تصريحات شيخ الأزهر: هل هناك حاجة لتعديل قانون بناء الكنائس في مصر؟
[ad_1]
أعادت تصريحات شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب حول منح الحرية في بناء دُور العبادة ومنها الكنائس دون الحاجة لقانون ينظّم ذلك، طرح تساؤلات حول جدوى التشريعات الحالية لتقنين أوضاع وبناء الكنائس في مصر التي يقطنها أكبر تجمّع للمسيحيين بالشرق الأوسط. وهل هناك حاجة لتعديل القانون الحالي أم لا.
وفي أغسطس/آب 2016، صدر في مصر قانون بناء وترميم الكنائس الذي يهدف إلى تقنين أوضاع الكنائس غير المرخّصة. وبذلك لم يعد الاعتماد على موافقات شفهية (كما كان في السابق) لبناء كنسية إجراءً قانونيا؛ لأن من شأن ذلك أن يعيد إنتاج المشكلة التي يُفترض أن القانون قد صدر من أجل حلها، بحسب مراقبين.
لكن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، رأت أن هذا القانون لم يحقق بشكل كامل الهدف من إقراره والمتمثل في ضمان بناء وترميم الكنائس بسهولة وبدون إجراءات إدارية معقدة.وقالت المشكلة إن “معاناة المسحيين في القرى من أجل بناء كنائس مازالت قائمة بسبب تعنت المسئولين”. وطالبت بتعديل القانون وذلك في بيان نشرته على موقعها بداية شهر أبريل/نيسان الجاري.
لكن القس كمال رشدي، رئيس المجمع الأعلى للكنسية الإنجيلية المشيخية في مصر، يقول إن التقنين وضعته الدولة لحسْم المشاكل التي كانت تقع في السابق، ليصير الاعتماد على القانون بديلا عن الموافقات الشفهية سواء لبناء دور العبادة أو دور المؤتمرات الدينية”.
ويضيف القس رشدي لبي بي سي: “بصفتي مسؤولا عن الكنائس الإنجيلية المشيخية في مصر، أشهد أن الأمور تسير بطريق رائع وهادئ. التقنين سهّل لنا أشياء كثيرة”.
“لا توجد أزمات”
ويستدرك قائلا: “وإذا كانت هناك بعض المعوقات فإنها تُحلّ، لكنْ لا توجد أزمات. ولا يوجد تعسّف في الأمور الخاصة بالتقنين. الأمر قد يستغرق بعض الوقت فقط لطبيعة الإجراء”.
من جهته، يرى ضياء داوود، عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان المصري، أن قانون بناء وترميم الكنائس “أحد المكتسبات”، قائلا لبي بي سي: “لقد حلحلنا بهذا القانون كل القيود التي كانت مفروضة على بناء الكنائس في مصر، ومن ثمّ أوجدنا حالة جديدة تعبر عن مدنية الدولة المصرية وعن المساواة بين كل المصريين دون تمييز”.
وفي تصريحاته لصحيفة صوت الأهر قال الأمام الطيب:” أرى أن دور العبادة لا تحتاج إلى قانون يُنظم بناءها؛ فمن أراد أن يبنى مسجدا، وكان لدى وزارة الأوقاف الإمكانات اللازمة لهذا البناء فليبني، وكذلك من أراد أن يبني كنيسة وتوافرت الإمكانات فليبني”.
وتعليقًا على تصريح شيخ الأزهر، قال داوود إن ” تصريح الإمام الأكبر ذو مغزى روحيّ لا قانونيّ؛ فهو لا يتكلم بمنطق رجل قانون. وهو إنما أراد القول إن بناء دور العبادة لا تحتاج إلى تقييد وإنما إلى إطلاق، وإن المسلمين وأئمتهم ومشايخهم لا غضاضة لديهم من بناء دور عبادة لغير المسلمين”.
ويضيف داوود: “أنا كبرلماني وعضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، أقول إن أي بناء في الدولة المصرية لا يتمّ إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهات الإدارية المختصة. هناك التزامات قانونية لابد من تحققها عند بناء أي مبنى وليس فقط مسجد أو كنيسة”.
السيسي وشيخ الأزهر
وقال شيخ الأزهر “إن بناء مسجد أمام كنيسة (أو العكس) هو نوع من الإيذاء المنهيّ عنه في الإسلام”.
وجاء تصريح شيخ الأزهر بعد مرور شهر من توجيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بضرورة بناء كنيسة بجوار كل مسجد يُبنى، قائلا في مطلع مارس/آذار الماضي، وخلال افتتاح مشروعات سكنية: “لن نبني مسجدا في مكان دون أن يكون بجانبه كنيسة … حتى لو كان عدد المسيحيين (في تلك المنطقة) 150 شخصا فقط .. بدلاً من أن يقوم أي مواطن بتحويل شقته إلى كنيسة”.
لكن داوود من جهته أوضح بالقول : “أظن أن شيخ الأزهر يتحدث عن حالات البناء المعكوس وحالات التربّص وهي حالات مذمومة؛ ولا يحذّر من بناء المسجد بجوار الكنيسة على إطلاق الكلام”.
ويرى مراقبون أن تصريحات السيسي كانت في إطار تصحيح للمسار الذي كان سائدا في عهد الرؤساء السابقين؛ حيث كان ممنوعا بناء كنيسة بجوار مسجد، على حد قولهم.
الخط الهمايوني
ويعود الجدل حول بناء الكنائس في مصر الى فترات تاريخية ليست قريبة، فإبان خضوع مصر للإمبراطورية العثمانية، كانت عملية بناء كنيسة جديدة في البلاد تتطلب استصدار فرمان من الامبراطور فيما كان يُعرف بـ “الخط الهمايوني” والذي كان يضع شروطا صعبة للموافقة على بناء كنيسة جديدة.
وعملاً بهذا العُرف، ظل إصدار التصريحات لبناء الكنائس في مصر مقصورا على رئيس الجمهورية قبل أن تُوكل هذه السلطة إلى المحافظين في عهد نظام الرئيس السابق حسني مبارك.
وينص الدستور المصري الصادر عام 2014 على أن حرية الاعتقاد مطلقة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأتباع الديانات السماوية حق ينظّمه القانون”.
وفي يناير/كانون الثاني 2017، وبعد أشهر من صدور قانون بناء وترميم الكنائس، شكلت الحكومة المصرية لجنة لإدارة ملف توفيق وتقنين أوضاع الكنائس المصرية.
وفي يناير/كانون الثاني 2019، افتتح السيسي كاتدرائية ميلاد السيد المسيح في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، كأكبر كنيسة في الشرق الأوسط وفقا لتصريحات حكومية.
وفي 20 أبريل/نيسان الجاري وافقت لجنة إدارة ملف توفيق وتقنين أوضاع الكنائس المصرية على تقنين أوضاع 239 كنيسة ومباني خدمية مرفقة، ليصل إجمالي عدد الكنائس والمباني التي حصلت على موافقة منذ بدأت اللجنة عملها حتى الآن 2,401 كنيسة ومبنى دينيا تابعا.
تعداد المسيحيين في مصر
ودائما ما كان يقترن الجدل حول بناء الكنائس في مصر بالحديث عن تعداد المسيحين، وليس هناك رقم رسميّ لعدد أتباع النبي عيسى في مصر. وكان آخر إحصاء أجري في هذا الصدد صدر عام 1986، ووجد أن نسبة المسيحيين في البلاد لا تصل إلى ستة في المئة، بينما تقول الكنيسة (وفقًا لتعداد داخلي) إن النسبة تبلغ 15 في المئة.
ولطالما كان عدد المسيحيين في مصر مثار جدل؛ فهو لا يتجاوز دائرة التكهنات رغم احتواء بطاقة الهوية الرسمية على خانة الديانة.
لكن بعد إحصاء 1986 توقّف إحصاء خانة الديانة في التعداد السكاني، وفقا لتعليمات الأمم المتحدة، بحسب تصريح أدلى به رئيس الجهاز القومي للتعبئة والإحصاء عام 2012.
وفي عام 2008، أعلنت الحكومة المصرية أن عدد المسيحيين في البلاد لا يتجاوز مليونين و800 ألف نسمة، كما نُسب تصريح لأحد المسؤولين بأن المسيحيين لا يحتاجون إلى كنائس جديدة، وأن الكنائس الموجودة تكفي وزيادة، الأمر الذي أثار غضب قيادات كنسية، فكان أنْ طالب البابا شنودة الثالث بعمل إحصاء لعدد المسيحيين عن طريق الإبراشيات والكنائس في ربوع مصر.
وفي أواخر عام 2018، أعلن البابا تواضروس الثاني أن عدد المسيحيين في مصر يبلغ 15 مليونا بخلاف مليونين في المهجر.
أحداث طائفية بسبب بناء الكنائس
على مدى أجيال، شهدت مصر في مختلف محافظاتها أحداثَ عنف طائفية عديدة تتعلق في معظمها ببناء كنائس جديدة أو ممارسة شعائر دينية في كنائس قائمة بالفعل يدّعي البعض أنها بلا أوراق رسمية.
وفي ظل غياب تشريعٍ يتعلق بالكنائس، ظل هذا الأمر مادة قابلة للاشتعال في أي وقت في مصر، حتى رأى النظام الراهن علاج تلك المشكلة المتوارثة. ونسرد هنا عددا من تلك الأحداث:
الخانكة 1972
بدأت أبرز أحداث العنف الطائفي ضد الأقباط عام 1972، في حي الخانكة بمحافظة القليوبية، شمالي العاصمة القاهرة، حيث قام بعض الأشخاص بإحراق وإزالة مبنى تابع لجمعية مسيحية كان يجري العمل لتحويله إلى كنيسة. وتبعت ذلك أحداث أخرى، جرى احتواؤها وقتها، خاصة في محافظة أسيوط، جنوبي مصر.
الزاوية الحمراء 1981
يعتبر الكثيرون أحداث الزاوية الحمراء، عام 1981، في العاصمة المصرية القاهرة، أحد أكبر الأحداث الطائفية، والتي شهدت سقوط قتلى. وكان الرئيس المصري الأسبق، محمد أنور السادات، قد رفض وصف هذه الأحداث بأنها “فتنة طائفية”، وقال إنها خلافات بين جيران مسلمين ومسيحيين. لكن روايات أخرى أشارت إلى أنها وقعت نتيجة رفض مسلمين بناء أقباط لكنيسة بدون ترخيص في المنطقة، وتطورت الأمور إلى اشتبكات بالأسلحة.
ماسبيرو 2011
من أشهر الأزمات بعد ثورة يناير، ما عرف إعلاميا بـ”أحداث ماسبيرو”، والتي راح ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى. ووقعت الأحداث بعد تظاهرة للأقباط، احتجاجا على هدم مبنى اعتبره الأقباط كنيسة في محافظة أسوان، جنوبي مصر. واتجه المحتجون إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون المصري “ماسبيرو” لتندلع اشتباكات تدخلت فيها قوات الجيش والشرطة.
[ad_2]
Source link