التنمر: كيف يمكن تنقية أجواء صناعة السينما من “سمومه”؟
[ad_1]
- هيلن بوشباي
- مراسلة شؤون الترفيه
يقول المخرج بريان هيل “إن الناس يخشون الكشف عن أنفسهم، لأنهم يعتقدون أنه سيتم إدراجهم على القائمة السوداء، ولن يحصلوا على أعمال جديدة إن أبلغوا عن المتنمرين في إطار العمل”.
ويشعر المخرج الحائز على جائزة البافتا بقلق شديد بشأن التنمر في صناعة السينما والتلفزيون، لدرجة أنه صنع فيلما قصيرا بعنوان “سام” Toxic ، يضم أربع شهادات مرعبة لأشخاص تم التكتم على هوياتهم، وأدى ممثلون أصواتهم.
ربما يكون منتج الأفلام الهوليوودي سيء السمعة هارفي واينستين هو الحالة الأكثر شهرة كمثال للسلوك السيء في مجال العمل، وخاصة في عالم صناعة السينما.
وقد حُكم على واينستين بالسجن 23 عاما بعد إدانته بجرائم اغتصاب واعتداء جنسي على عدد من النساء عام 2020.
وتحدثت ممثلات شهيرات عديدات من بينهن أنجلينا جولي، وسلمى حايك، وغوينيث بالترو، وروز ماكغوان ضد واينستين قبل النظر في القضية أمام المحكمة في نيويورك.
لكن هيل، المخرج الحائز على جوائز، يقول إن هذا النوع من المشاكل مستمر في عالم صناعة الأفلام، والعديد من العاملين في هذا الحقل لا يشعرون بالثقة لتقديم شكواهم بشكل صريح.
وأضاف هيل، الذي يبدو القلق واضحا على وجهه، لبي بي سي “يخشى الناس من أن يتضرر دخلهم، وأن لا يحصلوا على رسائل توصية جيدة”.
قد تبدو صناعة السينما والتلفزيون وكأنها مجال عمل ساحر وجذاب، لكن وفق هيل هو في معظم الأحيان ليس كذلك.
وبالنسبة للعاملين المستقلين، الذين يطلق عليهم أيضا اسم العاملين بالقطعة، يكون عليهم دائما أن يثبتوا أنفسهم وجدارتهم في عقود قصيرة الأجل، وفي الوقت الذي يعملون فيه لساعات طويلة بعيدا عن منازلهم.
ويقول هيل، الذي من بين أعماله الفائزة بجائزة البافتا مسلسل “انهيار” إنتاج عام 2002 وقد عرض على القناة الرابعة، إن ما دفعه لصنع فيلم “سام” هو “تعرض صديقه للتنمر خلال عمله في شركة إنتاج كبيرة”.
ويوضح قائلاً “منذ البداية المبكرة لمسيرتي المهنية، كنت أعلم بوجود متنمرين في هذه الصناعة”.
لكنه يؤكد أنه لم يكن عرضة للتنمر، ولم يعانِ شخصيا جراء ذلك، وهو يقول “لم أتعرض للتنمر بنفسي أبدا، لكنك تسمع قصصا وتتحدث إلى أشخاص تعرضوا للتنمر. وعلى غرار كثير من الأشخاص الآخرين، قبلت التنمر كجزء طبيعي من المشهد”.
كما دحض هيل بشكل كامل “أسطورة المزاج الفني”، التي تعتبر أن “المتنمر يتنمر لأنه عبقري”، مضيفا “إنها هراء حقيقي”.
وقامت دراسة نُشرت في وقت سابق من هذا العام تحت اسم “تقرير النظر عبر الزجاج”، بمسح الصحة العقلية لأكثر من 2000 شخص يعملون في صناعة السينما والتلفزيون في المملكة المتحدة.
ووفق نتائج الدراسة، أكثر من نصف الذين شملهتهم الدراسة (56 في المئة) تعرضوا للتنمر أثناء العمل العام الماضي، وقالت الجهة التي أعدت الدراسة، وهي المؤسسة الخيرية للأفلام والتلفزيون، إن اكتشاف أن “السلوكيات السيئة تكثر أو حتى تزدهر في هذه البيئة” أمر “مثير للقلق”.
وأشارت نتائج الدراسة أيضا إلى أن 16 في المئة ممن أبلغوا زملاءهم بتجاربهم مع التنمر، قالوا إن الأمور “ساءت بالفعل نتيجة لذلك”.
وقرر هيل توجيه دعوة على وسائل التواصل الاجتماعي لكي يخبره الناس بقصصهم مع التنمر في مكان العمل، وتقدم نحو 50 شخصا لعرض تجاربهم.
ووصفت إحدى المشاركات شعورها بالقول أن رئيستها في العمل أصبحت “كأنها شبح يطاردها”.
وتشرح كيف أنها تكون في المنزل مع طفليها الصغيرين لكن رئيستها تلاحقها، وتقول “نكون منهمكين بغسل أسناننا ويبدأ هاتفي بالرنين، إنها هي.. أشعر بالمرض، وينظر طفلاي إلي ويقولان ‘ماما ما هذا؟’ وأنا أكاد أبكي”.
ويقول آخر “الأشخاص في المراكز العليا لن يتدخلوا للتعامل مع هذا (السلوك السيء) طالما أن المتنمرين ينجزون العمل. مصلحة العاملين وراحتهم هي أكثر أهمية”.
ويتحدث ثالث عن تعرضه للتحكم الشديد من قبل أحد المخرجين، في حين تحدث شخص رابع كان يعمل في أحد برامج تلفزيون الواقع عن “أشهر من التعذيب النفسي”، مضيفا أنه حُمّل المسؤولية وألقي عليه اللوم في إثارة المشاكل عندما تحدث عن القصة.
ومن شأن ما سبق أن يفسر سبب حرص الذين تمت مقابلتهم في فيلم “سام” على عدم الكشف عن هوياتهم.
ويقول هيل “إذا لم تفعل الإدارة شيئا حيال هذه المشاكل، أعتقد أن الناس في وقت ما سيتوقفون تماما عن رفع أيديهم وكشف أسماء المسيئين”.
عرض فيلم هيل من قبل الجمعية التليفزيونية الملكية، كما شارك في العديد من المهرجانات التلفزيونية ومهرجانات الأفلام الوثائقية.
ويضيف المخرج المعروف قائلا “الأشخاص الذين عليهم مشاهدة هذا الفيلم هم الذين يتصدرون الصناعة”، مضيفا أنه يأمل في أن “يشاهد الفيلم ويؤخذ على محمل الجد من قبل الأشخاص الذين لديهم سلطة”.
يحاول مات لونغلي أيضا تغيير ثقافة أماكن العمل في الصناعات الإبداعية، ولكن من الداخل.
اعتاد لونغلي على العمل ضمن طواقم الأفلام، ومن بينها “هاري بوتر ومقدسات الموت، وحربZ العالمية”، وفيلم “الرجل الوطواط: نهوض فارس الظلام”.
لكن حياته المهنية شهدت تغيرا مفاجئا بعد أن أقدم زميل له كان يعاني من الإجهاد في العمل على الانتحار، منهيا حياته منذ حوالي خمس سنوات.
يتذكر لونغلي “لقد عملت معه على الأرجح في إنتاجين أو ثلاثة، وبعد ذلك بقيت على تواصل معه”.
ويقول لونغلي إن زميله “قبل وفاته، كتب رسالة إلى صناعة الأفلام تحدث فيها عن مدى الوحدة التي كان عليها … خرجت معه لتناول الجعة قبل نحو ثلاثة أو أربعة أسابيع من انتحاره، ولم أكن لأعرف ذلك أبدا”.
ودفعته صدمة انتحار صديقه إلى المساعدة في إنشاء شركة “سيكس فيت فروم سبوتلايت” قبل نحو أربع سنوات ونصف، وهي شركة تعمل على “تعزيز ثقافات عمل إيجابية” في مجالات الصناعات الإبداعية.
كما تدرب لونغلي على تقديم المشورة بشأن مخاطر الصحة العقلية وحماية الذين يعانون من مشاكل بهذا الخصوص، إضافة إلى “حل المواقف الصعبة المتعلقة بالتنمر والمضايقة والصراع بين الأشخاص”.
ويشرح الدور الذي يقوم به قائلا “لقد أدركنا أن الناس ليس لديهم من يتحدثون إليه. لذلك نحن جهة مستقلة عن جهة الإنتاج، نحن الشخص الذي يمكن لأي كان أن يأتي إليه ويتحدث معه بشكل سري حول أي شيء قد يكون مقلقا له في العمل”.
ويقول لونغلي إن التدخلات الناجحة من قبل شخص مدرب جيدا يمكن أن توفر أموالا على الإنتاج، نظرا لقلة حالات الغياب عن العمل المرتبطة بالتوتر.
ويتحدث عن الخسائر الجسدية والعقلية عندما يظل الشخص في حالة “الصراع”، أو يعيش فترة “طويلة من الوقت في “حالة الصراع والقتال”، واصفا الأمر بأنه “وضع مروع”.
كما أن العودة إلى العمل في عالم الأفلام بعد الجائحة، هي أيضا مرهقة رغم الترحيب بها، لأن الناس “يعملون بجهد أكبر، إذ من الواضح أن الصناعة تشهد فترة إقبال وانشغال للغاية حاليا”.
ويود لونغلي أن يرى جميع مجالات الصناعة تستخدم أشخاصا مدربين للحفاظ على الصحة النفسية للعاملين، لكنهم حتى الآن يعملون ضمن برنامج تجريبي تابع لمعهد الفيلم البريطاني.
وفي فبراير/شباط أعلن معهد الفيلم البريطاني أنه سيوفر تمويلا إضافيا “لميسري الرفاهية” ليعملوا في المشاريع التي يدعمها ماليا في مواقع التصوير أو الاستوديو لدعم الصحة العقلية والنفسية لطاقم العمل الفني والممثلين “.
وقالت جنيفر سميث، رئيسة إدارة الإدماج في معهد الفيلم البريطاني، لبي بي سي “إن مصلحة فريق العمل لها أهمية قصوى لدينا”.
وقد تلقت سميث “ردود فعل إيجابية” حول مبادرة توظيف مسؤولين عن ضمان السلامة النفسية لطاقم العمل، كما تقول، مضيفة أنها تأمل في أن “يتم اعتماد هذا في صناعة الأفلام” على غرار دور “منسق الحميمية، “الذي دعا إليه تجمع Time’s Up”” المؤسس عام 2018.
ويضم التجمع أكثر من 300 ممثلة مع كتاب ومخرجين للمساعدة في مكافحة التحرش الجنسي، والعمل على أن يكون حضور منسقي الحميمية إلزاميا في مواقع التصوير عندما يتضمن الانتاج تصوير لقطات حميمة.
لكن جنيفر سميث تضيف أن رفع المعايير في صناعة الأفلام والمسلسلات “والاهتمام الذي رأيناه يعطيني الأمل في أن هناك إمكانية في أن يصبح هذا الدور (منسق الرفاهية) متاحا في كل موقع تصوير، لكن الطريق لا يزال طويلا”.
ويتفق ثيو باروكلاو، منتج فيلم “سكرابر” المدعوم من قبل معهد الفيلم البريطاني، مع وجهة نظر جنيفر سميث، وقد أيدها قائلا إن العمل مع لونغلي في مواقع التصوير “أثبت وجود اختلاف كبير”.
ويوضح قائلا “لقد أنعم الله علينا بطاقم عمل رائع، ولكن حتى في هذه الحالة على كل عمل سينمائي أن يكون مكانا شاملا وآمنا لتبدع بمهنتك”.
ويضيف إن “وجود مات لونغلي في الموقع كشخص يدرك كافة أفراد الطاقم أن بإمكانهم طلب مساعدته، والتحدث إليه بشكل سري، وحل المشاكل معه، أحدث فرقا كبيرا بالنسبة لي كمنتج”.
أما جنيفر سميث فتقول إن قضية هارفي واينستين كانت “المحفز الذي دفعنا إلى تهيئة الأجواء في الصناعة والتوصل إلى مجموعة محددة وواضحة من المبادئ والتوجيهات”.
وهي تعتقد أن دور “ميسر الرفاهية” هو “خطوة أساسية إلى الأمام لتحسين ثقافة أماكن العمل لدينا”.
[ad_2]
Source link