النوم: شعوب دول الخليج ومصر هم الأكثر حرمانا في العالم العربي
[ad_1]
- سيرينا غوكه
- بي بي سي نيوز عربي
يغالبك النعاس وترغب في النوم، ولكن حين تضع رأسك على الوسادة، ينشط عقلك في دوامة من الأفكار قد تتعلق بأتفه الأمور.
ربما يكون عزاؤك الوحيد هو أنك لست وحدك من يغالب الأرق، إذ تشير دراسات علمية إلى أن نحو 50% من سكان العالم يعانون من الأرق. فهل ثمة علاقة بين اضطراب النوم وأسلوب حياتنا الحديثة؟
“عندما أحاول أن أنام باكرا … لا أستطيع، فأنهض لشرب شيء ما أو أتسلى بهاتفي قليلا” يقول أحد اللبنانيين.
بينما يتعدى الأرق حدود الحالة العرضية لدى بعضهم إلى مشكلة مزمنة “الأرق ده شيء مزمن معايا… دائما في توتر وتفكير قبل النوم” تقول مصرية.
ويشير أحد اليمنيين إلى فداحة المشكلة التي بدأت منذ سنوات وتتفاقم بمرور الوقت قائلا: “لا أستطيع أن أنام خلال دقائق مهما كنت متعبا. الأمر يستغرق ساعتين أو ثلاثا في السرير وأحيانا يستمر الأرق حتى الصباح، وأعاني من هذه المشكلة منذ 5 سنوات”.
لا يقتصر الأرق على جنس أو منطقة دون الأخرى بل هو أقرب إلى ظاهرة يعاني منها كثيرون بلا وجود علاج فعال.
اضطرابات النوم في أرقام
تتجاوز اضطرابات النوم ما نعرفه بالأرق، لتشمل أكثر من 80 نوعا بعضها أكثر شيوعا من الآخر مثل توقف النفس أثناء النوم ومتلازمة تململ الساقين (حافز لا يقاوم لتحريك الساقين) والسرنمة (السير أثناء النوم) أو حتى فرط النوم وغيرها.
وترجع أسباب العديد من اضطرابات النوم إلى عوامل داخلية (قد تكون مرضية) أو أخرى خارجية تتعلق بالبيئة المحيطة. وفي الوقت الذي تتباين فيه الحالات والأسباب، قد يتردد كثيرون في الحديث عن الأرق على وجه الخصوص لما يرتبط به من تفسيرات حول وجود اضطرابات وأمراض نفسية.
يعد الأرق أحد أبرز أسباب الحرمان من النوم الذي لا يحمل إلا العواقب الوخيمة على الصحة؛ فبينما تتفق البحوث على أن ما قد يصل إلى نصف سكان العالم يعانون من الأرق، تؤكد الدراسات جميعها على أن كوريا الجنوبية واليابان تتقدم قائمة أكثر الدول حرمانا من النوم.
في تقرير أعدته الصحفية في بي بي سي كلوي هيدجيماثيو، أرجعت أسباب تصدر كوريا الجنوبية واليابان إلى أسباب تاريخية تتعلق بسرعة تجاوز البلدين لمعدلات الفقر والانضمام إلى نادي الدول الصناعية المتقدمة، والذي استدعى بذل سكانهما جهودا حثيثة للنهوض، في وقت لا يتمتع فيه البلدان بالموارد الطبيعية التي توفر لهما سبل الرفاهية كبلدان أخرى.
لم يكن ثمن هذا الإنجاز بسيطا فقد أصبحت اليابان وكوريا الجنوية ضمن الدول الأكثر حرمانا من النوم؛ لدرجة أن بعضهم يموتون من قلة النوم وهي الظاهرة المعروفة باسم كاروشي في اليابان.
أما عربيا، فما تزال اضطرابات النوم مشكلة تفتقر إلى التشخيص والاهتمام، وتشير بعض الإحصاءات غير الرسمية إلى أن دول الخليج ومصر هي الأكثر حرمانا من النوم. فبحسب دراسة صادرة عن مدينة الملك فهد الطبية عام 2016، يعاني نحو 41% من السعوديين الذين يبلغ متوسط أعمارهم 34 سنة، من اضطرابات النوم.
الأرق وضوء الكهرباء
يعد اكتشاف الكهرباء وتسخيرها في الإنارة ضمن أعظم اختراعات العصر الحديث، لكن الكهرباء نفسها وما أحدثته من تحول، متهم رئيس بتعميق مشكلات اضطرابات النوم وفقا للدكتور حاتم إبراهيم اختصاصي اضطرابات النوم في كلية الطب بجامعة عين شمس في مصر.
يقول د. حاتم إن الساعة البيولوجية داخل كل إنسان تتأثر بالإضاءة الحديثة ومن ضمنها إضاءة الهواتف والشاشات، “فهذه الإضاءة تعمل على تقليل وتكسير هرمون الميلاتونين” المسؤول عن تنظيم الإيقاع الحيوي لدى الإنسان.
فالغدة الصنوبرية تفرز هرمون الميلاتونين في الظلام مما يسبب الإحساس بالنعاس بينما يضيع أثره عند رؤية الضوء فيصحو الإنسان.
ورغم الفوائد الجمة التي جلبتها التكنولوجيا والإنترنت إلى حياتنا، إلا أنها ساهمت بشكل مباشر في تغيير أنماط سلوكنا ونومنا كما يقول الدكتور حاتم، فالأمر لا يقتصر على الإنارة الاصطناعية، بل “بات هناك ارتباط ما بين السرير ووقت النوم وبين أمور ونشاطات ممتعة كالتحدث إلى الأصدقاء على الهاتف أو متابعة فيديو ما على أحد التطبيقات وغير ذلك، وبالتالي بالنسبة للمخ أصبحت الأمور الممتعة هذه أفضل من النوم”.
وتتفق المؤلفة وخبيرة النوم والعلاج النفسي في مركز لندن للنوم، هيذر داروال سميث، على أن أسلوب الحياة في العصر الحديث يرتبط ارتباطا مباشرا ببعض اضطرابات النوم.
“فخلال السنوات الماضية ارتفعت معدلات الأرق والتوتر والاكتئاب حول العالم بشكل كبير، فنحن اليوم نعيش حياة يتواصل بها العمل 24 ساعة على مدى الأسبوع، ونمط المعيشة هذا يحمل عواقب وخيمة”. تقول هيذر
بعض الأمور التي تسهم في جودة نومنا تشمل التعرض للإضاءة الطبيعية في الأوقات المناسبة ولمدة كافية، كما نحتاج إلى تناول الوجبات الصحية بأوقات صحيحة، ولكن بسبب أسلوب حياتنا اليوم، اختلطت هذه الأمور ببعضها وتسببت في ارتباك أجسادنا وطريقة عمل أجهزتنا الداخلية وفقا لهيذر.
قد تبدو جميع هذه العوامل مألوفة لدى كثيرين بغض النظر عن التزامهم بها أو عدمه، ولكن عاملا كبيرا آخرا يحدد مصير رحلة نومنا؛ وهو التوتر “الذي يعد من العلامات الشائعة للأرق وسمة تميز أسلوب الحياة المعاصر” تضيف هيذر.
كيف نتخلص من الأرق؟
لربما يكون هذا السؤال أحد أكثر الأسئلة تداولا في محركات البحث، فحالما تبحث عن كلمة الأرق ستجد عشرات الصفحات ومئات العناوين التي تخبرك “كيف تتخلص من الأرق بخمس خطوات” و”علاج الأرق في دقيقة واحدة” وغيرها. ولكن إذا كنت فعلا ممن ضاقوا ذرعا بالأرق فغالبا أنت حاولت كل هذه الخطوات بلا فائدة.
تقول هيذر إن “المتفوقين يشكلون غالبية مرضاها الذين يعانون من الأرق”، وهذا ما يدفعها للاعتقاد بأن الحافز الذي يمتلكه المتفوقون والمجتهدون في حياتهم وأعمالهم هو في الحقيقة “سيف ذو حدين” تضيف.
فالأمر الذي يجعل أحدا ما ناجحا في الحياة؛ كامتلاك اليقظة الدائمة والحافز والنشاط المستمر للإنتاج، هو سلاح ذو حدين فعلا “فهو يتطلب أن تكون متيقظا ونشطا وتنجز طوال الوقت أيضا”. ولكن جهازنا العصبي يجب أن يعرف متى يتوقف عن كل ذلك حتى نستطيع النوم، تشير هيذر.
في الوقت الذي يلجأ فيه الكثيرون إلى تناول حبوب تساعد على النوم والاسترخاء، يحذر الأطباء مما ينطوي عليه استهلاك هذه العقاقير من أضرار قد تسبب الإدمان وتؤذي المخ على المدى الطويل.
أما بالنسبة إلى حل مشكلة الأرق، فهو مزيج من العادات والسلوكيات التي يجب اتباعها كما يتفق خبراء النوم.
فتبعا لهيذر، يجب الالتفات إلى نوعية الطعام الذي نتناوله بالإضافة إلى عاداتنا الغذائية، وخصوصا كمية استهلاكنا للسكر والكافيين خلال النهار؛ عبر تقليل ذلك قدر الإمكان “فالسكر والكافيين يرفعان معدل الأدرينالين والكورتيزول في أجسامنا مما يسهم بزيادة مستويات التوتر”. وتشير هيذر إلى ضرورة تناول طعام صحي يحتوي على البروتينات.
كما يتفق الدكتور حاتم مع هيذر على ضرورة التعرض الجيد للضوء الطبيعي خلال النهار وممارسة التمرينات والحركة وبذل جهد بدني.
ورغم صعوبة تحقيق ذلك بالنسبة “لمدمني العمل” إلا أنه يجب “أخذ فترات استراحة متعددة خلال يوم العمل السريع والمليء بالأحداث حتى نوفر فرصة الاسترخاء لدماغنا وخفض مستويات التوتر لدينا لكي ننعم بليلة هادئة مريحة”، تضيف هيذر.
العجز عن النوم ليس أمرا محبطا فحسب، بل يؤدي الحرمان من النوم إلى مشكلات صحية جمة وخطيرة تتراوح بين أمراض الجهاز المناعي والسكري إلى الجلطات القلبية والسكتات الدماغية، لذا “يجب أن تُعطى مشكلات النوم الأولوية والأهمية فوق كل شيء… فهي ليست رفاهية كما يعتقد البعض” يقول الدكتور حاتم.
[ad_2]
Source link