روسيا وأوكرانيا: كيف بدت مواقف الدول المغاربية من الأزمة؟
[ad_1]
- بسام بونني
- مراسل بي بي سي لشؤون شمال أفريقيا
قبيل تصويت الجمعية العامّة للأمم المتحدة، الأربعاء الماضي، على مشروع قرار يستنكر تدخل روسيا في أوكرانيا، رحّبت موسكو بقرار مجلس النوّاب الليبي منح الثقة لحكومة يرأسها وزير الداخلية السابق، فتحي باشاغا.
وذكر بيان لوزارة الخارجية الروسية أنها “على استعداد للتعاون بشكل بنّاء مع حكومة باشاغا من أجل زيادة تعزيز التسوية السياسية الشاملة في ليبيا وكذلك تطوير العلاقات الروسية الليبية الودية التقليدية”.
داخل ليبي منقسم
لم يكن مفاجئا أن تصوّت حكومة عبد الحميد الدبيبة، بعد أقلّ من ساعتين من بيان موسكو، على مشروع القرار الدولي. لكنّ رسالة موسكو سبقتها سلسلة تغريدات لباشاغا قال فيها إنّ الهجوم الروسي على أوكرانيا “يُعتبر انتهاكا واضحا للقانون الدولي وسيادة أوكرانيا الديمقراطية”، مضيفا: “يشهد العالم صراعا آخر في أوكرانيا والمدنيون هم من يدفعون الثمن. ليبيا مثال رائع على أنّ الصراع لا يؤدي إلى أيّ مكان ولا يمكن تحقيق السلام إلاّ من خلال الحوار. أصلّي من أجل سلامة المدنيين ووضع حدّ لهذا الصراع”.
وتُتّهم روسيا بالاصطفاف إلى جانب قائد قوات شرقي ليبيا، خليفة حفتر، بتوفير السلاح والدفع بمسلّحي شركة فاغنر على الأرض.
ويُجمع الليبيون، في الكواليس، على أنّ ملفّ المرتزقة والقوّات الأجنبية لا يزال بيد موسكو، فيما يتعلّق بالجزء الداعم للقوى شرقي البلاد، بينما هو بيد الأتراك، فيما يتعلق بالجزء الداعم للقوى غربي البلاد.
ولليبيا دور هامّ في تعديل الأوتار، من وجهة نظر الأوروبيين الساعين جاهدين لضمان الحدّ الأدنى من إمدادات الغاز. ولطرابلس التيّار الأخضر، وهو أحد أهمّ خطوط الأنابيب الرابط بين ضفتي المتوسط. وقد تتجه أوروبا نحو طلب المزيد إذا ما طال أمد الحرب، خاصّة أنّ ليبيا تمتلك مخزونا تجاوز 54 تريليون قدم مكعب من الغاز.
الجزائر … حليف حذر
وأطلّت الجزائر برأسها هي الأخرى من خلال بوّابة الغاز، إذ عبّرت المجموعة الجزائرية للنفط والغاز (سوناطراك) عن استعدادها لتزويد أوروبّا بكميات إضافية، في حال تقلّصت الصادرات الروسية.
والتقى وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، الاثنين الماضي، مسؤولين بالجزائر لحثّهم بالفعل على مساعدة الأوروبيين على العثور على إمدادات بديلة، في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، ووصف الزيارة بالناجحة.
وتعمل الجزائر على مسك العصا من الوسط، إذ بينما تتعّهد بتقديم يد العون لأوروبا في مجال الطاقة، تبقى حذرة في موقفها الدبلوماسي من الحرب في أوكرانيا، وهي التي تعد الحليف الاستراتيجي الأهمّ لموسكو في المنطقة، وهو ما يُفسّر امتناعها عن التصويت على قرار الجمعية العامّة للأمم المتّحدة الذي أدان الغزو الروسي.
وتُعدّ الجزائر، التي تنظر لموسكو كأهمّ داعم دولي لموقفها من ملفّ الصحراء الغربية، ثالث أكبر مستورد للأسلحة الروسية في العالم، إذ تقتني أكثر من 60 في المئة من عتادها من روسيا، إلى جانب حصولها على 6 غوّاصات روسية فضلا عن نظام الدفاع الجوّي الصاروخي إس 400.
غزو روسيا لأوكرانيا: تغطية مفصلة
ومنذ انطلاق الغزو الروسي لأوكرانيا، اكتفت وزارة الخارجية الجزائرية بإصدار 3 بيانات، اقتصر جميعها على التطرّق لأوضاع الجالية الجزائرية العالقة في عدد من المدن الأوكرانية.
وذكرت مصادر جزائرية، الجمعة، أنّ السفارة الأوكرانية لدى الجزائر سحبت منشورا من صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك دعت فيه الأجانب للالتحاق بالقتال ضدّ روسيا، بعد احتجاج رسمي.
وللجزائر هامش كبير للتحرّك، خاصّة أنّها متخلّصة من عبء التداين الخارجي إلى حدّ كبير، الذي عادة ما يترك تداعيات على القرار السياسي الداخلي للدول.
ضغوط على تونس
لكن هذا أمر قد لا يبدو متاحا لتونس. فقبيل 48 ساعة من جلسة الجمعية العامّة للأمم المتحدة، قال سفير الاتحاد الأوروبي في تونس، في تغريدة، إن “البقاء على الحياد بين المعتدي والضحية هو موقف”، في إشارة لعدم صدور أيّ موقف رسمي للسلطات التونسية من الحرب.
وقالت وزارة الخارجية التونسية، الأسبوع الماضي، إنها “تتابع بانشغال التطوّر السريع للأحداث في أوكرانيا”، داعية “جميع الأطراف المعنيّة إلى العمل على تسوية أيّ نزاع بالطرق السلمية”.
وتُعرف الدبلوماسية التونسية، تاريخيّا، باصطفافها، في معظم الأحيان، إلى جانب الدول الغربية.
لكن، منذ استحواذ الرئيس، قيس سعيد، على السلطة، في 25 يوليو/تموز الماضي، شهدت العلاقات بين الجانبين توتّرا كبيرا، بلغ حدّ كشف مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الشهر الماضي أنّ بروكسل باتت تدرس “مقترحات لوقف المساعدات المالية لتونس”.
وصوّتت تونس لصالح قرار الجمعية العامّة للأمم المتّحدة، رغم أنّ الموقف الرسميّ بقي فاترا.
ولم يتطرّق سعيّد، في تسجيلاته شبه اليوميّة، للوضع في أوكرانيا، سوى للتعبير عن استعداد بلاده لمواصلة تسيير رحلات إلى الدول المجاورة لإجلاء التونسيين العالقين هناك.
وبدأت تونس مفاوضات مضنية مع صندوق النقد الدولي للحصول على خطّ تمويل جديد مقابل حزمة من الإصلاحات الاجتماعية تُوصف بالمؤلمة. ويُخشى أن يؤثّر أيّ موقف رسمي من الأزمة الأوكرانية على “حُسن سَير” المفاوضات.
عين مغربية على ملفّ الصحراء الغربية
وعلى عكس ليبيا والجزائر وتونس، قالت وزارة الخارجية المغربية إنها قرّرت عدم المشاركة في جلسة التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، دون إبداء أيّ أسباب أو مبرّرات.
وأعلنت المملكة قلقها من تطوّر الأوضاع في الحرب المندلعة بين روسيا وأوكرانيا، مشدّدة على دعمها “للوحدة الترابية والوطنية لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة”.
وتعني عبارة “الوحدة الترابية”، في السياق المغربي، تشبّث الرباط بموقفها من ملفّ الصحراء الغربية، حتّى حين يتعلّق الأمر بصراعات خارجيّة، بهدف عدم خسارة ما بنته من تصوّر لتسويقها الدبلوماسي في مواجهتها لجبهة البوليساريو.
وأعلنت السفارة الروسية في الرباط، الجمعة، انسحابها من الدورة السابعة عشر لرالي السلك الدبلوماسي، وهو سباق سيارات يهدف للتعريف بـ “إمكانيات المملكة الاقتصادية والسياحية والثقافية”، موضحة أن القرار جاء “رفعا للحرج عن المنظمين المغاربة لهذا الحدث”.
ولا يبدو المغرب متحمّسا للاندفاع أكثر في التموقع في هذه الحرب، إلى غاية الآن، على الأقلّ. لكنّ التداعيات الاجتماعية بدأت تتّضح أكثر فأكثر مع ارتفاع أسعار المحروقات، شأن المملكة في ذلك شأن تونس أيضا.
وتعوّل المغرب على إسبانيا لمدّها بالغاز، بعد أن قرّرت الجزائر، في أكتوبر الماضي، وقف استخدام خطّ أنبوب أوروبا – المغرب العربي الذي يمرّ عبر الأراضي المغربية.
أخبرونا تجاربكم
هل أنتم من المقيمين في روسيا؟ ترغب بي بي سي في معرفة تجاربكم في ضوء العقوبات المفروضة على موسكو. كيف تأثرت حياتكم اليومية؟
إذا كنتم ترغبون بمشاركة قصصكم معنا، استخدموا النموذج أدناه لإطلاعنا عليها بإيجاز. وقد نتواصل معكم لنشرها على موقعنا.
[ad_2]
Source link