نقص الانتباه وفرط النشاط: كيف يعيش المصابون به؟
[ad_1]
- حسام فازولا
- بي بي سي نيوز عربي
“أشعر دائما أنني أعيش بشخصية لا أختارها، أتحدث بينما لا أريد التحدث، وأقاطع الآخرين، وأنشط بينما أنا في حاجة للهدوء، أريد أن أقول للآخرين هذا ليس أنا، إنه الـADHD.”
اكتشف علي يوسف، وهو في الثلاثين من عمره، أن لديه تركيبة دماغية تختلف عن أغلب الناس، حيث تم تشخيصه باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة أو ما يعرف بـ ADHD، واكتشف أن نشاط المخ لديه في بعض الأوقات يكون أعلى من المعدلات الطبيعية بعشرات الأضعاف.
ينتشر تشخيص نقص الانتباه وفرط النشاط بشكل كبير حول العالم بين كل الأعمار وإن كان من الأفضل تشخيصه منذ الطفولة. وتقدر الإحصاءات أن معدلاته قد تصل إلى 6 % من الأشخاص.
ويصف كثير من المشخصين بـADHD إحساسهم بالاضطراب بأن لديهم عقلا لا يكل ولا يمل، حتى وهم يشعرون بالتعب والإرهاق، فإن عقلهم يعمل بسرعة كبيرة وبدون توقف حول كل الأمور التي يتعاملون معها يوميًا، بغض النظر عن مدى أهميتها أو جدوى التفكير بها.
يقول حسين (ليس اسمه الحقيقي) وهو أحد المشخصين بالاضطراب منذ الطفولة “تخيل أن صوت عقلك عال جدًا، لدرجة أنه يصعب عليك سماع الآخرين أو ملاحظة الكثير مما يدور حولك.”
ما هو نقص الانتباه وفرط النشاط ADHD؟
تصف الطبيبة نهلة قنديل أخصائية علم نفس الطفل والأسرة هذه الأعراض بقولها:
“نقص الانتباه وفرط النشاط لا يعد مرضا، ولكنه اضطراب في هرمونات المخ، واضطراب في طريقة توصيل أجزاء المخ للمعلومات، واضطراب في التعامل”.
هناك ثلاثة أنواع من نقص الانتباه وفرط النشاط، فهناك من يعاني من فرط الحركة، ومن يعاني من تشتت الانتباه، ومن يعاني من الاثنين معا.
وبجانب هذه الأعراض، يعاني المشخصون بالاضطراب من أعراض أخرى في حياتهم اليومية مثل:
•الأرق والنشاط ليلا
•مقاطعة الآخرين والتحدث كثيرا
•صعوبة ترتيب الأفكار والحوارات
•ضعف في الذاكرة قصيرة المدى ما يؤدي نسيان الأشياء والأسماء والأرقام والأماكن
•قلة الصبر وعدم القدرة على إنهاء المهام قبل بدء غيرها
•عدم القدرة على القيام بالأعمال الروتينية
•يؤدي التعايش مع هذه الأعراض أحيانا إلى التغير المزاجي، وقلة الثقة في القدرات الشخصية
كان أصعب ما في التجربة بالنسبة لعلي هو ضعف الذاكرة قصيرة المدى وتشتت الانتباه فيقول “أشعر بأنني لم أكن حاضرا حقا في أي لحظة في حياتي”.
يقول طارق سليمان “كان يقال لي كثيرا إن هذا كسل وليس لدي شغف أو دافع كاف لإنهاء ما يتعين علي القيام به، ولكن كان بداخلي شيء يخبرني أن هذا ليس كسلا”.
ومرت بسنت سعد بتجربة مماثلة، إذ تقول أنها توقفت عن “جلد الذات” عندما عرفت أنها مشخصة بـADHD، فتقول في حوارها مع بي بي سي “لم يكن اختيارا ألا أركز في دروسي، وهذه الفكرة أراحتني كثيرًا.”
يندرج نقص الانتباه وفرط الحركة في مدرسة علم النفس الأمريكية تحت ما يعرف بإعاقات التعلم مع تشخيصات أخرى مشابها مثل الديسليكسا Dyslexia، والديسباركسيا Dyspraxia.
ولكن يرى العديد من الخبراء أن المشكلة الحقيقية تكمن في نظم التعليم المصممة خصيصا للمخ العادي Neurotypical.
وتقول أخصائية صعوبات التعلم بجامعة لندن، كارول جون، إن “أغلب الأنظمة التعليمية التقليدية لا تأخذ في الاعتبار أصحاب تركيبة المخ المختلفة، إذ يجب أن يكون هناك نظام تعليمي متنوع يتناسب مع قدرات الطلاب المختلفة”.
يتذكر علي تجربته الدراسية فيقول إنه طالما كان يبكي في المدرسة، فهو لم يكن يسعه أن يجلس في مكانه لساعات مستمعا لدرس تلو الآخر. فكان يفضل المشي والأنشطة.
وتقول بسنت أن مسلسل الدراما المصري ‘خلي بالك من زيزي’ ساهم في رفع الوعي بخصوص الاضطراب، وكان هذا هو الوقت الذي عرفت فيه عن نشخيصها.
كيف يختلف مخ المشخصين بـADHD؟
يختلف مخ المشخص باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط عن المخ العادي بشكل كبير، إذ تشير نتائج رسم المخ للمشخصين بADHD إلى نقص في ناقل عصبي يسمى نورباينفرين norepinephrine، وهو مرتبط بشكل وثيق بهرمون الدوبامين Dopamine، وهو الناقل العصبي المسؤول عن المكافئة والإحساس في المتعة في مخ الإنسان.
وكذلك يوجد اختلاف في النشاط العصبي في أربعة أماكن في دماغ المشخص بالاضطراب عن الدماغ العادية، القشرة الأمامية، وهو الجزء المسئول عن الانتباه و التنظيم والإدارة، الجهاز الحوفي، وهو الجزء المتعلق بالمشاعر، والنوى القاعدية، وهو الجزء المسئول عن الحوار النفسي والمعلومات، وأخيرا نظام التفعيل الشبكي، وهو الجزء الذي يؤثر في النشاط والاندفاع.
أسباب الإصابة بـADHD غير معروفة، حتر الآن، ولكن العلماء يعتقدون أن الجينات العائلية والولادة المبكرة، قد تكون من هذه الأسباب. حيث يبدأ تشخيص الحالات من 3 سنوات، وفي بعض الأحيان تتحسن الأعراض مع الكبر.
هل يوجد علاج لـADHD؟
الإجابة المختصرة هي لا، فعلى الرغم من وجود عقاقير مختلفة للمشخصين بـADHD، تعمل هذه العقاقير على تقليل الأعراض فقط وبشكل مؤقت.
وعن إمكانية الشفاء من نقص الانتباه وفرط الحركة تقول د. نهلة قنديل: “، لا يوجد شفاء من ADHD، إذا تم تشخيص حالة بفرط الحركة، فلا ينتهي فرط الحركة. ولكن ما يمكن أن يحدث هو تدخلات معينة تجعل الشخص قادرا على التحكم في تصرفاته وسلوكه وفي أدائه اليومي وبالتالي نشعر أن الأعراض بدأت تقل.”
والحل في رأي الطبيبة المصرية يتمثل في ملائمة أسلوب الحياة مع الاضطراب، حيث تعامل كل حالة وفقا لخصوصيتها والصعوبات التي يواجهها الشخص.
يقول طارق: “لو كان أمامي خياران، أن أكون في حالة نفسية مليئة بالتوتر والقلق والعصبية لكي أكون أكثر انتاجا، أو أن يكون إنتاجي أقل وحركتي أبطأ وأشعر بالراحة والهدوء أكثر فسأختار الثاني”.
يقول علي “مثلما يقولون، التشخيص هو نصف العلاج، فمجرد فهمي لكيف يعمل مخي، ساعدني ذلك كثيرا في التعايش مع الاضطراب”.
وأثبت ما يعرف بالعلاج السلوكي المعرفي Cognitive behavioural therapy في دول أوروبا فعاليته في تمكين المشخصين بADHD من التعامل مع أعراض الاضطراب. وهو علاج بالكلام بحيث يتعلم الشخص كيف يمكن أن يحل مشاكله عن طريق تغيير طريقة تفكيره وتصرفاته.
وينصح المشخصون بنقص الانتباه وفرط الحركة بممارسة الرياضة، والاعتماد على الأدوات المكتبية والتكنولوجية في تنظيم الوقت والعمل، كاستخدام التقويم الشخصي، والقارء الصوتي والأقلام الملونة، حيث أن ربط الأشياء بالألوان أو تزويدها بشيء يحرك شعور ما يساعد على تذكرها أو التركيز فيها.
المشخصون بـ ADHD يتميزون بالإبداع
كما ينصح المشخصون بنقص الانتباه وفرط الحركة بشغل الوظائف الإبداعية، فغالبا ما يتميز المشخصون بـADHD بالشخصيات الإبداعية والقدرة على الابتكار والتفكير غير التقليدي.
كما لدى المشخصين بـADHD أيضا القدرة على التركيز العالي Hyper Focusing، في حال اهتموا بما يقومون به. كما يتميزون أيضا بارتفاع مستوى الذكاء والقدرة على التصرف في أوقات الضغط وأوقات الكوارث. والجدير بالذكر هو أن من أشهر المشخصين بـADHD هو العالم الفيزيائي ألبرت أينشتاين صاحب نظرية النسبية.
[ad_2]
Source link