روسيا وأوكرانيا: القوات الروسية “منعت إنقاذ مدنيين من تحت الأنقاض” في بلدة بوروديانكا
[ad_1]
- جيريمي باون
- مراسل بي بي سي – بوروديانكا
أعتقد أن حجم الدمار في وسط بلدة بوروديانكا الأوكرانية هو الأكبر على الإطلاق بين ما خلفته القوات الروسية في المدن والبلدات المحيطة بكييف، بما فيها تلك التي احتدم الصراع بين الجانبين عليهما مثل بوتشا وإربين.
ففي أحد شوارع البلدة بالقرب من مدخل المدينة، شاهدت أضرارا بالغة لحقت بإحدى البنايات، وبنايات أخرى هٌدمت وحٌرقت، ومنازل تحولت إلى أنقاض، وحطام سيارات ومباني كثيرة منهارة.
وتعرضت بلدة بوروديانكا، القريبة من الحدود مع بيلاروسيا وكانت محورا أساسيا لتقدم القوات الروسية، لقصف مدفعي مكثف.
لكنه لم يكن قصفا عاديا تعرضت خلاله البلدة لقذيفة أو قذيفتين، بل كان أكبر من ذلك بكثير.
وقال عدد كبير من شهود العيان لبي بي سي إن القوات الروسية أوقفت عمليات البحث عن ناجين تحت الأنقاض. وأشاروا إلى أن القوات الروسية هددت بالسلاح كل من يسعى إلى استئناف جهود البحث والإنقاذ.
وقال مسؤولون أوكرانيون إن القوات الروسية ربما تكون قد ارتكبت فظائع في بوروديانكا أكبر بكثير مما ارتكبته في بوتشا حيث عثر على جثث لأشخاص، يبدو أنهم قتلوا دون محاكمة، ملقاة في شوارعها بعد انسحاب الروس منها. كما عثر على مئات الجثث في مقبرة جماعية بالقرب من كنيسة بوتشا.
هذا ولم يتضح بعد ما فعله الروس بالمدنيين في بلدة بوروديانكا الأوكرانية قبل الانسحاب منها.
ولم تتمكن السلطات الأوكرانية من اكتشاف ما حدث في البلدة لأن الأنقاض الناتجة عن القصف الروسي لمواقع في المدينة لم تتم إزالتها بعد. ويرجح سكان المدينة أن جثث القتلى موجودة تحت تلك الأنقاض، لكن عددها لا يزال غير معروف.
ومن المرجح أن يكون العدد الأكبر من القتلى في بوروديانكا جاء نتيجة تدمير عدد كبير من مجمعات الشقق السكنية في المدينة.
وسويت مجموعة من المباني بالأرض جراء القصف الروسي بينما تبدو الفجوات التي خلفها تدمير تلك المباني كأماكن الأسنان المفقودة.
وسقطت أطنان من الخرسانة والحديد في قبو مباني الشقق السكنية. وقال كثيرون إن هناك العشرات جثث المدنيين موجودة تحت الأنقاض بينما قدرت الشرطة أعداد الضحايا بالمئات. ولا تزال السلطات في انتظار الروافع ومعدات الرفع الثقيلة لإزالة الأنقاض واستخراج الجثث.
ويعتبر ديمترو ستاشيفيسكي، رجل في منتصف العمر تقريبا، محظوظا كونه لا يزال على قيد الحياة. وقد قابلته أثناء قيامه بتنظيف متجر محطم ومنهوب كان يؤجره كصيدلية.
وأخبرنا أن أسرته غادرت بوروديانكا في 24 فبراير عندما بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا، لكنه بقي في البلدة لحراسة ممتلكاته. وكانت القوات الروسية تنقل دبابات وجنودا عبر المدينة، لذا اضطر ستاشيفيسكي، مع جيرانه، إلى قضاء أغلب الوقت في القبو تحت المبنى طوال النهار والليل.
وفي الأول من مارس/ آذار الماضي مساء، قرر الرجل أن ينتقل إلى مكان أقل عرضة لخطر القوات الروسية. لذلك قرر التوجه إلى مأوى آخر على أطراف المدينة.
لكنه عندما عاد كانت مفاجأة كبيرة في انتظاره، إذ وجد المبنى وقد سوي بالأرض وتحول إلى أنقاض بينما امتلأ القبو الذي كان يختبئ فيه هو وأصدقائه وجيرانه بالخرسانة المحطمة والحديد.
وقال ديمترو ستاشيفيسكي: “عدت في الثامنة والنصف صباحا وكانت الشقة قد انهارت. وكانت أمي وزوجتي وابنتي يصلين من أجلي قبل أن يحدث كل ذلك. وسمعت حديثا عن أرتال من الدبابات الروسية كانت تمر عبر البلدة وتطلق قذائفها في كل شيء. لم أصدق ما تردد في البداية، لكن بعد ذلك رأيت دبابات تقصف منازل المدنيين.
وكانت سفيتلانا، زوجة ستاشيفيسكي، تحاول إخلاء شقة والدته التي دمرها القصف الروسي في المبنى المجاور، إذ لا تزال الشقة قائمة لم تتداعى بعد. وقالت سفيتلانا إن القوات الروسية أوقفت محاولات إنقاذ الناجين.
وأضافت: “إنهم جميعا جيراننا. وبعد الهجوم مباشرة، سمع الناس في البنايات المجاورة أصواتا (لناجين)، لكن الجنود الروس منعوهم من الحفر وهددوهم بإطلاق النار إذا حاولوا”.
وأكدت امرأة أخرى تُدعى ماريا أن “هناك الكثير من الناس تُركوا تحت الأنقاض”، وذلك أثناء انشغالها بجمع مرايا وصور لا يزال من الممكن إنقاذها وإلقاء باقي الأشياء التالفة خلف المبنى الذي كانت فيه شقتها.
وقالت ماريا: “روحي تؤلمني، فأنا أعرف كل هؤلاء الناس. ونحن نعرف أنهم هناك (تحت الأنقاض) من أول يوم، لكنهم لم يسمحوا لنا بإخراجهم”.
وأخبرتنا ماريا وآخرون أن الجنود الروس نهبوا ممتلكاتهم.
وقالت إن الروس “أخذوا كل شيء يلمع حتى ملابسي الداخلية، وحطموا كل شيء ودمروا كل شيء، لقد سٌحق كل ما كان أمامهم”.
وغادر الكثيرون بوروديانكا عندما بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط الماضي. لكن عددا قليلا منهم عاد إلى المدينة يتجولون حول الأنقاض تسيطر عليهم حالة من الذهول والألم لما يرونه.
وكانت سفيتلانا غونتار، التي عادت إلى المدينة الثلاثاء الماضي، تبكي وهي تشاهد ما حدث لمسقط رأسها.
وقالت سفيتلانا”: “كانت (المدينة) خضراء وجميلة. كان الأطفال يدرسون هنا وكانت لدينا ثلاث مدارس وكلية فنية وكلية لدراسة الموسيقى. الآن لم يعد لدينا شيء. كما فقد الأطفال طفولتهم وذكرياتهم وكل شيء”.
وأمام الكنيسة الأوكرانية الأرثوذوكسية الأوكرانية ذات القبة الذهبية، كان القس الأب ديمترو يشرف على توزيع الخبر. وقال القس ديمترو إنه رأى قناصة من القوات الروسية يقتلون مدنيين.
وقال الأب ديمترو: “في الثاني من مارس/ آذار كنا نقود السيارة بالقرب من محطة وقود وكان خلفنا سيارتين مدنيتين أطلقوا (القناصة الروس) النار على من فيهما”.
وأضاف: “منذ مغادرة القوات الروسية، نحاول توفير المساعدات الإنسانية – أغلبها إمدادات من غرب أوكرانيا. لكن يجب تخزين إمدادات الطعام. ولا يزال معظم الناس بلا طاقة أو تدفئة”.
ويرجح أن أغلب المواقع التي قصفت في بوروديانكا لم يكن من الممكن استهدافها إلا بضربات جوية أو صواريخ باليستية. وتكفل القوانين التي تحكم الحروب الحماية للمدنيين وتعتبر قتلهم جريمة ما لم ينخرطوا في إجراءات عسكرية.
وإذا لم يثبت أن مباني الشقق السكنية كانت مواقع عسكرية، فإن تدميرها وقتل المئات، الذين تخشى الشرطة المحلية أن يكونوا تحت أنقاضها، سيكون بمثابة جريمة حرب.
ويتوالى ظهور تقارير تشير إلى أن الإجراءات العسكرية التي تتخذها القوات الروسية في أوكرانيا قد تكون جرائم حرب. والسؤال الأهم الآن هو كيف يمكن تحقيق الإنصاف، إن وجد، للضحايا وأسرهم.
وأرى أن أفضل وأحدث مثال على ذلك كان محاكمة جرائم الحرب التي انعقدت في محكمة العدل الدولية في التسعينيات من القرن العشرين والتي مثل أمامها عدد من أسوأ الجناة الذين شاركوا في الحروب في يوغسلافيا السابقة، والتي اعتمدها مجلس أمن الأمم المتحدة.
لكن روسيا عضو دائم في مجلس الأمن تتمتع بحق النقض (فيتو)، لذا من المرجح أن يُغلق هذا المسار أمام أوكرانيا.
وقال الأب ديمترو إنه ليس لديه شك في حقيقة ما تفعله روسيا في بلاده. وقال القس: “(لقد فعلوا (الروس) كل ما في وسعهم لتدمير دولة أوكرانيا. لم تكن هناك حرب بين الجيوش، لقد كانت الحرب ضد دولة أوكرانيا بالكامل”.
[ad_2]
Source link