سوريا وأوكرانيا: حدّد الفروقات – BBC News عربي
[ad_1]
- جوليان الحاج
- بي بي سي نيوز عربي
تتشابه الحروب غالباً في صنع المآسي رغم اختلافاتها. مرّ أحد عشر عاماً على الحرب السورية في وقت يعيش العالم حرباً مصيرية في أوكرانيا. ورغم بُعد المسافة بين البلدين واختلاف الأسباب والأبعاد، ثمة رابط بين المشهدين: روسيا.
عبر مواقع التواصل، أضاء سوريون كثر على نقاط التشابه بين الحربين، من صور الدمار واستهداف المستشفيات والمدنيين إلى نشر تقارير عن مقاتلين سوريين يُجنّدون في أوكرانيا. فهل تجوز المقارنة بين المشهدين؟
نقاط التشابه
تقول ناشطة حقوق الإنسان السورية، آمنة الخولاني، لـ”بي بي سي” إن السوريين يشعرون بمعاناة الأوكرانيين أكثر من أي شعب آخر.
هم بحسب تعبيرها “ذاقوا مرّ القصف الجوي والحصار والتهجير، بالأسلحة والتكتيكات نفسها التي تُستخدم اليوم في أوكرانيا.” تتناول بحزن ما تراه وتتابعه من تطوّرات الحرب هناك، وتقول: “الشعور نفسه… بين الفيتو الروسي في إدانة الغزو على أوكرانيا، والفيتو الروسي – الصيني قبل سنوات ضد إدانة الأسد باستخدام السلاح الكيميائي. الشعور نفسه”.
ويرسم الباحث في شؤون الشرق الأوسط، د زياد ماجد، في حديث إلى بي بي سي جدول مقارنة بين المشهدين. إذ يقول إن هناك تشابهاً في آلية العمل والدعاية أو البروباغندا: “في سوريا كان هناك كلام عن حرب ضد إرهابيين ومن أجل إعادة السلام إلى البلاد، واتُهمت المعارضة آنذاك بالاعتداء على المدنيين. الأمر نفسه نراه في أوكرانيا، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أعلن عملية سلام هدفها السيطرة على ما سمّاه “النازية” في كييف.”
التشابه يطاول أيضاً نمط الضربات العسكرية التي تستهدف المدنيين، وكذلك الحصار الذي يُفرض والممرات الإنسانية. يضيف ماجد: “اتهام الطرف الآخر بأنه يمنع خروج المدنيين ويستخدمهم دروعاً حربية، تكتيك رأيناه في كلا الحربين.”
اختلاف الأسباب
تختلف الأسباب والأهداف والظروف والخلفيات التاريخية بين الحربين. يقول زياد ماجد إن هناك تداخلاً تاريخياً وجغرافياً بين روسيا وأوكرانيا ويذكر “حنيناً إمبراطورياً روسياً لا يزال موجوداً في مخيّلة الرئيس فلاديمير بوتين السياسية”. ويزيد: “الرئيس بوتين أراد من خلال حرب الشيشان، ومن بعدها حرب جورجيا، والآن أوكرانيا، أن يعيد بسط سلطة روسية على كل الأراضي المحيطة بروسيا الاتحادية.
في ما يتعلّق بسوريا كانت الأمور مختلفة إذ أرادت روسيا التذكير بأنها قوّة عظمى وبأنها تدافع عن حلفائها حتى النهاية على نقيض الغرب وواشنطن تحديداً. يعتبر ماجد أن روسيا أرادت القول إن لا تغيير لأنظمة موالية لها وأنها لم تعد تسمح بحروب تجري من دون إذنها في بعض المناطق.
سوريا حقل التجارب
لم تخفِ روسيا أنّها جرّبت عدداً كبيراً من أسلحتها في سوريا. عام2017 صرّح رئيس هيئة الأركان العامة في جيشها فاليري غيراسيموف أن الجيش الروسي جرّب 200 سلاح جديد خلال سنتين من حرب سوريا. وكرّر التصريح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في 2019 و2021، ذاكراً عدداً أكبر من الأسلحة إضافة إلى إرسال طيّارين من روسيا للقتال في سوريا. هذه التجارب سمحت لروسيا برفع مبيعاتها من السلاح الروسي إلى دول عدة بعدما رأت فاعليته في سوريا.
يتطرّق الدكتور زياد ماجد إلى تجارب أخرى بعيدة عن السلاح: ردّ فعل الغرب. يقول في هذا السياق: “نجح الرئيس فلاديمير بوتين خلال مشاركته في الحرب السورية في تحدّي الغرب. فهو لم يتلقّ أي ردّ فعل حقيقي عندما قصف سوريا من الجوّ أو حين استخدم النظام السوري الأسلحة الكيميائية أو حين قصف المستشفيات وحاصر مدناً. كلّ ما تعرّض له بوتين كان مجرّد استنكارات وتنديدات.” يعتبر ماجد أن كلّ ذلك أمّن للرئيس الروسي نوعاً من الحصانة يستخدمها في صراعات أخرى.”
ونفى الرئيس السوري بشار الأسد مراراً أن تكون قواته استخدمت أسلحة كيماوية ضد مسلحي المعارضة رغم التقارير الأممية التي وثّقت ذلك.
الردود والدروس
كل ما سبق يدفع إلى التساؤل هل أن الوضع في أوكرانيا كان اختلف لو كان الرد الغربي أكثر قساوة على تدخّل الرئيس بوتين في سوريا. تعتبر الناشطة آمنة الخولاني أن “أوكرانيا تتعرّض اليوم للخذلان نفسه الذي تعرّضت له المعارضة السورية سابقاً.”
في هذا الإطار يذكّر زياد ماجد بأن المعارضات السورية طالبت في 2012، قبل نشوء ما يسمّى بتنظيم الدولة الإسلامية وقبل توسّع جبهة النصرة، بحظر للطيران فوق سوريا أو تزويدها أسلحة مضادة للطائرات لأنها كانت تعلم بأن النظام السوري مقبل على استخدام سلاح الجوّ ضد المناطق التي خرجت على سيطرته. في ذلك الوقت، رفض الرئيس باراك أوباما هذا الطلب الذي كان يمكن أن يغيّر في موازين الصراع.
الرد الغربي على مطالب المعارضة وعلى الأساليب العسكرية التي اعتمدها النظام كان مؤشراً لكثيرين إلى أن الغرب غير معني بما يحصل في سوريا، وساهم ذلك في تضاعف حركة النزوح خلال تلك المرحلة.
ويضيف ماجد: “لو أن العقوبات التي تُفرض اليوم على روسيا بدأت افتراضاً منذ العام 2015 لما وصلنا على الأرجح إلى ما نحن عليه اليوم لأن روسيا كانت ستُلزَم التفاوض ومحاولة البحث عن مخارج وتسويات، وما يحدث في أوكرانيا قد يعيد صياغة سياسات دولية.”
مقاومة الخصم
في الحربين كليهما، الأوكرانية والسورية، ميزان القوة العسكرية يصب في كفة القوات الروسية. الأوكرانيون والمعارضون السوريون يواجهون عدوّاً يفوقهم قوّة. الفارق أن في أوكرانيا جيشاً نظامياً، بينما لم تكن ثمة في سوريا بنية عسكرية ولا قيادة موحّدة للمعارضة.
بحسب زياد ماجد “التشابه من هذه الناحية هو في قتال المدن والصمود في المناطق المحاصرة في مواجهة آلة حرب متفوّقة، وتعويض التفوّق بتكتيكات حرب عصابات ومعرفة بالميدان وإرادة قتال أجّلت الهزيمة في سوريا وتؤجّل خسارة الحرب في أوكرانيا.”
المدّة الزمنية
تدخل الحرب في أوكرانيا أسبوعها الرابع، فيما الحرب في سوريا تستمرّ منذ 11 سنة وتجاوز خلالها عدد القتلى والمفقودين نصف المليون، من بينهم 12 ألف طفل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. فهل يمكن أن تطول الحرب في أوكرانيا إلى هذا الحد؟
لا يعتقد الدكتور زياد ماجد أن العالم يتحمل حرباً بهذا الحجم مدة طويلة. يرجّح أن ينهي الرئيس بوتين المهمات العسكرية التي حددها لجيشه، لكنّه يعتبر أن المشهد السياسي بعامةً لا يلعب في مصلحة بوتين في الفترة المقبلة، رغم تفوّقه عسكرياً.
لا تدخل الناشطة السورية آمنة الخولاني هذه التفاصيل السياسية، لكن في قلبها دعاء: “لا أتمنّى أبداً أن تستمرّ مأساة الأوكرانيين كما استمرّت مأساتنا.”
[ad_2]
Source link