الدين والتكنولوجيا: علاقة ناجحة أم عالمان متنافران؟
[ad_1]
- حسام فازولا
- بي بي سي نيوز عربي
بين التكنولوجيا والدين علاقة معقدة. قد يرى بعضهم أنهما عالمان لا يتفقان، وبعضهم الآخر يرى أن التكنولوجيا قد تكون أداة من الأدوات التي يمكن استخدامها لنشر الرسالة الدينية.
السبحة الإلكترونية وتطبيقات قبلة الصلاة الإسلامية والمؤذن وتطبيقات الإنجيل والصلوات المسيحية، وغيرها من عديد التطبيقات الدينية للهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية التي طورت خصيصا للعبادة تشهد أنه يمكن تسخير التكنولوجيا لخدمة الدين.
عودة إلى الدين
تشير بعض البحوث والدراسات الحديثة إلى أن السنوات الأخيرة شهدت ارتفاعا في عدد من يمارسون الشعائر الدينية في المنطقة العربية، مقارنة مع السنوات السابقة.
لكن هذا الإقبال على الصلاة لا ينفصل عن الحداثة في منطقة معظم سكانها من الشباب. وهكذا لا تنفصل التكنولوجيا عن المشهد الروحاني بالنسبة لكثيرين.
جال فريق بي بي سي في شوارع مدينتي الضفة الغربية في الأراضي الفلسطينية، وفي المدينة المنورة بالسعودية، لسؤال الشباب عن مدى ارتباط التكنولوجيا بالدين في حياتهم اليومية.
وأشارت غالبية إجابات المشاركين في استطلاع الرأي، إلى أن العدد الأكبر من الشباب العربي يستخدم التطبيقات التكنولوجية في شعائره الدينية.
يقول أحد المشاركين: “أستخدم المصحف في جوالي بشكل دائم، فهو أسهل من الكتاب وأكثر عملية”.
شابة أخرى تحدثت عن تطبيقين تستخدمها، وهما “تطبيق خاتمة وتطبيق الاستغفار”.
أكد بعض المشاركين أن الزمن الراهن “هو وقت بات فيه كل شيء رقمياً”، بما في ذلك الشعائر الدينية.
كورونا والدين عن بعد
وفقا لمجلة فوربز، فإن قيمة التطبيقات الدينية تضاعفت في ظل وباء كورونا والقيود التي فرضت على التجمعات.
ففي عام 2021 وصلت قيمة هذه التطبيقات إلى 175 مليون دولار، وكان أوسعها انتشارا تطبيقات الدين المسيحي.
يقول الأب ألبير نعوم الكاهن بالكنيسة الكلدانية ببغداد، لبي بي سي إن “تطبيقات التواصل الاجتماعي كانت خير مساعد” لكنيسته في ظل الوباء ومكنتها من “المحافظة على إيمان” متابعيها.
فبالنسبة للأب نعوم، وصلت الكنيسة إلى أفراد أكثر، حيث أن الحضور كان محدوداً في القداديس الشخصية، بينما وصلت القداديس بالبث المباشر إلى “أعداد أكبر بكثير”.
من السبحة الإلكترونية إلى المكعب القرآني
وبالبعد خطوة عن تطبيقات الهواتف الجوالة، نجد أن هناك مجالاً كاملاً لصناعة الأجهزة الإلكترونية الدينية: من السبحة الإلكترونية إلى ساعة مواقيت الصلاة، والمصابيح الدينية والقارئ الإلكتروني.
“قرآن كيوب” هو اسم مشروعا جديدا بدأ في شمالي بريطانيا، يصل بمنتجاته إلى مسلمين من مختلف أنحاء العالم.
في لقاء مع بي بي سي، قال محسن صغير، وهو بريطاني الجنسية يقطن في مدينة مؤسس مشروع “قرآن كيوب”، إنه “كان يبحث عن وسيلة سهلة” تمكّنه وعائلته من سماع تلاوة القرآن، بدون استخدام الهاتف الجوال أو الحاسوب”. بدأ بتحميل بطاقة ذاكرة بالقرآن ووضعه في سماعة صغيرة محمولة، ثم طلب منه بعض أصدقائه “أن يصنع لهم شيئا مماثل”. ومع الوقت، تطوّر جهاز محسن، وأصبح لديه خط إنتاج “للعديد من الأجهزة”.
من ضمن هذه الأجهزة، “المعلم الإسلامي الإلكتروني للأطفال” و”سرير الأطفال التفاعلي” و”قارئ القرءان” بأشكاله المختلفة.
يرى محسن صغير أنه “لا يجب النظر إلى التكنولوجيا على أنها مناهضة للدين”، وإنما كوسائل تجعل بعض الشعائر الدينية “أسهل، ولا بد من الاستفادة منها إلى أقصى حد”.
هو يهدف إلى استكمال استغلال التكنولوجيا لتقريب الناس إلى الدين، ولا يمانع “مساعدة من يتبعون ديانات أخرى على تطوير أجهزة تحاكي دينهم”.
الأطفال هم الفئة الأكثر استهدافا
زار فريق بي بي سي سلسلة “إسلاميك إمبريشنز” وتحدث مع مديرها أسيف بهيات.
يقول بهيات إن “أكثر فئة مستهدفة من الأجهزة الإسلامية هي الأطفال”، حيث “أصبح الدين جزءا لا يتجزأ من الهوية، ويهتم الآباء والأمهات بتعليم أطفالهم عباداتهم بشكل كبير” على حد تأكيده.
أسيف بهيات، وهو الرئيس السابق لصندوق الذكاة بلندن، يرى أن التكنولوجيا تجعل التواصل أسهل، “فالأطفال مثلا من الصعب أن يتواصلون مع كتاب، ولكن إذا كان به أشياء ملونة وتفاعلية، ففي الأغلب سيميلون إليه”، مشيرا إلى لوح تعليمي ملون للأطفال، يعلمهم الصلاة والقرآن.
أما بالنسبة للإعاقات الحسية، فتلعب الأجهزة الإلكترونية دوراً كبيراً في تجاوزها، “فهناك القارئ الصوتي لمن لديه صعوبة في الرؤية، وغيرها من الأجهزة لذوي الاحتياجات الخاصة المختلفة”.
يعتبر بهيات نفسه من أنصار التكنولوجيا ويرى أن الدين “مثله كمثل باقي المجالات، عليه التطور ومجاراة العصر”.
ويمضي قائلاً: “لقد لاقت العديد من الأجهزة انتقادات مختلفة من رجال الدين، ثم تم استخدامها لنشر الدعوة.”
قد يكون شيوع التكنولوجيا في العبادات جزءا من مشهد عام، لكنه قد لا يعني حماسا لها بالضرورة.
يرى الأب نعوم أن “التكنولوجيا سيف ذو حدين”، وأنه في الوقت الذي استخدمت فيه كنيسته التطبيقات التكنولوجية لنشر العبادة، فإنه، وبسبب التطبيقات ذاتها، تنتشر “الكثير من الأفكار المسيئة للدين” أو “الأفكار المغرضة والأفكار الغريبة تماما عن روح الدين”، سواء كان الدين المسيحي أو الإسلامي أو أي دين آخر، معتبراً ان وسائل التواصل الاجتماعي تشكل تربة خصبة لذلك.
ربما تكون التطبيقات الدينية هي الصورة الأحدث لعلاقة التكنولوجيا بالدين، لكن القرن العشرين كان شاهدا على أن اختراعات كالراديو والتلفزيون والكاسيت كانت روافع رئيسية لنشر الأفكار الدينية.
[ad_2]
Source link