هل تكون رواندا أرض الأمان أم مصدر الخوف لطالبي اللجوء؟
[ad_1]
- لوسي فليمنغ
- بي بي سي
غالبا ما تصيب الدهشة زوار رواندا حين يجدون بلدا يبدو أن الأمور تسير فيه على خير ما يرام، ويتمتع بكفاءة عالية. إنه بلد أنيق ومرتّب ذو مناظر طبيعية تتسم بالخضرة والنضارة، وشبكة إنترنت لاسلكية (واي فاي) جيدة في العاصمة، كيغالي.
يميل الجميع في رواندا إلى دفع ضرائبهم؛ كما أن الخدمات موثوقة؛ والطرق آمنة لدرجة تصفها الحكومة بأنها “واحدة من أكثر دول العالم أمانا”.
هذا الجانب الأمن يمكن تلمسه عند الوقوف على تعاطي البلاد مع جائحة كورونا على سبيل المثال، إذ لم تتردد رواندا في اتخاذ قرارات حاسمة بشأن فيروس كورونا، حيث طُبقت سياسات الإغلاق بسرعة، وفُرضت بصرامة. وحتى الآن تم تلقيح أكثر من 60 في المئة من السكان – وهو أمر تسميه المجلة الطبية البريطانية إنجازا “في قارة تفتقر إلى إمدادات اللقاح”.
لكن وراء هذا الامتثال والتقيد بالقوانين، وانتشار أحواض الزهور الطبيعية في كيغالي، هناك خوف جمعي.
اذهب إلى حانة وحاول بدء نقاش مثير للجدل، ستتعرض حينها للإسكات على الفور، وهناك احتمال كبير أن يتم الإبلاغ عن سلوكك للسلطات.
ومن الواضح أن أولئك الذين يُعتبرون أنهم يمثلون تهديدا حقيقيا يُعاملون بقسوة شديدة.
قالت ميشيلا رونغ، مؤلفة كتاب حديث عن رواندا بعنوان “لا تُزعج” لبي بي سي: “إنها تشبه سويسرا أفريقيا لكنها بلد قمعي للغاية ومخيف جدا”.
في يوم السبت الأخير من كل شهر، يجتمع كافة السكان في أحيائهم للقيام بتنظيف جماعي، حيث تُنظف الطرق وتُجمع القمامة. يطلق على ذلك السبت من كل شهر اسم أوميوغاندا، والذي يعني في لغة كينيارواندا “العمل المجتمعي”.
وأوضح أحد مواطني رواندا، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنه لا يوجد قانون يجبر الناس على حضور ذلك اليوم أو المشاركة فيه، ولكن هناك خوف من أن “تكتسب سمعة غير حميدة، وأن يقوم شخص ما بالإبلاغ عنك، وأن يتم تسجيل اسمك كمثير للمشاكل”.
مدرسة لتعليم القيادة وفصول اللغات
من المرجح أن يكون أي مخيم يتم إرسال طالبي اللجوء إليه بموجب اتفاقية المملكة المتحدة الجديدة في غاية التنظيم، ولا يشبه مخيمات اللاجئين التي تراها أحيانا كالخيام أو تلك المآوي ذات الأسقف البلاستيكية والمحاطة بالأسلاك الشائكة.
وقد استقبلت البلاد، التي يبلغ عدد سكانها 13 مليون نسمة، بالفعل أكثر من 900 طالب لجوء أفريقي من ليبيا منذ عام 2019، بموجب اتفاق مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (UNHCR) والاتحاد الأفريقي (AU).
تم إيواء أولئك اللاجئين في غاشورا، على بعد حوالي 60 كيلومترا من كيغالي. وتقول المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنه ليس مخيما للاجئين، بل آلية عبور طارئة، إذ نُقل بالفعل أكثر من نصفهم إلى السويد وكندا والنرويج وفرنسا وبلجيكا.
ويهدف موقع الأمم المتحدة، الذي له هياكل دائمة، إلى تعليم أولئك الذين عانوا ظروفا مروعة في المخيمات الليبية، المهارات اللازمة لمساعدتهم في حياتهم الجديدة. ويحتوي المخيم على مدرسة لتعليم قيادة السيارات ويقدم دروسا في اللغات، إضافة إلى أشياء أخرى.
ولكن عندما أعلنت الدنمارك العام الماضي أنها تخطط لاتفاق مماثل للصفقة التي أبرمتها المملكة المتحدة للتو لإرسال طلبة اللجوء لرواندا، رد الاتحاد الأفريقي بشكل هجومي.
وقال في أغسطس / آب الماضي إن “مثل هذه المحاولات لوقف الهجرة من أفريقيا إلى أوروبا تنم عن كراهية للأجانب وغير مقبولة على الإطلاق”.
وقال تقرير للاتحاد إن أفريقيا تتحمل بالفعل 85 في المئة من لاجئي العالم “في كثير من الأحيان لفترات طويلة الأمد في بعض الحالات، بينما 15 في المئة فقط تستضيفهم الدول المتقدمة”.
وقد وصفت رونغ الصفقة بأنها “صفقة ساخرة وغير أخلاقية”.
وقالت: “الأمر كله يتعلق بإرسال رسالة رادعة لطالبي اللجوء … إذ أن أي شخص يحاول الفرار من القمع في أفريقيا سوف يشعر بالرعب من فكرة إرساله إلى رواندا”.
وعلى عكس مشروع المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تشير التفاصيل التي تم الكشف عنها عن مخطط المملكة المتحدة إلى أن طالبي اللجوء سيبقون في رواندا لفترة أطول “حتى يتمكنوا من إعادة الاستيطان وتحقيق الازدهار” ، كما قال وزير الداخلية.
ليس من الواضح عدد الأشخاص الذين تتوقع رواندا قبولهم، بالنظر إلى أنها واحدة من أكثر البلدان كثافة سكانية في أفريقيا، لكن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قال إن الصفقة تشمل إرسال “عشرات الآلاف في السنوات المقبلة”.
وعن رواندا تقول رونغ إنه “مجتمع زراعي فقير تتم فيه زراعة كل شبر من الأرض الخصبة وليس لديه مكان لاستقبال اللاجئين”.
مقاضاة مستخدمي يوتيوب
لا أحد يتوقع معارضة كبيرة في الداخل لهذه الخطوة، حيث ينتهي الأمر بمنتقدي زعيم البلاد، بول كاغامي، البالغ من العمر 64 عاما، والذي قاد قوات المتمردين التي أنهت الإبادة الجماعية عام 1994 وأصبح رئيساً منذ عام 2000، إلى الأسف والندم على انتقادهم له.
في الشهر الماضي، أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرا عن الملاحقة القضائية على مدار العام الماضي لما لا يقل عن ثمانية من مستخدمي موقع يوتيوب الذين اعتُبروا منتقدين للحكومة. أحدهم، كان قد صور وانتقد الجنود الذين يطردون السكان قسرا خلال تطهير الأحياء الفقيرة، قد حُكم عليه بالسجن لسبع سنوات.
كما جرت ملاحقة المنتقدين الذين يفرون من البلاد واغتيالهم من قبل عملاء روانديين في المنفى، أو في حالة بول روسيساباجينا، مدير الفندق الذي أنقذ حياة أكثر من ألف شخص خلال الإبادة الجماعية والذي استُوحي فيلم هوليوود فندق رواندا من قصته، قد أُخضع للمحاكمة.
بعد الإبادة الجماعية، التي قُتل فيها 800 ألف شخص، أصبح روسيساباجينا مواطنا بلجيكيا، واستخدم شهرته للتحدث ضد ما وصفه بحكم الرئيس كاغامي القمعي.
لكن في عام 2020 ، قالت عائلته إنه اختُطف أثناء مروره في دبي ونُقل إلى رواندا وحُكم عليه بالسجن لمدة 25 عاما لدعمه جماعة متمردة.
وقالت ابنته، كارين كانيمبا، لبي بي سي إن ما حدث مع والدها أظهر أن رواندا لا تحترم حقوق الإنسان على الإطلاق: “رواندا دولة ديكتاتورية، ولا توجد لديها حرية تعبير، ولا توجد ديمقراطية. وفي الانتخابات الأخيرة، فاز الرئيس في الانتخابات بنسبة 99 في المئة، وهذه النسبة تظهر بأن هذه ليست دولة ديمقراطية…في الواقع، لا أفهم لماذا قررت الحكومة البريطانية إرسال الأشخاص المستضعفين إلى بلد معروف بقمع شعبه”.
علاقة حب محافظة
ربما يكمن السبب في ذلك في شخص الرئيس كاغامي، فهو رجل يتمتع بشخصية كاريزمية، ويحب نادي آرسنال لكرة القدم. في الواقع فإن الكثير من القادة الغربيين – أولئك الذين قد يشعرون بالذنب لعدم بذل المزيد من الجهد لوقف الإبادة الجماعية التي تسم رواندا بالنسبة للعديد من الغرباء – مفتونون بكاغامي.
“إنه جيد لحد كبير في تشخيص المشكلات التي تؤرق القادة الغربيين وتقض مضاجعهم، وبارع في تقديم حل يبدو أنه فعال ومخفض التكلفة “، كما تقول رونغ، في إشارة إلى إرسال القوات الرواندية إلى موزمبيق العام الماضي للتعامل مع الجهاديين المتمردين.
في العام الماضي، قال كاغامي إنه يعرض إقامة مراكز للاجئين “لأسباب إنسانية”. وقال أحد أحزاب المعارضة القليلة في رواندا، إن الأمر كله يتعلق بالمال.
لا شك أن الدول الغربية تأثرت بالتنمية الاقتصادية السريعة في رواندا منذ الإبادة الجماعية، وحقيقة أن الفساد لا يمثل مشكلة – على الرغم من أن المانحين يصدرون تحذيرات بشأن حقوق الإنسان.
لقد بدأت علاقة حب حزب المحافظين البريطاني مع رواندا في عام 2007، عندما كان الحزب يمثل المعارضة، بشيء يسمى مشروع أوموبانو، الذي أسسه النائب أندرو ميتشل.
وقد نظم ميتشيل الذي كان يشغل منصب وزير التنمية في حكومة الظل (حكومة المعارضة)، السفر لنواب البرلمان في أغسطس/ آب من كل عام للعمل في مشاريع التنمية – وتدريب الكريكيت.
بدأت جمعية خيرية للكريكيت مرتبطة بالمشروع في جمع الأموال، وقبل بضع سنوات تم افتتاح ملعب غاهانغا الحديث للكريكيت، المعروف أيضا باسم كيكوكيرو أوفال على مشارف العاصمة كيغالي.
ويرى البعض أن صفقة طالبي اللجوء هي جزء من استراتيجية معقدة لتحسين صورة رواندا، حيث تستعد البلاد لاستضافة قمة الكومنولث في يونيو/ حزيران المقبل.
لكن المتحدثة باسم الحكومة الرواندية، يولاندي ماكولو، ترفض آراء منتقدي الحكومة، وتقول إن لا أحد يتعرض للاضطهاد في رواندا بسبب إبداء رأيه.
وقالت لبي بي سي: “نحن نعرف نوع المواقف التي مر بها الاجئون القادمون من بلدان مثل تلك، وهذا مكان سيوفر لهم الشعور بالأمان، حيث سيحصلون على الحماية ويمكنهم أن يعيشوا حياة كريمة وتصبح لديهم فرصة لتنمية مواهبهم”.
[ad_2]
Source link