كيف قضى مؤلف الفك المفترس باقي حياته في الدفاع عن سمك القرش؟
[ad_1]
- فرناندو دويرتي
- بي بي سي – الخدمة العالمية
يقول العلماء إن أسماك القرش آخذة في الاختفاء من محيطات العالم بمعدل “مخيف”. فقد انخفضت أعدادها بنسبة 71 في المئة خلال نصف قرن، وذلك وفق دراسة أجريت في عام 2021. كما أن ثلاثة أرباع السلالات التي شملتها الدراسة باتت الآن مهددة بالانقراض. أرملة الكاتب الراحل بيتر بِنشلي مؤلف الرواية التي تحولت إلى فيلم “الفك المفترس” الذي حقق نجاحا مذهلا في عام 1975، قالت في حديث لبي بي سي إن الصورة السلبية لسمك القرش في روايته ظلت تطارده ودفعته إلى شن حملة تهدف إلى الحفاظ عليها.
كاد بيتر أن يلقى خاتمة مأساوية و ساخرة في الوقت نفسه في أحد أيام عام 1974 المشمسة بأستراليا.
في أعقاب النجاح الهائل لروايته “الفك المفترس” (Jaws) التي صدرت في العام نفسه، كان الكاتب الأمريكي يشارك في وثائقي تلفزيوني عن سمك القرش.
وخلال قيامه بالغوص داخل قفص، كادت أن تقتله سمكة قرش بيضاء كبيرة بدون قصد.
تقول وندي أرملة بيتر بِنشلي: “كان بيتر داخل القفص، وكان طاقم القارب قد ألقى في وقت سابق لحم خيل في المياه كطعم لأسماك القرش”.
“وجاءت سمكة قرش بيضاء جميلة لالتهام بعضا من ذلك اللحم، لكن أنيابها أخطأت الهدف وقضمت الحبل الذي يتدلى منه القفص، فعلق داخل فمها”.
“وبينما استمر التصوير، انقلب القفص وصار يتأرجح إلى الأمام وإلى الخلف. أمسكت بالحبل وانتزعته من بين أنياب القرش”.
تضيف وهي تضحك: “أعتقد أنني أنقذت حياة بيتر في ذلك اليوم”.
تقول وندي، وهي ناشطة بيئية تعمل في مجال الحفاظ على المحيطات، إن سمكة القرش قضت نصف ساعة أخرى تسبح على مقربة منهم دون أن تبدو مكترثة بوجودهم.
ظاهرة ثقافية
رواية الفك المفترس التي نشرها بيتر بِنشلي عام 1974 بيع منها ما يقدر بـ 20 مليون نسخة في مختلف أنحاء العالم. لكن الفيلم الذي حمل العنوان ذاته والذي عُرض في شتى بلدان العالم عام 1975 أصبح أول إنتاج سينمائي يحقق عائدات من بيع التذاكر قدرها 100 مليون دولار أمريكي.
فيلم الفك المفترس الذي أخرجه المخرج الجديد آنذاك ستيفين سبيلبرغ وشارك بِنشلي في كتابة السيناريو له لا يزال واحدا من بين الأفلام ذات الإيرادات الأعلى في التاريخ. لكن هذا النجاح تسبب في حالة من تأنيب الضمير لدى بِنشلي حتى وفاته في عام 2006.
وفي حوار أجري معه عام 2005 بمناسبة إصدار نسخة احتفالية من الفك المفترس، قال بِنشلي: “بعد أن عرفت ما أعرفه، لم أكن لأكتب هذه الرواية الآن”.
قصة الكتاب التي تدور حول سمكة قرش بيضاء كبيرة تروع سكان جزيرة أميتي الخيالية بالولايات المتحدة كان لها تأثير عميق على سمعة تلك الأسماك – وكان لها عواقب خطيرة.
ربما ننظر إلى أسماك القرش على أنها كائنات خطيرة مفترسة، ولكن في الحقيقة تلك الأسماك هي التي ينبغي أن تخاف من الأنشطة البشرية لأسباب عدة. فقد أدى مزيج من الصيد التجاري الجائر والصيد بغرض جمع الغنائم والتغير المناخي إلى تهديد أعدادها حول العالم.
وأصبح بقاؤها مهددا بشكل متزايد.
ويقول الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعية، وهو منظمة غير حكومية، إن 80 من بين أكثر من 480 نوعا من أنواع أسماك القرش مصنفة حاليا بوصفها “مهددة” – بما في ذلك القرش الأبيض الكبير.
في يوليو/تموز عام 2021، نشرت شبكة من علماء الأحياء البحرية من مختلف أنحاء العالم نتائج دراسة استغرقت خمسة أعوام وأظهرت أن أسماك القرش أصبحت “منقرضة وظيفيا” حول 20 في المئة من الشعاب المرجانية في العالم، وهي نظم بيئة بحرية ذات أهمية بالغة.
وتلعب أسماك القرش دورا مهما في حياة المحيطات كحيوانات مفترسة من خلال السيطرة على أعداد أنواع الكائنات البحرية الأدنى منها في سلسلة الغذاء، وهو شيء أدركه بِنشلي وزوجته جيدا.
تقول وندي بِنشلي: “أنا وبيتر تعلمنا الكثير عن أسماك القرش، وأُتيحت لنا الفرصة أيضا خلال كل هذه السنوات للحديث عن أهميتها للمحيطات”.
معرضة للصيد وخطر الانقراض
شعور زوجها الراحل بالندم بدأ بعد أشهر قليلة فقط من بدء عرض الفيلم في عام 1975. فنجاح الفيلم أدى إلى ولع كبير بصيد أسماك القرش باعتبارها غنيمة في الولايات المتحدة.
وكتب جورج بيرجيس خبير أسماك القرش الأمريكي المعروف في عام 2015 أن “الآلاف من الصيادين شرعوا في صيد أسماك القرش على سبيل الغنيمة”.
وما زاد الطين بلة هو أن الصيد التجاري على نطاق واسع كانت له آثار كارثية على أعداد القرش من الثمانينيات فصاعدا.
في عام 2013، قدرت دراسة منشورة في دورية السياسة البحرية متوسط عدد أسماك القرش التي تُقتل كل عام حول أنحاء العالم بحوالي 100 مليون سمكة.
وهناك طلب كبير على أسماك القرش بالأساس للحصول على زعانفها التي تستخدم في بضعة بلدان في صنع حساء، ولكنها أيضا ضحية جانبية للصيد على نطاق واسع.
وعلى عكس صورتها في الفك المفترس، نادرا ما تمثل هذه الحيوانات خطورة على البشر.
ويشير ملف هجمات القرش الدولي، وهو قاعدة بيانات تديرها جامعة فلوريدا، إلى وفاة 11 شخصا فقط في 73 هجوما غير مبرر لأسماك القرش في شتى بقاع العالم عام 2021.
تقول وندي بِنشلي إن زوجها الراحل شعر بالذنب بشكل خاص حيال تصويره للقرش على أنه مخلوق يحمل ضغائن تجاه البشر.
وتشرح: “كان ذلك في السبعينيات، ولم يكن الناس يعرفون الكثير عن أسماك القرش. في الغرب، كان الناس يعتقدون أنه سمكة القرش الجيدة هي سمكة القرش النافقة”.
“لقد وضع بيتر ما لديه من معرفة في الكتاب، وبالطبع جعله مثيرا قدر استطاعته”.
“لكن سبيلبرغ أخذ الأمور إلى مستوى آخر وصنع فيلم حركة عظيما”.
تحفظات بِنشلي
تقول أرملة بِنشلي إن الفيلم المأخوذ عن روايته نال إعجابه، ولكنه لاحقا أعرب عن تحفظاته بشأن التغييرات التي أُدخلت على القصة الأصلية.
“هناك عناصر في الفيلم كان يود بيتر لو تم تخفيفها”.
“الشيء الأهم هو أنه شعر بأن سبيلبرغ جعل سمكة القرش لديها رغبة في الانتقام زائدة عن الحد، وتتمتع بقدر من الذكاء”.
وتضيف وندي أنها وزوجها “هالتهما” ردود فعل البعض على الفك المفترس.
“الكثير من ردود الفعل على الكتاب والفيلم كانت ترى أن أسماك القرش وحوش مفترسة”.
بسبب ردود الفعل العنيفة هذه، انخرط الزوجان في حملة تهدف إلى الدفاع عن القرش على مدى العقود التالية.
تعاون الاثنان مع عدد من المنظمات البيئية، وساعدا في إنتاج وثائقيات عن الحياة البرية وسافرا حول العالم لإلقاء كلمات حول هذه القضية.
كما شارك الزوجان في حملة في الصين في بداية الألفية الثانية ألقت الضوء على تأثير إزالة زعانف القرش وإعادة الأسماك إلى المياه – والتي تزعم وندى أنها ساعدت على تخفيض استهلاك حساء زعانف القرش بشكل كبير في البلاد.
تراث منسي
لكن ناشطة حماية البيئة ترى أيضا أن الكتاب والفيلم كان لهما أثر إيجابي في جعل الناس يهتمون بأسماك القرش وببيئة المحيطات بشكل عام.
تلقى بيتر آلاف الخطابات من أناس يقولون إنه لولا الفك المفترس، لما علموا أن المحيط مكان مثير إلى هذا الحد.
تقول وندي: “لقد كان سعيدا في النهاية”.
لم يفقد بيتر ووندي افتتانهما بأسماك القرش، وظلا يحاولان التفاعل معها باستمرار.
فقد احتفل الزوجان بعيد زواجهما الأربعين في عام 2005 بالسباحة مع أسماء القرش البيضاء الكبيرة بالقرب من جزيرة غوادالوبه في المكسيك، قبل عام واحد فقط من وفاة بيتر جراء إصابته بمرض سرطان الرئة.
تتذكر وندي بِنشلي أن “بعضها اقترب منا للغاية لدرجة أننا تمكنا من لمسها”.
“لطالما كانت رؤية تلك المخلوقات الجميلة تجربة رائعة”.
ولكي يروج لحماية المحيطات، نشر بيتر بِنشلي أيضا أعمالا غير روائية عن سمك القرش، لكن بعض أعماله الأخرى قوبلت بالانتقادات.
بعد الفك المفترس، ألف بِنشلي روايات عن مخلوقات بحرية مخيفة، أشهرها رواية تتحدث عن حبّار عملاق يهدد جزيرة برمودة في منطقة الكاريبي (رواية Beast أو “وحش”، عام 1991)، وقصة مخلوق عبارة عن هجين بين القرش والإنسان طوره النازيون وأطلقوه عن طريق الخطأ في المحيط الأطلسي (رواية White Shark “القرش الأبيض”، عام 1994).
تحولت الأولى إلى فيلم تلفزيوني، والثانية إلى فيلم سينمائي، لكنّ أيا منهما لم تقترب بأي شكل من الأشكال من تحقيق نجاح مماثل لذلك الذي حققه الفك المفترس.
[ad_2]
Source link