كيف خلف الرئيس السابق يحيى جامع إرثا من الذعر واضطرابات ما بعد الصدمة لدى الغامبيين
[ad_1]
- بِني ديل
- بودكاست ذا كوم
على مدى 22 عاما، عاش المواطنون الغامبيون في قبضة الرئيس السابق يحيى جامع الذي شاب حكمه مزاعم بانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات قتل و“مطاردات سحرة“ وعمالة قسرية – رغم أن جامع نفى سابقا ارتكاب أي مخالفات. منذ هزيمته المفاجئة في الانتخابات قبل أكثر من خمس سنوات، تحاول البلاد التعايش مع تاريخها المؤلم بطرق مختلفة، من بينها الفن.
سيطر طوفان من المشاعر على فاتو تيريما جينغ عندما رأت صورها للمرة الأولى معروضة في متحف أطلق عليه اسم “دار الذاكرة”. لكنها لم تكن مشاعر اليأس والحزن التي عادة ما تعتريها عندما تتذكر ما تقول إن أسرتها تعرضت له على يد نظام يحيى جامع في غامبيا.
فقد حلت الابتسامات محل الدموع.
“كنت سعيدة للغاية عندما رأيت صوري. كانت جميلة جدا. لم أتوقف عن الابتسام في ذلك اليوم”.
زوجها الذي كان يعمل فنيا إذاعيا، سانكونغ بالاجو، توفي خلال عملية مطاردة لمتهمين بممارسة السحر يُزعم أنها نُفذت بناء على أوامر من جامع.
بدأت تلك المطاردات على ما يبدو في عام 2009 بعد أن ألقى جامع باللوم في وفاة إحدى عماته على ما وُصف بأنه أعمال سحر، ويُعتقد أنها استمرت بشكل عشوائي خلال السنوات التالية. تسببت تلك المطاردات في بث الذعر والانقسامات بين مجتمعات غامبييا.
وتعتبر الصور التي التقطتها جينغ جزءا من سلسلة معبرة من الصور الشخصية لـ 11 شخصا يقصون رواياتهم للانتهاكات التي عانوا منها هم وعائلاتهم في عهد جامع، الذي تولى السلطة منذ عام 1994 وحتى عام 2016.
يحمل المعرض عنوان “We Are Not Done” (“لم ننته بعد”)، ويوجد في متحف دار الذاكرة، وهو أول مركز للحفظ والذاكرة في غامبيا.
تدير المبنى الشبكة الأفريقية لمناهضة عمليات القتل غير القانونية والاختفاءات القسرية، والتي تشن حملة للمطالبة بمحاكمة منتهكي حقوق الإنسان المزعومين. وقد أسست الشبكة المخرجة وناشطة حقوق الإنسان نانا-جو نداو، بعد سنوات قليلة من تعرضها لمأساة شخصية.
في عام 2013، اختفى والدها سول نداو – وهو رجل أعمال بارز ومعارض لجامع – خلال رحلة قام بها إلى السنغال، واختفى معه كذلك السياسي السابق ماهاوا تشام الذي كان برفقته.
وفي عام 2019، اعترف أحد أعضاء جماعة “جانغلارز” ( Junglers) شبه العسكرية التي كانت تتلقى أوامرها مباشرة من جامع أمام لجنة تحقق في مزاعم الانتهاكات التي ارتكبها نظام الرئيس السابق بأنه دفن جثمان نداو في مزرعة الكاجو التي يمتلكها جامع في غامبيا.
وطبقا لشهادة عضو الجماعة هذا، ويدعى عمر جاللو، فإن نداو اختُطف من السنغال وقتل بأوامر الرئيس السابق.
تقول نانا-جو نداو: “اختفاؤه حطم أسرتنا ومزقها تماما”.
“الكثير من الناس أداروا ظهورهم لنا، وكأننا سنعديهم بمرض ما. كما أنهم يجعلونك تشعر بالذنب”.
واكتشفت نداو أن أناسا آخرين، غالبيتهم من النساء، تعرضوا لتجارب مماثلة. ويركز عملها في بيت الذاكرة الآن على “إظهار الأشياء المخفية للعلن”، باستخدام السرد المرئي كأداة لفضح وحفظ تاريخ ما حدث خلال حكم جامع، وللمساعدة في عملية التعافي من آلام تلك الحقبة.
وفضلا عن الصور الفوتوغرافية، يحتوي بيت الذاكرة على بعض الأغراض الخاصة، مثل بطاقات الهوية والملابس، التي تعود لأشخاص يزعم أنهم قتلوا بصورة غير قانونية أو تعرضوا للاختفاء القسري.
كما أن المتحف صار الآن على قائمة المواقع التي وافقت وزارة التعليم الغامبية على تنظيم رحلات مدرسية لها للمساعدة في تعريف الطلاب ببلادهم.
تقول سيرا نداو ابنة عم نانا-جو التي تعمل معها إن “غالبية الطلاب ولدوا خلال فترة حكم جامع. لذا فإنهم لم يعرفوا سوى الحكم الديكتاتوري. ونحن بحاجة إلى أن يدرك الطلاب أن الديكتاتورية ليست نظاما طبيعيا للحكم”.
تسمي سيرا نداو ذلك “نسيان الديكتاتورية”. يشمل ذلك تنظيم ورش عمل للشباب الصغار يتعلموا من خلالها حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية.
وتمخضت تلك التدريبات عن صور معرض “لم ننته بعد”، التي التقطتها كاميرات هواتف كل من روهي تشام وفاتو ندوري وسيسيليا ووداي سانيانغ.
خلال تلك التدريبات، أدركت تشام البالغة من العمر 18 عاما أن حقوقها الإنسانية هي أيضا تعرضت للانتهاك. عندما كانت في العاشرة من عمرها، كان يفترض أن تذهب في رحلة مدرسية لزيارة موقع تاريخي، ولكن بدلا من ذلك، أّخذت هي وغيرها من الأطفال إلى مزرعة جامع القائمة في كانيلاي وأجبروا على جمع الكاجو تحت إشراف الجنود.
“لم أفكر مطلقا أن ذلك كان عمالة قسرية، لأنني كنت صغيرة جدا”.
“مطاردة السحرة”
القصص الإحدى عشرة التي توثقها الصور الفوتوغرافية، يدور ست منها بالأساس حول ما يعرف بمطاردة السحرة.
خلال تلك المطاردات، كان يتم اختطاف الضحايا تحت تهديد السلاح ونقلهم إلى مراكز احتجاز سرية. يحكي هؤلاء أنهم جُردوا من ملابسهم، وتعرضوا للضرب ومورست عليهم ضغوط لحملهم على الاعتراف بارتكاب جرائم من خلال ممارسة السحر، وأجبروا على تناول خلطات من الأعشاب التي تسبب الهلوسة. وقد توفي بعضهم.
وكثير من هؤلاء الذين ظهروا في المعرض لا يزالون يعانون من الآثار الجسمانية لما تعرضوا له خلال تلك المطاردات، كما أنهم يعانون من الاكتئاب والقلق الشديد نتيجة تعرضهم لاضطراب ما بعد الصدمة.
والدة فاتو كانت حاملا في شهرها الثامن عندما اتُهمت بممارسة السحر واقتادها الجنود من منزلها. وقد فقدت جنينها، كما تعرضت لما لا يقل عن إجهاضين تلقائيين بعد ذلك.
عانت فاتو من التنمر في المدرسة بسبب تلك الاتهامات التي وُجهت إلى والدتها، واضطرت إلى تركها وهي في العاشرة من العمر. انتهى بها الحال إلى الزواج في سن صغيرة جدا. يغادر زوجها المنزل كل يوم ليذهب إلى عمله، فتقضي أيامها وحيدة. تقول فاتو: “ليس لدي أصدقاء”.
طلبت فاتو إخفاء هويتها، ولهذا السبب التقطت الصور المعروضة لها وهي ترتدي حجابا.
وككثير من الأشخاص الآخرين الذين شملهم المعرض، هذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها فاتو عن تجربة مطاردة السحرة.
قبل ذلك، كانت ترفض الكلام خشية تعرضها هي أو أي من أقاربها “لما هو أسوأ”.
وفاتو ليست الوحيدة. الكثير من المواطنين الغامبيين لم يدلوا بشهاداتهم أمام لجنة الحقيقة والمصالحة والتعويض التي استمعت إلى شهادات شهود بين يناير /كانون الثاني 2019 ومنتصف عام 2021 حول الحياة تحت حكم جامع. بعضهم رفض الشهادة لأن جلسات الاستماع كانت تبث على الهواء مباشرة، ولذا ارتأوا أنها كانت علنية بصورة تجعل من الصعب عليهم الحديث عن حوادث مزعجة بشكل هائل.
والبعض الآخر رفض خوفا من العواقب المحتملة.
يعيش جامع حاليا في المنفى في غينيا الاستوائية، لكن بعض أعضاء دائرته السياسية لا يزالون يشغلون مناصب سلطوية في القرى، وفي الحكومة والجيش وجهاز الاستخبارات الوطني.
ربما يكون جامع قد غادر غامبيا، لكن يبقى الألم الذي يشعر كثيرون أن نظامه تسبب فيه.
وقد عانت فاتو تيريما جينغ كثيرا منذ ذلك الحين. تكسب فاتو مبلغا قليلا من المال من خلال عملها في غسل الملابس. بعض الناس ينبذونها ويعيرونها: “جيراننا لا يسمحون لأطفالي بالأكل معهم لأنهم يقولون إن أباهم كان ساحرا”.
لكن المجيء إلى دار الذاكرة ورؤية صورها، ورؤية لباس زوجها التقليدي “الهافتان” الذي تبرعت به للمتحف، خفف عنها بعض الشيء.
وتشعر فاتو الآن بأنها بدأت أخيرا في التعافي.
“كانت هذه هي المرة الأولى التي أحكي فيها قصتي، وقد ساعد ذلك جراحي على الاندمال بشكل كبير”.
يستمر معرض “لم ننته بعد” من منتصف مايو/أيار ولمدة ثلاثة أشهر، أو إلى حين بدء موسم الأمطار.
جميع الصور تخضع لحقوق الملكية الفكرية. كافة الصور الفوتوغرافية في المعرض التقطتها كاميرات روهي تشام، فاتو ندوري، وسيسيليا ووداي سانيانغ.
[ad_2]
Source link