيذية لشركة كريستول للطاقة إن جميع المنتجين، من شركات ودول، يستفيدون اليوم من ارتفاع أسعار النفط والغاز ، لافتة النظر إلى وجوب أن لا ننسى أن ” الشركات الخاصة تكبدت خسائر هائلة خلال تفشي كوفيد 19، وها هي الآن تسجل أرباحا طائلة. لكن كم ستدوم هذه الأرباح؟ فيما لديها ضرائب للتسديد؟”.
أما عن الدول النفطية، فتقول: “هي تحقق مداخيل مرتفعة، وذلك يولد نمواً وانتعاشاً في الاقتصاد، لكن الأمر الإيجابي الذي أراه هو تقليص هذه الدول للإنفاق”.
وتمضي قائلة: “عندما ترتفع أسعار النفط ، يحصل هدر وتزيد مصاريف الدول، وعندما تتراجع الأسعار، تعمد إلى تقليص الإنفاق. أما الآن، فنرى أن دول الخليج خصوصاً حذرة أكثر من ذي قبل، ولا تعمد عندما ترتفع أسعار النفط والغاز إلى الإنفاق كما كان الحال في السابق، وهذه سياسة اقتصادية حذرة للاحتفاظ بهذه بالأرباح للمستقبل او لاستثمارها بطريقة تعود عليهم بالأرباح على المدى الطويل”.
في السعودية، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية بنسبة 11.8٪ في الربع الثاني مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021 ، وفقًا لتقديرات حكومية أولية، حيث تستفيد أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم من ارتفاع أسعار الطاقة.
وقالت الهيئة العامة للإحصاء إن النمو جاء مدفوعا إلى حد كبير بزيادة 23.1٪ في الأنشطة النفطية، بينما توسعت الأنشطة غير النفطية بنسبة 5.4٪.
في المقابل، وفي ظل البحث عن بدائل للغاز الروسي، أعلنت ألمانيا في مايو / أيار أنها وقعت اتفاقا مبدئيا للطاقة مع قطر يفتح الباب لأكبر اقتصاد في أوروبا على الغاز القطري.
بعد أيام، تعهد جهاز قطر للاستثمار باستثمار 10 مليارات جنيه إسترليني في بريطانيا ، في إشارة إلى تعزيز العلاقات بين الدوحة ولندن.
وفقاً لفايننشال تايمز، أعلنت شركة قطر للطاقة، منتج الغاز المملوك للدولة، عن اتفاقيات مشاريع مشتركة مع خمس من أكبر شركات النفط العالمية في العالم لتطوير مشروع ضخم بقيمة 29 مليار دولار يعرف باسم حقل الشمال الشرقي.
يهدف المشروع إلى زيادة الطاقة التصديرية السنوية لقطر من 77 مليون طن إلى 110 مليون طن بحلول عام 2026، مما يساعدها على تجاوز أستراليا كثاني أكبر منتج للغاز بعد الولايات المتحدة.
الصفقات مع شركات شل البريطانية وإكسون موبيل وكونوكو فيليبس الأمريكية وتوتال إنرجي الفرنسية وإيني الإيطالية هي نتاج أعوام من الإعداد واتطوير، وليست وليدة البحث عن إمدادات للطاقة في أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا.
ومع ذلك ، فإن حقيقة أن شركات الطاقة الغربية الكبرى كانت حريصة على الانضمام إلى المشروع تزيد من أهمية قطر بالنسبة للدول الغربية النهمة للطاقة.
لكن الدكتورة نخلة تطمئن إلى أنه ثمة ضوءاً في نهاية النفق، ذلك أنه “بالإجمال ما من أزمة تدوم طويلاً”. تقول: “ما زالت هناك مخاوف من أن يخسر السوق براميل إضافية جديدة من روسيا. لكن السيناريو الأسوأ لم يقع بعد.”
وتضيف: “لقد تخوّفت وكالة الطاقة الدولية من خسارة ثلاثة ملايين برميل نفط يومياً، فيما تخوّف آخرون من خسارة خمسة ملايين برميل يومياً، وهو أمر لم يحصل بعد، وإن كان حدوثه وارداً، عندما يبدأ الاتحاد الأوروبي بتطبيق العقوبات التي فرضها ضد روسيا بنهاية هذا العام ومطلع العام المقبل.”
لكن في النهاية، وفقاً للدكتورة نخلة، “لا نقول إن السيناريو الأسوأ لن يحدث، لكن لا بد من الأخذ بعين الاعتبار التأثير على الطلب. فهناك مخاوف من الركود الاقتصادي وتأثيره السلبي على الطلب. أما المستهلك، فلن يرضى بالاستمرار في دفع الأسعار المرتفعة بدون البحث عن بدائل. لذا ما من ازمة ازمة تقع إلا ويتبعها تراجع في الأسعار”.
[ad_2]
Source link