تعدد الزوجات: بين مطالبات نساء مسلمات بمنعه في الهند واتهامات بالإسلاموفوبيا
[ad_1]
- غيتا باندي
- بي بي سي نيوز- دلهي
أدى التماس تقدمت به سيدة مسلمة تبلغ من العمر 28 عاما لمحكمة في الهند تطلب فيه منع زوجها من اتخاذ زوجة ثانية بدون موافقتها الكتابية إلى تسليط الضوء على ممارسة تعدد الزوجات بين المسلمين الهنود.
كما ترغب السيدة، وتدعى ريشما، في أن تصدر المحكمة العليا أمرا للحكومة بصياغة قوانين لتنظيم ما وصفته بممارسة تعدد الزوجات “الرجعية”.
وفقا لوثائق المحكمة، تزوجت ريشما من الطبيب شعيب خان في يناير/كانون الثاني عام 2019، ثم رزق الزوجان بمولود في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2020.
تتهم ريشما زوجها بممارسة العنف المنزلي والقسوة ومطالبتها بالمهر. وقد وجه لها زوجها اتهامات مماثلة.
وتقول أيضا إنه هجرها هي وطفليهما، وإنه يعتزم الزواج من امرأة ثانية.
تصف ريشما تصرفه بأنه “غير دستوري ومخالف للشريعة وغير قانوني وتعسفي وقاس ولا إنساني ووحشي”، وتقول إن “ثمة حاجة لضبط تلك الممارسة من أجل تخفيف معاناة النساء المسلمات”.
وبينما تطلع المحكمة على تفاصيل علاقتهما المتأزمة، وتنظر في قانونية تعدد الزوجات، أثارت القضية جدلا حول تلك الممارسة التي تعتبر غير قانونية في الهند باستثناء الأقلية المسلمة وبعض المجتمعات القبلية.
ووفقا لتقرير أصدره معهد Pew البحثي عام 2019، يعيش اثنان في المئة من سكان العالم ضمن أسر متعددة الزوجات. هذه الممارسة محظورة في كثير من بلدان العالم، بما في ذلك بلدان ذات أغلبية مسلمة كتركيا وتونس، كما أنها تخضع للكثير من الضوابط في معظم الدول التي تسمح بها. وقد وصفت الأمم المتحدة ممارسة تعدد الزوجات بأنها “تمييز غير مقبول ضد النساء”، وطالبت “بوقف واضح” لها.
ولكن في الهند، يثير هذا الموضوع جدلا سياسيا حاميا. فقد تعهد حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء ناريندرا مودي بتطبيق “قانون مدني موحد”، وهو تشريع مثير للجدل سيعني أن أمورا كالزواج والطلاق والمواريث لن تخضع لقوانين دينية مختلفة، بل ستوضع جميعا تحت مظلة قانون مشترك يطبق على كافة المواطنين.
وفي وقت تشهد فيه البلاد احتقانا دينيا، أي إصلاحات تقترحها الحكومة على الأرجح ستعتبرها الأقلية المسلمة هجوما على الإسلام.
يقول إس.واي قريشي الرئيس السابق للجنة الانتخابية، وهو أيضا عالم دين إسلامي، إن “التصور العام [في الهند] هو أن غالبية الرجال المسلمين لديهم أربع زوجات”، وإنهم ينجبون العديد من الأطفال ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى أن يفوق عدد المسلمين عدد الهندوس، ولكن هذا غير صحيح. (نسبة المسلمين بين سكان الهند البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة هي 14 في المئة فقط، في حين يشكل الهندوس 80 في المئة من تعداد السكان).
ويقول قريشي إن الرجال المسلمين في الهند يحق لهم الزواج بأربع نساء، وإن هذه الرخصة منصوص عليها في القرآن ولكن في إطار “شروط وقيود صارمة” يكاد يكون من المستحيل الوفاء بها.
ويضيف: “القرآن ينص على أن الرجل يستطيع أن يتزوج بامرأتين أو ثلاث أو أربع، ولكن يجب أن يكن من اليتامى أو الأرامل ويجب أن يعدل بينهن. وما عدا ذلك يعتبر مخالفا [للدين]. لكن العدل والمساواة التامة في المودة والحب أمر شبه مستحيل في الواقع العملي. العدل لا يكون فقط في شراء نفس الملابس لكل منهن، إنه أكثر من ذلك بكثير”.
يقول السيد قريشي إن الإرشادات المتعلقة بتعدد الزوجات ذكرت في القرآن في القرن السابع الميلادي وسط حروب قبلية في شبه الجزيرة العربية لقي فيها الكثير من الشباب مصرعهم وكان الهدف من تعدد الزوجات إعالة الأرامل والأيتام، “باستثناء ذلك، فإن القرآن في الواقع يثني [الرجال] عن تلك الممارسة”.
معارضو الممارسة، مثل ناشطة حقوق المرأة زاكيا سومان، يقولون إنه لا توجد حروب في الهند في الوقت الحاضر، وإن تعدد الزوجات ممارسة “بطريركية أبوية معادية للمرأة” يجب أن يجري حظرها.
تقول سومان، وهي مؤسسة حركة نساء الهند المسلمات (BMMA) التي تتخذ من مومباي مقرا لها، إن تعدد الزوجات ممارسة “مقيتة أخلاقيا واجتماعيا وقانونيا”، وكونها “مسموحا بها بموجب القانون يجعلها إشكالية”.
وتضيف: “كيف يمكنك أن تقول إن رجلا واحدا يستطيع أن يكون له أكثر من زوجة؟ يجب على المجتمع أن يواكب العصر. وفي يومنا هذا وعصرنا هذا، يعتبر ذلك انتهاكا صارخا لكرامة المرأة وحقوقها الإنسانية”.
في عام 2017، أجرت حركة BMMA استطلاعا شمل 289 سيدة متزوجات من رجال لديهم أكثر من زوجة واحدة، وطرحت عليهن أسئلة حول صحتهن الجسدية والعقلية وحالتهن العاطفية وأوضاعهن المالية، ونشرت تقريرا يوثق لخمسين حالة.
تقول سومان: “وجدنا أن هؤلاء النساء يعانين من أوضاع غير عادلة، وقلن جميعا إنها كانت تجربة مؤلمة بالنسبة لهن، كما أن عددا كبيرا منهن تعرض لمشكلات تتعلق بالصحة العقلية”.
يشار إلى أن حركة BMMA، التي كانت قد شنت حملة في وقت سابق ضد ممارسة الطلاق الفوري المثيرة للجدل في الإسلام إلى أن تم حظرها قبل بضع سنوات، تقدمت بالتماس للمحكمة العليا في عام 2019 تطالب فيه بحظر تعدد الزوجات.
هناك التماسات قضائية أخرى أيضا في هذا الشأن، بما فيها ذلك الذي تقدم به أشويني كومار دوبي، وهو محام وقيادي بحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم.
وقد أدى ذلك إلى اتهامات من قبل مسلمين محافظين للحزب بالتدخل في شؤون دينهم.
تقول الدكتورة أسما زُهرة رئيسة قسم المرأة بمجلس قوانين الأحوال الشخصية لعموم مسلمي الهند الذي يعترض على التماس دوبي أمام المحكمة: “في الإٍسلام، مصدر القوانين هو التشريعات الإلهية، ونحن نسترشد بالقرآن والحديث في هذا الشأن. ليس من حق أي شخص أن يغير شريعة الله”.
تقول الدكتورة زُهرة إن تعدد الزوجات بين المسلمين “نادر ولا يمثل مشكلة”، وتتهم حزب بهاراتيا جاناتا باتباع “أجندة نظام الأغلبية لفرض إملاءات على مجتمع الأقلية”.
“هل صادفت ذات مرة رجلا متزوجا من أربع نساء؟ في عام 2022، من الصعب للغاية [على الرجل] إعالة زوجة واحدة، فما بالك بأربع. كما أن معدل تعدد الزوجات في المجتمع المسلم هو الأصغر”.
تستند الدكتورة زهرة في كلامها على بيانات أشارت إلى أن ممارسة تعدد الزوجات منتشرة بين كافة الأديان، حيث أظهر استطلاع شمل 100 ألف زيجة رصدها إحصاء سكاني في الهند عام 1961 أن نسبة تعدد الزوجات بين المسلمين بلغت 5.7 في المائة، وهي النسبة الأقل مقارنة بطوائف ومجتمعات أخرى.
لم يشر الإحصاء السكاني التالي إلى مسألة تعدد الزوجات، وأحدث البيانات المتوافرة يتضمنها الاستطلاع الوطني للصحة الأسرية الذي أجري بين عامي 2005 و2006، والذي يظهر تراجعا حادا في تعدد الزوجات بين أتباع الديانات المختلفة:
يقول قريشي: “نظرا لأن هذه البيانات قديمة إلى حد كبير، فإن علينا النظر إلى الاتجاهات. لذا، إذا قمنا بتحليل بيانات الإحصاءات السكانية ما بين عامي 1930 و 1960، يتبين لنا أنه كان هناك انخفاض مستمر في تعدد الزوجات بين كافة الطوائف في كافة العقود، وكان الانخفاض الأكبر بين المسلمين”.
في كتابه: “The Population Myth: Islam, Family Planning and Politics in India” (الخرافة السكانية: الإسلام وتنظيم الأسرة والسياسة في الهند) والذي صدر عام 2021، يدعو قريشي مسلمي الهند إلى المطالبة بحظر تعدد الزوجات. ويتساءل: “إذا كان لا يمَارس على نطاق واسع، فما الذي نخسره إذن إذا تم حظره؟”
السبب، وفقا للدكتورة زُهرة، ديني – وسياسي.
“الناس يقولون إن الإسلام شديد الصرامة، لكن النص موجود في كتابنا المقدس، ولا يستطيع أحد أن يغير ذلك. الرجال في العديد من المجتمعات القبلية في شمال شرق البلاد لديهم أكثر من زوجة، ولا أحد يستهدفهم، فلماذا إذن نحن مستهدفون؟ إنه جزء من الإسلاموفوبيا”.
وتضيف إن كل هذا الحديث عن تعدد الزوجات هو هجوم على مسلمي الهند، و”تدخل في قوانين الأحوال الشخصية التي وضعها الدين”.
وتقر سومان بأنه في وقت تمر فيه البلاد بحالة من الاستقطاب الديني، يرتاب المسلمون في نوايا حكومة بهاراتيا جاناتا.
لكنها تقول إنه “إذا لم نرتب بيتنا بأنفسنا، سيأتي آخرون ليرتبوه لنا، وقد يكون لهم أجندتهم الخاصة”.
“لكن تعدد الزوجات في النهاية هو ممارسة تنتهك حقوق المرأة ويجب أن تتوقف”.
[ad_2]
Source link