أين انتهى المطاف بالمربيات اللواتي جلبن إلى لندن خلال الحقبة الإستعمارية؟
[ad_1]
- غاغان سابهيروال
- مراسلة جنوب آسيا في الشتات، بي بي سي نيوز
خلال ذروة قوة ونفوذ الإمبراطورية البريطانية، تم إحضار الآلاف من النساء من الهند وأجزاء أخرى من آسيا إلى لندن لرعاية الأطفال، ولكن لاحقا تم التخلي عن العديد منهن وتركن ليتدبرن أمورهن بأنفسهن. الآن، من المقرر الاحتفاء بمبنى في لندن كان بمثابة ملاذ لهن، بعد منحه “لوحة زرقاء”.
واللوحة الزرقاء، هي إشارة تكريم، تثبت على منازل ومبان في أرجاء لندن ارتبطت بشخصيات شهيرة أو أحداث تاريخية، وذلك ضمن مخطط لـ”هيئة التراث الإنجليزي”، وهي مؤسسة خيرية في المملكة المتحدة.
ومن الشخصيات التي تحمل أماكن إقامتها في لندن لوحات زرقاء، أغاثا كريستي، وشارلي شابلن، وفريدي ميركيري، وآرثر كونان دويل، والشقة التي سكنتها الأميرة ديانا قبل أن تتزوج، وذلك على سبيل المثال وليس الحصر.
كما توجد في لندن منازل تحمل لوحات زرقاء سبق أن أقامت فيها شخصيات من الهند، منها المهاتما غاندي، وجواهر لال نهرو.
وفي عام 2020، أصبحت نور عنايت خان، التي كانت جاسوسة خلال الحرب العالمية الثانية، أول امرأة من أصل هندي، توضع اللوحة الزرقاء على المنزل الذي كانت تقيم فيه.
والمنزل المذكور والذي تقرر وضع لوحة زرقاء عليه مؤخرا، كان خلال الحقبة الإستعمارية يأوي المئات من المربيات الآسيويات الفقيرات المحرومات، واللواتي كان يطلق على الهنديات منهن اسم “آيا”، وعلى الصينيات اسم “أماه”.
وجاء الاحتفاء بهذا المنزل والذي يحمل الرقم 26 ويقع في شارع كينغ إدوارد في حي هاكني، شرقي لندن، نتيجة حملة أطلقتها فرحانة ماموجي، وهي في الثلاثين من عمرها ومن أصل هندي، وقد سمعت لأول مرة عن المكان، عندما أشير إليه بإيجاز في فيلم وثائقي عن تلك الفترة من إنتاج بي بي سي.
من هن المربيات ومن أين جئن؟
معظم المربيات المذكورات جئن من الهند، والصين، وهونغ كونغ، وسيلان البريطانية (سريلانكا) وبورما (ميانمار) وماليزيا وجافا (جزء من إندونيسيا حاليا).
وتقول روزينا فيسرام، المؤرخة ومؤلفة كتاب “الآسيويون في بريطانيا: تاريخ على مدى 400 عام” إن تلك النساء “كن عاملات منازل لدى العائلات البريطانية المقيمة في الهند خلال الحقبة الاستعمارية. وكن يقمن بدور مهم جدا، فهن اللواتي يعتنين بالأطفال، ويسلونهم، ويروين لهم القصص والحكايات، ويهدهدنهم لكي يناموا”.
وعندما كانت تلك العائلات تعود إلى بريطانيا، كانت غالبا ما تجلب معها المربيات.
وتقول فيسرام إن بعض المربيات كانت مهمتهن هي فقط مرافقة العائلة خلال الرحلة الطويلة الصعبة، في حين كانت بعض العائلات تمدد عمل المربيات لديها لبضع سنوات.
وتشير فيسرام إلى أن المربيات كن “عادة يزودن بتذكرة عودة إلى بلادهن على نفقة الأسرة”.
لكن هذا لم يكن حال جميع المربيات اللواتي تم إحضارهن من المستعمرات في آسيا، فالعديد منهن فصلن من العمل، وتم التخلي عنهن من دون دفع أجورهن، أو ترتيب عودتهن إلى ديارهن.
كما اضطر البعض منهن إلى البقاء في لندن، لأنهن لم يتمكن من العثور على عائلات للمرافقة في رحلة العودة الصعبة.
ويقول الدكتور فلوريان ستادتلر، المحاضر في الأدب والهجرة في جامعة بريستول، والذي عمل مع فيسرام في البحث الخاص بتلك المربيات “ذلك أجبر المربيات على محاولة تدبير أمورهن بأنفسهن”.
ويضيف أن “تلك المربيات كن غالبا ينشرن إعلانات في الصحف المحلية، ويطلبن المساعدة في العودة إلى الوطن، واضطر العديد منهن إلى الإقامة في مساكن قذرة وذات إيجار مرتفع بالنسبة لهن”.
“وعندما ينفد ما لديهن من مال، كن يطردن من تلك المساكن أيضا. حتى أن العديد منهن أُجبرن على التسول لجمع نفقات رحلة عودتهن إلى الهند”، كما يقول.
بيت المربيات
وفقا لمشروع بحث بعنوان “صنع بريطانيا” التابع لجامعة “أوبين يونيفرسيتي”، فالمكان الذي يحمل اسم “آياز هوم” Ayahs’ Home أو “بيت المربيات” قد “تأسس عام 1825 في منطقة ألدغيت في لندن، من قبل امرأة تدعى إليزابيث روجرز.
وبعد وفاتها (التاريخ غير معروف تماما)، آلت ملكية المنزل إلى زوجين، وقد كان نزلا للمربيات الآسيويات اللواتي اضطررن للبقاء في لندن.
وقد جعل منه الزوجان أيضا ما يشبه وكالة للتوظيف، وكانت العائلات الإنجليزية تقصده للبحث عن مربيات لأطفالها.
وبحلول النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ومع تنامي قوة الإمبراطورية البريطانية، كان السفر بين إنجلترا والهند أكثر انتظاما، كما ارتفع أيضا عدد المربيات القادمات من الهند إلى بريطانيا.
وتقول الدكتورة فيسرام “كان عدد المربيات الهنديات والآسيويات اللواتي يقمن في النزل يصل إلى 200 امرأة سنويا، بعضهن يمكثن فيه لبضعة أيام، والبعض الآخر يبقين أشهرا”.
ولم تكن المربيات يدفعن مقابل إقامتهن، وتقول الدكتورة فيسرام إن النزل كان يتلقى تبرعات من الكنائس المحلية.
وتضيف أن بعض المربيات كانت لديهن تذاكر عودة، لكن لم يستطعن العودة إلى ديارهن بسبب عدم امتلاكهن ما يكفي للإنفاق خلال الرحلة، أو لعدم توفر من يرافقهن. وفي مثل هذه الحالات كانت المشرفة على النزل تبيع التذكرة لعائلة أخرى تحتاج إلى مربية خلال رحلتها إلى الهند.
محاولات تبشيرية
لكن منزل المربيات، لم يكن مجرد نزل أو ملجأ للنساء الآسيويات المحتاجات، كما يقول الدكتور ستادتلر، وإنما كان أحد أهدافه الرئيسية “محاولة إقناع المربيات باعتناق المسيحية”.
ويضيف “لكننا لا نعلم عدد المربيات اللواتي تحولن بالفعل إلى المسيحية، إذ لا توجد سجلات بهذا الخصوص. كما لا توجد أي سجلات تشير إلى أن تلك المربيات أجبرن على التحول إلى المسيحية في إنجلترا”.
في عام 1900، آلت ملكية النزل إلى جمعية مسيحية اسمها “تبشيرية مدينة لندن”، ونقل مكانه أولا إلى المبنى الذي يحمل رقم 26 في نفس الشارع، وفي عام 1921 نقلت الجمعية النزل إلى المبنى رقم 4 في الشارع نفسه.
رحلة الوصول إلى اللوحة الزرقاء
مع انهيار الإمبراطورية البريطانية في منتصف القرن العشرين، تراجعت الحاجة إلى المربيات الهنديات والآسيويات. وتم تحويل المبنى رقم 4 في شارع كينغ إدوارد إلى مسكن خاص.
وقد علمت ماموجي بوجود منزل المربيات الهنديات والآسيويات للمرة الأولى عام 2018 عندما كانت تشاهد فيلما وثائقيا على قناة بي بي سي، أشار بشكل عابر إلى المنزل الموجود في هاكني، والقريب من منزلها.
وتقول “كامرأة من جنوب آسيا تعيش في شرق لندن، شعرت بالارتباط بتلك المربيات وحكاياتهن التي لم ترو”، وقررت زيارة المبنى.
وتضيف “غياب أي شيء يدل على أن المكان ارتبط بشكل وثيق بالعديد من النساء من أرجاء آسيا جعلني أشعر بالغضب، وشعرت أنه يتعين علي القيام بشيء حيال ذلك”.
وأطلقت ماموجي مشروع “أياز هوم”، الذي يوثق تاريخ المربيات. كما تقدمت بطلب لمنح المنزل حق الحصول على لوحة زرقاء.
وفي شهر مارس/آذار عام 2020، بينما كانت ماموجي لا تزال تنتظر ردا من “هيئة التراث الإنجليزي”، نظمت في “متحف هاكني” فعالية خاصة تسلط الضوء على دور المربيات “الآياز” خلال عهد الإمبراطورية البريطانية.
وقد أثار حماسها بدوره الحماس لدى موظفين في المتحف، وباشروا أيضا البحث في الموضوع.
وتقول نيتي آشاريا، مديرة المتحف، إنها حاولت التعرف على هويات اللواتي أقمن في النزل من خلال “مجموعة من المصادر، بما في ذلك فحص قوائم أسماء الذين وصلوا إلى المملكة وغادروها خلال الفترة ما بين عامي 1878 و1960، وكذلك سجلات التعداد السكاني، والعديد من المصادر الأرشيفية الأخرى”.
وتقول “ساعدت كافة تلك المصادر المختلفة في تجميع أجزاء صغيرة من القصة، لبناء صورة عامة لها”.
لكنها كانت مهمة صعبة حقا، فهناك القليل فقط من المعلومات المتاحة عن المربيات.
وتقول آشاريا إن “المواد الأرشيفية المتوفرة تتعلق بشكل أساسي بالعائلات التي كان لديها مربيات هنديات وصينيات، وليس بالمربيات أنفسهن”.
و”غالبا ما يتم طمس هوية المرأة تماما باستخدام اسمها المسيحي الجديد (بالنسبة للواتي اعتنقن المسيحية) أو استخدام اسم العائلة التي تعمل لديها المربية، مثل أيا بيرد (أي مربية عائلة بيرد)” كما تقول.
وتأمل ماموجي والمؤرخون الذين بحثوا في دور المربيات ومساهماتهن، في أن يساعد تكريم المنزل، ومنحه لوحة زرقاء في تسليط الضوء على كل أولئك النساء المنسيات.
وتقول ماموجي “إنهن يستحقن هذا التكريم حقا”.
[ad_2]
Source link