الولادة القيصرية: مضاعفات قد تعانيها الأم وطفلها مدى الحياة
[ad_1]
- نغم قاسم
- بي بي سي نيوز عربي
“كانوا يدفعونني باتجاه الولادة القيصرية وكأنها الحل الوحيد والأفضل والأنسب” هكذا بدأت مي الشامي حديثها لبي بي سي وهي تحكي عن تجربة ولادة ابنها قبل عامين.
أطلقت مي قبل سنة مبادرة عبر موقع التواصل الاجتماعي – فيسبوك – بعنوان “أوقفوا الولادة القيصرية غير المبررة طبيا”،حيث يتابعها أكثر من 12 ألف شخص من مختلف أرجاء العالم.
وتقول مي “أثناء الحمل زرت أكثر من طبيب وكانوا في معظم الوقت يدفعونني باتجاه الولادة القيصرية لأسباب بعضها ذكورية باعتبار أن الولادة الطبيعية قد تؤثر على العلاقة الجنسية للمرأة بعد الولادة إذ يحدث شق في منطقة المهبل يسمى “شق العجان”وهو ما قد يؤثر على الإشباع الجنسي لدى الرجل. وأحيانا ما كانوا يشجعونني على الولادة القيصرية باعتبارها أسهل وأقل ألما من الولادة الطبيعية”.
أصرت مي على الولادة بشكل طبيعي وهو ما شجعها عليه الطبيب الثالث الذي تولى مساعدتها في المراحل الأخيرة للوضع، وذلك بعد أن أمضت وقتا طويلا في القراءة عن كل من الولادة الطبيعية و القيصرية و مزايا وعيوب كل منها، واختارت الولادة الطبيعية بعد دراسة فوائدها والتأكد من عدم حاجتها للولادة القيصرية طبيا.
الولادة القيصرية في أرقام:
يعد تشجيع النساء على الولادة القيصرية دون حاجة طبية أمرا شائعا في كثير من دول العالم ومن بينها مصر.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن الولادة القيصرية باتت الأكثر انتشارا حول العالم وأن الولادة الطبيعية باتت هي الاستثناء، الأمر الذى يهدد حياة ملايين النساء و الأطفال إذا ما تم إجراء هذه الجراحة دون حاجة طبية إليها.
وحددت المنظمة نسبة 15 في المئة كحد أقصى لعدد الولادات القيصرية في أي بلد، لكن معظم دول العالم تجاوزت هذا الحد.
فبحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية، تضاعفت معدلات الولادة القيصرية حول العالم 3 مرات خلال 3 عقود .
فقد ارتفعت معدلات الولادة القيصرية حول العالم من 7 في المئة خلال عام 1990 إلى 21 في المئة عام 2021 ، وهو ما يعنى أن واحدا من كل خمسة أطفال حول العالم يولد عبر جراحة قيصرية.
وتحتل مصر المرتبة الرابعة عالميا في عدد الولادات القيصرية بحسب منظمة الصحة العالمية.
ووفقا لأحدث مسح لمنظمة الصحة العالمية، فإن الدول الخمسة الأعلى من ناحية معدلات الولادة القيصرية هي: الدومنيكان بنسبة 58.1 في المئة، والبرازيل بنسبة 55.7 في المئة وقبرص بنسبة 55.3 في المئة ومصر بنسبة 51.8 في المئة، تليها تركيا بنسبة 50.8 في المئة.
ويتفق هذا المسح تقريبا مع النسب التى أعلنت عنها وزارة الصحة المصرية في المسح الصحي الأخير خلال عام 2014.
وأشار مسح لوزارة الصحة إلى أن نسبة الولادة القيصرية في مصر بلغت 50 في المئة تقريبا، وهو ما يعنى أن 5 من كل 10 سيدات مصريات تلدن عبر جراحة قيصرية.
ويحقق الأطباء أرباحا اقتصادية من جراء تشجيع ملايين النساء حول العالم على الولادة القيصرية دون حاجة طبية ملحة للخضوع لها.
فالولادة القيصرية أغلى ثمنا كعملية، كما أنها توفر وقتا للطبيب ليتمكن من إجراء المزيد من العمليات في اليوم الواحد. كذلك تحقق ربحا للمستشفى التى تجرى فيها العملية وهو ما يمكن ملاحظته من تباين معدلات الولادة القيصرية بين المستشفيات العامة والخاصة. فبحسب الجمعية المصرية لأطباء النساء تستغل المستشفيات الخاصة ارتفاع تكلفة الولادة القيصرية مقارنة بالولادة الطبيعية حيث تصل معدلات الولادة القيصرية فيها إلى 80 في المئة، في حين لا تتجاوز نسبة 40 في المئة في المستشفيات الجامعية.
و تؤكد الدكتورة راندا فخر الدين استشاري أمراض النساء والتوليد لبي بي سي أن هناك حالات تكون فيها الولادة القيصرية ضرورة طبية لا غنى عنها ، وهي كثيرة مثل “أن يكون هناك خطورة من الولادة الطبيعية على الأم أو هناك مانع يمنع نزول الجنين من المسار الطبيعي الخاص به كأن يكون حجم الجنين كبيرا أو رأسه كبير أو حجم الجنين صغيرا أو يكون هناك ورم ليفي يسد عنق الرحم، أو ضيق حوض الأم الحامل”.
لكن بحسب فخر الدين، هناك حالات رمادية يتم فيها اللجوء للولادة القصيرية بدون ضرورة طبية كأن يكون الطبيب مشغولا مثلا و ليس لديه وقت آخر لإجراء هذه العملية، فيدفع الأم للولادة في توقيت معين و لا ينتظر حتى اكتمال مراحل الولادة الطبيعية.
و قد تخلف الولادة القيصرية غير المبررة طبيا مضاعفات تعانيها الأم والجنين على المدى الطويل، “بالنسبة للأم، هذه عملية كبيرة وبالتالى لابد من الخضوع لعملية تحت تأثير مخدر، وللتخدير مضاعفات، كما أن الأم لا تتحرك خلال فترة ما بعد العملية و بالتالي يمكن أن تحدث لها جلطات ، كما أنه من الممكن أن يدخل جزء من السائل الأمنيوسي على الأوعية الدموية ويسبب جلطة، و يمكن أيضا أن تتعرض الأم لنزيف شديد أثناء الولادة و هو ما قد يعرضها للإصابة بمرض الأنيميا فيما بعد. و على المدى الطويل، بالخضوع لعملية ولادة قيصرية نكون قد حكمنا على رحم الأم بالضعف نتيجة الجرح الذى يتم فتحه في الرحم والأنسجة عموما خلال عملية الولادة القيصرية”.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، من متوقع أن تصل نسبة الولادة القيصرية حول العالم بحلول عام 2030 إلى الثلث أي ما يعادل 29 في المئة من بين كل الولادات حول العالم .
وهذه النسبة تعنى أنه في عام 2030 ، ستجرى 38 مليون حالة ولادة قيصرية حول العالم، معظمها سيكون في الدول الأفقر .
وسيكون لمنطقة شمال أفريقيا بما فيها مصر النصيب الأكبر من هذه النسبة، إذ يتوقع أن تبلغ نسبة الولادة القيصرية في هذه المنطقة 48 في المئة بحلول عام 2030 ، بعد شرق آسيا وأمريكا اللاتينية و غرب أسيا.
الولادة القيصرية .. اختيار النساء
خلال رحلتي للبحث عن الأسباب وراء ارتفاع معدلات الولادة القيصرية غير المبررة طبيا في مصر، التقيت بمروة دياب التى اختارت بإرادتها الخضوع لعملية ولادة قيصرية.
و تقول مروة و هي طبيبة أشعة إنها اختارت الخضوع لولادة قيصرية وأنها غير نادمة على هذا القرار رغم معارضة عائلتها ووالدتها تحديدا لها في البداية، و تضيف ” بحكم دراستي للطب شاهدت الولادة الطبيعية بعيني، أطلعت على الألم الذى تتعرض له الأم خلال عملية الولادة الطبيعية، و لا أرى مبررا أن أحتمل هذا الألم طالما أن هناك إمكانية ألا اتعرض لها، هذا بالإضافة إلى الامتهان التذى تتعرض له الأم خلال إعدادها للولادة الطبيعية و خلال مراحل انتظار الولادة الطبيعية وخروج رأس الطفل والتى تستغرق ساعات يتم فحص الأم فيها مئات المرات”.
بحسب مروة، – البالغة من العمر 32 عاما – الولادة القيصرية لها آلام و توابع و مشاكل.”لكنها مشاكل لها حلول، بالمسكنات والراحة لكن الآلام النفسية المرتبطة بالولادة الطبيعية لا يمكن علاجها بالمسكنات”.
وتلعب وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي دورا محوريا في تخويف بعض النساء من عملية الولادة الطبيعية باعتبارها عملية مؤلمة و لا يمكن احتمالها.
و تقول صاحبة مبادرة “أوقفوا الولادة القيصرية غير المبررة طبيا” إن غياب المعلومات الموثقة يدفع الكثير من النساء لاتخاذ قرارات خاطئة، ولهذا تهدف المبادرة إلى توفير معلومات حول الولادة القيصرية والطبيعية على السواء و إمداد النساء بمعلومات يتم مراجعتها طبيا.
تعتمد المبادرة بشكل كامل على الجهود الفردية من جانب مي،وطبيبة أمراض نساء وتوليد فضلا عن مراجع للغة، ويتولى الفريق المسؤول عن المبادرة نشر معلومات تستند إلى المعايير الطبية المتعارف عليها دوليا والتى يتم مراجعتها من جانب الطبيبة المتخصصة.
التقيت خلال البحث بعدد من النساء اللواتي تسبب غياب المعلومات في استجابتهم لضغوط بعض الأطباء للخضوع لولادة قيصرية دون حاجة طبية لها.
من بين هؤلاء تحدثت إلى سلمي التى أنجبت تؤاما قبل عامين “فرح ولين”، تقول سلمى “لم يخبرني الطبيب بالبدائل، ولم يتحدث معي عن الخيارات المتاحة أمامي، وإنما تحدث معي فقط عن الولادة القيصرية ومتى أريد أن أضع حملي؟ كما لم يخبرني بالمضاعفات التى يمكن أن تحدث بعد الولادة القيصرية وكيف يمكنني التعامل مع هذه المضاعفات؟”.
سلمى -البالغة من العمر 32 عاما – قالت لبي بي سي إنها لو كانت تعرف كل التفاصيل المتعلقة بالحالات التى يمكن فيها الولادة بصورة طبيعية، كان يمكنها تقييم الموقف بشكل أفضل والإصرار على اختيار يحميها وطفلتيها من أي ضرر قد يحدث.
“الدولا” .. مفهوم جديد في مصر
ومن بين الوظائف التي باتت ترتبط بمرحة الحمل والولادة الطبيعية في مصر هي “الدولا” وهي ممارسة صحية تتولى مساعدة الأم الحامل على تهيئة جسمها للولادة الطبيعية والإرضاع والأمومة. دعاء، لجأت لإحدى هؤلاء الممارسات في البحث عن ولادة طبيعية لطفلها الثاني بعدما ولدت بجراحة قيصرية في حملها الأول.
وتقول دعاء لبي بي سي “ولادتي القيصرية كانت بدون سبب طبي لاستعجال الطبيبة، لكن في التجربة الثانية لجأت لدولا تولت مساعدتي بالمعلومات والتمارين التي أحتاج للممارستها طوال فترة الحمل للتمكن من الولادة الطبيعية”.
ومن الشائع أن النساء اللواتي يخضعن لعملية ولادة قيصرية للمرة الأولى غالبا ما تكون غير قادرة على الولادة الطبيعية في مرات الحمل التالية، و هو ما تؤكده هند عبد السلام، أنه غير صحيح و أنه لا علاقة بين تجارب الحمل المتكررة إذا لم يكن من البداية هناك سبب يمنع المرأة من الولادة الطبيعية، وهو ما حدث مع دعاء و غيرها الملايين حول العالم.
وعادة ما تخلف الولادة القيصرية شعورا بالذنب لدى النساء باعتبارهن فشلن في الولادة الطبيعية كما فشلن في تطويع أجسادهن للقيام بواحد من الأدوار الحيوية التي يقوم بها بشكل طبيعي دون تدخل.
وهو الشعور الذي دفع دعاء للاستعانة بهند للتمكن من الولادة الطبيعية، و حضرت دعاء دورة تدريبية مع هند للتمكن من الولادة الطبيعية. و بحسب دعاء ” لم تكن للتمسك بالولادة الطبيعية لولا كل المعلومات التى حصلت عليها خلال الدورة التدريبية التى تعرضت فيها لمعلومات عن جسمها و عن عملية الولادة نفسها و كيفية تهيأة الجسم للولادة الطبيعية وهي المعلومات التى غالبا لا وقت لدى أطباء النساء والتوليد لإعطائها لمرضاهم”.
و تضيف دعاء “كنت لا أستطيع الحركة بعد الولادة القيصرية و لا حتى لاحتضان ابنتي و هو ما خلف شعورا بالذنب لدي لأني لم استطع أن أكون بجانبها في اللحظات الأولى لميلادها لأطمأنها لكني تمكنت من ذلك بعد ولادتي الثانية الطبيعية”.
فبحسب حملة “أوقفوا الولادة القيصرية غير المبررة طبيا”، “غياب آليات الرقابة على الأطباء، لا توجد مراقبة على أداء الأطباء واختياراتهم ومدى مطابقتها للمواصفات الطبية والأخلاقية، في الوقت نفسه الطبيب ليس المذنب الوحيد فالنظام الطبي لا يوفر للأطباء الحماية الكافية”.
ففي حالة اتخذ الأطباء قرارا طبيا صحيحا لكن عواقبه لم تكن مقبولة من جانب أسرة المريض ، يكون الطبيب قد عرض نفسه للخطر في ظل نظام طبي لا يحميه ، خصوصا أن الولادة الطبيعة قد ينتج عنها آثار جانبية خطيرة وبالتالى بعض الأطباء يختارون الحل الأسلم وهو شق بطون النساء حتى لو لم يكن في حاجة لذلك.
و من ناحية أخرى، لا يوجد سعر محدد لعمليات الولادة القيصرية أو الطبيعية في المستشفيات المصرية، الأمر الذي يجعل هذا المجال مفتوحا لأهواء ا، وذلك بحسب أطباء وناشطون مصريون.
[ad_2]
Source link