الغزو الروسي لأوكرانيا: كيف أثرت الحرب نفسياً على اللاجئين الأوكرانيين؟
[ad_1]
- سالي نبيل
- مراسلة بي بي سي – الحدود البولندية الأوكرانية
“أعتقد أنها شاهدت الكثير أثناء الحرب. فهي لا تتحدث إطلاقا كما أن حركتها محدودة. فهي تراقب حولها فقط، وهي حزينة للغاية”.
هكذا حدثتنا اليزابيث، المعلمة بإحدى المدارس البولندية، عن طالبة أوكرانية انضمت للمدرسة مؤخرا بعد أن فرت مع والدتها من الحرب المستعرة في أوكرانيا.
تخبرنا اليزابيث أن هذه الفتاة الصغيرة هي واحدة من عشرات التلاميذ الأوكرانيين الذين وفدوا إلى المدرسة مع اندلاع الحرب.
تولي اليزابيث الفتاة التي لا تتجاوز العشر سنوات عناية خاصة، اذ تعتبرها نموذجا لمعاناة الأطفال النفسية في مناطق الصراع.
وتقول: “عندما جاءت إلينا أول مرة، لم يكن معها أي شيء، لا طعام ولا شراب. كانت تحمل فقط حقيبة، وكتابا واحدا وقلما. وعندما منحنا التلاميذ كل احتياجات المدرسة من ملابس وكتب، رأيتها تبتسم لأول مرة”.
“لا حديث عن الحرب”
تستضيف بولندا وحدها نحو نصف عدد اللاجئين الأوكرانيين الذين فروا من نيران القتال. فأكثر من مليوني لاجئ أوكراني عبروا إلى بولندا منذ بداية الغزو الروسي.
يحمل الكثير من هؤلاء اللاجئين في عقولهم وقلوبهم مشاهد مؤلمة قد تسبب لهم ضررا نفسيا طويل المدى، يظهر تباعا مع مرور الوقت.
تقول اليزابيث إن المعلمين في المدرسة، الواقعة على الحدود البولندية الأوكرانية، تلقوا تدريبا خاصا كي يتجنبوا نكئ جروح الطلاب من ضحايا الحرب.
“نحاول أن نشرح لهم أنهم باتوا في أمان هنا ويمكنهم أن يغنوا ويلعبوا. لا نتحدث عن الحرب. ولا ندفعهم للحديث عنها. نمنحهم الوقت الكافي، وعندما يشعرون بالاطمئنان سيبدأون في الحديث إلينا”.
في المدرسة شاهدنا فصلا مخصصا للطلاب الأوكرانيين حيث يتلقون دروسا في اللغة البولندية ما يمهد لهم الاندماج في المجتمع الجديد. لكن يصعب التنبؤ متى يمكنهم تجاوز قسوة ذكريات الماضي وتبعاتها النفسية الثقيلة حتى يمكنهم الانفتاح على حاضر أفضل.
ميول عنيفة
ذهبنا إلى مأوى للاجئين حيث تسكن عشرات الأسر الأوكرانية بصورة مؤقتة، وتتوفر فيه خدمة الاستشارات النفسية. أغلب نزلاء هذا المكان هم النساء والاطفال. ويعاني بعضهم من اضطراب ما بعد الصدمة.
توضح كاترزينا، المعالجة النفسية، أن اللاجئين يعانون اضطرابات في الأكل والنوم ويشكون من القلق والخوف الشديد من المستقبل.
قدمت كاترزينا الدعم النفسي لنحو مئة لاجئ تقريبا وتقول إن حوالي نصفهم يحتاجون إلى برامج علاج نفسي طويلة الأمد. وتؤكد أن تعامل الأطفال مع تبعات الحرب يعتمد بشكل كبير على الحالة النفسية لأولياء أمورهم.
وتظهر أعراض اضطراب ما بعد الصدمة على الصغار في شكل غضب، كما توضح كاترزينا، “نلاحظ ميل الأطفال للعدوانية بشكل متزايد أثناء اللعب لأنهم ينفسون عن مشاعر مكبوتة بداخلهم”.
أصوات الغارات
داخل الملجأ، التقيت أولغا التي اضطرت لترك أوكرانيا مع زوجها وابنها الذي لم يكمل عامه الثاني، بعد أن أدركت أن البقاء بات مستحيلا.
“أصوات الغارات كانت مخيفة، حتى لو لم يتبعها قصف أو تفجير. عندما نفتح النوافذ ويسمع ابني صوت الغارة، يبدأ، على الفور، في الصراخ”.
وتقول كاترزينا إنها لاحظت كيف يصاب الأطفال في الملجأ بالفزع عندما يسمعون صوت طائرة تحلق في سماء بولندا.
“يذهبون للاختباء فورا، لأنهم يخشون أن يكون هذا الصوت مقدمة لتفجير”.
وتضيف المعالجة النفسية أن رسومات بعض الأطفال تكشف بوضوح عن التجارب المريرة التي مروا بها قبل خروجهم من أوكرانيا. “عندما نرى أطفالا يرسمون صواريخ أو تفجيرات نعلم أنهم يفكرون في الحرب”.
قرار موجع
ستذهب أولغا إلى بريطانيا حيث يعيش أقارب زوجها. وتقول إن قرار الرحيل عن أوكرانيا كان موجعا لأنها تركت كل أفراد أسرتها تقريبا.
“بكيت كثيرا وأنا أودع أمي وأبي وجدتي. لكن البقاء في أوكرانيا بات منهكا للأعصاب. أريد لابني الصغير أن يعيش مطمئنا”
وتوفر بولندا بعض خدمات الرعاية النفسية للقادمين من أوكرانيا، سواء في العيادات أو في أماكن إيواء اللاجئين.
لكن إذا طال أمد الحرب، سيرتفع بالتأكيد عدد اللاجئين الأوكرانيين الذين سيدخلون إلى بولندا، وحينها ستتزايد الحاجة للدعم النفسي، فاللاجئ المنشغل اليوم بالعثور على مسكن أو تأسيس حياة مستقرة، ربما ينتبه لاحقا الى الأثر الثقيل الذي تركته الحرب في نفسه ونفس أطفاله، وسيبدأ في البحث عمن يساعده على مداواة تلك الجروح.
[ad_2]
Source link