كيف غير الغزو الروسي لأوكرانيا جوانب في السياسة الألمانية الثابتة منذ عقود؟
[ad_1]
أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز اليوم في خطاب تاريخي أمام البرلمان الألماني “البوندستاغ”، عن خطوات تعد تحولاً جوهرياً في السياسة الدفاعية لألمانيا المطبقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
فقد قال شولتز، في الجلسة المخصصة لبحث الحرب في أوكرانيا، إن بلاده ستقدم أسلحة لأوكرانيا، وذلك في تحول كبير في السياسة الخارجية لبرلين التي كانت ترفض تقديم أسلحة لأي طرف في مناطق الصراعات.
وكانت الحكومة الألمانية أعلنت السبت أنها ستزود أوكرانيا “في أسرع وقت” بألف قاذفة للصواريخ و500 صاروخ أرض-جو من طراز ستينغر لمساعدتها في مواجهة هجوم الجيش الروسي.
وقال المستشار شولتز إن الهجوم الروسي على أوكرانيا مثّل نقطة تحول في تاريخ القارة الأوروبية. وقال إن بوتين “يعرض للخطر حرية واستقلال أوكرانيا. وهذا انتهاك لحقوق الإنسان وغير إنساني”.
وأضاف شولتز بأن بوتين باعتدائه على أوكرانيا لا يحاول فقط تدمير الحرية والديمقراطية فيها، وإنما أيضا تدمير نظام الأمن القائم في أوروبا منذ قرابة خمسين عاماً.
وقال :”علينا أن ندعم أوكرانيا في هذا الوضع البائس. فالناس في أوكرانيا يقاتلون من أجل قيم نشترك معهم فيها”.
وأضاف أن “التحدي هو في منع انتشار حرب بوتين إلى دول أخرى. ولهذا السبب نقف إلى جانب التزامات حلف الناتو بالدفاع عن الدول الأعضاء في الحلف”.
فكيف غير الغزو الروسي لأوكرانيا جوانب في السياسة الألمانية؟
تقديم الأسلحة
يقول مراقبون إن ألمانيا كان لديها أسبابها الخاصة المتعلقة بالالتزام بسياسة الابتعاد عن الصراعات وعدم تقديم الأسلحة لأطراف منخرطة فيها. وأحد تلك الأسباب هو أن أهوال الحرب العالمية الثانية ما تزال حية في أذهان الشعب الألماني، وهي التي دفعت ألمانيا إلى الالتزام بالسلم والمشاركة فقط في مهام حفظ السلام، باستثناء بعض الحالات التي أثارت الجدل، كما حصل في البلقان وفي افغانستان ومؤخراً مع قوات البشمركة الكردية.
ويشرح توماس كلاين-بروكهوف من صندوق مارشال الألماني: “لدى ألمانيا سياسة طويلة الأمد لضبط النفس عندما يتعلق الأمر بالصراع العسكري بجميع أنواعه، ويُنظر إلى تصدير الأسلحة على أنه يؤجج الصراع بدلاً من الحد منه. وهذه السياسة طويلة الأمد تنص على أن ألمانيا لا تصدر أسلحة إلى مناطق الصراع”.
وعلى الرغم من أن ألمانيا تراجعت عن هذا المبدأ، كان ينظر إلى الوضع في أوكرانيا على أنه مختلف، نتيجة القتل النازي لملايين الناس في أوكرانيا وروسيا. إذ كان يعتقد، بحسب كلاين-بروكهوف “أن تصدير الأسلحة إلى أراضي الدماء التي أسهمت ألمانيا في إراقتها، وتزويد طرف واحد في أراضي الدماء تلك بالأسلحة … ضد الطرف الآخر… هو لعنة في الجدل السياسي الألماني”.
لكن إقدام روسيا على إرسال قواتها إلى داخل أوكرانيا، ومحاولتها احتلال كييف، دفع الساسة الألمان إلى إعادة النظر في هذه السياسة التي استمرت على مدى أكثر من سبعين عاما، واختيار دعم أوكرانيا عسكريا في مواجهة الغزو الروسي.
زيادة الإنفاق العسكري
وعد شولتز، في خطابه، بأن تخصص ألمانيا هذا العام مبلغ 100 مليار يورو في الميزانية من أجل الاستثمارات العسكرية. وتعهد بأن يصل حجم الإنفاق العسكري إلى ما نسبته 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا.
وقال رداً على الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، “علينا أن نستثمر أكثر في توفير الأمن لبلادنا ولحماية حريتنا وديمقراطيتنا”.
كانت ألمانيا تقاوم منذ مدة طويلة الدعوات من جانب الولايات المتحدة ودول أخرى لزيادة إنفاقها العسكري ليصل إلى ما نسبته 2 في المئة من ناتجها الاقتصادي، وذلك في ضوء تاريخها الدموي في القرن العشرين والميل القوي للسلام لدى مواطنيها نتيجة لذلك.
لكن شولتز وفي خطابه اليوم قال إن “ألمانيا تحتاج إلى قدرات عسكرية جديدة. فبوتين يريد إمبراطورية روسية. وهو يريد أن يفرض سيطرته على أوروبا بحسب رؤيته للعالم. وعلينا أن نحمي حريتنا وديمقراطيتنا. وهذا سيحتاج إلى عمل قوي على الصعيد الوطني.”
وأضاف قائلاً: “نحن نحتاج إلى الطائرات التي تحلق والسفن التي تحمي والجنود المجهزين على أحسن وجه.”
يذكر أن ألمانيا تعتبرمن أكبر الدول المنتجة للسلاح وهي ثالث أكبر مصدر للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا.
الموقف من العقوبات
اكتسبت التحركات الرامية إلى عزل روسيا عن نظام التحويلات المالية الدولي “سويفت” زخماً في ألمانيا بعد أن لينت الحكومة الألمانية من موقفها إزاء هذا الأمر.
وكانت دول ومن بينها المملكة المتحدة قد دفعت باتجاه استبعاد روسيا من نظام سويفت، الأمر الذي يجعل من المستحيل على روسيا تحويل أموالها بين البلدان.
يوم السبت قالت ألمانيا، التي كانت تعارض هذه الخطوة، إنها تفضل قيوداً “موجهة وفاعلة”.
وقالت وزارتا الاقتصاد والخارجية الألمانيتان إنهما تريدان استهداف “الأشخاص المناسبين”.
ويفتح هذا التغير في السياسة الألمانية الباب أمام فرض عقوبات اقتصادية إضافية على روسيا في أعقاب غزوها لأوكرانيا.
كانت ألمانيا، حتى الآن، تذهب إلى القول إن طرد روسيا من نظام سويفت سيلحق ضررا هائلا بالاقتصادات الغربية ويجلب معاناة واسعة النطاق للسكان الروس العاديين، بدلاً من الحكومة.
أمن الطاقة
تعتمد ألمانيا بشكل كبير على الغاز الروسي الذي يصلها عبر الأنابيب. ولهذا السبب أولاه المستشار الألماني أهمية في خطابه، حيث ركز على تأمين مصادر الطاقة وعدم الاعتماد على مورد واحد.
يرجى تحديث المتصفح للاطلاع على الخصائص التفاعلية
بعد اعتراف روسيا بـ “جمهوريتي” دونيستك ولوهانسك، كان شولتز قد أعلن تعليق المصادقة على خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” الذي ينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا ومنها إلى بقية دول أوروبا، قائلا إنه لا يمكن أن يمضي قدما في ضوء التطورات الأخيرة من الجانب الروسي، ومحذرا من عقوبات إضافية محتملة.
اليوم، قال شولتز إن الأحداث التي شهدتها الأيام والأسابيع الماضية أظهرت أهمية السياسة المسؤولة بشأن الطاقة ليس فقط من أجل الاقتصاد والمناخ.
وأضاف: “كلما أسرعنا في بناء الطاقة المتجددة كان ذلك أفضل.”
وأعلن شولتز أن الحكومة الألمانية ستعمل سريعاً على بناء محطات لتخزين الغاز الطبيعي المسال في مناطق بشمالي ألمانيا. وأن حكومته ستفرض حزمة واسعة من الإجراءات لمساعدة الناس على التعامل مع أسعار الطاقة المرتفعة، وبخاصة الفئات الأقل دخلاً.
وسيشكل إعلان اليوم تغيرا في البنية التحتية الخاصة بالطاقة في ألمانيا، والتي كانت حتى وقت قريب تعتمد على إمدادات الغاز والنفط الروسية بنسبة 65 في المئة، كما لا تمتلك محطات لاستيراد الغاز المسال.
[ad_2]
Source link