روسيا وأوكرانيا: كيف ساهم النزاع في سوريا في إعداد طبيب جراح لإنقاذ حياة الناس في أوكرانيا
[ad_1]
- سواميناثان نتاراجان
- الخدمة العالمية لبي بي سي
يقول د. منذر يازجي “بالنسبة لزوجتي وأطفالي هذا مخيف جدا. لقد فقدت العديد من أصدقائي وزملائي، وأنا محظوظ لأنني بقيت على قيد الحياة”.
لقد ذهب د. يازجي إلى الكثير من مواطن الحروب والكوارث. لديه سبعة أطفال وابنته حامل بحفيده الأول، لكن فكره يظل مشغولا بمعاناة الآخرين، بعيدا عن بيته.
قال لبي بي سي: “أخبرت عائلتي أنني لا أستطيع البقاء هنا في تكساس ورؤية زملائي في أوكرانيا يمرون بما يمرون به . إنه واجبي كطبيب وكسوري”.
وتسبب الغزو الروسي باضطرابات كبيرة. تقول الأمم المتحدة إن اكثر من 12 مليون شخص قد شردوا، ومنهم 5.8 مليون شخص غادروا إلى بلاد اخرى.
قرر د. يازجي السفر في الاتجاه المضاد : تقديم المشورة وإجراء العمليات والمساعدة في المدن الأوكرانية المحاصرة. بيد أن نمط حياة الجراح المدني لا يعده للتعامل مع الإصابات المروعة التي تسببت بها الحرب، لذلك فإن تجربة د. يازجي أساسية.
تحدث د. يازجي لبي بي سي عن التحديات التي يواجهها طبيب في منطقة المعارك، وكيف أعدته تجاربه السابقة في سوريا لمواجهة كل هذا.
التاريح يعيد نفسه
“يبدو كأن التاريخ يعيد نفسه هنا. الشعب الأوكراني يمر بما مر به الشعب السوري من قبل”، يقول د. يازجي.
أنهى يازجي دراسة الطب في سوريا وفي المملكة المتحدة. وجاء إلى الولايات المتحدة عام 1998 وبعد عدة سنوات أصبح من أوائل من يستجيبون لنداء مناطق الكوارث.
في سوريا كان يحس أن عمله على أرض المعركة شحصي. واشترك في تأسيس “اتحاد منظمات الرعاية الطبية والإغاثة” عام 2012، وشارك في أكثر من 30 عملية إغاثة في سوريا حلال الحرب الأهلية.
يقول د. يازجي إنه ملتزم بالقسم الذي أداه عندما أصبح طبيبا، وهو مساعدة المحتاجين بغض النظر عن الجنسية أو العرق. هذا ما ذهب به إلى أوكرانيا ثلاث مرات منذ بداية الحرب، إذ لديه خبرة في معالجة المرضى تحت القصف.
ويقول “عندما كنت في سوريا انفجر صاروح في الطابق الثاني للمستشفى. اتصلت بزوجتي باستحدام هاتف مربوط بالأقمار الصناعية، لكني لم أخبرها أنني لن أنجو. قلت لها احبك. اهتمي بالأطفال”.
ولحسن الحظ لم يكن هذا وداعا أخيرا، فقد تمكن من العودة سالما إلى عائلته في الولايات المتحدة.
إن طبيعة الحرب الحديثة القائمة على القصف المدفعي عن بعد واستخدام الطائرات من دون طيار والصواريخ البالستية، تعني أنه حتى أولئك الذين ليسوا على صلة مباشرة بالمعارك ليسوا في أمان.
ويدرك د. يازجي أنه كلما زادت زياراته إلى اراضي المعارك كلما زاد احتمال إصابته أوقتله، لكنه مصمم على المضي قدما.
ويقول “حياتي ليست أهم من حياتهم. إنقاذ حياة شحص واحد يعني إنقاذ العالم بالنسبة لي. وشعوري بأنني جزء من مهمة أكبر مني يجعلني أحس يسلام داخلي”.
خلال زيارته الأولى إلى أوكرانيا في شهر مارس/آذار، كان هناك قصف صاروحي بالقرب من مكان إقامته.
يقول “كان المكان بأكمله يهتز. حين تسمع صفارات الإنذار والانفجارات تحس بالرعب”.
مع ذلك فقد تابع عمله كما كان مخططا، وأعد مسحا للبنية التحتية.
وبدأ في تقييم العلاجات والمعدات الضروروية والأطباء المحليين الذين يمكنهم الانضمام إليهم.
وفي رحلته الثانية إلى أوكرانيا قام د. يازجي بتجهيز ثلاث عيادات في مدن كييف ولفيف و لوتسك.
ست عمليات في اليوم
وخلال زيارته الثالثة الشهر الماضي لأوكرانيا، ذهب إلى الجزء الشرقي من البلاد وشرع في إجراء عمليات، أحيانا ست عمليات في اليوم الواحد.
يقول “علينا إجراء الكثير من العمليات المعقدة. فقد أحدهم الجزء الخلفي من كتفه وأصيب في الصدر والذراعين”.
لقد نجا ذلك الشحص الذي كان ضحية القصف الروسي بفضل جهود د. يازجي.
يجب إجراء العمليات حتى في حال عدم توفر الكثير من الكهرباء أو المياه.
يجد د. يازجي معالجة المصابين بفعل الغارات الجوية صعبة بشكل خاص، فبعض المصابين يعانون من عدة إصابات كالكسور والحروق وحتى فقدان بعض أجزاء الجسم.
ويقول إنه حتى الأطباء المدنيين الذين عملوا في أقسام الطوارئ لسنوات قد يفاجأون بخطورة الإصابات في مناطق الحروب.
إذا لم تكن في منطقة حرب فلن ترى إصابات مثل هذه، لذلك فأنت بحاجة إلى أن تتعامل معها بطريقة خاصة ومختلفة عما تعلمته في كلية الطب.
من سوريا إلى اوكرانيا
في بعض مناطق شرقي أوكرانيا فر الأطباء والممرضات مع الفارين للوصول إلى مناطق آمنة، أما من بقي منهم فقد استنزفوا .
ويشرف د يازجي عليهم ويشجعهم على استخدام تقنيات علاج جديدة.
يقول د. يازجي “في مستشفى في شرقي أوكرانيا قابلنا جراح عظام كان يريد أن يجري عملية لم يجر مثلها من قبل، فشجعناه وسررنا جدا عندما نجح”.
ثمة نقص في كل شيء، حتى العلاجات والمعدات العادية، لكن د. يازجي يعتقد أن الوضع في سوريا كان أسوأ في بعض النواحي.
“لا تزال الحكومة في أوكرانيا تعمل وتسيطر على الأمور. .في سوريا كان علينا أن نهرب الأطباء والأدوية إلى مدن محاصرة”، يقول د يازجي.
وقد جعلته تجربته المريرة هناك غير راغب بإعطاء أسماء مستشفيات أو مدن عمل فيها.
لقد مُني الأطباء السوريون بخسائر فادحة بسبب قيامهم بواجبهم.
وتقول منظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان” إن 930 عاملا في الحقل الطبي قتلوا بين عامي 2011 و 2021 في سوريا. وبين القتلى أطباء عملوا مع د. يازجي.
وقد قتلوا بينما كانوا يحاولون إنقاذ حياة آحرين، يقول د. يازجي ويضيف “هذا أكثر الأشياء نبلا في الحياة”.
ويعمل عشر أطباء سوريين من منظمته في أوكرانيا الآن، كما أن د يازجي يتعاون مع ديفيد نوت، الجراح البريطاني الشهير الذي يملك خبرة في جراحة إصابات الحروب، ويتعاونان معا من أجل تدريب أطباء أوكرانيين.
توثيق جرائم الحرب
ومن المهام الأخرى التي يقوم بها د. يازجي تدريب الأطباء الأوكرانيين على توثيق الانتهاكات التي يمكن اعتبارها جرائم حرب كقصف المستشفيات والمرافق الصحية، واستخدام الاسلحة الكيماوية أو قصف المدنيين بشكل متعمد.
يقول د. يازجي إن نقييم طبيب لحالة إصابة وما الذي تسبب بها مهم جدا. والأطباء هم أول من يصل، لذلك فهم شهود ايضا.
وتقوم منظمة الصحة العالمية بتوثيق الهجمات التي تستهدف المرافق الصحية في أوكرانيا.
ففي الأسابيع الستة الأولى وحدها وقعت 103 هجمات على منشآت طبية وقتل 73 شخصا جراء ذلك، وقد ارتفع العدد منذ ذلك الوقت.
وقد وجد الأطباء الذين قاموا بتشريح الجثث التي أخرجت من القبور الجماعية شمال مدينة كييف أدلة على اغتصاب بعض النساء قبل قتلهن.
ويوجه د. يازجي خطابه لزملاء المهنة: “أقول للأطباء إنها مسؤوليتكم أن تقدموا المساعدة ، وإلا فإنكم تساعدون القاتل على النجاة من العقاب”.
“سأعود”
بعد العودة من أوكرانيا يقضي د. يازجي وقتا طويلا في الحديث مع الأطباء في الجبهة عبر الإنترنت والهاتف.
ويبقى فكره مشغولا بالناس الذين رآهم في الجبهة.
ويقول “ليس الأمر كما لو أنني رأيتهم في الأخبار. كنت إلى جانبهم وعالجت بعضهم. حين أعود إلى البيت أبقى افكر بهم. بعضهم لم يعودوا موجودين هناك، هذا يفطر قلبي”.
ويضيف: بعض الجرحى لن يعودوا أبدا إلى الحياة الطبيعية،وكثيرون منهم سوف يحتاجون إلى سنوات من العلاج للتعافي من نتائج فقدان أطرافهم أو لتجاوز الانتكاسات التي أصيبوا بها.
بيد أن د. يازجي يقول إنه ملتزم بمساعدة الأوكرانيين على المدى البعيد.
ويضيف: “حين علمت عاملة الاستقبال في الفندق ما أقوم به عانقتني. قالوا لي في الفندق إنهم سوف يستضيفونني مجانا”. لكن د يازجي دفع الفاتورة بشكل ما.
وأكمل: “حين غادرت بدأوا في البكاء. وأصبح الجو مشحونا بالمشاعر. وعدتهم بأنني سوف أعود”.
[ad_2]
Source link