ما هو عيد النصر في روسيا ولماذا يعتبر في غاية الأهمية؟
[ad_1]
- أولغا إيفشينا
- بي بي سي نيوز – الخدمة الروسية
تحتفل روسيا في 9 مايو / أيار من كل عام بعيد النصر في الحرب العالمية الثانية، ويُعد هذا اليوم مناسبة وطنية لا مثيل لها، وعطلة شخصية للغاية للعديد من العائلات، وفرصة كبيرة لتعزيز خطاب الحكومة.
ويكتسب الاحتفال هذا العام أهمية خاصة للجيش الروسي حيث يُعتقد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيرغب في استغلال المناسبة للإعلان عن تحقيق مكاسب كبيرة في الحرب في أوكرانيا. فما هي أهمية هذا العيد؟
تُعتبر الحرب العالمية الثانية أكبر نزاع مسلح في العالم حتى الآن. وقد بدأت مع غزو ألمانيا لبولندا في سبتمبر/أيلول من عام 1939 (على الرغم من أن هذا ليس التاريخ الذي تحدده روسيا) وانتهت في عام 1945.
وقد لقي عشرات الملايين من الناس حتفهم في تلك الحرب، كما نزح الملايين في جميع أنحاء العالم.
وكان الاتحاد السوفيتي طرفاً في تحالف عريض من البلدان التي هزمت ألمانيا النازية في تلك الحرب، وربما كان الأكثر تضررا حيث دار الكثير من القتال على أراضيه.
وفي مايو/ أيار من عام 1945، وقعت ألمانيا النازية استسلاما غير مشروط في الحرب العالمية الثانية، وقبلت بهزيمتها في أوروبا.
وقد أنهت تلك الوثيقة القانونية الأعمال العدائية في القارة الأوروبية على الرغم من استمرار الحرب ضد اليابان في آسيا حتى أغسطس/آب من ذلك العام.
وقد تم التوقيع على الاستسلام الرسمي النهائي بالقرب من برلين في وقت متأخر من يوم 8 مايو/أيار، وأوقف الألمان جميع العمليات رسميا في الساعة 23:01 بالتوقيت المحلي، بعد منتصف الليل بالفعل بتوقيت موسكو.
لذلك يتم الاحتفال بعيد النصر، المعروف أيضا باسم يوم النصر في أوروبا، في 8 مايو/أيار في معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وفي 9 مايو/ أيار في روسيا وصربيا وبيلاروسيا.
وقد أنهى يوم النصر حربا طويلة ودموية فقدت فيها معظم العائلات في الاتحاد السوفيتي أحباء لها، ولكن لم يمر وقت طويل حتى تجاوز اليوم هدف الاحتفال بالذكرى وأصبح أداة أيديولوجية رئيسية بيد الدولة.
ولم يكن يوم 9 مايو/أيار عطلة وطنية في الاتحاد السوفيتي لما يقرب من عقدين من الزمن بعد نهاية الحرب، ولم يكن يتم الاحتفال به إلا في المدن الكبرى مع الألعاب النارية والفعاليات الاحتفالية المحلية.
وفي عام 1963، بدأ الزعيم السوفيتي آنذاك ليونيد بريجنيف سياسة تقديس النصر في الحرب ضد ألمانيا النازية لتقوية الأساس الأيديولوجي المُتراجع في البلاد وتعزيز المشاعر الوطنية.
وكان هذا يعني إطلاق فعاليات على المستوى القومي، وتنظيم استعراض عسكري في الساحة الحمراء، وجعل يوم 9 مايو/أيار عطلة وطنية.
وبذل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوائل القرن الحادي والعشرين المزيد من الجهد لتعزيز مضمون هذه المناسبة، محاولا جعلها جزءا لا يتجزأ من الهوية الروسية.
وقد اتسع مدى احتفالات يوم النصر، ولكن في كل عام كان هناك عدد أقل من المحاربين القدامى وشهود العيان الذين ما زالوا على قيد الحياة وقادرين على المشاركة في الاحتفالات.
وجرى تضمين الدور الرئيسي لروسيا في هزيمة النازية أيضا في التعديلات على الدستور الروسي في عام 2020.
ومن بين التغييرات الأخرى التي شددت على القيم المحافظة والقومية منع المواطنين الروس من التشكيك في الرواية التاريخية الرسمية حول النصر.
وقال أوليغ بودنيتسكي، مدير المركز الدولي للتاريخ وعلم الاجتماع المتعلقين بالحرب العالمية الثانية في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو لبي بي سي: “تجددت عبادة النصر في روسيا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بمهارة أكبر مما كانت عليه في الحقبة السوفيتية، ولهذا السبب لا يزال الانتصار سائدا في كل من وسائل الإعلام والوعي الجماهيري”.
وأضاف قائلا: “كان لذلك نتائج إيجابية: فعلى سبيل المثال، أصبح التركيز بشكل أكبر على دراسة تاريخ الحرب وتم نشر ملايين الوثائق وترقيمها، ولكن من ناحية أخرى، نرى زيادة في عسكرة الجماهير”، وذلك في إشارة إلى شعارات “يمكننا أن نفعل ذلك مرة أخرى” التي بدأت بالظهور في احتفالات يوم النصر الروسي في العقد الماضي مما يشير على الأرجح إلى أن الجيش الروسي يمكن أن يسيطر على نصف أوروبا مثلما حدث في عام 1945.
ولم تجلب الاحتفالات الوطنية الجماهيرية مزيدا من المعرفة الواقعية. ويشير المؤرخون إلى أن رواية الحرب العالمية الثانية، أو الحرب الوطنية العظمى كما تُعرف في روسيا، غالبا ما تقلل من أهمية العناصر الأساسية مثل الخسائر البشرية الكبيرة التي تكبدها الاتحاد السوفيتي لوقف الغزو الألماني.
ووفقا لاستطلاع عام 2020 ، لم يكن لدى غالبية الروس سوى القليل من المعرفة حول كيف وأين قضى أقاربهم في الحرب.
لقد كان أقل من ثلث الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عاما يعرفون متى بدأت الحرب الوطنية العظمى (عندما هاجمت ألمانيا النازية الاتحاد السوفيتي في يونيو/حزيران من عام 1941).
وقد زادت وسائل الإعلام الحكومية من تركيزها على العنصر الوطني في الحرب ضد النازيين منذ عام 2014 حين بدأ التوتر في شرق أوكرانيا.
وفيما ادعت السلطات الروسية زورا أن اليمين المتطرف قد وصل إلى السلطة في أوكرانيا، شددت على الدور التاريخي لروسيا في هزيمة الفاشية.
وقد استولت الدولة على بعض المبادرات المدنية الشعبية لإحياء ذكرى الذين سقطوا في الحرب. فعلى سبيل المثال، بدأت مجموعة من الصحفيين المستقلين في مدينة تومسك السيبيرية في عام 2011 مبادرة محلية لإحياء ذكرى الذين سقطوا في الحرب وأطلقوا عليها اسم “الفوج الخالد”.
كانت الفكرة أن يسير الناس في يوم النصر حاملين صورا للقتلى في الحرب، وبهذه الطريقة يتم إنشاء “فوج” تذكاري. وقد انتشرت المبادرة بسرعة في أجزاء أخرى من روسيا لتصبح ظاهرة وطنية.
وفي عام 2015، تم إنشاء منظمة حكومية تحمل الاسم نفسه، لكن لم يتم تضمين مؤسسي الحركة الأصلية.
وأصبح “الفوج الخالد” مبادرة حكومية شارك فيها عمال القطاع الحكومي وأطفال المدارس ووسائل الإعلام الحكومية وأحيانا بطريقة إجبارية. وبهذه الطريقة، بدت السلطات الروسية وكأنها تريد الإشارة إلى أن الاحتفال الذي ترعاه الدولة ليوم النصر هو الوحيد الصحيح.
وفي عام 2020، كان لا بد من نقل الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين للنصر في الحرب العالمية الثانية من مايو/أيار إلى نهاية يونيو/حزيران بسبب وباء كوفيد 19، لكنه ظل أحد أكثر احتفالات روسيا فخامة على الإطلاق.
وقد شارك أكثر من 20 ألف مجند ومئات الطائرات والمدرعات في العرض العسكري الضخم حيث تم استعراض أحدث المعدات العسكرية بهدف إقناع العالم بالقوة الروسية.
وبعد أقل من عامين، انخرطت البلاد في غزو واسع النطاق لأوكرانيا مع استخدام الكثير من تلك المعدات في المعارك. وكانت أهداف روسيا، كما عبر عنها بوتين هي “نزع السلاح” و “نزع النازية” من أوكرانيا.
ونظرا لأن الحملة العسكرية فشلت في تحقيق نتائج سريعة، وهي الاستيلاء على العاصمة كييف أو الإطاحة بالحكومة الأوكرانية على سبيل المثال، يُعتقد أن التاريخ الذي يسعى القادة الروس لتحقيق نتائج كبيرة بحلوله هو 9 مايو/أيار.
وإذا تمكنت روسيا بحلول ذلك اليوم من تحقيق مكاسب إقليمية كبيرة فستتمكن موسكو من إعادة اختراع يوم النصر لأغراض دعائية مرة أخرى.
ومن المرجح أن تصبح الاحتفالات بيوم النصر فرصة للسلطات لإعادة تأكيد ادعاءاتها بأن “العملية الخاصة” لروسيا في أوكرانيا ليست عدوانا عسكرياً، ولكنها صراع لاستئصال النازية، وهو ادعاء لا تثبته الأحداث اليومية على الأرض.
[ad_2]
Source link