مصر: هل ستنجح خطط الحكومة في مواجهة الأزمة الاقتصادية؟
[ad_1]
- أحمد يحيى
- بي بي سي نيوز عربي – القاهرة
أعلنت الحكومة المصرية في الآونة الأخيرة حزمة من الخطط والإجراءات لمواجهة التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية على أوكرانيا، والتي عمَّت العالم كله ومصر ودولا أخرى على وجه الخصوص.
وفي مؤتمر صحفي عقده رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، كشف عن عدة أهداف وقرارات أبرزها:
- تعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار، بهدف أن يصل نصيبه إلى نحو 65 في المئة من إجمالي الاستثمارات المنفذة في غضون أربع سنوات، وذلك بدلا من حصته التي تبلغ نحو 30 في المئة الآن.
- العمل على التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في غضون أشهر للحصول على قروض جديدة، بالإضافة إلى مساعدات أخرى لمواجهة تداعيات الأزمة الأوكرانية إذا استمرت لفترة طويلة.
- منح تسهيلات واعفاءات ضريبية للشركات الناشئة في بعض القطاعات تستمر مدة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات، وإنشاء لجنة تحت إشراف رئيس الوزراء مباشرة مهمتها حل مشاكل المستثمرين.
وتتضمن النقطة الأولى بيع أصول مملوكة الدولة بقيمة 40 مليار دولار، للشراكة مع القطاع الخاص المصري أو الأجنبي في غضون 4 سنوات، وبمعدل 10 مليارات دولار كل سنة.
وفي هذا الإطار سيطرح عدد من الشركات الحكومية في البورصة، منهم 10 شركات تابعة للقطاع العام وشركتان تابعتان للقوات المسلحة.
وكان تقييم لوكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف المالي قد أظهر، في الثامن من مايو/ أيار، استمرار الانكماش في القطاع الخاص غير النفطي بمصر بسبب تداعيات الحرب الأوكرانية.
وشهدت مصر مؤخرا ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع وخاصة السلع الغذائية، وتراجعا في سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولا.ر
وفي أبريل/ نيسان الماضي بلغ معدل التضخم السنوي 14.9 في المئة، مقابل 4.4 في المئة خلال نفس الشهر العام الماضي.
وكان شهر مارس/ آذار قد شهد وصول معدل التضخم السنوي في مصر لأعلى مستوى له منذ نحو ثلاث سنوات، إذ بلغ 12.1 في المئة.
“برنامج جيد”
ويرى إبراهيم مصطفى، باحث في شؤون الاستثمار والتمويل، أن برنامج الحكومة المصرية “جيد بشكل عام وفيه إفصاح وشفافية وإقرار بحجم المشكلة والتحديات. شمل برنامج الحكومة تعهدات بخطوات يتم تنفيذها في الفترة المقبلة، ولو تم تنفيذ 70 في المئة منها فقط سيكون الوضع جيدا”.
لكن مصطفى رأى أن هذه الأهداف “ينقصها الجدول الزمني وآليات التنفيذ”. وقال في تصريحات لبي بي سي إن “معظم الأهداف والخطط كانت متوسطة وطويلة الأجل، بينما غابت الأهداف العاجلة التي يجب تنفيذها على الفور. لم يتطرق بالتفصيل لسبل الحد من آثار التضخم على المواطن المصري”.
ويتفق رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة القاهرة، مع هذا الرأي مثمنا “الشفافية والمكاشفة من جانب الحكومة بشأن الأزمة التي طالت العالم كله”.
ويقول: “ليست مصر وحدها من تعاني من التضخم. أمريكا تشهد معدل تضخم بنحو 8 في المئة وكذلك بريطانيا”.
“أوكرانيا من أكبر مصدري الحبوب على مستوى العالم، وروسيا تتحكم في صادرات كبيرة من النفط والغاز، الأمر الذي انعكس على العالم كله”.
ووفقا لأرقام الحكومة المصرية ارتفعت أسعار الطعام والمشروبات بنسبة 29.3 في المئة، والنقل والمواصلات بنسبة 6.9 في المئة، والسلع والخدمات المتنوعة بنسبة 7.1 في المئة، وذلك على أساس سنوي خلال شهر أبريل/ نيسان الماضي.
وجاء هذا الارتفاع بعد نحو شهر من تراجع قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية بنحو 17في المئة، وارتفاع معدلات الفائدة بنسبة 1 في المئة.
وبلغ سعر الدولار مقابل الجنيه المصري 18.24 جنيه وقت كتابة هذا التقرير (17 مايو/ أيار 2022)، بينما كان يبلغ سعره 15.64 جنيهاً في 20 مارس/ آذار، قبيل ما أطلق عليه البعض “التعويم الثاني”.
وكانت مصر قد قررت تحرير سعر صرف الجنيه تماما (التعويم) لأول مرة في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2016، ليقفز عن ما كان يزيد قليلا عن 6 جنيهات للدولار، ويصل إلى ما يزيد عن 19 جنيها للدولار، قبل أن يتراجع بعد ذلك ليستقر بين 15 : 16 جنيها للدولار الواحد.
“هل التوقيت مناسب؟”
أشاد أستاذ الاقتصاد السياسي، رشاد عبده، بسعي الحكومة لتعظيم دور القطاع الخاص لكنه يتساءل عن ما إذا كان هذا الوقت مناسبا، لطرح بعض الأصول التي تملكها للدولة في البورصة في ظل حالة عدم الاستقرار المالي والاقتصادي.
أما إبراهيم مصطفى فيفضل أن يجري “الطرح في بورصات الخارج أو لمستثمر استراتيجي مباشرة، وذلك للشركات التي تحقق أرباحا لكي تجتذب الدولار بشكل مباشر”.
ويقول: “يفضل أن نستهدف الفوائض الدولارية للدول المنتجة للنفط وخاصة الخليجية. السعودية حققت فائضا دولاريا كبير جدا ويجب أن تكون إحدى الدول المستهدفة مباشرة (بالاستثمار في الأصول المصرية)”.
وكانت مصر تستورد نحو 42 في المئة من احتياجاتها من الحبوب من دولتي روسيا وأوكرانيا قبل الحرب، كما كان يشكل السائحون الروس والأوكرانيون نحو 31 في المئة من عدد السياح الوافدين إلى مصر، وهو ما “ستكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على مصر كحكومة ودولة”، حسب رئيس الوزراء.
لكن إبراهيم مصطفى يرى أن هناك ميزة لدى مصر، تتمثل في “وجود مخزون كاف من السلع الغذائية وهي أفضل حالا من دول أخرى، معتبرا أن توفير السلع الغذائية أهم من التحكم في الأسعار”، مشيرا إلى نجاح مصر في تأمين صفقة لاستيراد القمح من الهند، قبل أن توقف الأخيرة تصديره مؤخرا.
وقال “ستكون هناك زيادة في أسعار السلع الغذائية، لكن الحال أفضل من الدول التي ليست لديها وفرة في مخزون السلع بالأساس”.
“خلل هيكلي”
لكن مصطفى عبدالسلام، الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، يرى أن هناك أسبابا هيكلية أخرى للأزمة الاقتصادية في مصر فاقمتها الحرب الروسية الأوكرانية.
أهم هذه الأسباب “الإفراط في الاقتراض الخارجي منذ عام 2016 وعسكرة الاقتصاد وتداعيات جائحة كورونا”.
واعتبر عبدالسلام تحركات الحكومة “غير كافية وبعضها يسير في الاتجاه الخطأ، فلا يزال هناك إصرار على الاعتماد على الاقتراض الخارجي والأموال الساخنة في تنشيط الاقتصاد، رغم مخاطرهما الشديدة”.
كما يرى أن الحكومة مصممة على الاهتمام بأنشطة اقتصادية غير ملحة، مثل الطرق والقناطر ومشروع العاصمة الإدارية الجديدة، وتهمل قطاعات حيوية مثل الزراعةوإعادة فتح المصانع المغلقة ودعم الصناعة والتصدير والاستثمارات المباشرة.
ويختتم قائلا إن “إصلاح الاقتصاد ومعالجة الأزمة المالية لا يتطلبان بيع أصول الدولة – ومنها قطاعات استراتيجية مثل الموانئ والبنوك – لكن يتطلب حسن إدارة الموارد ومكافحة الفساد والتهرب الضريبي، وتنشيط الاستثمار وإعادة بناء القاعدة الصناعية، والعمل على زيادة الموارد الدولارية خاصة من الصادرات والاستثمارات المباشرة وتحويلات المغتربين في الخارج والسياحة”.
حماية اجتماعية
وقدَّرت الحكومة المصرية تكلفة الأثر المباشر للحرب الروسية الأوكرانية على موازنة البلاد بنحو 130 مليار جنيه (7.1 مليار دولار) سنويا.
وحث إبراهيم مصطفى الحكومة على استكمال وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية، مثل برنامج “حياة كريمة” و”تكافل وكرامة” اللذين يهدفان لدعم الفقراء وتخفيف وطأة غلاء الأسعار عن كاهلهم.
وقال “علينا جميعا كمواطنين ومؤسسات ودولة أن نكون على قلب رجل واحد. لا بد أن نتحمل حتى نعبر هذه الأزمة”.
[ad_2]
Source link