الحرب في أوكرانيا: قصة المرأة التي أصبحت رمز الدعاية الروسية
[ad_1]
- صوفيا بيتيزا وسفياتوسلاف خومينكو
- بي بي سي نيوز
أصبحت امرأة أوكرانية مسنة كانت ترفع العلم السوفيتي السابق، وهي تواجه جنوداً أوكرانيين، رمزاً للدعاية الروسية بعد أن انتشر مقطع فيديو لها على نطاق واسع.
قامت هيئة الإذاعة البريطانية بتعقب “بابوشكا زد” في محاولة لمعرفة الحقيقة وراء تلك الصورة وما حدث.
وتقول بابوشكا: “لا أعتقد أن عليهم تمجيدي، فأنا مجرد فلاحة، لا أفهم لماذا أصبحت من المشاهير”.
المرأة التي أصبحت تُعرف باسم بابوشكا زد، وتعني الجدة باللغة الروسية بينما الحرف Z تحمله غالباً المدرعات والعربات الروسية العسكرية في أوكرانيا.
شعرت المرأة بالصدمة عندما عرضت عليها بي بي سي صوراً تظهر شهرتها الحديثة وقالت: “لم أرَ أياً منها على الإطلاق”.
ويظهر في الفيديو وهي تسير باتجاه جنديين أوكرانيين حاملة العلم السوفيتي الأحمر.
يقول الجنود إنهم وصلوا لمساعدتها وقدموا لها كيساً من المواد الغذائية، ثم يأخذون منها العلم ويلقون به على الأرض ويدوسون عليه. تشعر المرأة بالإهانة وتعيد لهم كيس الطعام قائلة بسخط: “مات والداي من أجل هذا العلم في الحرب العالمية الثانية”.
بالنسبة للكرملين، كان هذا المقطع بمثابة ثروة لا تقدر بثمن، فالبروبوغاندا الروسية نادراً ما تتمكن من التركيز على الأفراد، ورأت أن هذه المرأة مثال نادر لشخص أوكراني يتحسر على إنهيار الاتحاد السوفيتي ويعتبر الروس محررين.
لم يرحب معظم الأوكرانيين، حتى في المناطق الناطقة بالروسية، بالغزو لذلك تم استخدام تلويح العجوز بالعلم السوفيتي كدليل على أن عملية روسيا العسكرية تحظى بدعم السكان المحليين من قبل روسيا.
ورأت روسيا أن لا ضير في استخدام العلم وبابوشكا كأيقونة إذ أن هذه الصورة تعيد إلى ذاكرة كل روسي البطاقة البريدية الخاصة بالحرب العالمية الثانية التي حملت عبارة “روسيا الأم”.
بدأت آلة الدعاية في الكرملين بالعمل. في غضون أيام، بدأت صورتها تظهر في كل مكان، من موسكو وسيبيريا إلى جزيرة سخالين في الشرق الأقصى.
وتم تخليدها الآن في الجداريات واللافتات والبطاقات البريدية والمنحوتات والملصقات.
وأنتجت أغانِ وكتبت قصائد تمجدها، حتى أن المسؤولين الروس كشفوا النقاب عن تمثال لها في ماريوبول، المدينة الأوكرانية التي جرى تسويتها بالأرض.
وحتى وقت قريب، لم يكن أحد يعرف الهوية الحقيقية لبابوشكا زد، ولم يكن هناك أحد بمقدوره تأكيد ما إذا كانت هذه المرأة على قيد الحياة أم لا، وما إذا كانت شخصية حقيقية وموجودة بالفعل.
اسم المرأة هو آنا إيفانوفنا. قمنا بتعقبها وصولاً إلى قرية “فيليكا دانيلفكا” بالقرب من خاركيف في شمال شرق أوكرانيا، حيث تعيش مع زوجها وكلابها وقططها وأرانبها.
أصيبت المرأة البالغة من العمر 69 عاماً بالدهشة عندما عرضنا عليها صورها والتمثال الذي جسد صورتها.
وسألتنا “هل أبدو حقاً عجوزاً لهذه الدرجة؟ يبدو الأمر وكأن شخصاً غريباً يحدق بي!”.
وروايتها للحدث تختلف تماماً عن الرواية التي تقدمها وسائل الإعلام الروسية، فهي لا تدعم الحرب الروسية على بلادها.
“كيف يمكنني أن أدعم مقتل أبناء شعبي؟ أحفادي وأبناء أحفادي أُجبروا على الذهاب إلى بولندا، نحن نعيش في خوف ورعب”.
فلماذا استقبلت آنا الجنود بعلم سوفيتي؟
تقول أنه أسيء فهمها. تدعي أن الأمر اختلط عليها ولم تميز بين الجنديين الأوكرانيين اللذين قدما لها الطعام وبين الجنود الروس.
“كنت فقط سعيدة لأن الروس سيأتون ولا يحاربوننا. كنت سعيدة لأننا سنتحد مرة أخرى”.
لم تضفي آنا أي دلالات أو مضامين سياسية على ما قامت به خلال حديثها.
الراية الحمراء، حسب قولها، ليست علم الاتحاد السوفيتي أو روسيا بل “راية الحب والسعادة لدى كل أسرة وفي كل مدينة وفي كل جمهورية. وليست راية سفك الدماء. ومن يقول غير ذلك، فهو مخطئ”.
بينما كانت آنا تتحدث، كان من الممكن سماع صوت القصف المدفعي والقتال المستمر في مكان قريب. لم تشعر آنا بالقلق، فقد اعتادت على ذلك. وقالت: “إذا كان بإمكاني التحدث إلى فلاديمير بوتين، فسأقول له لقد ارتكبت خطأ، ما الذي فعلناه نحن العمال الأوكرانيين لنستحق هذا؟ نحن أكثر من يعاني من هذه الحرب”.
تنتمي آنا إلى العهد السوفيتي، وتحجم عن انتقاد الزعيم الروسي علانية وتقول “بوتين هو رئيس وقيصر وملك وامبراطور”.
رغم أن آنا أصبحت نجمة في موسكو، إلا أن قوات بوتين لم تستثنِ قريتها بل تعرضت للقصف مراراً.
أثناء عبورنا القرية بالسيارة، لاحظنا أن النيران لا تزال مندلعة في بعض المنازل، وتحولت أخرى إلى رماد، وقد تعرض منزلها أيضاً للقصف، فقد كانت نوافذ بيتها محطمة والسقف منهار والشظايا منتشرة في الحديقة الأمامية من المنزل.
قالت آنا: “الآن فهمت”. “إنهم لا يهتمون بحياة الناس في أوكرانيا، بل فقط باحتلال أراضينا”.
يوافق دميترو غالكو من وزارة الثقافة الأوكرانية على ذلك ويقول إن الدعاية الروسية تستغل كل شيء لهدف وحيد ويقول: “إنهم لا يهتمون بالحقيقة ولا بالأشخاص الحقيقيين، وليسوا مهتمين بمن تكون آنا أو ما مصيرها، فلو كان بمقدورهم لخطفوها، وحنطوها ودفنوها دون أن يرف لهم جفن”.
تخشى آنا على سلامتها الآن. في أوكرانيا، تتعرض للهجوم عبر الإنترنت لأنه يُنظر إليها على أنها موالية لروسيا.
كل جيرانها يتجنبونها، إنها قرية صغيرة والجميع يعرف بعضهم البعض.
“لست سعيدة بشهرتي في روسيا، لأنه في أوكرانيا يعتبرونني الآن خائنة”.
من الواضح أن الحجم الحقيقي لشهرتها أصبح جلياً فقط في نهاية مقابلتنا. وبينما كنا نودعها، حاولت أن تعطينا علمها الأحمر المحبوب المرسوم عليه المنجل والمطرقة.
وقالت: “لا أريد أي مشكلة. لا أريد أن يستخدمه الناس ضدي أبداً”.
[ad_2]
Source link