نارفا: المدينة التي تتواجه فيها روسيا مع الناتو والاتحاد الأوروبي
[ad_1]
- فرانك غاردنر
- بي بي سي نيوز، نارفا
نارفا مكان غريب، فهي مدينة تقع على الحافة الشرقية لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، وهي ثالث أكبر مدينة في إستونيا لكن 97 في المئة من سكانها البالغ عددهم حوالي 60 ألف نسمة يتحدثون اللغة الروسية، مما يجعلها أكبر مدينة ناطقة بالروسية في الاتحاد الأوروبي.
وتقع مدينة نارفا على الضفة الغربية لنهر نارفا الذي يصب في بحر البلطيق فيما توجد روسيا على الضفة الشرقية من النهر.
وبالنسبة لزائر المدينة لأول مرة، يبدو الأمر وكأنه حدود كلاسيكية للحرب الباردة إذ هناك حصنان عملاقان يواجهان بعضهما البعض على جانبي النهر، والحدود الدولية تسير في المنتصف.
فإلى الغرب تقع قلعة نارفا، التي بناها الغزاة الدنماركيون في القرن الثالث عشر فيما توجد في الشرق قلعة إيفانغورود، التي بناها أمير موسكو في عام 1492.
ونظرا لأن جزءا كبيرا من حدود إستونيا مع روسيا يمر عبر بحيرة، فمن المرجح أن يأتي أي غزو مستقبلي من قبل موسكو منها أو من الجنوب، بجوار لاتفيا.
ويمتد على النهر في نارفا جسر بري محاط بسياج عالٍ متصل بسلسلة تعلوه أسلاك شائكة وبه نقاط جمركية في الجانبين .
هنا رتبت اللقاء مع إريك ليفا، مشرف في شرطة الحدود، ورتبته مفوض في الشرطة الإستونية، وهو طويل وملتح ومسلح، وقد اصطحبني إلى أسفل الطريق حيث تم رسم خط أحمر واحد عبر الطريق.
قال لي: “لقد وصلت الآن إلى الحدود، وأنت تلمس حافة الاتحاد الروسي”.
سألته..كيف هي العلاقات مع نظرائكم على الجانب الروسي من الحدود منذ الغزو الأوكراني؟.
يجيب ليفا: “ليس لدينا الكثير من الاتصالات معهم، لكن لدينا خطا ساخنا لأسباب تشغيلية، لقد عززنا دورياتنا الحدودية، ونقوم بعمليات تفتيش أكثر دقة على المركبات القادمة”.
و تقول شرطة الحدود الإستونية إنه من خلال هذا المركز الحدودي الصغير يتدفق آلاف الأوكرانيين الذين فروا من أهوال ماريوبول ومناطق الحرب الأخرى. ويعبر الحدود إلى إستونيا من هذا المعبر 300 شخص يوميا، وينتقل معظمهم إلى بلدان أخرى أو يعودون إلى أوكرانيا.
وفي حانة في المدينة التقيت كاتري رايك، عمدة نارفا المعينة حديثا. وتقول كاتري: “أوكرانيا هي حربنا، نشعر بها هنا”.
وتضيف قائلة إنه عندما بدأ الغزو كان هناك صمت شديد في المدينة حيث لم يتحدث عنه أحد . 47 في المئة فقط من الناس هنا هم من الإستونيين، و 36 في المئة من الروس، والبقية مصنفين على أنهم “أجانب”، عديمو الجنسية، ومعظمهم من الناطقين بالروسية.
وقبل الغزو، كان الناس يشاهدون البرامج الروسية على التلفزيون ويعبرون بانتظام إلى إيفانغورود وما وراءها إلى سان بطرسبرغ الأقرب إلى نارفا من العاصمة الإستونية تالين.
لكن الآن، من الصعب الحصول على تأشيرات حيث أن القنصليتين في نارفا وسان بطرسبرغ مغلقتان، وقد حظرت إستونيا البرامج التلفزيونية الروسية لأنها تعتبر إلى حد كبير دعاية الكرملين.
وقد التقت العمدة كاتري رايك العديد من الأوكرانيين القادمين عبر بلدتها.
وتقول: “لقد مروا بالجحيم، وكأن النور قد انطفأ في عيونهم”.
وفي جزء آخر من المدينة، قمت بزيارة واحد من 6 مراكز مساعدة تطوعية تم إنشاؤها لمساعدة الأوكرانيين الوافدين. ويعمل بالمركز في الغالب شباب روس وأوكرانيون يعملون بدون أجر، مثل كاتيا من روسيا.
قالت لي: “هذه الحدود هي الأكثر ملاءمة في أوروبا لعبور الأوكرانيين من روسيا، لقد تم إجلاء بعضهم من مناطق الحرب من قبل القوات الروسية والبعض نزح طوعا، والبعض الآخر قسرا، وبحلول الوقت الذي وصلوا فيه إلى الحدود كانوا مرهقين ومصدومين”.
في نقطة الحدود الروسية في إيفانغورود، يخضع الأوكرانيون لاستجواب مطول، وخاصة الرجال حيث يفحص ضباط الأمن من جهاز الأمن الروسي المرعب “إف إس بي” هواتفهم بحثا عن صور ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي وجهات اتصال.
ثم يفتش ضباط “إف إس بي” الرجال عراة بحثا عن وشوم القوات التي قد يكونوا خدموا فيها أو الكتائب التي عملوا بها. حتى أنهم يبحثون عن إصابات في الكتف ناجمة عن إطلاق النار، ويمكن أن تستمر الاستجوابات لساعات وأي شخص يثير الشبهات يتم احتجازه لمزيد من التحقيق.
ومع ذلك، فإن بعض أولئك الذين وصلوا إلى الجانب الإستوني ما زالوا ينتقدون الغرب.
ففي مركز المتطوعين، وافقت سيدتان أوكرانيتان عجوزتان من قرية بالقرب من خاركيف في النهاية على التحدث إلي باللغة الروسية فيما قامت كاتيا بالترجمة.
وقالت السيدتان إنهما ممتنتان للجنود الروس الذين ساعدوا في إجلائهما إلى بيلغورود على الجانب الروسي من الحدود.
أسألهما.. على من تلقيان مسؤولية هذه الحرب؟.
تجيب فيكتوريا، وهي تحتضن كلبا صغيرا في حجرها: “إنه مثل الطلاق، لأن الجانبين يقع عليه اللوم، وأمريكا مخطئة لأنه ما كان ينبغي أن تزود أوكرانيا بالسلاح”.
وماذا لو انقسمت أوكرانيا إلى مناطق تحكمها روسيا من جهة والحكومة الشرعية في كييف من جهة أخرى؟ أين تختارين أن تعيشي؟
تجيب صديقة فيكتوريا، مرددة طرح الكرملين: “زيلينسكي لا ينبغي أن يكون رئيسا، إنه مدمن مخدرات، سنذهب للعيش في المنطقة الروسية بالطبع”.
وخارج المركز، أخذني دنيس، وهو متطوع آخر، جانبا لشرح الأمر.
ويقول: “إنه شيء يتعلق بالعمر، حتى هنا في نارفا، يلقي الكثير من كبار السن باللوم على الناتو والغرب في هذه الأزمة فيما يفكر الشباب بشكل مختلف، وحتى أولئك الذين يعرفون أنفسهم بأنهم روس غاضبون من بوتين لأنه تسبب في هذه الفوضى”.
وتشعر إستونيا، إلى جانب جاراتها في البلطيق لاتفيا وليتوانيا وبولندا، بقلق بالغ بشأن نوايا روسيا المستقبلية بعد غزو أوكرانيا.
ويقول تولي دونتون، المدير السياسي بوزارة الدفاع الإستونية: “تواجه أوروبا والناتو واقعا جديدا تماما، ولم يعد من الممكن استبعاد هجوم روسي”.
ولمنع روسيا من التفكير في غزو هذه الدول الأربع الواقعة على بحر البلطيق، سارع الناتو إلى إرسال تعزيزات لدعم جناحه الشرقي، وذلك في إطار ما يُطلق عليه “تعزيز الوجود الأمامي”.
وسرعان ما ضاعفت بريطانيا، التي تقود مجموعة القتال متعددة الجنسيات التابعة للناتو في إستونيا، حجم وحدتها في البلاد حيث توجد الآن 28 دبابة قتال رئيسية من طراز تشالنجر 2 و 95 مركبة مدرعة من طراز واريور و 12 قطعة مدفعية من طراز إيه إس 90.
وتلك القوات ليست كافية لوقف غزو منسق من قبل موسكو، ولكنها تكفي للردع لتكون بمثابة “سلك إنذار” من شأنه أن يطلق القوة الكاملة لحلف شمال الأطلسي إذا قررت روسيا عبور الحدود.
[ad_2]
Source link