إثيوبيا والسودان: لماذا تجدّد التوتر على الحدود بين البلدين؟
[ad_1]
تعهد الجيش السوداني “بردٍّ مناسب” على “إعدام إثيوبيا سبعة جنود ومدني سودانيين”، وفق بيان نشرته وكالة الأنبار السودانية، في فصل جديد من نزاع حدودي بين البلدين مستمرّ منذ عقود.
وأعرب الجيش السوداني عن تعازيه لعائلات الجنود، قائلاً إن “العمل الغادر لن يمر من دون ردّ”.
وقال الجيش في بيانه: “في عمل يخالف كافة القوانين والأعراف الخاصة بالحرب وكذلك القانون الإنساني الدولي، أقدم الجيش الإثيوبي على إعدام سبعة جنود ومدني سودانيين كانوا أسرى حرب”,
واتهم الجيش الإثيوبي بـ “عرض جثث من أعدموا أمام الجمهور” وتعهد بـ “الرد بأسلوب مناسب على هذا العمل الجبان فالدم السوداني غالي”، بحسب البيان.
وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان لها إن السودان سيستدعي على الفور سفيره في أديس أبابا من أجل التشاور في أعقاب الحادث.
وأضافت الوزارة بأنها ستستدعي أيضاً السفير الإثيوبي في الخرطوم الاثنين لإبلاغه مباشرة إدانتها لعملية القتل.
من جهتها قالت الخارجية الاثيوبية إن “الحادثة وقعت داخل أراضيها بعد توغل وحدة من الجيش النظامي السوداني تدعمها عناصر إرهابية من الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي”، مشيرة إلى أن “الخسائر في الأرواح نتجت عن المناوشات بين الجيش السوداني وميليشيا محلية سيُجرى التحقيق بشأنها قريباً”.
وقالت أديس أبابا أن الحادث “تم اختلاقه عمدا لتقويض العلاقات العميقة الجذور بين الشعبيين الإثيوبي والسوداني، علاوة على ذلك، ان الهدف من الحادثة هو عرقلة إثيوبيا من طريقها نحو السلام والتنمية”.
وكان جندي سوداني قد جُرح وفُقد سبعة آخرون في 22 يونيو/ حزيران الجاري، عقب اشتباكات عنيفة بين القوات السودانية والإثيوبية على الحدود.
وكان السودان قد أرسل جنوداً لتنفيذ عمليات في بلدة القريشة الحدودية في أعقاب تلقيه تقارير تفيد بإقامة قوات إثيوبية وميليشيا تابعة لها مستوطنات هناك.
منذ عقود، يسود نزاع بين البلدين حول منطقة الفشقة الحدودية الخصبة، لكن التوترات زادت في السنوات الأخيرة بسبب تداعيات الصراع الدائر في إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا، ومشروع سد النهضة لتوليد الطاقة الكهرومائية الذي بنته إثيوبيا على نهر النيل الأزرق.
كما فر عشرات الآلاف من اللاجئين من إثيوبيا إلى شرقي السودان ووقعت بعض المناوشات العسكرية بين الطرفين السوداني والإثيوبي في المنطقة.
تعزيزات عسكرية
وكانت صحيفة “سودان تربيون” نقلت قبل أيام، عن مصادر عسكرية وصفتها بالموثوقة، خبراً مفاده أن إثيوبيا نشرت تعزيزات عسكرية في منطقة الفشقة المتنازع عليها بين البلدين من عناصر من جيشها وميليشيات من ولاية أمهرة المجاورة. ولم يحدد التقرير موعد نشر تلك التعزيزات.
وقال التقرير إن عملية الانتشار استهدفت توفير الحماية لمزارعي ولاية أمهرة في منطقة الفشقة، وإن “السلطات الإثيوبية أقامت مستوطنتين للجيش وواحدة أخرى للميليشيات في الأجزاء الشرقية من المنطقة الخصبة”.
وأضافت الصحيفة أن السلطات في ولاية أمهرة الإثيوبية طلبت، في اجتماع ضم 700 مسؤول ومزارع، من الجيش الإثيوبي والميليشيات، حماية المزارعين.
وكانت الميليشيا الإثيوبية قد سيطرت على المنطقة منذ تسعينيات القرن الماضي، قبل أن يعيد السودان نشر قواته هناك في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، ويعلن في منتصف العام 2021 عن بسط سيطرته الكاملة عليها.
ومنذ ذلك الحين والتوتر متصاعد بين الطرفين إذ قتل العديد من الجنود السودانيين والمزارعين في اشتباكات مع ميليشيات إثيوبية.
ودرجت العادة على يعبر مزارعون إثيوبيون الحدود إلى منطقة الفشقة في الخريف لتنفيذ أنشطة زراعية، بدعم من المليشيات.
وقبل أيام قليلة، دعا مزارعون سودانيون حكومة بلادهم إلى تسليحهم لكي يتمكنوا من حماية أنفسهم في مواجهة ما قالوا إنها “تحركات من جانب الميليشيات الإثيوبية”. وطالبوا الحكومة أيضاً بنشر المزيد من القوات في المنطقة.
ما هي جذور الصراع بين البلدين؟
تعود جذور الصراع الحدودي في الفشقة إلى الحقبة الاستعمارية، إذ نصت معاهدات وقعت في عامي 1902 و1907على أن حدود السودان الدولية تمتد إلى الشرق من القفشة.
وهذا يعني أن الأرض ملك للسودان، لكن الإثيوبيين استقروا في المنطقة حيث مارسوا الزراعة وهم يدفعون ضرائبهم للسلطات الإثيوبية.
وبعيد عام 1998، أحيا السودان وإثيوبيا محادثات كانت قد دخلت في سبات منذ أمد طويل لترسيم حدودهما التي يبلغ طولها 744 كيلومتراً، ولكن بقيت تسوية الخلاف حول الفشقة عالقة.
وفي عام 2008، وصلت المفاوضات بين الحكومتين إلى حل وسط، حين اعترفت إثيوبيا بالحدود القانونية، وسمح السودان سمح للإثيوبيين بالاستمرار في العيش هناك من دون عائق.
وبقيت المنطقة حالة كلاسيكية لـ “الحدود الناعمة” التي تمت إدارتها بطريقة لا تسمح لموقع “الحدود الصلبة” بتعطيل سبل عيش الناس في المنطقة، إذ ساد تعايش لعقود حتى طالبت إثيوبيا بخط سيادي نهائي.
وترأس الوفد الإثيوبي إلى المحادثات التي أدت إلى تسوية عام 2008 آبي تسيهاي، المسؤول الكبير في جبهة تحرير شعب تيغراي.
وبعد الإطاحة بجبهة تحرير شعب تيغراي من السلطة في إثيوبيا عام 2018، أدان زعماء عرقية الأمهرة الاتفاق، ووصفوه بأنه صفقة سرية، وقالوا إنه لم تتم استشارتهم بشكل صحيح بشأن ذلك الاتفاق.
هل يمكن أن يتطور النزاع إلى حرب؟
تشير توقعات المراقبين إلى أنه من المستبعد في الوقت الراهن أن يتطور النزاع الحدودي على المنطقة إلى حرب بين البلدين، فالبلدان مشغولان بصراعات داخلية.
وتخوض القوات الإثيوبية في أقليم تيغراي حرباً لم تنته بعد ضد مقاتلي جبهة تحرير شعب تيغراي.
كما أن إثيوبيا تخشى من أن حرباً كهذه إذا ما اندلعت فإنها ستدفع الخرطوم إلى إيواء ودعم وتسليح مقاتلي جبهة تحرير شعب تيغراي، فالسودان يأوي أكثر من 67 ألف لاجئ إثيوبي فروا من تيغراي.
كذلك فإن السودان ليس في وضع يسمح له بخوض حرب مفتوحة في الوقت الراهن، بسبب الوضع السياسي الهشّ لا بعد مرور ثلاث سنوات على الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير.
ولا تزال البلاد تواجه أزمة اقتصادية طاحنة مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتبعات انتشار جائحة كورونا إضافة إلى الاضطرابات القبلية في إقليم دارفور وغيره من المناطق، بجانب تبعات الانقلاب العسكري في خريف 2021.
وقد استبعد قادة البلدين في السابق تطور الأمور إلى حرب شاملة بسبب الخلاف على المنطقة الحدودية في الفشقة.
فقد قال رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان إن بلاده ليست لديها نية لخوض حرب مع إثيوبيا، ولكنه تعهد خلال زيارة إلى المنطقة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 بأن السودان لن يتنازل عن “شبر واحد” من أراضيه.
كما استبعد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في مارس/ آذار دخول بلاده في حرب شاملة مع السودان.
لكن وعلى الرغم من التطمينات السابقة من كلا الطرفين، إلا أن التطور الأخير في ظل الحشد العسكري من الجانبين قد ينذر بخروج الصراع عن نطاق السيطرة وتحوله إلى حرب قد تجر تبعات وخيمة على البلدين والمنطقة.
[ad_2]
Source link