السودان: ماذا يعني إرجاء الحوار السياسي لأجل غير مسمى؟
[ad_1]
لم تمر أيام قليلة على انطلاق الحوار السياسي في السودان حتى أعلن متحدث باسم الأمم المتحدة السبت أن الجولة الثانية من الحوار لحل الأزمة السياسية هناك قد أرجئت إلى أجل غير مسمى بسبب تواصل رفض تحالف قوى الحرية والتغيير المشاركة.
وفي 27 أبريل/نيسان الماضي، أعلنت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمة دول شرق ووسط إفريقيا للتنمية “إيغاد”، عن حوار سوداني في الأسبوع الثاني من مايو/أيار الجاري، دون الإشارة إلى موعد محدد لانطلاقه.
وقد أطقلت الآلية الثلاثية هذا الحوار يوم الأربعاء الماضي في محاولة لوضع حد للمأزق السياسي في السودان منذ أكتوبر/تشرين الأول من عام 2021.
ومع انطلاق الحوار انتعشت الآمال لدى البعض بأن يفضي لحل أزمة البلاد، باعتبار أنه سيجمع الأطراف السودانية من مدنيين وعسكريين، للعمل على إيجاد حلول للفترة الانتقالية وصولا للانتخابات.
وكان من المقرر عقد الجولة الثانية من المحادثات الأحد.
ولكن قال المتحدث باسم بعثة الامم المتحدة في السودان فادي القاضي لـ”فرانس برس” إن المنظمات الدولية الثلاث قررت “تأجيل جلسة حوار الأحد على ضوء التطورات الأخيرة”. مشيرا إلى أنه “ليس لدي موعد محدد لاستئناف جلسات الحوار”.
وجاء قرار الإرجاء في وقت رفض تحالف “قوى الحرية والتغيير” المشاركة في الحوار.
وأجرى وفد من قوى الحرية والتغيير الخميس مقابلة “غير رسمية” مع مسؤولين عسكريين في محاولة للخروج من المأزق. لكن التحالف المدني اعتبر لاحقا في بيان أن الحوار الذي بدأ الأربعاء “حل سياسي زائف” و”يشرعن” الانقلاب.
وكان التحالف قد قام بدور رئيسي في الانتفاضة التي دفعت الجيش في 2019 للإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.
وتأتي هذه التطورات فيما تتواصل دعاوى إسقاط النظام واستمرار الاحتجاجات في معظم المدن للمطالبة بالحكم المدني الكامل وتحقيق أهداف الثورة، المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة.
فمنذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2021، يشهد السودان احتجاجات شعبية تطالب بعودة الحكم المدني الديمقراطي وترفض إجراءات عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي الاستثنائية التي يعتبرها الرافضون انقلابا عسكريا.
ونفى البرهان صحة اتهامه بتنفيذ انقلاب عسكري، وقال إن إجراءاته تهدف إلى “تصحيح مسار المرحلة الانتقالية”، وتعهد بتسليم السلطة عبر انتخابات أو توافق وطني.
وقبل تلك الإجراءات كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس/ آب 2019 مرحلة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع عام 2024.
وكان من المفترض أن يتقاسم السلطة خلال تلك المرحلة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.
وقد وجدت الدعوة للحوار تأييدا ودعما دوليا وإقليميا كبيرين بهدف عودة السودان إلى المسار الديمقراطي وعلى رأسهم دول “الترويكا” (الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج)، وكذلك دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها فرنسا وألمانيا.
وداخليا يرمي مجلس السيادة الانتقالي برئاسة عبد الفتاح البرهان، كل ثقله على أهمية الحوار بين المكونات السياسية لتحقيق توافق لإكمال الفترة الانتقالية.
ويؤكد قادة المجلس أن البلاد “تحتاج للتوافق للخروج من حالة الاحتقان واللادولة”، التي يعيشها السودانيون مع تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية.
ودعا البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي” مرارا القوى السياسية والمدنية إلى الحوار وصولا لتوافق وطني لإدارة الفترة الانتقالية في البلاد.
وفي 3 مايو/آيار الجاري، كشف عضو مجلس السيادة ياسر العطا، لقناة “سودانية 24” المحلية، عن حوار يجريه قادة الجيش مع القوى السياسية المختلفة لتهيئة الأجواء والاتفاق على حد أدنى من النقاط التي تكفل الشروع في عملية الحوار الوطني.
عقبات
رغم أن قوى الثورة أعلنت رفضها للحوار وتبنيها شعار اللاءات الثلاث “لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية”، إلا أن بعض القوى دفعت بمطالب لتهيئة الأجواء قبل الدخول في أي حوار.
وعلى رأس تلك القوى “إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي” (الائتلاف الحاكم سابقا)، التي اعتبرت أن تهيئة الأجواء للحوار تتطلب إلغاء حالة الطوارئ، وإطلاق سراح المعتقلين ووقف العنف ضد المتظاهرين.
وقد ألغت السلطات حالة الطوارئ في أواخر مايو/آيار الماضي وشرعت في إطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين ، إلا أنها ما زالت تعتقل آخرين، بحسب الهيئات الحقوقية.
ودعا المتحدث باسم (محامو الطوارئ) للإفراج عن جميع المعتقلين إذ أنهم اعتقلوا بموجب قانون الطوارئ الذي تم إلغاؤه ولذلك لم يعد هناك سند قانوني لاعتقالهم.
وقد شكك عدد من المراقبين في صدق نوايا من في السلطة فيما يتعلق بإلغاء حالة الطوارئ، واعتبروا هذه الخطوة مجرد مناورة سياسية لكسب ود المجتمع الدولي من أجل انفراجة تتيح لهم كسب الوقت للخروج من عنق الزجاجة بتسوية تضمن وجودهم في المرحلة المقبلة.
كما اعتبرت بعض القوى الثورية إلغاء حالة الطوارئ خطوة غير كافية، مشددة على تمسكها برؤيتها المطروحة لدى الآلية الثلاثية المشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والايغاد على ضرورة عودة الحكم المدني.
فيما سقط في 5 مايو/آيار الماضي، قتيل و73 مصابا في مظاهرات توجهت إلى القصر الرئاسي بالعاصمة الخرطوم، بينها إصابات بالرصاص الحي، وفق “لجنة أطباء السودان”.
وفي 3 يونيو/حزيران الجاري، قُتل متظاهر بالرصاص في العاصمة السودانية الخرطوم، بحسب تجمع لأطباء مستقلين، خلال المظاهرات التي خرجت في العاصمة وأنحاء متفرقة في السودان، لإحياء الذكرى الثالثة لفضّ اعتصام القيادة العامة.
تدهور اقتصادي
وجاءت التطورات الأخيرة وسط تدهور اقتصادي تشهده البلاد مع تراجع سعر الجنيه السوداني.
وتشير كل التقارير عن الشأن السوداني، إلى أنه وعلى عكس ما وعد به الفريق عبد الفتاح البرهان، بعد انقلابه في تشرين الأول/ أكتوبرالماضي، بتحسين المستوى المعيشي للناس، فإن الأوضاع المعيشية للسودانيين، في تدهور متواصل منذ وقوع ذلك الانقلاب، إذ تدهورت قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، إلى مستويات غير مسبوقة.
كما شهدت أسعار السلع الأساسية والأدوية، ارتفاعات هائلة، في وقت ضاعفت فيه السلطات السودانية أسعار الكهرباء والخبز، والمشتقات النفطية بزيادات وصلت إلى 300%، وهو ما أدى إلى تأثيرات سلبية على حياة الناس، في بلد يعيش فيه أكثر من 60 في المئة من السكان تحت خط الفقر.
وقد حذر خبراء اقتصاديون سودانيون، من أن البلاد تشهد بوادر انهيار اقتصادي وشيك، في ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، والارتفاع غير المسبوق في أسعار السلع الضرورية.
وبرأي محللين اقتصاديين، فإن خطوة بنك السودان المركزي، التي جاءت في هذا السياق، بإعلانه في الثامن من آذار/مارس الماضي، تحرير سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار، أدت إلى ارتفاع حدة المنافسة بين البنوك المحلية، وسوق الصرف الموازي، في سباق للسيطرة على سوق العملات، في ظل ارتفاع في نسبة الطلب مقابل العرض، ووجود صفقات مالية تشترى النقد الأجنبي بأرقام فلكية.
وبجانب تأثيرات قرار بنك السودان المركزي، يورد خبراء اقتصاديون سودانيون أسبابا أخرى، منها اعتماد الدولة على طباعة النقود لسد العجز، وتوجيه الجزء الأكبر من الإنفاق الحكومي نحو القطاع الأمني، بدلا من دعم الإنتاج، إضافة إلى الخلل الواضح في العلاقة مع المجتمع الدولي، في أعقاب قرارات قيادة الجيش في الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ودأب المجتمع الدولي منذ انقلاب أكتوبر/تشرين الأول الماضي على جعل عودة المدنيين إلى السلطة شرطا لا غنى عنه لاستئناف المساعدات للسودان الذي تصنفه الأمم المتحدة من بين أفقر دول العالم.
•ماذا يعني إرجاء الحوار السياسي في السودان لأجل غير مسمى؟
•ما هي أسباب إقدام الآلية الثلاثية على هذه الخطوة؟
•كيف ترون مواقف قوى الحرية والتغيير من الحوار؟
•ما هي تداعيات هذه التطورات على الأوضاع في البلاد و العملية السياسية بأسرها؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الإثنين 13 يونيو/حزيران.
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
[ad_2]
Source link