الانتخابات الفرنسية: ماكرون ولوبان ورؤيتان لمستقبل فرنسا ومكانها في الاتحاد الأوروبي
[ad_1]
- كاتيا آدلر
- محررة الشؤون الأوروبية
قد يكون العثور على ملصق انتخابي للمرشحين الرئاسيين في فرنسا، دون أن يكون قد تشوه بعبارات مهينة، أمرا أشبه بالبحث عن كنز.
على مدى الأسابيع الماضية، امتلأت اللافتات ولوحات الدعاية الانتخابية الخاصة بمارين لوبان وإيمانويل ماكرون بكتابات تحمل شتائم مختلفة، مثل “فاشية” أو “ليبرالي قذر” أو “عنصرية” أو “نخبوي”.
لا يحتاج الأمر إلى تفكير طويل لمعرفة الصفة الملصقة بالشخص المستهدف.
قد تخطف الكراهية الشديدة التي يعبر عنها العديد من الناخبين لأحد الطرفين أو كليهما في هذه الانتخابات أنفاسك.
لكن هذا ليس بجديد على مارين لوبان فهي اعتادت على ذلك منذ زمن بعيد.
إنها ابنة سياسي قومي سيء الصيت ومناهض للهجرة. وقد تحدث مرارا عن غرف الغاز النازية والمحرقة اليهودية باعتبارها “مجرد تفاصيل من تاريخ الحرب العالمية الثانية” ، وقد أمضت مارين سنوات وهي تحاول التخلص من هذا الإرث، والهروب من ظل والدها جان ماري لوبان.
هذه ثالث محاولة لها للتنافس على كرسي الرئاسة، وأفضل نسخة لها حتى الآن. فقد تغير كل شيء فيها، بدءا من نوع مساحيق التجميل الذي تستخدمه، إلى نبرة حديثها الأكثر دفئا بشكل واضح، وتركيزها على الفرنسيين العاملين الذين يعانون لتغطية نفقاتهم، بدلا من التركيز على أولويات اليمين المتطرف التقليدية وهي القانون والنظام والهجرة.
لقد حاولت “مارين”، كما تحب الآن أن تُعرف، بكل جدية أن تعيد تقديم نفسها على أنها وسطية وطنية.
قلت لها إن منتقديها يصفونها بأنها “غير قابلة للانتخاب” واصفين إياها بأنها يمينية متطرفة. فردت بحسم: “لست متطرفة”.
ولنكن منصفين، فقد استطاعت مارين إقناع الكثيرين وباتت تتمتع بشعبية كبيرة، لكن لا يزال هناك الكثيرون في مناطق واسعة في عموم فرنسا، لا يبالون بخطاباتها ولا يصدقونها.
عندما تابعتُ لوبان خلال حملتها في جنوب فرنسا قبل بضعة أيام طلب المسؤولون الصحفيون في حملتها، أن نلتقي بهم في موقف للسيارات في وقت محدد. ثم تُركنا نتسكع هناك بقلق، حتى أعلنوا فجأة عن اسم القرية التي ستظهر منها مارين لوبان لمواصلة حملتها الانتخابية. كان الأمر سريالياً تماماً.
لو لم تكن الصحافة تعلم مسبقاً أين ستكون مارين سعيدة وراضية، لما كانت مارين قادرة على الهتاف وإلقاء الخطابات والشعارات، فقد يفسد وجود بعض مناوئيها المتطرفين حفل العلاقات العامة الذي من المفترض أن يكون لصالحها.
حظي إيمانويل ماكرون بأوقات أسهل بكثير في عام 2017، أثناء حملته الرئاسية الأولى.
شعر ماكرون حينها بالحيوية والطاقة، وكان سياسياً شرساً وصف نفسه بأنه ليس من اليسار ولا اليمين، واعداً بمستقبل مشرق لجميع الفرنسيين رجالا ونساء.
نساء الطبقة الوسطى الفرنسيات وقعن حينها في غرامه. أما رجال الأعمال فعلقوا آمالاً كبيرة على الحلول السحرية التي سيجترحها “الصبي الساحر” الذي تولى سابقاً منصب وزير الاقتصاد .
ولكن بعد خمس سنوات من رئاسته للبلاد، تضررت سمعته بشكل كبير، خاصة وأن اسمه ارتبط بتفشي فيروس كورونا والحرب الدائرة في أوكرانيا التي تهدد الاستقرار الأوروبي على نطاق أوسع، والأزمة الاقتصادية العميقة الناجمة عن فيروس كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا.
مارين لوبان ليست الوحيدة التي تعاني من مشكلة السمعة، فمنتقدو ماكرون يستخفون به ويشيرون إليه على أنه “يعيش على كوكب المشتري” أو بصفته “رئيس الأغنياء”.
غالباً ما يتحدث الفرنسيون عن شعورهم بالاشمئزاز عند الإدلاء بأصواتهم في الجولة الأخيرة من الانتخابات الرئاسية، ويقولون إن الأمر يتعلق باختيار “أهون الشرين” أي منع المرشح الأكثر إثارة للكراهية من تولي المنصب.
بروكسل وواشنطن تراقبان التصويت عن كثب
على النقيض تماما من المشاعر التي تجدها في الدوائر الدولية عند مناقشة إمكانية وصول لوبان إلى الرئاسة، أخبرني وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، أنه يعتقد أن العالم الأوسع، وليس أوروبا فقط، كان على دراية بما هو على المحك في هذه الانتخابات: “رؤيتان لمستقبل فرنسا ورؤيتان لمستقبل أوروبا”، خاصة في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية المستعرة.
دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وزعيم المعارضة الروسي المعروف أليكسي نافالني إلى إعادة انتخاب ماكرون.
فرنسا هي الوحيدة التي لديها قوة عسكرية يعتد بها في الاتحاد الأوروبي. إنها ثاني أكبر اقتصاد في الكتلة، وتلعب دوراً أوروبياً مهيمناً بشكل متزايد منذ خروج أنغيلا ميركل من الساحة السياسية، الأمر الذي ترك برلين أضعف إلى حد ما على المسرح العالمي.
يريد ماكرون تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والناتو ومع الولايات المتحدة.
في حين أن لوبان من المتشككين في اليورو والولايات المتحدة ولها علاقات وثيقة تاريخياً مع موسكو وموقف حذر تجاه الناتو.
وقال برونو لومير متسائلاً: “هل تعتقدين حقاً أنها فكرة سديدة بالنسبة لفرنسا ولحلفاء فرنسا ولدول مجموعة السبع، رؤية فرنسا، إحدى أهم القوى السياسية في أوروبا، وهي تنسحب من القيادة العسكرية للناتو؟ هذا ما تقترحه لوبان”
كما حذر لو مير من أن برنامج لوبان الاقتصادي “سيكون كارثياً”، ليس فقط بالنسبة لفرنسا بل لأوروبا كلها، مضيفاً أنه سيضر بشريك اقتصادي وثيق مثل المملكة المتحدة.
تدافع مارين لوبان بشدة عن خطتها المالية، والتي تشمل إلغاء ضريبة الدخل لمن هم دون الثلاثين ومساعدة الأشخاص الذين يعانون من أزمة تكاليف المعيشة في فرنسا. كما تزعم أنها لا تشكل خطراً على الاتحاد الأوروبي.
وفي إطار محاولتها جذب المزيد من الناخبين العاديين، تراجعت لوبان عن دعوتها المتكررة لخروج فرنسا من منطقة اليورو و”طغيان بروكسل”.
لكن نيتها المعلنة لتقليص مساهمة فرنسا من جانب واحد في ميزانية الاتحاد الأوروبي وتقييد حرية تنقل العمال من حاملي جوازات سفر الدول الأعضاء في شنغن، عبر الحدود الأوروبية، وإعلان أفضلية القانون الفرنسي على قانون الاتحاد الأوروبي، في تناقض مباشر مع معاهدات الاتحاد الأوروبي، قد ينهي الاتحاد الأوروبي أو حتى يشله من الداخل.
أخبرتني ناتالي لويسو، النائبة الفرنسية في البرلمان الأوروبي ، ووزيرة أوروبا السابقة في حكومة ماكرون، أنها دخلت السياسة للمساعدة في منع اليمين المتطرف من الوصول إلى السلطة، وأصرت على أنه لا ينبغي لأحد أن يقلل من احتمال فوز لوبان بالرئاسة.
وأضافت: “تتذكرون فوز دونالد ترامب المفاجئ في الانتخابات والتصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، عندما خلد الناس للنوم معتقدين أن المملكة المتحدة ستبقى في الاتحاد الأوروبي، ليستيقظوا في صباح اليوم التالي على حقيقة مختلفة تماماً”.
لكنها مع ذلك استبعدت أن يؤدي فوز لوبان في حال حدوثه إبلى تفكيك الاتحاد: “مع ذلك، إذا تغلبت مارين لوبان على الصعاب وأصبحت رئيسة البلاد، فمن غير المرجح أن تتمكن من تشكيل تحالف من الدول ذات التفكير المماثل بهدف تفكيك الاتحاد الأوروبي من الداخل”، أكدت لي.
وأوضحت أن فيكتور أوربان، أقرب حليف للوبان في الاتحاد الأوروبي، يريد البقاء داخل التكتل، حتى تتمكن بلاده من الاستمرار في الاستفادة من الإعانات.
يأتي هذا بينما يجد الائتلاف الحاكم في بولند والمتشكك ببروكسل نفسه متخوفا بشدة من علاقة لوبان الوثيقة مع روسيا.
وبينما تزعم شعارات حملة كل من مارين لوبان وإيمانويل ماكرون أنها تمثل كل الشعب الفرنسي، فإننا إذا نظرنا إلى سمعتهما وبرامجهما السياسية المختلفة ندرك أن هذا أمر مستحيل. إن فرنسا دولة منقسمة.
[ad_2]
Source link