ناندا محمد: ماذا نعرف عن أول ممثلة سورية تنال وسام الاستحقاق الفرنسي برتبة فارس؟
[ad_1]
- ندى منزلجي
- بي بي سي نيوز عربي
نالت الممثلة السورية ناندا محمد مؤخرا وسام الاستحقاق الفرنسي الوطني للفنون والآداب برتبة فارس، وهي أول ممثلة سورية تحصل على هذا الوسام الرفيع.
وفي حفل أقيم في السفارة الفرنسية في القاهرة في 22 مايو/ أيار الماضي، استلمت ناندا المقيمة في مصر منذ سنوات، الوسام الذي منح لها “تقديرا لموهبتها وعملها المسرحي وتميزها كممثلة مسرحية في مشاريع عربية وفرنسية وابداعاتها في المجال الفني ومساهمتها في تعزيز الفنون والأدب في فرنسا والعالم وتوطيد العلاقة الثقافية بين فرنسا ومصر”.
منذ البداية، يبدو اختيار ناندا محمد امتهان التمثيل والدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، متوافقا مع نشأتها في عائلة يعمل أفراد عدة منها في المجال الفني، فوالدتها خبيرة المكياج المسرحي والسينمائي المعروفة بشرى حاجو، وخالها رسام الكاريكاتور سعد حاجو، وزوج والدتها هو المخرج المسرحي الأردني خالد الطريفي.
ورغم أدوارها التلفزيونية اللافتة، والتي كان أحدثها في المسلسل المصري “بطلوع الروح” الذي عرض في الموسم الرمضاني الأخير وأدت فيه شخصية المرأة الداعشية القاسية “أم ليث” تحت إدارة المخرجة كاملة أبو ذكري، فالمسرح كان له دائما الأولوية بالنسبة لناندا. اختارت الأصعب والأقل انتاجا وانتشارا في العالم العربي، وقد كرست معظم مسيرتها الفنية للعمل على خشبته.
والعلاقة التي تربط ناندا بالمسرح تعود إلى سنوات الطفولة، كما تقول، حين كانت دائما ترافق والدتها إلى عملها في المسارح في دمشق، ومن حينها ولد ذلك الافتتان بالتمثيل والعلاقة المباشرة الخاصة مع الجمهور.
بي بي سي نيوز عربي التقت الفنانة ناندا محمد في حديث متشعب، من عشق المسرح والبدايات في دمشق، إلى انتقالها إلى مصر، وجولاتها في أنحاء العالم، وآرائها في مواجهة الصورة النمطية التي توضع الفنانات ضمن قوالبها، وانشغالاتها الحالية ومشاريعها.
“المسرح علمني أن أكون إنسانة”
وتقول ناندا لبي بي سي “أنا منحازة إلى المسرح طبعا. منذ عشرين عاما، والمسرح هو المكان الذي أتعلم منه وأستمتع فيه. أجمل ذكرياتي هي على خشبته وفي كواليسه، في سوريا ومصر وكل الدول التي عرضت فيها، وأغلب صداقاتي تكونت بسبب المسرح. وزوجي تعرفت عليه في المسرح، ومعظم اللحظات التي أعيشها في المسرح حتى الصعبة منها، مهمة جدا في حياتي”.
“المسرح علمني كيف أكون إنسانة، وأثر جدا على شخصيتي فنيا وإنسانيا”، كما تضيف.
أول مسرحية شاركت فيها ناندا كانت “عشاء عيد ميلاد طويل” إخراج سامر عمران، وكانت حينها طالبة بالسنة الرابعة في المعهد، وبعد تخرجها عام 2001 تابعت العمل في المسرح على الفور.
وتتابعت بعدها أعمالها المسرحية ومنها “أحلام شقية” للكاتب سعد الله ونوس، ومونودراما، و”امرأة وحيدة” تأليف داريو فو وفرانكا راما، و”في عدالة الأسماك”، و”هوى الحرية”، و”قبل الثورة”، و”العشاء الأخير”، و”تحت سماء واطئة”، و”فيك تتطلع بالكاميرا؟”، و”بينما كنت أنتظر”، و”ألف ليلة وليلة”، و”سرداب فينوس”، وصولا إلى “التي سكنت البيت قبلي”، و”كل حاجة حلوة”، وتحت إدارة مخرجين من دول عدة، وبلغات مختلفة.
ولعبت ناندا أدوارها على خشبات المسارح في عروض ومهرجانات في العديد من دول العالم.
ظهورها التلفزيوني الأول، كان عام 2002، وكانت حينها ضيفة في إحدى حلقات الجزء الثاني من مسلسل “الفصول الأربعة” للمخرج الراحل حاتم علي.
أما المنعطف الرئيسي الأول في مسيرتها كممثلة في أعمال درامية، كما ترى ناندا، فكان عام 2005 مع دورها في مسلسل “عصي الدمع” إخراج حاتم علي أيضا، وقد لعبت فيه دور شابة اسمها ملك، تعيش تحت سطوة أب صعب، وتخشى أن يفوتها قطار الزواج، ومتمردة على واقعها ولكن ضمن حدود بالغة الضيق.
وتقول ناندا لبي بي سي “كان الدور مميزا ومساحته كبيرة، وهو من أكثر الأدوار التي استمتعت بالعمل بها في مسلسلات تلفزيونية، ولفت نظر المشاهدين، وحتى الآن يحدثني البعض عنه، وأعتقد أنه أهم الأدوار التي قدمتها في التلفزيون”.
في المسرح، يبدو تحديد العمل الذي شكل المنعطف الأهم في مسيرة ناندا صعبا، وهي تجد أن هناك الكثير من الأدوار المهمة بالنسبة لها، و”كل واحد مهم بالنسبة لي لسبب مختلف”، كما تقول.
لكن يمكن القول أن المنعطف الرئيسي الأول “كان مشاركتي إلى جانب مجموعة من الممثلين السوريين في ورشات عمل في باريس عام 2004 مع المخرج الفرنسي أريان منوشكين”.
تحديات المكان الجديد واللهجة المختلفة
في عام 2012 انتقلت ناندا إلى مصر بعد زواجها من عازف الكمان المصري محمد سامي، وهي تقول “في البداية كان الانتقال صعبا جدا، وعلى عدة مستويات”.
وعدا عن الجانب العاطفي ومغادرتها بلدها سوريا في أوج أوضاع كارثية، وكذلك تركها الجمهور الذي يعرفها، والابتعاد عن الفريق الذي اعتادت العمل معه وخصوصا الكاتب المسرحي محمد العطار والمخرج عمر أبو سعدة، كان أمامها تحد آخر، وهو اللهجة المصرية.
وتقول ناندا “اللهجة تحد حقيقي طبعا، فلكي يصدقك الجمهور، يجب أولا أن يصدق لهجتك”.
لكن ناندا تعتبر أنها كانت محظوظة، وتمكنت خلال فترى قصيرة من المشاركة في أعمال مسرحية في البلد الجديد، وتقول “قبل انتقالي إلى مصر كنت أعرف إثنين من أهم مخرجي المسرح المستقل فيها: ليلى سليمان وأحمد العطار. واشتغلت مع ليلى عرضا اسمه ‘هوى الحرية’، وثم بدأت العمل مع أحمد العطار، وأنا عضوة بفرقته ‘المعبد’ منذ 9 سنوات، وعملنا معا في خمس مسرحيات عرضناها في مصر وأوروبا والولايات المتحدة ودول عدة أخرى”.
وتضيف “في الحقيقة لم أشعر أبدا سواء من الفنانين الذين أعمل معهم أو من جمهور المسرح بأي تفرقة بيني وبين الممثلين المصريين، بل على العكس تماما. الفرقة وجمهور المسرح المصري احتضنوني فنيا وإنسانيا”.
واليوم تقول ناندا “عملي الطويل مع فرقة ‘المعبد’ والبروفات اليومية والجهد الكبير اللي بذلته، إضافة إلى مساعدة زوجي، كل ذلك جعلني، وبشهادة المصريين، أتقن اللهجة كأي مصرية”.
لكن الموضوع أبعد من مجرد لهجة، كما تشير ناندا “إنه قدرة الممثل على التقاط الروح المصرية في الشخصية، والإيقاع المصري، وهذا هو الأصعب”.
البحث عن الشخصية
قدمت ناندا أعمالا تتناول قضايا المرأة من زوايا عديدة، ولعبت شخصيات نسائية على درجة كبيرة من التباين، فكيف تحضر شخصياتها، وكيف تبحث في أعماقها؟
تقول “جزء أساسي من عمل الممثل هو التحضير للشخصية، ويختلف الموضوع من عمل لآخر، وأنا أستمتع جدا بهذه المرحلة، وأعتبرأنها شديدة الأهمية”.
على سبيل المثال، كما تضيف “في دور أم ليث، وهي الذراع اليمنى، لقائدة كتيبة الخنساء في داعش، والذي قدمته مؤخرا في مسلسل ‘بطلوع الروح’ كان البحث والتحضير أمرا جوهريا، وكان علي أن أبحث عن مبررات للشخصية لأتمكن من تقديمها”.
وتقول “قرأت الكثير من الأبحاث عن كتيبة الخنساء، وتواصلت مع أصدقاء من الرقة يعرفون جيدا كيف كان الوضع هناك، وقرأت لقاءات وتحقيقات مع نساء كن في الكتيبة، وساعدني ذلك جدا برسم ملامح أم ليث النفسية، ومكنني من أن أجد مبررات لأفعالها، لكي أستطيع أن أتعاطف معها، وأحبها وأعيش شخصيتها في الدور”.
الممثلة التي تريد أن تظل “واحدة منّا”
تتعرض النساء اللواتي يعملن في المجال الفني عموما لضغوط كثيرة تتعلق بالمظهر، بحيث يبدو الأمر وكأن من تريد النجاح عليها تحقيق مواصفات الصورة النمطية للنجمة، ما قد يضطرهن إلى الخضوع لحميات قاسية أو لإجراء عمليات تجميل.
ناندا محمد، الممثلة ذات المظهر غير المتكلف والملامح الطبيعية، والقوام الممتلئ، كيف ترى هذا الأمر؟ وهل طلب منها يوما تغيير مظهرها؟ أم أن مواصفاتها الجسدية التي تشترك فيها مع فتيات عربيات كثيرات جعلتها أقرب إلى الجمهور، وأكثر إقناعا بأنها “واحدة منّا”؟
تقول ناندا “أعتقد أن على الممثلة أن تمتلك قوة نفسية وثقة كبيرة بذاتها، لكي تتخطى هذه الضغوطات. أنا شخصيا كنت دائما ممتلئة، ولكن ليس بشكل مفرط، إلا أن هذا ليس السبب الوحيد ليطلب من الممثلة تغيير مظهرها”.
وتضيف “مثلا أعرف ممثلات كثيرات، كانت أنوفهن عادية، وطلب منهن بشكل مباشر إجراء عمليات تجميل للأنف، لكي يحصلن على أداور ذات مساحة أكبر، أو على بطولات، ويمكن القياس على ذلك. الوضع صعب، وأعتقد أن من التحديات الأساسية بالنسبة للممثلات، هو كيف يواجهن هذا التنميط وهذا النوع من الطلبات”.
“بالنسبة لي، حتى وإن كان هذا صعبا أحيانا، من قبل العاملين بالوسط الفني أو من الجمهور الذي يدخل أحيانا في اللعبة، ويطالب الممثلة – والممثل أيضا- بأن تكون مماثلة لشروط النجمة كما يعرفها، لكن لم أشعر أبدا أن شكلي كان عائقا في عملي سواء في المسرح أو التلفزيون”.
وتضيف “أعتقد أن كل شخص لديه ميزاته الخاصة، سواء في العيوب أو مواطن الجمال، وهي تشكل روحه وشخصيته الفنية وصورته المميزة التي يجب أن يحافظ عليها بشجاعة، ويفرضها”.
وتقول “أعتقد أيضا أن الممثل لديه مسؤولية، وعليه أن يكون واعيا لها، وهي كيف يحارب هذا التنميط ويواجهه، وأظن أن المحافظة على شكلك الطبيعي وخصوصيتك هي إحدى الأدوات الأساسية للمواجهة”.
وبالنسبة لناندا فإن “هذا التنميط في الوسط الفني محدودية مثيرة للاحباط”، ففي الحياة الواقعية التجارب الجميلة والسيئة يمر بها الجميع بعض النظر عن مظهرهم. “وهذا للأسف موجود ليس في بلادنا فقط، وإنما في كل العالم، لذا المواجهة مهمة جدا. الأمر بالفعل صعب جدا، ولكن توجد أمثلة عديدة على ممثلات عربيات واجهن هذا التنميط، وفخورات بأشكالهن على تنوعها”.
وعلى خلاف ما يروج له، تعتقد ناندا “أن الناس حين يرونك بشكلك الطبيعي يصدقونك أكثر، ويحبونك أكثر، ويشعرون أنك منهم، وهذا مهم جدا للممثل”.
وتقول “أمر محبط أن نشاهد ممثلات جيدات لكنهن لا يستطعن التعبير في الوجه بسبب عمليات الشد أو حقن البوتوكس، هذا سيء جدا، ومعاد لمهنة التمثيل نفسها”.
الوسام تقدير لكل ممثل مسرحي سوري
كان حصول ناندا على وسام الاستحقاق الفرنسي برتبة فارس مهم جدا بالنسبة لها، كما تقول، ولعدة أسباب، “فهو تقدير لعملي في المسرح العربي والفرنسي، وأعتقد أن تقدير العمل المسرحي نادر في هذه الأيام في بلادنا وفي العالم كله، ولا تهتم به المؤسسات أو الجهات ولا حتى الجمهور”.
وتضيف “معظم الناس، وتحديدا في العالم العربي، يهتمون بممثلي التلفزيون والسينما، وليس المسرح، لذا يسعدني جدا أن وزارة الثقافة الفرنسية اهتمت بعملي المسرحي”.
وتضيف “أعتبر أن الوسام تقدير لأي ممثل مسرحي سوري لا يزال قادرا على تقديم عمله بعد اضطراره للانتقال إلى مكان جديد، وهو أيضا تقدير لأي فنان مسرحي في سوريا لا يزال قادرا على العمل في المسرح وتقديم شي مهم”.
كما أن حصول ناندا على الوسام الفرنسي في مصر يمنحه قيمة إضافية بنظرها، وتقول “يقدم الوسام عادة للاشخاص في بلادهم، وتقديمه لي في مصر مؤشر إلى قوة علاقتي مع هذا البلد، الذي احتضنني فنيا وإنسانيا، وإلى أي مدى أصبحت من أبنائه، وهذا يسعدني جدا”.
“تعلمت الفرنسية من المسرح”
عملت ناندا محمد مع مخرجين فرنسيين وإنجليز، وقدمت أعمالا مسرحية باللغتين، فما هي أبرز هذه الأعمال وكيف تمكنت من إتقان اللغتين؟
بداية، تقول ناندا إنها تعلمت الإنجليزية في المدرسة، “وتابعت اهتمامي بها، وكنت أقرأ كتبا عن مناهج التمثيل بالإنجليزية”.
لكن المدهش أنها لم تدرس الفرنسية وإنما تعلمتها من المسرح، تقول “أول مرة أذهب فيها إلى فرنسا كانت عام 2004 ، وعملت في ‘مسرح الشمس’ مع المخرج أيان موشكين في مشروع ورشات عمل مع عدة ممثلين سوريين، وتعلمت اللغة من خلال عملي بالمسرح ومن العروض مع فنانين فرنسيين، ثم أخذت أستمع إلى أغان بالفرنسية وأشاهد افلاما، وبدأت أقرأ. تعلمت بجهد شخصي، وأظن أن معرفتي بالفرنسية لعبت دورا في حصولي على الوسام، ولكنه ليس الدور الأساسي. وفي العادة الحاصلون على الوسام هم فرانكوفونيون (ناطقون بالفرنسية)”.
وتقول “أبرز الأعمال الفرنسية كانت مع المخرج هنري جول جوليان، الذي عملت معه قبل سبع سنوات في مسرحية ‘في عدالة الأسماك’ وقدمنا عروضها في أماكن كثيرة من فرنسا ومصر، وخلال هذا العرض تعمقت علاقتي باللغة الفرنسية، وحاليا أعمل في عرض كله باالغة الفرنسية، وهو مأخوذ من قصائد للشاعرة السورية رشا عمران باسم ‘التي سكنت البيت قبلي’، وأنا سعيدة جدا لأنه أول عمل لي بالفرنسية بشكل كامل”.
أما بالإنجليزية، فأبرز أعمالها هو “ألف ليلة وليلة”، وهو عرض طويل بالفرنسية والإنجليزية والعربية مدته 6 ساعات، وقد عرض في مهرجان أدنبرة عام 2011 ، وهو أيضا أهم عمل لها بأكثر من لغة، كما تقول.
أعمال ومشاريع
قبل بضعة أيام قدمت ناندا العرض الأخير لمسرحية بعنوان “رحلة العمر”، إخراج دانييل سان بيدرو وهي مستوحاة من كتاب لغوستاف فلوبير بعنوان “رحلة إلى الشرق”، والعمل مشروع مصري فرنسي مشترك ويشارك فيه موسيقيون وممثلون من البلدين، وسيسافر الفريق آخر الشهر لعرض المسرحية في جولة بفرنسا.
كما ستشارك ناندا مع “التي سكنت البيت قبلي” للمخرج هنري جوليان في المسابقة الرسمية لمهرجان أفينيون، وهي مشاركتها الرابعة في المسابقة الرسمية لهذا المهرجان، وتقول “إنه أمر رائع ونادر أن يحصل هذا لممثل في مهرجان عريق مثل مهرجان أفينيون”، الذي يعتبر إلى جانب مهرجان إدنبره من أهم المهرجانات المسرحية في العالم.
ويقدم العرض بطريقة مبتكرة باللغتين العربية والفرنسية، ويتضمن الشعر والموسيقى والتمثيل.
وقبل فترة قريبة عملت ناندا أيضا في مسرحية مونودراما بعنوان “كل حاجة حلوة” مع المخرج أحمد العطار، والعمل مأخوذ عن نص للكاتب الإنجليزي دانكن ماكميلان.
وسيقدم العرض من جديد على مسرح روابط من 17 إلى 20 يونيو/حزيران.
وتقول ناندا إن لديها عددا من المشاريع الأخرى للفترة القادمة، لكنها غير محددة تماما حتى الآن.
[ad_2]
Source link